العوامل المؤثرة في نشأة المدن وتطورها مقدمة

لا تخضع درجة نمو المدن عادة للمرحلة التكنولوجية او للمستوى الاقتصادي الذي تعيشه الدول ، ويمكن التميز بين عدة قوى تؤثر في نمو المدن، ويرى " تشارلز كولبي أن هناك عوامل طارده من وسط المدينة إلى الأطراف مثل الارتفاع في سعر الأراضي والإيجارات ومعدلات الضرائب المرتفعة وارتفاع تكلفة النقل، هذا إلى جانب الوظائف التي لا يناسبها المواقع المركزية، وأيضا هناك عوامل جاذبة إلى الأطراف وهي وجود مساحات أكبر من الأرض وسهولة في النقل، أما بالنسبة للسكن فيجد متنفسا بعيدا عن زحام وسط المدينة وكثافة الحركة هناك العديد من العوامل المتداخلة التي تحكم اتجاهات النمو العمراني في هذه المدن، وهذه العوامل تختلف باختلاف الظروف المحيطة بكل مدينة من حيث الموقع والمناخ والوظيفة ونشاط السكان السائد. لم تنشأ المدن بصورة اعتباطية أو بمحض صدفة بل وقفت وراء تلك النشأة مجموعة اسباب رئيسة مثلت بدايات استقرار الانسان الأولى ، ولقد اسهمت تلك المستوطنات على تغيير وتطور مجرى حياة الانسان الحضرية ، هناك مجموعة متباينة ومتعددة من العوامل التي عملت بشكل فاعل في ترسيخ العامل الأساس الذي كان وراء نشأة المدن ونموها وتطورها ومن أهم هذه العوامل هي:

العوامل الطبيعية: تعد العوامل الطبيعية المتمثلة بالموقع Lacation والموضع Site وعناصرهما التي تتمثل بالسطح والمناخ والموارد المائية والتربة من أهم العوامل التي ساعدت وبشكل كبير في نشوء أولى بواكير المستوطنات الحضرية أو النواة التي توسعت على أساسها المدن، لا يتم اختيار موقع المدينة اعتباطية بل يكون نتيجة دراسة معمقة للعوامل البيئية من أجل تحقيق الشروط الصحية، والتغذية بالمياه العذبة، وإمكانية تصريف مياه الصرف الصحي، وسهولة ربط الموصلات العامة، ومصادر الطاقة والمواد الأولية ، فمدينة نابولي أنشئت في مكان سمح بتطورا جيدا لمرفئها البحري بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من العناصر الطبيعية الجميلة المحيطة بها فانفتحت على طول الشاطئ للتمتع بمنظر البحر وبركان فيزوف وجزيرة كابري.

فالموقع الممتاز من الناحية العسكرية يعمل على اختيار مدينة حربية ، والموقع ذات التربة الخصبة وغيرها من المواقع التي بها المعادن ذات قيمة صناعية وتجارية ينشأ عادة بجوارها مدن يعيش سكانها على الزراعة والتعدين والصناعة، والمدن التي تقع على مفترق طرق هامة تلتقي فيه القوافل التجارية، ينشأ عنها كذلك مدن مزدهرة تعتمد على التجارة ، وكان النهر وفروعه أحد الدعائم الأساسية في نمو المدن، فقد ظهرت المدن الأولى في دجلة والفرات والهند، حيث تتوفر الظروف المناسبة لإقامة التجمعات السكانية مثل توفر مياه الشرب وأماكن للزراعة، وكذلك السطح يختلف اثره باختلاف البيئات، فالمناطق المرتفعة تجذب العمران في الأقاليم المناخية الحارة، والفيضانات والمستنقعات، بينما تفضل بطون الأدوية الخصبة عند سفوح الجبال المجاورة للوادي، وبصفة عامة يميل الإنسان السكني السهول، وهو ما ينعكس كل ذلك على اختيار مادة البناء وعلي سمك وصلابة الجدران، واتجاه الأبواب والنوافذ وعلي طريقة تجهيز السقف بحيث لا يتجمع المطر فوقه ويظهر أن العوامل الطبيعية في وجود وسائل التدفئة أو عدم وجودها. ويشمل العوامل الطبيعية من مناخ وموضع وموقع، وأيضا يشمل البيئة المبنية المحيطة والمقصود بها هنا استعمالات الأراضي.