أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2020
2201
التاريخ: 2024-07-16
590
التاريخ: 15-12-2020
2146
التاريخ: 9-4-2020
1646
|
أهداف الدرس:
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يبيّن أنّ محبّة أهل البيت عليهم السلام هي السبيل الوحيد إلى الله عزّ وجلّ.
2- يتعرّف إلى الآثار النورانيّة لمحبّة أهل البيت عليهم السلام في الدنيا والآخرة.
3- يذكر أهم علامات المحبّ الحقيقي، وكيفيّة الفوز بهذه المحبّة.
محبة أهل البيت هي السبيل إلى الله:
إذا تأمّلنا في حياة الأنبياء (عليهم السلام) وسيرتهم مع أقوامهم نجدهم يعرضون أثمن ما عندهم وهو الهداية إلى الله بدون طلب الأجر والمقابل، لأنّ أجرهم كان على الله تعالى دوماً. فكلّ واحدٍ منهم كان إذا سُئل يقول: يا قومي لا أسألكم على ما أقوم به من أجرٍ إن أجري إلَّا على الله {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [سبأ: 47].
لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امتاز عن جميع الأنبياء والرسل بطلبه الأجر على الرسالة والدعوة الكبرى التي ضحّى في سبيلها بكل غالٍ ونفيس، وحصر هذا الأجر في أمرٍ واحدٍ هو المودّة والمحبّة لأهل بيته صلوت الله عليهم أجمعين، {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]. ولكيلا يتصوّر أن هذا الأجر يعود بالنفع على رسول الله شخصياً، عاد النبي مجدداً ليبيّن لقومه أن ما سيقدمونه سيعود على أنفسهم بالفائدة: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [سبأ: 47]، ولبيان النفع يقول {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].
إذاً، تُصرّح الآية بما لا لبس فيه ولا شكّ أن السبيل إلى الله وطريق الوصول إليه، إنّما يمرّ من خلال مودّة أهل البيت ومحبتهم، فهي السبيل للوصول إلى الغاية النهائيّة للإنسان. فالصلاة والصيام والجهاد والحج والزكاة وجميع الفرائض الإلهية لن تكتسب روحها التي بها يحصل القرب، وبها تصبغ بالقبول إلَّا بهذه المودّة. فلا عجب إذاً أن يكون الأجر على الرسالة الخاتمة محبة أهل البيت عليهم السلام لأنّ هذه المحبة ستكون سبباً لحفظ الرسالة وبقائها حيّة بين الناس.
آثار التمسّك بأهل البيت ومحبتهم:
قال الله عزّ وجل في محكم كتابه: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: 189]. وفي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "أنا مدينة العلم وعلي بابها" (1).
إنّ الدخول إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو دخول في الإسلام الأصيل لا يحصل واقعاً بدون الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأهل البيت عليهم السلام، لأنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام له وجهان في الإسلام:
الوجه الأوّل: يطلّ على العقيدة فيصحّحها. وهو ما يظهر في مثل هذا الحديث الشريف المرويّ عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم):
"يا عليّ لولاك أنت لم يُعرف المؤمنون من بعدي" (2)، والحديث المعروف بشأن علي (عليه السلام): "حبك إيمان، وبغضك نفاق وكفر" (3).
الوجه الثاني: يطلّ على الأعمال، فيأخذها إلى وجهتها المطلوبة وموقعها الصحيح. وإلى هذا المعنى أشار حديث الإمام الصادق (عليه السلام) عن محمد بن الفضيل قال: "سألته عن أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله (عزّ وجلّ) فقال: طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، ثمّ قال: حبنا إيمان، وبغضنا كفر" (4).
فالإيمان بالله تعالى أمرٌ قد يدّعيه أيّ إنسان. ولكنّ الإيمان الواقعي هو الذي يتجلّى في الدنيا بصورة حب الإنسان الكامل، لأنّه مظهر الارتباط الواقعي بالله تعالى. والعمل الصالح وأداء الفرائض أمر قد يقوم به أي إنسان. ولكن الصلاح الحقيقي والعبادة الواقعيّة تتجلى في الدنيا بصورة ولاية الإنسان الكامل. وأهل البيت عليهم السلام هم مظهر الإنسان الكامل على الأرض
فعن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "ألا ومن أحبّ عليّاً، فقد أحبّني. ومن أحبّني فقد رضي الله عنه. ومن رضي الله عنه كافاه الجنّة. ألا ومن أحبّ عليّاً لا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر، ويأكل من طوبى، ويرى مكانه في الجنّة. ألا ومن أحبّ عليّاً فُتِحت له أبواب الجنّة الثمانية، يدخلها من أيّ بابٍ شاء بغير حساب. ألا ومن أحبّ عليّاً أعطاه الله كتابه بيمينه وحاسبه حساب الأنبياء. ألا ومن أحبّ عليّاً هوّن الله عليه سكرات الموت وجعل قبره روضة من رياض الجنّة. ألا ومن أحبّ عليّاً أعطاه الله بكل عِرقٍ في بدنه حوراء، وشُفّع في ثمانين من أهله. ألا ومن مات على حبّ آل محمّدٍ فأنا كفيله بالجنّة مع الأنبياء. ألا ومن مات على بغض آل محمدٍ لم يشمّ رائحة الجنّة (5).
إنّ قضيّة حبّ أهل البيت (عليهم السلام) ودوره في إيصال الإنسان إلى لقاء الله والجنّة وغفران الذنوب، لم ترد في بضعة أحاديث متناثرة مقطوعة أو مجهولة السند. فإنّ ما روي عن الفريقين يصل إلى حد التواتر. وقد يتساءل البعض متعجّبين عن سرّ هذا الأمر، إذ كيف يكون مجرد حب شخصٍ أو مجموعة أشخاص سبباً لهذه الكرامات والكمالات العظيمة؟! ولكن من أدرك دور المحبة وتأثيرها على حياة الإنسان وعلى توجّهاته في الحياة الدنيا، اطّلع على حقيقة الأمر وانكشف له السر.
كيفية تحصيل محبة أهل البيت:
إنّ طريق تحصيل محبة أهل البيت عليهم السلام ذو شقّين: علميّ وعمليّ.
أما الأوّل: فيكون من خلال معرفتهم ودراسة علومهم وتتبّع آثارهم. ولا شكّ بأننا منذ البداية معترفون بالعجز عن الإحاطة بمقامهم. فهم معدن الفضل، وكنوز الرحمن، وأصول الكرم، وباب الله الذي منه يؤتى. وأفضل النصوص الشريفة التي تحدّثت عن صفاتهم "الزيارة الجامعة" (6)، وإنّ المواظبة على قراءتها والتأمّل في معانيها يفي بالغرض إلى حدّ كبير، لما تضّمنته هذه الزيارة من الحقائق والأسرار ما لم تذكره المطوّلات من الكتب والمخطوطات.
أما الثاني: فهو العمل من خلال اتّباعهم واتّباع أوامرهم والتحرّك وفق خطتهم العامّة للبشريّة، والتأسّي بهم. قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]. فالحبّ الحقيقي لا يحفظ إلَّا من خلال التقوى والطاعة.
فالحبّ يدعو إلى الطاعة والطاعة تزيده قوةً في القلب. وإذا لم يستجب البدن لدعوة الحبّ، سيرتحل من القلب عمّا قريب. من هنا فإن َالدعوة إلى التقوى والورع لأمرين أساسيين:
الأوّل: للحفاظ على الحبّ الموجود.
الثاني: لتهيئة الأرضية لتحصيل هذا الحبّ إن لم يكن موجوداً:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري فـي الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لأطـعته إنّ المحبّ لمن يحب مطيع
عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: "لن تنالوا ولايتنا إلَّا بالورع، ولن تنالوا ما عند الله تعالى إلَّا بالعمل، وإنّ أشدّ الناس حسرةً يوم القيامة لمن وصف عدلاً وخالفه إلى غيرهِ" (7).
وعنه (عليه السلام) أيضاً أنّه قال: "يا جابر: لا تذهب بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول أحبّ علياً وأتولاه ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالاً! فلو قال إنّي أحبّ رسول الله، فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خيرٌ من عليّ (عليه السلام) ثمّ لا يتّبع سيرته، ولا يعمل بسنّته، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً" (8).
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديثٍ آخر يقول: "يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلَّا من اتّقى الله وأطاعه.. إلى أن قال: فاتّقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله ولا بين أحدٍ قرابة، أحبّ العباد إلى الله تعالى وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته. يا جابر: والله ما نتقرَّب إلى الله تعالى إلَّا بالطاعة، ما معنا براءة من النّار، ولا على الله لأحدٍ من حجّة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، وما تنال ولايتنا إلاَّ بالعمل والورع" (9).
كما وإنّ أشرف الأعمال وأقواها تأثيراً في النفس على صعيد الحبّ أيضاً طاعة وليّهم (عليه السلام) واتّباعه. كما في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال لبعض أصحابه ذات يوم: "يا عبد الله: أحبب في الله وأبغض في الله، ووال في الله وعاد في الله. فإنَّه لا تنال ولاية الله إلَّا بذلك. ولا يجد رجلٌ طعم الإيمان، وإن كثرت صلاته وصيامه، حتى يكون كذلك. وقد صارت مؤاخاة الناس في يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادّون، وعليها يتباغضون، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئاً. فقال له: وكيف لي أن أعلم أني قد واليت وعاديت في الله عزّ وجل؟ ومن وليّ الله عزّ وجلّ حتى أواليه؟ ومن عدوه حتى أعاديه؟ فأشار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي (عليه السلام) وقال: أترى هذا؟ قال: بلى.. قال (عليه السلام): "وليّ هذا وليّ الله فواله، وعدوّ هذا عدوّ الله فعاده.. وال وليّ هذا ولو أنّه قاتل أبيك وولدك. وعاد عدو هذا ولو أنّه أبوك أو ولدك" (10).
وفي حديثٍ آخر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال: "يا حبيش، من سرّه أن يعلم أمحب لنا أم مبغض، فليمتحن قلبه، فإن كان يحبّ ولياً لنا فليس بمبغض لنا. وإن كان يبغض ولياً لنا فليس بمحبّ لنا، إنّ الله تعالى أخذ الميثاق لمحبينا بمودتنا، وكتب في الذكر اسم مبغضنا.. نحن النجباء وأفراطنا أفراط الأنبياء" (11).
ومن الأعمال الصالحة والشريفة أيضاً، الدعاء بالفرج لقائمهم عجل الله تعالى فرجه الشريف والمواظبة على زيارتهم والتوسّل بهم، فممّا لا شك فيه أنّ له أثراً بالغاً في تأجيج المحبة في القلب.
المفاهيم الرئيسة:
1 ـ إذا تأمّلنا في حياة الأنبياء عليهم السلام وسيرتهم مع أقوامهم نجدهم يعرضون أثمن ما عندهم وهو الهداية إلى الله بدون طلب الأجر والمقابل، لأنّ أجرهم كان على الله تعالى دوماً.
2 ـ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امتاز عن جميع الأنبياء بطلبه الأجر على الرسالة، وحصر هذا الأجر في أمرٍ واحدٍ هو المودّة والمحبّة لأهل بيته صلوت الله عليهم أجمعين.
3 ت التمسّك بأهل بيت العصمة والطهارة تكليفٌ إلهي، وباب الارتباط الحقيقي بالحقّ تعالى.
4 ـ المحبة لها تأثيرٌ كبيرٌ على عقيدة الإنسان وسلوكه وتلعب دوراّ أساسياً في تحديد مصيره في الآخرة.
5 ـ التمسّك بأهل البيت يعني محبتهم، والمحبة تقضي العمل والالتزام بإرادة المحبوب.
6 ـ إنّ طريق تحصيل محبة أهل البيت عليهم السلام ذو شقين: علميّ وعمليّ.
7 ـ الشق العلميّ يكون من خلال معرفتهم ودراسة علومهم وتتبّع آثارهم.
8 ـ الشق العمليّ من خلال اتّباعهم واتّباع أوامرهم والتحرّك وفق خطتهم العامّة للبشريّة، والتأسّي بهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج27، ص 34.
(2) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج37، ص 272.
(3) المصدر نفسه، ج39، ص 42.
(4) الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص 187.
(5) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج7، ص 221.
(6) المصدر نفسه.
(7) المصدر نفسه، ج47، ص 42.
(8) الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 74.
(9) الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص 234.
(10) المصدر نفسه، ج16، ص 178.
(11) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج27، ص 53.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|