المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



منتجون أم مستهلكون؟  
  
1646   10:32 صباحاً   التاريخ: 25/9/2022
المؤلف : هادي المدرسي
الكتاب أو المصدر : كيف تبدأ نجاحك من الحد الأدنى؟
الجزء والصفحة : ص126ــ131
القسم : الاسرة و المجتمع / التنمية البشرية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-2-2022 1994
التاريخ: 1-12-2016 2858
التاريخ: 2024-04-24 724
التاريخ: 2024-09-01 347

هل نحن منتجون أم مستهلكون؟

وما هي حدود الإنتاج، وما هي حدود الاستهلاك؟

وأيهما يقدم على الآخر؟

هناك من الناس من اكتفى في دنياه أن يكون مستهلكاً لما ينتجه الآخرون، وهناك من لا يرضى إلا بأن يكون منتجاً أكثر مما يكون مستهلكاً، وثمة نوع ثالث لا هو منتج ولا هو مستهلك. وهذا هو ميّت الأحياء.

صحيح أن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً.

وصحيح أيضاً أن الذي يريد الإنتاج لابد له أن يمر بمراحل الاستهلاك، إلا أن الله - جل شأنه - قد زود الإنسان بالعقل السليم، ووهب له السمع والأبصار والأفئدة، وفتح أمامه آفاق الطموح والتطور والرقي والازدهار.. وبهذه المواهب الإلهية يستطيع كل شخص أن يرتقي سلم المعرفة، ليصبح في مصاف العظماء، أما إذا أهمل تلك المواهب فإنه سوف يصبح مخلوقاً معطل الفكر، معدوم الإرادة، لا خير فيه، ولا فائدة ترجى منه.

قد يظن البعض أن مسألة الإنتاج والاستهلاك تخص القضايا الاقتصادية وحدها، بيد إن الأمر يتعدى ذلك ويشمل كافة جوانب الحياة. ففي الجانب الثقافي هناك من ينتج الثقافة، إما بالتفكير أو بالتأليف أو بالكتابة، وهناك من يستهلك تلك الثقافة، حيث يقرأ ما يكتبه الآخرون، ولكنه لا ينتج ولا يفكر في الإنتاج. وفي الجانب الأدبي تجد من ينتج، ومن يستهلك. فمثلاً بعض النقاد ينتظر على الدوام أن يقوم شخص آخر بإنتاج قصيدة كي ينتقدها، ولكنه لا يفكر، ولو مرة واحدة، في أن يقوم هو بصناعة الشعر حتى بنظم قصيدة واحدة.

بالطبع لا يمكن أن نطالب الإنسان بأن يكون منتجاً فحسب، بيد أنه قادر على أن يكون إنتاجه أضعاف استهلاكه. كما هو الأمر مع الأنبياء والأئمة والعظماء والزهاد، فإن مقدار استهلاك هؤلاء أقل بكثير من إنتاجهم. وهذا هو أرقى النماذج البشرية وأنفعها للمجتمعات. وثمة نموذج آخر وهو يستهلك ليحصل على طاقة تمكنه من الإنتاج. يأكل ليكتب، فينتج فكراً وثقافة ومواقف. وهناك من يستهلك الكثير، ولكن لا إنتاج لديه، كالذي يخلفه والده في متجره، فإذا كان يبيع كل يوم بنصف دينار، فإنه يأكل بعده بدينار. فما حصل عليه يأكله وزيادة. وهذا هو أدنى النماذج البشرية وأضرها على المجتمعات.

وهناك مسألة من الأهمية بمكان، وهي الحالة «الاكتسابية» والسعي في الحصول على العلوم والمعلومات والتجارب، فمن الناحية الثقافية مثلا لا يستطيع أحد أن يصل إلى الإنتاج إلا بعد أن يقوم بعمل القراءة والكتابة، ومن ثم يتدرج حتى يصبح هو الآخر منتجاً. أما أن يقول قائل: أريد أن أكون مبدعاً في المجال الفلاني، من دون أن يقطع المراحل الطبيعية في ذلك فهو محال.

لقد التقيت ببعض الشباب الذين كانوا يدرسون عند أحد الأساتذة الذي طالبهم بأن يكونوا منذ البداية «مبدعين» فأصبحت تلك الفكرة «عقدة» عندهم، فكلما أرادوا الكتابة أركسوا فيها، وقالوا لأنفسهم: إن هذا ليس إبداعاً. ومن ثم توقفوا عن الكتابة والتأليف.

فقلت لهم: أنتم مخطئون، إذ لابد أن تكونوا تلاميذ أولاً، ومن ثم مبدعين.

ولما كان التأليف عبارة عن الاستفادة من الآخرين والأخذ من كل بحر قطرة، ومن كل كتاب فكرة، ومن كل بستان زهرة، فبادي ذي بدء لابد أن يغرق من يريد التأليف نفسه في المطالعة والدراسة ومراجعة آراء الآخرين وأفكارهم وأن يكون تلميذاً جيداً.

ولكن بشرط أن لا يبقى تلميذا طوال عمره، مثل ذلك الذي قرر أن يكون تلميذا في الحوزة العلمية لسبعين عاماً، ينتقل من أستاذ لآخر. فقيمة العلم عند مثل هذا الرجل ليست في نشره وتطويره والعمل به، وإنما في استهلاكه فقط.

فالتلمذة مطلوبة، ولكن بقدر معين لا أن تمتد إلى نهاية الحياة.

وكما في التأليف، كذلك في الخطابة، فالذي يرغب في أن يكون خطيباً، فإن عليه أن يقلد في البدء الخطباء الجيدين، ولكن بعد التمرس والإجادة، عليه أن يستقل في أسلوبه - أي أن يأخذ ما بناه الآخرون، ومن ثم يبني عليه - لا أن يستظل تحت بناء الآخرين إلى الأبد، ويكرر إنتاج الآخرين ويردده كالببغاء، من دون أن يضيف إليه أشياء.

وبكلمة فإن الناجح في الحياة، هو الذي يستهلك من الآخرين أفضل ما عندهم لينتج بعد ذلك أفضل مما أخذ. تماماً كما يعمل النحل حيث يأخذ من الورود أفضل ما فيها، وهو الرحيق، لينتج بعد ذلك أفضل ما يستطيع وهو العسل. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.