أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-1-2016
2267
التاريخ: 12-3-2016
3604
التاريخ: 31-7-2019
4469
التاريخ: 5-9-2019
4156
|
تقوم النباتات والحيوانات، والانسان ذاته بدور مهم للغاية في عمليات التجوية ونشوء الاشكال الارضية الناجمة عن التجوية, فالنباتات الكبيرة الحجم كالأشجار توسع الشقوق والفواصل في الصخور بواسطة ضغط جذورها النامية، وهي تستطيع تحريك الجلاميد الثقيلة، واذا ما حدث ونمت قرب حواف المنحدرات الشديدة، فأنها تتمكن من تحطيم الجروف, كما ان هبات الرياح تجعل سيقات الاشجار تتمايل وتخلخل التربع، وتعرضها للسقي الهوائي، ومن ثم تعريض أسطح صخرية جديدة للتجوية. وتتداخل جذور الاشجار الى أعماق تتراوح بين 3-6 متر في العادة، لكن قد تتغلغل الجذور الى أعماق أكثر من ذلك بكثير، فقد تم تسجيل أعماق لجذور وصلت الى 50 متر, وتخلق الاشجار الكبيرة حيثما تكاثرت نوعا من (المناخ الخاص الدقيق) على سطح الارض، الذي بدوره يؤثر في أنماط التجوية الاخرى، كما تضيف الجذور مساعدة للتجوية الكيميائية , وبيكربونات الكالسيوم في الواقع غير ثابتة اذ أنها قد تترسب فيما بعد مكونة لما يعرف بالتوفا الكلسية.
ويؤثر الماء العادي في تحلل بعض معادن الصخور النارية كالفسبارات، وهي، كما نعلم مجموعة من المعادن الهامة التي تدخل في تكريها. فهو يتفاعل مع الاورثوكلاس (فلسبار بوتاسي) ويؤدي الى تكوين أيدروكسيد بوتاسيوم وحامض سليكات الالومنيوم. والاخير غير ثابت اذ يتحلل مكونا لمعان صلصالية وسليكات غروية, ويزداد التفاعل بوجود ثاني وكسيد الكربون، وهو متوفر في الجو. وهو يتفاعل مع أيدروكسيد البوتاسيوم منتجا لكربونات بوتاسيوم وماء, ويهمنا من ذلك كله ان الصخر يتحول بالكربنة والاذابة من حالة الاندماج والصلبة الى حالة من التفكك والتحلل ويسهل معها بعد ذلك اكتساحه وازالته, وشبيه بهذا تأثير مجموعة من الاحماض تعرف بالحماض العضوية المشتقة من تحلل المواد النباتية. وهي ذات فعل شديد على الصخور الطباشيرية بل وعلى الصخور النارية أيضا. فهي تحلل المعادن الفلسبارية المكونة لها، ومن ثم تعمل على اضعفاها.
وأهم انجازات هذه العمليات الكيميائية تتخلص فيما يلي:
1- تضعف بناء الصخر، عن طريق غزو معادن معينة تدخل في مكونات الصخور النارية والمتحولة، لكنها تهاجم مكونات الصخور الكربونية كلها بلا استثناء، كما تغزو المواد اللاحمة لبعض الصخور الرسوبية.
2- تسبب ضغوط في داخل الصخر عن طريق حداث تمدد لمعادن معلومة.
3- تنتج مركبات كيميائية تزول بالإذابة، تاركة وراءها رواسب متبقية, وتتألف هذه الرواسب من نتاج متحلل يعرف بالمعادن وتستخلص النباتات المواد الغذائية من التربة، ثم تعيدها اليها حينما تنفض أوراقها وتنثرها على التربة فتحلل وتضاف اليها، وبالتالي تتولد دورة العناصر الكيميائية.
ويترتب على ثاني اوكسيد الكربون الذي توفره النباتات نتائج مهمة. ذلك ان تركيز ثاني اوكسيد الكربون في أجواء التربة يكون أكبر بكثير مما هو في الجو العادي، ويكون للماء الذي يتخلل مثل هذا الجو المفعم بثاني أوكسيد الكربون تأثير في اذابة الصخور الجيرية يفوق تثير مياه المطر العادية.
وتؤثر الجذور البالية ف التربة، وتنشأ بدلا منها أنابيب من أكاسيد الحديد وكربونات الكالسيوم. ويفرز نثار الاوراق المتعفنة مركبا عضوية التي تمثل عوامل تعقيد، وهذه تساعد حركة العناصر المختلفة، خاصة عنصر الحديد ، خلال قطاعات التجوية وقطاعات التربة، وهي مهمة على الخصوص في تكوين تربات البودسول Podsol .
وللنباتات الصغيرة تأثيرات مهمة في التجوية، فالفطر والطحال والاشنة Lichen (اتحاد الفطر مع الطحال) تمارس تأثيرا طبيعيا ميكانيكيا في الحفر الصغيرة، وتساعد في التأثيرات الكيميائية عن طريق التنفس واستخلاص المواد المغذية، كما تعاون التجوية الكيميائية المجهرية الدقيقة في داخل مسام الصخور وفي الرواسب المجواه، وبالتالي تضعفها وتحلله. وتنشئ نباتات الاشنة حفر تجوية دقيقة.
وينشأ طلاء الصحراء Desert Varanish في بعض مناطقها عن طريق نشاط تجوية نوع من الطحال الزرقاء والخضراء، والطلاء الصحراوي عبارة عن غشاء مشرق لامع يتألف من أكاسيد الحديد والمنجنيز, وتساعد الحيوانات في نبش الحطام الصخري الذي تعرض جزئيا من قبل لتأثير التجوية، كما تحفر في الصخور جحورا , ولكن أهم مساهماتها في التجوية تكرار خلطها وزمجها لمواد الترب. وتبعا لذلك تتعرض مواد جديدة لفعل التجوية. فالحيوانات الحفارة كالأرانب والخلد Mole وكلا البراري كلها قلابة للتربة، وبعضها يحفر أفناقا او يبني ربى وأكواما من الاتربة.
أما النمر الابيض Termites فيعتبر عاملا مصنفا وفارزا لمكونات لتربة فهي تبنى مساكنها التي تسمى تيرميتاريا Termitaria من حبيبات لا يزيد قطرها على ملليمتر واحد. ولعل هذا من بين أسباب تشكيل الصفوف الحجرية Stone Lines التي يشيع وجودها في التربات المدارية. وهي عبارة عن أشرطة من الحصى، تبدو منتظمة كصفوف في مقاطع مستعرضة، تبدو مكشوفة في الخنادق او في قواطع الطرق، وهي التي تحدد الاتصال بين التربة المفروزة التي كومها النمل لبناء مساكنه، والمواد الصخرية الخشنة أسفلها.
وتمرر الديدان الارضية مكونات التربة الدقيقة خلال أجسامها، وتطرحها على السطح، ومن ثم تنتج خليطا من المعادن والمواد العضوية، وللديدان الارضية غدد تحتوي على كربونات الكالسيوم. ولقد وجد في بعض لتربت ان السبب في عدم حامضية مستواها العلوي، رغم حامضية مستواها السفلي، يرجع الى تراكم عقد صغيرة في حجم الرمال من كربونات الكالسيوم اشتقت من الديدان الارضية الميتة. ومع أن هذه العملية ليست بذات أهمية كمية، فأنها مثال طيب لمختلف الطرق وتنوع الوسائل التي بها تتمكن الكائنات الحية من التأثير ومعاونة عمليات التجوية.
وهناك أساليب أخرى متنوعة للتجوية بتأثير الكائنات الحية. فأنواع من القواقع تحفر ثقوبا في الصخر الجيري، وروث الطيور ينحت الصخر الجيري كيميائيا وعن طريق التفاعل ينشئ معادن جديدة. وتستطيع الخفافيش ان تنبش أسقف الكهوف وتجويها ميكانيكيا، او عن طريق التفاعل مع ذرقها (روثها او فضلا هضمها) كيميائيا. وفي النطاقات الساحلية، تحفر بعض الحيوانات حفرا في الصخر ميكانيكيا، او عن طريق إفرازاتها كيميائيا, ويساعد ثاني أوكسيد الكربون الذي تزفره
النباتات والحيوانات في اذابة كربونات الكالسيوم المكونة للجروف الساحلية, وقد تفكك السراطين Crabs عن طريق حشر اجسامها داخل الشقوق التي تكتنف الصخور، كما تتغذى بعض الاسماك بالمراجين.
ويبقى الانسان، تاج الخليقة، وأثره الفعال كعامل تجوية. فالإنسان حينما يحفر الارض ويحرث التربة يؤثر في عمليات التجوية على سطح الارض تأثيرا مباشرا، كما انه يؤثر في مسار التجوية العضوية الحيوية حينما يغير ويبدل في الانواع النباتية سواء بطريق الصدفة او بواسطة الزراعة. وينتج الانسان عن طريق الصناعة كميات كبيرة من الفضلات الصلبة، ويعتمد في تحليلها والتخلص منها على عمليات التجوية.
وتغير أوجه النشاط الصناعي المتنامية في تركيب الغلاف الجوي. ويؤدي تكون ثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكريت الى زيادة الحامضية وبالتالي تنشيط التجوية الكيميائية في الصخور المكشوفة. ولقد تكفى التغيرات في المحتوى الجوي من ثاني أوكسيد الكربون للتأثير على مناخات العالم، او على اذابة الكربونات في البحار والمحيطات. والواقع ان التجوية صلة ورابطة مهمة بين الانسان وبيئته. ولعل الفهم الصحيح لهذه الصلة يوقظ الإنسان لكي يعمل على تقوية قدراته لمواصلة الحياة على سطح الارض.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|