أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-09
322
التاريخ: 18-4-2019
2314
التاريخ: 13-4-2019
2299
التاريخ: 2-04-2015
4025
|
تمهيد[1]:
إنّ من المسائل التي شكّك فيها بعض المحقّقين في القرون المتأخّرة, مسألة حضور أهل البيت عليهم السلام في الأربعين الأوّل لشهادة الإمام الحسين عليه السلام عند مقامه الشريف. وفي المقابل شرع بعض العلماء لردّ هذا التشكيك ولإثبات زيارة الأربعين الأوّل. إنّ هذه المقالة تبدأ بذكر أدلّة المنكرين للأربعين الأوّل، بعد ذلك تأخذ بردّ هذه الأدلّة, وأخيراً تؤيّد رأي القائلين بثبوت الأربعين الأوّل, من خلال القرائن والشواهد.
المقدّمة:
إنّ من المباحث المهمّة, في تاريخ عاشوراء التي حُقّق فيها وبُحث عنها, هو موضوع حضور أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في الأربعين الأوّل لشهادة الإمام الحسين عليه السلام عند مقامه الشريف, ومقام شهداء كربلاء. فمن المشهور عند الشيعة أنّ الأربعين هو اليوم الذي زار فيه الصحابيّ الجليل لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم جابر بن عبد الله الأنصاريّ قبر الإمام الحسين عليه السلام ، وفي نفس ذلك المكان والزمان حصل لقاء بين جابر وبين أهل البيت عليهم السلام عندما رجعوا من الشام لزيارة مقام الإمام الحسين عليه السلام . وكذلك فإنّ يوم الأربعين هو يوم إلحاق رأس الإمام عليه السلام إلى بدنه ودفنه هناك.
لكن في مقابل هذه الشهرة، هناك بعض العلماء الشيعة من السابقين والمعاصرين أنكر وصول أهل البيت عليهم السلام في يوم الأربعين من سنة 61 ق إلى كربلاء. وفي هذه السطور سيتمّ عرض وبحث أدلّة هؤلاء المنكرين, وكذلك البحث حول القرائن والأدلّة التي أقامها بعض المحقّقين المعاصرين لردّ أدلّة المنكرين وإبطالها. وفي النهاية سنعرض القرائن والشواهد التاريخيّة والروائيّة الواردة في هذا الموضوع, لإثبات تلك الشهرة.
(الأربعون) في المتون والنصوص الدينيّة:
إنّ كلمة (الأربعين) تُعتبر من المصطلحات المستعملة كثيراً في المتون الدينيّة سواءٌ الروائيّة منها أو التاريخيّة، وقد حُدّد وعُيّن كثير من الأمور بهذا العدد الخاصّ. مثلاً: كمال العقل في الأربعين من العمر, آثار الإخلاص لأربعين يوماً، آثار حفظ أربعين حديثاً، دعاء أربعين شخصاً مجتمعين، الدعاء لأربعين مؤمناً، قراءة دعاء العهد أربعين صباحاً، عدم قبول صلاة شارب الخمر إلى أربعين يوماً، بكاء الأرض والسماء والملائكة على الإمام الحسين عليه السلام أربعين يوماً، استحباب زيارة الأربعين. هذه الأمثلة وغيرها تعتبر من الموارد التي تبيّن لنا المكانة الخاصّة والمهمّة لهذا المصطلح والعدد في المعارف الإسلاميّة[2].
ومع ذلك لم يرد في الأحاديث استحباب زيارة الأربعين إلّا في حقّ الإمام الحسين عليه السلام. وأمّا غيره من المعصومين عليهم السلام ممّن سبق سيّد الشهداء عليه السلام أو جاء بعده, فلم يثبت له زيارة الأربعين. فإذاً من الناحية التاريخيّة والحديثيّة, لا يوجد أي سابقة ليوم الأربعين ولأعماله, إلى زمان واقعة عاشوراء، وهذا يعتبر من الإمتيازات الخاصّة بالإمام الحسين عليه السلام.
استحباب زيارة الأربعين في الروايات والشواهد التاريخيّة:
إنّ الدليل الأهمّ لبيان فضيلة في زيارة أربعين سيّد الشهداء عليه السلام هو المرسلة الواردة عن الإمام العسكريّ عليه السلام حيث يقول: (علامات المؤمن خمس: صلاة الإحدى والخمسين، وزيارة الأربعين...)[3]
إضافة إلى هذه الرواية، فإنّ الإمام الصادق عند تعليمه لصفوان بن مهران الجمّال, كيفيّة زيارة الأربعين, كان قد صرّح وبيّن عظمة هذه الزيارة وفضيلتها[4] أمّا بالنسبة إلى منشأ أهميّة الأربعين في المصادر الشيعيّة القديمة، فنقول بأنّ هذا اليوم فيه عناية خاصّة من جهتين:
الأولى: من جهة رجوع الأسارى من الشام إلى المدينة.
الثانية: بسبب ما قام به جابر بن عبد الله الأنصاريّ الذي كان من الأصحاب البارزين لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولأمير المؤمنين عليه السلام ، حيث زار قبر سيّد الشهداء عليه السلام في يوم الأربعين.
روى الشيخ المفيد، والشيخ الطوسيّ والعلّامة الحلّي حول هذا الموضوع: (يوم العشرين من صفر هو اليوم الذي رجع فيه حرم الإمام الحسين عليه السلام من الشام إلى المدينة. وفي هذا اليوم أيضاً، قدم جابر ابن عبد الله الأنصاريّ صاحب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من المدينة إلى كربلاء، من أجل زيارة الإمام الحسين عليه السلام ، وقد كان هو أوّل من زار قبر سيّد الشهداء عليه السلام)[5]
الزائر الأوّل لقبر الإمام الحسين عليه السلام هو جابر بن عبد الله الأنصاريّ[6]:
ذكرت المصادر التاريخيّة زيارة جابر لقبر سيّد الشهداء عليه السلام على نحوين وصيغتين, الصيغة الأولى واردة عن الطبريّ الشيعيّ حيث أورد زيارة جابر بصحبة عطيّة العوفيّ[7]مع الإسناد وبالتفصيل، لكنّه لم يذكر شيئاً عن ملاقاة الصيغة الثانية هي التي نقلها السيّد ابن طاووس مختصرة، ومن دون صحبة عطيّة لجابر، ثمّ يذكر لقاء جابر مع الأسرى من أهل البيت عليهم السلام الذين رجعوا من الشام.
ولنبحث أوّلاً رواية الطبريّ ثمّ نتناول بالبحث رواية ابن طاووس.
روى عماد الدّين الطبريّ (المتوفَّى عام 525 ق) في كتاب بشارة المصطفى بسنده عن عطيّة بن سعد بن جنادة الكوفيّ الجدليّ أنّه قال:(خرجت مع جابر ابن عبد الله الأنصاريّ زائرين قبر الحسين بن عليّ بن أبي طالب، فلمّا وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثمّ اتّزر بإزار وارتدى بآخر، ثمّ فتح صرّة فيها سعد فنثرها على بدنه، ثمّ لم يخط خطوة إلّا ذكر الله تعالى، حتّى إذا دنا من القبر قال: ألمسنيه، فألمسته، فخرّ على القبر مغشيّاً عليه، فرششت عليه شيئاً من الماء، فلمّا أفاق قال: يا حسين ثلاثاً، ثمّ قال: حبيب لا يجيب حبيبه.
ثمّ قال: وأنّى لك بالجواب وقد شُحطت أوداجك على أثباجك وفُرّق بين بدنك ورأسك، فأشهد أنّك ابن خاتم النبيّين وابن سيّد المؤمنين وابن حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكسا وابن سيّد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء، وما لك لا تكون هكذا وقد غذّتك كفّ سيّد المرسلين وربيت في حجر المتّقين ورَضَعْتَ من ثدي الإيمان وفُطِمْتَ بالإسلام، فطبت حيّاً وطبت ميّتاً، غير أنّ قلوب المؤمنين غير طيّبة لفراقك ولا شاكّة في الخيرة لك، فعليك سلام الله ورضوانه. وأشهد أنّك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا.
ثمّ جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم أيّتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، وأشهد أنّكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين وعبدتم الله حتّى أتاكم اليقين، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً لقد شاركناكم في ما دخلتم فيه.
قال عطيّة: فقلت له: يا جابر كيف ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلا ًولم نضرب بسيفٍ، والقوم قد فُرّق بين رؤوسهم وأبدانهم وأُوتمت أولادهم وأُرملت أزواجهم؟!.
فقال لي: يا عطيّة سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: من أحبّ قوماً حُشر معهم ومن أحبّ عمل قومٍ أُشرك في عملهم، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً إنّ نيّتي ونيّة أصحابي على ما مضى عليه الحسين عليه السلام وأصحابه. خذني نحو أبيات كوفان.
فلمّا صرنا في بعض الطريق قال لي: يا عطيّة هل أوصيك؟ وما أظنّ أنّي بعد هذه السفرة ملاقيك. أحبب محبّ آل محمّد صلى الله عليه واله وسلم ما أحبّهم, وأبغض مبغض آل محمّد صلى الله عليه واله وسلم ما أبغضهم, وإن كان صوّاماً قوّاماً، وأرفق بمحبّ محمّد وآل محمّد، فإنّه إن تزلّ له قدم بكثرة ذنوبه ثبتت له أخرى بمحبّتهم، فإنّ محبّهم يعود إلى الجنّة ومبغضهم يعود إلى النّار.
هل حضر أهل البيت عليهم السلام في يوم الأربعين إلى كربلاء؟
إنّ من المسائل المبهمة والمعقّدة في تاريخ عاشوراء، تعيين زمان وصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام ، لأنّ أغلب المصادر التاريخيّة والحديثيّة لم تنصّ على هذا الأمر, وأنّ هذه الحادثة هل وقعت في يوم العشرين من صفر(سنة ـ 61 ـ ق) أم بعد ذلك؟
إنّ ما نقلته الكثير من المصادر القديمة هو أنّ العشرين من صفر هو يوم إلحاق رأس الإمام الحسين عليه السلام ببدنه الشريف، وهذا ما سنتحدّث عنه لاحقاً في هذه المقالة. وممّا ورد أيضاً أنّ العشرين من صفر هو يوم رجوع حرم الإمام الحسين عليه السلام من الشام إلى المدينة. لكن هناك قول آخر حول هذا الموضوع, يعتبر الأربعين هو يوم ورود ودخول الأسرى وعائلة الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء.
كتب السيّد ابن طاووس حول هذا الأمر قائلا ً:(وجدت في غير المصباح أنّ أهل البيت عليهم السلام وصلوا إلى كربلاء في عودتهم من الشام يوم العشرين من صفر)[8]
إنّ وجود هذا الإبهام والتعقيد في هذه الحادثة, أصبح سبباً لظهور قولين في القرون المتأخّرة بين علماء الشيعة:
الأوّل: قول المنكرين لوصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في الأربعين.
الثاني: قول المؤيّدين لهذه القضيّة.
ونحن قبل الشروع بتعيين أطراف النزاع من العلماء المنكرين والمؤيّدين، وقبل البحث والنقد حول دلائل كلّ طرف يجب توضيح مسألتين:
الأولى: زمان دخول الأسرى إلى الشام.
الثانية: مدّة إقامتهم في الشام.
زمان وصول الأسرى من أهل البيت إلى الشام:
إنّ المصادر التاريخيّة ذكرت موضوع دخول الأسرى إلى الشام على عدّة أنحاء
الأوّل: نقلت بعض المصادر أنّ الأسرى دخلوا إلى الشام مع رأس الإمام الحسين عليه السلام. فقد كتب ابن حبّان (المتوفَّى عام 354هـ. ق.) حول هذا الأمر: (ثمّ سرّح عبيد الله بن زياد رأس الحسين بن عليّ عليه السلام مع النساء والأطفال الأسرى من آل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إلى الشام)[9].
وقال أيضاً الشيخ الصدوق قدس سره المتوفَّى عام 381 (ثمّ أمر عبد الله بالسبايا ورأس الحسين عليه السلام فحملوا إلى الشام)[10].
وبحسب رواية الخوارزميّ عن لقاء سهل بن سعد مع سكينة بنت الإمام الحسين عليه السلام حين دخول أهل البيت عليهم السلام إلى الشام، حيث سألها سهل: ألك حاجة إليّ, فأنا سهل بن سعد ممّن رأى جدّك وسمع حديثه؟ فقالت له سكينة: يا سهل, قل لصاحب الرأس أن يتقدّم بالرأس أمامنا حتّى يشتغل الناس بالنظر إليه فلا ينظروا إلينا، فنحن حرم رسول الله[11] صلى الله عليه واله وسلم . هـذه الحادثــة تبيّن صحبــة رأس الإمام عليه السلام لأهل البيت عليهم السلام عند دخول بلاد الشام.
ومن المؤيّدين أيضاً لهذه المسألة: أبو حنيفة الدينوريّ (المتوفَّى عام 382 ق) وابن الأثير, وسبط ابن الجوزيّ[12].
وروى السيّد ابن طاووس عن الإمام السجّاد عليه السلام:(حملني على بعير يطلع (يظلع) بغير وطاء، ورأس الحسين عليه السلام على عَلَم، ونسوتنا خلفي على بغالٍ أكفّ، والفارطة خلفنا وحولنا بالرّماح)[13]
وكتب في مكان آخر, حول جواب يزيد على رسالة عبيد الله بن زياد التي يطلب فيها معرفة الأوامر تجاه الأسرى:
(وأمّا يزيد بن معاوية فإنّه لمّا وصل إليه كتاب ابن زياد ووقف عليه، أعاد الجواب إليه يأمره فيه بحمل رأس الحسين عليه السلام ورؤوس من قتل معه، وبحمل أثقاله ونسائه وعياله)[14].
الثاني: أنّ رأس الإمام عليه السلام قد وصل إلى دمشق قبل وصول الأسرى إليها, وقد قال بهذا الرأي ابن الأعثم والخوارزميّ[15].
الثالث: إرسال أهل البيت عليهم السلام إلى الشام بعد مدّة من بعث رأس الإمام عليه السلام ولكن حين الدخول إلى الشام أُلحق الأسرى بحاملي رأس الإمام عليه السلام. وهذا الرأي هو قول الشيخ المفيد والطبرسيّ[16].
طبعاً، من المحتمل أن يكون أهل البيت عليهم السلام قد دخلوا إلى دمشق بصحبة رأس الإمام عليه السلام ولكن الرأس قد حُمِلَ مسبَّقاً إلى يزيد، وهذا الإحتمال هو القول الأوّل في الواقع، وعليه أيضاً يُحمل القول الثاني.
من خلال ما سبق معنا, يمكن القول إنّه, وإن ورد في بعض المنقولات أنّ رأس الإمام عليه السلام لم يكن مع أهل البيت عليهم السلام حين الوصول إلى الشام، فإنَّ القول الأوّل- يعني مرافقة رأس الإمام عليه السلام لأهل البيت عليهم السلام حين ورود دمشق- مع ملاحظة تعدّد الناقلين, يبقى هو الأقوى. الآن يجب معرفة الزمان الذي دخل فيه أهل البيت عليهم السلام مع رأس الإمام عليه السلام إلى دمشق، في أيّ يوم هو؟
كتب أبو ريحان البيرونيّ في وقائع شهر صفر ما يلي:(في اليوم الأوّل- من شهر صفر- أُدخل رأس الحسين عليه السلام مدينة دمشق)[17].
وروى القزوينيّ المتوفَّى (عام 682 هـ ق):(اليوم الأوّل من شهر صفر عيد بني أميّة، لأنّهم في ذلك اليوم أدخلوا رأس الحسين عليه السلام إلى دمشق)[18].
لكن في المقابل، هناك رواية عماد الدّين الطبريّ، حيث اعتبر أنّ يوم ورود أهل بيت الحسين عليه السلام إلى دمشق, هو اليوم السادس عشر من ربيع الأوّل, أي بعد يوم عاشوراء بـ (66) يوماً[19]. إنّ القول المختار هو ما جاء في رواية أبي ريحان البيرونيّ، باعتبار أنّه من جهة، هو متقدّم زماناً على الطبريّ، ومن جهة ثانية, هو يمتاز بالدّقة في نقل الروايات التاريخيّة، إضافة إلى ذلك فإنّ رواية القزوينيّ والكفعميّ تؤيّده.
مدّة إقامة أهل البيت عليهم السلام في الشام:
إنّ الروايات التاريخيّة تختلف حول المدّة التي بقي فيها أهل البيت عليهم السلام في الشام, والفترة التي أقاموا فيها العزاء هناك. تحدّث البعض- مثل ابن الأعثم والشيخ المفيد وتبعاً له الشيخ الطبرسيّ- بكلام مجمل عن هذه المدّة الزمنيّة فقالوا: (وأقاموا أيّاماً)[20] أو (أقاموا أيّاما[21].
ولكن البعض الآخر صرّح عن المدّة التي بقوا فيها هناك أو الأيّام التي أقاموا فيها العزاء. مثلا ً: محمّد بن جرير الطبريّ (المتوفَّى عام 310 هـ ق) والخوارزميّ (نقلا ً عن أبي مخنف) وابن عساكر وابن كثير يعتقدون أنّ مجالس العزاء في الشام استمرّت لمدّة ثلاثة أيّام مع نساء وأهل بيت معاوية[22].
وكتب القاضي النعمان المغربيّ (المتوفَّى عام 363 ق) أنّ مدّة إقامــة أهل البيت عليهم السلام في الشام هي شهر ونصف الشهر[23].
وروى سبط ابن الجوزيّ (المتوفَّى 654 ق): أنّ حرم يزيد قد أقاموا العزاء على الحسين عليه السلام لثلاثة أيّام[24].
وقبل السيّد ابن طاووس القول بأنّ مدّة إقامة أهل البيت عليهم السلام في سجن دمشق هو شهر كامل[25].
ونقل عماد الدّين الطبريّ (المتوفَّى 701 ق): أنّ أهل البيت عليهم السلام أقاموا العزاء سبعة أيّام[26].
وقال المجلسيّ إنّهم أقاموا العزاء سبعة أيّام، وفي اليوم الثامن استدعاهم يزيد واسترضاهم وتلطّف بهم ثمّ جهّزهم للرجوع إلى المدينة المنوّرة[27]
ونقل أيضاً في محلّ آخر أنّ نساء عائلة أبي سفيان أقامـــوا العـــزاء لأهــل البيت عليهم السلام ثلاثة أيّام[28].
لو غضضنا النظر عن قول القاضي النعمان، الذي نقل وحده فقط بأنّ الإقامة في الشام كانت لمدّة شهر ونصف, ولم يقل بهذا القول أحد ممّن سبقه أو لحقه, وكذلك رأي السيّد ابن طاووس الذي عبّر عن القول بأنّ بقاء أهل البيت عليهم السلام في الشام كان شهراً كاملا ً، عبّر بـ (قيل).. نقول مع غضّ النظر عن هذين القولين, فإنّ الروايات الأخرى نقلت أنّ حرم الإمام عليه السلام بعد خلاصهم من السّجن, لم يبقوا في الشام لأكثر من ثلاثة أيّام أو سبعة منها. وهذا يمكن القبول به لو عرفنا أنّ إقامتهم هناك أكثر من ذلك فإنّه لن يكون فقط من دون فائدة ومصلحة ليزيد، بل سيكون طول الإقامة سبباً لظهور الثورة والإضطرابات الشعبيّة ضدّ الجهاز الحاكم، ولهذا نرى يزيد قد أسرع في استمالة أهل البيت عليهم السلام وإرضائهم، فجهّزهم للرحيل نحو المدينة المنوّرة.
بناءً على ما سبق، يجب القبول بأنّ إقامة أهل البيت عليهم السلام في الشام لم يكن في أحسن الأحوال قد تجاوز عشرة أيّام.
المنكرون لمسألة وصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في الأربعين الأوّل:
إنّ بعض العلماء، وبسبب الإختلافات الموجودة في بعض الروايات حول زمان ورود أهل البيت عليهم السلام إلى دمشق، ومدّة إقامتهم في الشام، لم يستطيعوا تقبّل مسألة وصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في الأربعين الأوّل بل اعتبروها- ولأسباب ما- مستبعدة, بل في حكم المحال. هنا نريد أن نستعرض هذا الرأي:
1- لقد كان من المشهور بين علماء الشيعة في ما مضى أن ابن نما الحلّي (المتوفَّى 645 ق) في كتابه (مثير الأحزان) وكذلك السيّد ابن طاووس في كتابه اللهوف) من القائلين بوصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في يوم العشرين من صفر (عام 61 هـ ق)[29] وقد أكّد على هذه النقطة أيضاً بعض المحقّقين المعاصرين, عندما حاول أن يجيب عن هذه الشبهة ويردّ رأي المنكرين لتلك الزيارة في الأربعين[30].
لكن هذا الإعتقاد ليس في محلّه، لأنّه لم يصرّح أيّ واحدٍ من هذين العلمين في كلماتهما أبداً عن موضوع مجيء أهل البيت إلى كربلاء, في العشرين من صفر, بل اقتصر كلامهما على حكاية ورود أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء والملاقاة مع جابر فقط[31], بل إنّ ابن طاووس (ره) نفى صراحة وصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في يوم العشرين من صفر في كتابه (الإقبال بالأعمال الحسنة، والذي استمرّ في تأليفه منذ ما قبل وفاته بتسع سنوات إلى آخر عمره أي إلى العام السبعين من عمره)[32] فهو بعد أن ينقل رأي الشيخ المفيد (ره) والشيخ الطوسيّ (ره) والرأي القائل بأنّ يوم الأربعين هو يوم خروج الأسرى من الشام إلى كربلاء.. هناك ينفي صراحةً وصولهم إلى كربلاء في العشرين من صفر، وهذا كلامه:
(وجدت في المصباح أنّ حرم الحسين عليه السلام وصلوا المدينة مع مولانا عليّ بن الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر[33].
وفي غير المصباح أنّهم وصلوا إلى كربلاء أيضاً في عودتهم من الشام يوم العشرين من صفر, وكلاهما مستبعد, لأنّ عبيد الله بن زياد, لعنه الله, كتب إلى يزيد يعرّفه ما جرى ويستأذنه في حملهم ولم يحملهم حتّى جاء الجواب إليه, وهذا يحتاج إلى نحو عشرين يوماً أو أكثر منها؛ لأنّه لمّا حملهم إلى الشام روي أنّهم قاموا فيها شهراً في موضع لا يكنّهم من حرّ ولا برد، وصورة الحال تقتضي أنّهم تأخّروا أكثر من أربعين يوماً من يوم قتله عليه السلام إلى أن وصلوا إلى العراق أو المدينة.
وأمّا تعريجهم على كربلاء, في طريق عودتهم إلى المدينة, فيمكن ذلك, ولكنّه لا يكون حينئذٍ وصولهم إليها يوم العشرين من صفر, لأنّهم اجتمعوا, على ما رُوي, بجابر بن عبد الله الأنصاريّ, فإن كان جابر وصل زائراً من الحجاز فيحتاج وصول الخبر إليه ومجيئه أكثر من أربعين يوماً, وعلى أن يكون جابر وصل من غير الحجاز, من الكوفة أو غيرها[34]. كما هو ظاهر فإنّ ابن طاووس لم ينف, من الأصل, مجيء أهل البيت عليهم السلام لا في كتاب اللهوف ولا في كتاب الإقبال، وكذلك فإنّ العبارة الأخيرة للسيّد في الإقبال هي قرينة واضحة على أنّه لم يقل بوصول أهل البيت عليهم السلام في الأربعين إلى كربلاء- كما نسب إليه البعض خطأ- لأنّه لو كان رأيه هو هذا لبيّنه في كتاب (الإقبال) الذي كتبه بعد اللهوف بعدّة سنوات، فيقول مثلا ً: إنّي قد رجعت عن قولي الذي ورد في كتاب اللهوف, وكلامي النهائيّ في هذه المسألة هو ما أذكره هنا.
وعليه فإنّ ابن طاووس وابن نما يُعتبران من المنكرين لوصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في العشرين من شهر صفر سنة (61 ق).
2-ومن المنكرين أيضاً لتلك المسألة العلّامة المجلسيّ (المتوفَّى 111 ق) وقد كتب حول هذا الموضوع: (إعلم أنّه ليس في الأخبار ما العلّة في استحباب زيارته صلوات الله عليه في هذا اليوم. والمشهور بين الأصحاب أنّ العلّة في ذلك رجوع حرم الحسين صلوات الله عليه في مثل ذلك اليوم إلى كربلاء عند رجوعهم من الشام وإلحاق عليّ بن الحسين صلوات الله عليه الرؤوس بالأجساد، وقيل في مثل ذلك اليوم رجعوا إلى المدينة، وكلاهما مستبعدان جدّاً لأنّ الزمان لا يسع ذلك كما يظهر من الأخبار والآثار، وكون ذلك في السنة الأخرى أيضاً مستبعد[35].
3- ومنهم أيضاً الميرزا حسين النوريّ (1254 ـ 1320 ق) مؤلّف كتاب (مستدرك الوسائل) فهو بعد أن ينقل في كتابه (اللؤلؤ والمرجان) كلام السيّد ابن طاووس في اللهوف الذي يؤيّد مسألة مجيء الأسرى إلى كربلاء, يأخذ بنقد ذلك الرأي وينفيه, ونحن سنستعرض, في هذه المقالة بالتفصيل, إلى أدلّته التي اعتمد عليها.
4- كذلك الشيخ عبّاس القمّي (المتوفَّى 1359 ق) تبعاً لأستاذه المحدّث النوريّ, فقد نفى حضور أهل البيت عليهم السلام في الأربعين إلى كربلاء[36].
5- ومن المنكرين أيضاً لهذه الحادثة العلّامة أبو الحسن الشعرانيّ (المتوفَّى 1352 ش)[37].
وأنكر الشهيد الأستاذ مرتضى المطهّري خبر لقاء جابر بأهل البيت عليهم السلام وقال: إنّ الشخص الوحيد الذي نقل هذا الأمر هو السيّد ابن طاووس في اللهوف، ولم ينقله أحد غيره، بل إنّ السيّد نفسه أيضاً لم يتعرّض لهذا الموضوع في كتبه الأخرى. ثمّ إنّ الدليل العقليّ أيضاً لا يتوافق مع هذا الرأي[38]
هنا لا بدّ من التنبيه إلى أنّه إن كان مقصود الأستاذ المطهريّ من خبر اللقاء، هو اللقاء يوم الأربعين، فإنّ ابن طاووس- وكما نبّهنا عليه سابقاً-لم يقل بذلك أبداً حتّى في كتابه اللهوف.
7- ومنهم المحقّق محمّد إبراهيم آيتي الذي يعتبر مســألـــة وصــــول أهــل البيت عليهم السلام إلى كربلاء, في الأربعين, من المآسي التاريخيّة حيث لا يمكن إيجاد أي سند موثّق ومؤكّد لها بين أيدينا[39].
8- ومن المنكرين أيضاً لهذه الحادثة السيّد الدكتور جعفر الشهيديّ[40].
المؤيّدون لمسألة وصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء
في مقابل هؤلاء المنكرين، هناك بعض العلماء قد ذهبوا إلى القول بحضور أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في الأربعين الأوّل أو على الأقلّ هذا ما يُستفاد من ظاهر كلامهم.
كتب أبو ريحان البيرونيّ (المتوفَّى 440 ق):وفي العشرين ردّ رأس الحسين عليه السلام إلى جثته حتّى دفن مع جثّته، وفيه زيارة الأربعين وهم حرمه، بعد انصرافهم من الشام)[41].
كما يلاحظ في كلام البيرونيّ، فإنّه يعطي سبباً آخر لتسمية الزيارة بالأربعين، غير السبب الذي ذكره المشهور، وذاك السبب- حسب كلام البيرونيّ- هو أنّ القافلة كان عددها أربعين شخصاً، وبهذا العدد جاؤوا لزيـــارة مقام سيّد الشهداء عليه السلام في كربلاء ووافق ذلك في العشرين من صفر.
2- وقال الشيخ البهائيّ (المتوفَّى ـ 1030 ق):
التاسع عشر [42]- أي من صفر- فيه زيارة الأربعين لأبي عبد الله الحسين عليه السلام وفي هذ اليوم وهو يوم الأربعين من شهادته عليه السلام كان قدوم جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) لزيارته عليه السلام واتفق ذلك اليوم ورود حرمه عليه السلام من الشام إلى كربلاء قاصدين المدينة على ساكنها السلام والتحية[43].
3- ومن المؤيّدين لتلك الواقعة أيضاً السيّد محمّد عليّ القاضي الطباطبائيّ: حيث حاول إثبات إمكانيّة وصول أهل البيت عليهم السلام في الأربعين (عام 61 ق) من خلال النقد والرّد على الشبهات التي وجّهها المحدّث النوريّ الذي أنكر ذلك الوصول. ونحن, خلال هذه المقالة, سنشير إلى ذلك الردّ والنقد.
4- ومنهم الميرزا محمّد الإشراقيّ المعروف بــ (أرباب) (المتوفَّى 1341 ق) حيث إنّه بعدما عرض كلام الطبريّ في (بشارة المصطفى) حول زيارة جابر، قال: لم يذكر في هذا الخبر المعتبر أنّ زيارة جابر كانت في يوم الأربعين أم في غيره، ولم يذكر فيه أيضاً أنّ زيارة جابر كانت في السّنة الأولى لشهادة الإمام الحسين عليه السلام أم السّنة التي بعدها، لكن المذكور في الكتب الشيعيّة أنّ هناك أمرين قد تحقّقا على كلّ حال:
الأوّل: أنّ الكثيرين من الخاصّة والعامّة قد ذكروا ورود أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في يوم الأربعين.
الثاني: وهو ثابت في السيرة والتاريخ, أنّ أهل البيت عليهم السلام لم يسافروا أبداً إلى العراق بعد عام الشهادة (61 ق)[44].
البحث حول أدلّة إنكار المحدّث النوريّ لحضور أهل البيت عليهم السلام في كربلاء يوم الأربعين:
نفى المحدّث النوريّ وصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في الأربعين الأوّل، بعد أن أورد سبعة إشكالات [45]على نظريّة السيّد ابن طاووس. وقد توسّع العلّامة النوريّ في طرح هذه الإشكالات، وتبعه عليها آخرون، ونحن هنا سنعرضها ولكن باختصار مع بعض التصرّف والإضافة والتغيير ثمّ نردّ عليها ونجيب عنها.
الإشكال الأوّل: عدم تناسب الزمان مع الوقائع:
إنّ الحوادث التي وقعت خلال الأيّام الأربعين متعدّدة، منها: رسالة عبيد الله بن زياد إلى يزيد لأخذ الأوامر بالنسبة إلى الأسرى, والتي تحتاج إلى عشرين يوماً تقريباً أو أكثر. ومنها: مدّة بقاء أهل البيت عليهم السلام في الشام حيث صرّح البعض بأنّها كانت شهراً كاملا ً[46] وقال البعض الآخر شهراً ونصف الشهر[47].
وعليه فإنّ المدّة الزمنيّة من أجل تلقّي الأوامر من يزيد ثمّ ذهاب أهل البيت إلى الشام وإقامتهم هناك ومن ثمّ رجوعهم من هناك.. هذه المدّة لا تنسجم أبداً ولا تسمح بحضور أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء واللقاء مع جابر في العشرين من صفر. ولذلك لا يمكن القبول بوصولهم إلى كربلاء يوم الأربعين, عام (61) ق.
النقد:
إنّ هناك الكثير من الشواهد التاريخيّة تدلّ على أنّ بعض الأشخاص قد قطعوا المسافة بين الكوفة والشام بما يقارب عشرة أيّام بل أقلّ من أربعة منها. وقد ذكر القاضي الطباطبائيّ هذه المؤيّدات والشواهد التي بلغت سبعة عشر مورداً[48].
وأمّا ما قاله المحدّث النوريّ فهو مجرّد استبعاد لا غير، ولا يجعل المسألة مستحيلة كما أراد هو إثباته. طبعاً إنّ بعض الشواهد التي أوردها المحقّق الطباطبائيّ قابلة للنقد والنقاش، ولا يمكن القبول بها، ولكنّها في مجموعها قادرة على إثبات ذلك الأمر. وأمّا في ما يرتبط بموضوع إقامة أهل البيت عليهم السلام في الكوفة لمدّة عشرين يوماً من أجل إيصال التكليف من يزيد إلى ابن زياد، فإنّ هناك الكثير من المصادر القديمة لم تأت على ذكر أيّة مراسلة بين ابن زياد وبين يزيد لمعرفة كيفيّة التصرّف مع الأسرى ورؤوس الشهداء.
بل قد صُرّح في بعضها أنّ ابن زياد قد بعث برسالة إلى يزيد برفقة رأس الإمام الحسين[49] عليه السلام . وفي بعضها الآخر أُشير فقط إلى أصل مجيء الرسول من عند يزيد إلى عبيد الله يأمره بإرسال أهل البيت عليهم السلام إلى الشام[50]
وعليــه فــإنّ مــا قيـــل حول أخذ ابن زياد الإذن من يزيد ليس معلوماً من الناحية التاريخيّة؛ لأنّ الطبريّ الذي نقل واقعة كربلاء عن أشخاص مثل الإمام الباقر عليه السلام والحصين بن عبد الرحمن, وهشام الكلبيّ (تلميذ أبي مخنف) لم يذكر شيئاً عن إذن عبيد الله من قِبل يزيد. نعم في روايته فقط عن عوانة ابن الحكم أشار إلى هذه المسألة، ولكن هذا الخبر مخدوش ومردود بسبب الإشكالات الكثيرة الواردة عليه[51]
الإشكال الثاني: عدم ذكر هذه الحادثة في المصادر التاريخيّة القديمة:
إنّ الطبريّ[52]، والشيخ المفيد[53](اللذين نقلا واقعة عاشوراء عن أبي مخنف) ومن بعدهما أيضاً الطبرسيّ[54] (المتوفَّى 548 ق) والخوارزميّ[55] (المتوفَّى 568 ق) وابن الأثير (المتوفَّى 630 ق) وسبط بن الجوزيّ وعماد الدّين الطبريّ[56] لم يتعرّض أيّ منهم لمثل هذه الحادثة. ثمّ يضيف المحدّث النوريّ في هذا الصّدد:
(ولا يمكن أن يكون أهل البيت عليهم السلام قد ذهبوا, خلال سفرهم إلى كربلاء، وهناك يجتمعون مع جابر، ويقيمون العزاء لعدّة أيّام، ثمّ لا يرى الشيخ المفيد شيئاً من ذلك في أي مصدر معتمد، أو يراه ولكن لا ينقله في هذا المقام[57]!!!
النقد:
أوّلاً: إنّ عدم التصريح بوقوع هذه الحادثة هو غير التصريح بعدم وقوعها، ولذا لا يمكن الاستنتاج من عدم ذكر المؤرّخين للواقعة أنّهم ينفونها, أو أنّ الواقعة لم تحصل! ولذلك نجد أنّ بعض الحوادث والقضايا التاريخيّة لم ترد في المصادر الروائيّة, لعلل[58] متعدّدة لا مجال لذكرها هنا.
ثانياً: إنّ بعض المؤرّخين والعلماء قد صرّحوا- كما سيأتي معنا- بذهاب أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء، ومنهم البيرونيّ وابن نما والسيّد ابن طاووس والشيخ البهائيّ.
ثالثاً: إنّ أسلوب كلام الشيخ المفيد يدلّ على حذف بعض الحوادث التاريخيّة، فهو يقول:
(فسار (أي الرسول) معهم في جملة النعمان (بن بشير)، ولم يزل ينازلهم في الطريق, ويرفق بهم,كما وصّاه يزيد, ويرعونهم حتّى دخلوا المدينة).
إنّ عبارة (حتّى دخلوا المدينة) تعني أنّ هناك حوادث أخرى وقعت، إلّا أنّ الشيخ المفيدلم يتعرّض لها، وهذا إمّا بسبب قصد الشيخ الإختصار في كتابه (الإرشاد), وإمّا بسبب إقتصاره, في النقل, على الأخبار التاريخيّة المتواترة الورود, أو الأخبار المستفيضة في واقعة ما, وحيث لم يكن في حوزته خبر متواتر أو مستفيض في مسألتنا هذه، فلم يأت على ذكرها.
الإشكال الثالث: الأخبار الحاكية عن رجوع أهل البيت عليهم السلام إلى المدينة في العشرين من صفر.
إنّ الشيخ المفيد في (مسارّ الشيعة) ومن بعده الشيخ الطوسيّ في (مصباح المتهجّد) والعلّامة الحلّي في (العدد القويّة)[59] و (منهاج الصلاح)[60] والكفعميّ في كتاب (المصباح)[61], ليس فقط لم يذكروا حادثة وصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء، بل صرّحوا بأنّ يوم العشرين من صفر هو يوم رجوع أهل البيت عليهم السلام من الشام إلى المدينة.
الجواب والنقد:
إنّ المصادر المذكورة أعلاه لم تصرّح أبداً بعدم حضور أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء.
وعلى هذا، فمن الممكن وجود بعض المنقولات حول هذه القضيّة (كما في نقل أبي ريحان البيرونيّ) لكنّها لم تصل إليهم, أو أنّها وصلت ولكنّهم لم يعتمدوا عليها لعللٍ لا نعلمها.
إضافة إلى ذلك- كما سبقت الإشارة- فإنّ أبا ريحان ومن بعده الشيخ البهائيّ قد صرّحوا بأنّ يوم الأربعين هو يوم حضور أهل البيت عليهم السلام في كربلاء.
الإشكال الرابع: عدم ذكر ملاقاة جابر مع أهل البيت عليهم السلام في الرواية.
إنّ الكتب التي تحدّثت عن زيارة جابر, في يوم الأربعين, مثل كتاب بشارة المصطفى، مقتل الحسين (الخوارزميّ)، ومصباح الزائر, هي نفسها لم تذكر شيئاً عن ملاقاته مع أهل البيت عليهم السلام ، مع أنّه لو كانت هذه الحادثة قد وقعت فإنّ هذه المصادر حتماً ستنقلها.
النقد:
أوّلاً: إنّ بعض المصادر- كما مرّ سابقاً- قد ذكرت زيارة أهل البيت عليهم السلام لقبر الإمام الحسين عليه السلام.
ثانياً: الظاهر أنّه إمّا أنّ جابراً قد زار قبر الإمام عليه السلام مرّتين على أقلّ التقادير، مرّة مع عطيّة العوفيّ, وهذا ما نقله الطبريّ والخوارزميّ وابن طاووس في مصباح الزائر، ومرّة أخرى حسبما نقله ابن نما الحلّي والسيّد ابن طاووس. وإمّا أنّ السيّد ابن طاووس (مثل الشيخ المفيد) كان بناؤه هو اختيار الحوادث المهمّة في نظره واختصارها، ومن هنا نراه قد نقل لقاء جابر مع أهل البيت عليهم السلام ولكنّه لم يذكر شيئاً عن صحبة عطيّة لجابر.
الإشكال الخامس: حركة أهل البيت عليهم السلام على الطريق السلطانيّ.
إنّ المحدّث النوريّ يعتقد أنّ مسير حركة أهل البيت عليهم السلام من الكوفة إلى الشام، إمّا كان على الطريق السلطانيّ وإمّا على طريق البادية. ومن أجل إثبات أنّ المسير كان على الطريق السلطانيّ استدلّ بالبراهين والشواهد الآتية:
1- إنّ كتاب (مقتل أبو مخنف) الأصل، وإن كان مفقوداً وما هو موجود بين أيدينا قد سقط عن الاعتبار والإعتماد بسبب التغييرات الكثيرة التي طالته، ولكن ما هو متّفق عليه في كلّ النسخات أنّ أهل البيت عليهم السلام قد حُملوا إلى الشام عن طريق: تكريت والموصل ونصيبين وحلب، وهو الطريق السلطانيّ.
وهذا الطريق عامر في معظم مسافته، ويمرّ في قرى كثيرة ومدن ٍعامرة ٍ، ويوجد على هذا الطريق ما يقرب من الأربعين منزلاً، وقد وقعت خلاله قضايا متعدّدة مع بعض الكرامات مثل قضيّة الراهب في قنّسرين، وأيضاً الكرامات التي ظهرت من الرأس المبارك للإمام عليه السلام خلال ذلك المسير، وقد نقل كلّ ذلك القطب الراونديّ[62] (المتوفَّى 572 ق) وابن شهر آشوب[63] (المتوفَّى 588 ق) نقلا ًعن الخصائص للنطنزيّ، وسبط بن الجوزيّ[64] (المتوفَّى 654 ق) ولا يمكن طبعاً ردّ كلّ هذه الروايات وتكذيبها، خصوصاً أنّه لا يوجد في البعض منها أيّ دافع للجعل والوضع.
2- ما ذكره عماد الدّين الطبريّ في كتاب (كامل البهائيّ) حيث كان يبيّن حركة الأسرى ويعدّد بعض المدن التي تؤيّد المسير السلطانيّ, كَتَبَ الطبريّ:
(مرّوا في ذلك المسير على: الآمد والموصل ونصيبين وبعلبك وميّافارقين وشيزر). وروى أيضاً الحوادث التي وقعت في المراحل والمنازل[65]
فإذاً لو أخذنا بعين الإعتبار طريق السفر، مـع أقـــلّ مـــدّة توقـــف خــلالها أهـل البيت عليهم السلام في الشام، فإنّ رجوعهم في الأربعين الأوّل يعتبر من المحالات والممتنعات.
يقول المحدّث النوريّ حول حركة أهل البيت عليهم السلام عن طريق البادية:
ولو قبلنا أنّ مسير حركتهم كان من الصحراء، فإنّ رجوعهم في الأربعين الأوّل سيكون ممتنعاً أيضاً؛ لأنّ المسافة الفاصلة بين الكوفة والشام في خطٍّ مباشر (175) فرسخاً (ما يعادل 1050 كيلومتراً) ودخول أهل البيت عليهم السلام إلى الكوفة كان في اليوم الثاني عشر من المحرّم، وكانوا في قصر ابن زياد في الثالث عشر منه، وحسب قول ابن طاووس في الإقبال فإنّ ذهاب المسافر من الكوفة إلى الشام وإيابه لا يمكن في أقلّ من عشرين يوماً.
وقد أيّد بعض المؤرّخين, مثل ابن الأثير في كتابه الكامل[66], موضوع إرسال البريد إلى الشام ورجوعه منها، ولا يمكن القبول بإرسال الحمام الزّاجل بالرسالة، لأنّ استخدام الحمام لم يكن معروفاً في ذلك العصر، بل إنّ أوّل مرّة استعملوا فيها الحمام الزّاجل كانت على يد نور الدّين محمود بن الزّنكيّ في عام ـ 565 ـ ق.
بناءً على ما سبق، فإنّ الإقامة شهراً كاملا ًفي الشام، كما كتب السيّد ابن طاووس، وقطع مسافة ثمانية فراسخ (ما يقرب من 50 كيلومتراً) كلّ يوم- ليلا ً نهاراً- يعني أن يبقوا على الطريق (22) يوماً، فالمجموع سيكون أكثر من أربعين يوماً.
طبعاً ما ذكرناه من الوقت ليس كافياً لقافلة تتألّف من نساء وأطفال, ليصلوا في الأربعين إلى كربلاء، لأنّ وصول هذه القافلة إليها يتطلّب وقتاً زائداً عن الأربعين يوماً.
النقد:
إنّنا نستطيع القول, في الجواب عن هذا الإشكال، إنّ إحدى المسائل المبهمة والغامضة في تاريخ عاشوراء هي تشخيص مسير حركة قافلة أهل البيت عليهم السلام من الكوفة إلى دمشق، ولم يرو أيّ مصدر من المصادر التاريخيّة المتقدّمة الذكر، خبراً معتبراً يحدّد المسير الذي سلكته قافلة الأسرى من الكوفة إلى الشام.
ولكن بالرجوع إلى المصادر التاريخيّة القديمة، والخرائط الجغرافيّة لهذه المنطقة يمكن القول إنّه كان يوجد في ذلك الزمان ثلاثة طرق, للوصول إلى الشام:
الطريق الأوّل: وهو المسير السلطانيّ وهو طريق عامر يمرّ بجانب بعض المدن، وهو الطريق الذي ذكره المحدّث النوريّ سابقاً عند استشهاده بكلام عماد الدّين الطبريّ.
أحد المحقّقين المعاصرين بعد مطالعة هذه المسألة والبحث حولها، كتب حول هذا الطريق السلطانيّ قائلاً:
(تكريت ـ الموصل ـ لبا ـ كحيل ـ تل أعفر ـ نصيبين ـ حرّان ـ معرّة النعمان ـ شيزر ـ كفر طاب ـ حماه ـ حمص ـ دمشق)[67].
وذكر فرهاد ميرزا تفصيلا ً أكثر من السابق، عن المدن الواقعة على هذا المسير فقال:
(حصّاصة ـ تكريت ـ أعمى ـ دير عروة ـ صليتا ـ وادي الفحلة ـ وادي النخلة ـ أرمينياء ـ لبا ـ كحيل ـ جهينة ـ الموصل ـ تل أعفر ـ سنجار ـ نصيبين ـ عين الوردة ـ الرقّة ـ جوسق ـ بشر ـ بسر ـ حلب ـ سرمين ـ قنّسرين ـ معرّة النعمان ـ شيزر ـ كفر طاب ـ سيبور عقر ـ حماه ـ حمص ـ بعلبك ـ دمشق)[68].
بناءً على هذا المسير، فإنّ قافلة الأسرى سلكوا للوصول إلى دمشق، طريق تكريت إلى شمال العراق ثمّ دخلوا إلى ولاية الجزيرة (في شمال العراق الحالي والشمال الشرقي لسوريا) وبعده ذهبوا عن طريق الموصل وعند الخطّ الحدودي الحالي بين تركيا وسوريا ووصلوا إلى حرّان. وفي النهاية وصلوا إلى دمشق بعد قطع مسافة (1500 كيلومتر) والعبور من المناطق السورية الغربية واجتياز مدن ٍمثل: حلب ـ معرّة النعمان ــ حماه ـ حمص.
الطريق الثاني: هو المسير المستقيم من الكوفة إلى الشام، والذي يمرّ عبر بادية الشام، وقد احتمل المحـدّث النوريّ هذا المسير، ولكن ذهاب قافلة أهل البيت عليهم السلام من هذا الطريق لا يتوافق ولا ينسجم أبداً مع القرائن والشواهد التاريخيّة، كما لا يتلاءم أبداً مع كلام السيّدة زينب عليها السلام عند خطابها ليزيد:
(أمن العدل يا بن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم سبايا قد هتكت ستورهنّ وأبديت وجوههنّ يحدو بهنّ الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهنّ أهل المناقل)[69].
من الواضح أنّه لو كان مسير قافلة الأسرى من الصحراء القاحلة والحارقة- وهي بادية الشام- فإنّ السيّدة زينب عليها السلام كانت ستشكو من جوع وعطش وتعب الأطفال والنساء في القافلة، ولا يكون اعتراضها على المرور في المدن بحالة الأسر، والوقوع تحت أنظار وأعين الغرباء والأجانب.
وهذا أيضاً ما ورد في رواية ابن الأعثم والخوارزميّ حول مسير القافلة من الكوفة إلى الشام حيث صرّحوا بأنّ أسرى أهل البيت عليهم السلام قد ساقوا بهم من بلد إلى بلد كما يُساق أسرى الترك والديلم[70].
الطريق الثالث: وهو الطريق المعروف والمحدّد بين الكوفة والشام، وهو يمرّ من الساحل الغربيّ لشطّ الفرات عبر مدن مثل: الأنبار ـ هيت ـ قرقيسيا ـ الرقّة ـ صفّين.
وهو نفس الطريق الذي سلكه جيش أمير المؤمينن عليه السلام للقتال مع معاوية[71]. وهو الطريق الذي قطعه عسكر معاوية للوصول إلى منطقة (المسكن) من أجل مواجهة عسكر الإمام الحسن عليه السلام.
من مميّزات هذا المسير أنّه ليس طويلا ً كالطريق السلطانيّ ولا يوجد فيه مشاقّ الصحراء المحرقة والقاحلة مثل طريق بادية الشام، ولذا فالظاهر أنّ احتمال اختيار هذا الطريق الوسطيّ سيكون أقوى.
طبعاً، الشواهد الموجودة والكرامات الواردة عـــن رأس الإمــام عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام في مدن (حلب ـ قنّسرين ـ حماه ـ حمص ـ دير الراهب) لن تكون شاهداً لأحد طريقي الوسطيّ والسلطانيّ؛ لأنّها مناطق مشتركة بينهما. نعم لو كانت هذه الشواهد قويّة, فإنّها ستنفي سلوك طريق بادية الشام حتماً.
من خلال ما سبق, يتّضح أنّه, وإن كان احتمال ذهاب أهل البيت عليهم السلام من الطريق الأوّل غير منتفٍ، ولكن لا يوجد أدلّة قويّة وشواهد محكمة لإثباته. وعليه فلا مجال بعد لحساب المسافات بين الشام والعراق والبحث حول طول هذا الطريق.
ثمّ إنّ احتمال الذهاب من المسير الثالث أقوى باعتبار أنّه أقصر مسافة ومعروف ومحدّد.
هذا, إضافةً إلى ما مرّ في الجواب عن الإشكال الأوّل للمحدّث النوريّ، بأنّ بعض المحقّقين قد ذكر شواهد تاريخيّة كثيرة تثبت أنّ هناك أشخاصاً قد قطعوا هذه المسافة, من الكوفة إلى الشام, خلال عشرة أيّام, بل في أقلّ من أربعة ٍمنها.
من هنا نقول: إنّ حركة الأسرى, مع ظروفها الخاصّة- وإن كانت أبطأ سيراً في قطع الطريق من سير مسافر واحد- ولكن لا تُؤيِّد قول المنكرين بإنّه يستحيل قطع هذا الطريق, في مدّة عشرة أيّام, أو أكثر من ذلك بقليل.
الإشكال السادس: لماذا عدّ, جابر هو الزائر الأوّل؟
فلو كان قد حصل لقاء بين أهل البيت عليهم السلام وبين جابر, في يوم واحد عند قبر سيّد الشهداء عليه السلام فلماذا اعتُبر جابر هو الزائر الأوّل للإمام عليه السلام ؟ ولماذا جعلوا هذه الفضيلة له خاصّة؟
النقد:
إنّ الظاهر من كلام ابن طاووس أنّ جابراً قد وصل إلى كربلاء قبل أهل البيت عليهم السلام وهذا كلامه دام الله ظله:(فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاريّ وجماعة من بني هاشم ورجالا ًمن آل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام فوافوا في وقت واحد وتلاقوا..).
بناء على هذا، فإنّ جابر قد وصل إلى كربلاء قبل أهل البيت عليهم السلام. ولكن المحدّث النوريّ كأنّه حمل العبارة (فوافوا) على معنى أنّ أهل البيت عليهم السلام وجابر قد دخلوا سويّة إلى كربلاء!! مع أنّ ملاحظة الكلمتين (فوصلوا) و (فوجدوا) يبيّن أنّ المقصود من كلمة (فوافوا) هو مجرّد اللقاء والإجتماع لأجل العزاء والبكاء، لا بمعنى الدخول والوصول إلى كربلاء في نفس الزمان..
فإذاً من الممكن أنّ جابراً قد وصل إلى كربلاء قبل أهل البيت عليهم السلام ، ثمّ وصل من بعده جماعة من بني هاشم، قبل وصول أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء.
الإشكال السابع: المقصد الذي أراده الأسرى:
أورد المحدّث النوريّ في إشكاله الأخير هذا، ثلاث نقاط:
1- إنّ الرجوع إلى كربلاء لم يذكر أبداً في الشام؛ لأنّ يزيد بعد ندمه الظاهريّ استدعى أهل البيت عليهم السلام وخيّرهم بين البقاء في الشام أو الرجوع إلى المدينة المنوّرة, فاختاروا الرجوع، ولم يُذكر هناك شيء عن الذهاب إلى كربلاء.
2- عدم وجود أيّة منطقة مشتركة بين طريق الشام إلى المدينة، وطريقها إلى العراق، وهذا ما اعترف به الأشخاص الذين سلكوا هذه الطرق.
3- من المستبعد أن يقبل يزيد طلب أهل البيت عليهم السلام الذهابَ إلى كربلاء, لو أرادوا ذلك، وهذا بسبب الخبث والحقد الذي يحمله يزيد في داخله[72].
الجواب:
إنّ ما ذكره المحدّث النوريّ من الإستبعادات, في هذا الإشكال, ليس في محلّه. أمّا في ما يتعلّق بالنقطة الأولى والثالثة فإنّ يزيد- وكما صرّحت به المصادر- أظهر الندم على فعاله مع أهل البيت عليهم السلام ، وجعل جريمة القتل في كربلاء لسيّد الشهداء وأقاربه وأنصاره في رقبة عبيد الله ابن زياد، ومن ثمرات ندمه قيامه بتخيير أهل البيت عليهم السلام بين البقاء في الشام وبين الرجوع إلى المدينة، وعند اختيارهم الرجوع أمر يزيد مبعوثيه مع الأسرى أن يعتنوا بأهل البيت عليهم السلام وأن يلبوا كلّ مطالبهم في كلّ مكان وزمان[73].
بناءً على هذا، لو أنّ أهل البيت عليهم السلام طلبوا الذهاب إلى كربلاء من يزيد في دمشق، فمن الطبيعيّ أن يقبل بذلك وإن كان لا ينسجم ذلك مع طبعه اللئيم؛ لأنّ الأوضاع والظروف تلزمه بهذا الأمــر خصـــوصـاً بعــد تبدّل مسلكيّته مع أهل البيت عليهم السلام.
ونفس الحال سيكون لو أنّ أهل البيت عليهم السلام طلبوا من مبعوثي يزيد, بعد الخروج من دمشق, أن يسيروا بهم نحو كربلاء, فيجب على هؤلاء أن يلبّوا طلب أهــل البيت عليهم السلام كما أمرهم بذلك يزيد (حسب النقل الذي أورده ابن سعد).
فإذاً، إنّ عدم وجود أي ذكر في الشام للذهاب إلى كربلاء سببه- كما سبقت الإشارة إليه- إمّا أنّ هذا الطلب قد حدث بعد الخروج من دمشق, ولم يكن هذا القصد موجوداً عند أهل البيت عليهم السلام في الشام، وإمّا أن يكون الذهاب إلى كربلاء موجوداً في قصدهم ولكن لم يظهروه في الشام عند يزيد؛ لأنّ غاية المسير والمقصد هو المدينة، وكربلاء تعتبر مرحلة ومنزلاً من منازل السفر من دمشق إلى المدينة- كما سيأتي بعد قليل- فكأنّ الإذن قد أخذ من يزيد للذهاب إلى كربلاء.
وعلى هذا، فإنّ سؤال يزيد عند تخييره أهل البيت عليهم السلام إنّما هو سؤال عن المقصد النهائيّ الدائم والثابت، وهذا لا يتنافى مع العبور من كربلاء؛ لأنّ المسافر إلى المدينة قد يمرّ من كربلاء[74].
وبهذا يتبيّن بأنّ عزم ونيّة أهل البيت عليهم السلام هما الذهاب إلى كربلاء، سواء كان هذا العزم موجوداً قبل الخروج من دمشق، أو ظهر وبدا لهم بعد الخروج منها، ولا إشكال في ذلك أبداً.
وأمّا القول بأنّ الطريق إلى المدينة لا يتقاطع ولا يشترك أبداً مع الطريق إلى العراق، فيجب البحث حول الطريق الذي سلكه أهل البيت عليهم السلام في رجوعهم؟
هنا يجب القول بأنّ المصادر التاريخيّة ساكتة عن ذلك. طبعاً بعض علماء الشيعة صرّحوا بلقاء جابر مع أهل البيت عليهم السلام في كربلاء مثل ابن طاووس وابن نما، وكأنّ اعتقادهم كان على أنّ مسير الشام إلى المدينة يمرّ عبر العراق، وهذه عبارتهم:
أمّا ابن نما فيقول (ولمّا مرّ عيال الحسين عليه السلام بكربلاء...)[75].
وأمّا نصّ ابن طاووس فهو هكذا (ولمّا رجع نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق، قالوا للدليل مرّ بنا على طريق كربلاء...)[76].
هذا كلّه في حال كون طريق الشام إلى المدينة (أو إلى الحجاز بشكل عام) لا يلتقي أبداً ومن الأساس مع طريق الشام إلى العراق, كما هو رأي علماء الجغرافيا السابقين, مثل ابن خردابه (المتوفَّى حوالى 300 ق) عندما يبيّن مسير الكوفة إلى دمشق يقول:(الحيرة ـ قطقطانه ـ البقعة ـ أبيض ـ حوشى ـ جمع ـ خطى ـ جبّة ـ قلوفي ـ روارى ـ ساغده ـ بقيعة ـ أعناك ـ أذرعات ـ منزل ـ دمشق)[77].
ومثله ابن رسته، حيث كتب حول المسير من دمشق إلى المدينة فقال:(المنزل ـ ذات المنازل ـ سرغ ـ تبوك ـ محدثة ـ أقرع ـ جنينة ـ حجر ـ وادي القرى ـ رحبة (رحيبة) ـ ذي المروة ـ مرّ ـ سويداء ـ ذي خشب ـ المدينة)[78].
في زماننا هذا، لا يوجد أي أثر وإسم لهذه المنازل والمناطق المذكورة آنفاً، سواءٌ في العراق أو في الشام، ولا يوجد لها أيّ رسم على الخرائط الجغرافيّة، ولكن لو لاحظنا نحن التقريرين السابقين فسنجد نقطة وحيدة مشتركة بين الطريقين وهي منطقة (المنزل) حيث يفترق من هناك طريق المدينة عن طريق الكوفة.
من هنا يمكن القول إنّه حتّى لو نفينا وجود أيّ عزم وقصد لزيارة كربلاء عند أهل البيت عليهم السلام قبل الخروج من دمشق، فمن الممكن أنّ هذا العزم قد حدث في تلك النقطة المشتركة، وعليه فلو حملنا كلام السيّد ابن طاووس وابن نما على اعتبار أنّ الطريقين مشتركان على طول المسير، فهذا لا يمكن القبول به وليس صحيحاً, إلّا أن يقال بأنّ أهل البيت عليهم السلام رجعوا إلى المدينة عن طريق العراق عبر نفس الطريق الذي سلكوه من الكوفة إلى الشام.
طبعاً هذا الإحتمال يمكن انطباقه على الواقع في حال كان أهل البيت عليهم السلام قد اختاروا, عند يزيد في دمشق, هذا المسير، مع موافقته على ذلك, أو على الأقل يأخذون الموافقة منه قبل تجاوز النقطة الوحيدة المشتركة بين طريق الكوفة وطريق المدينة، أي منطقة (المنزل). وفي غير هذه الصورة لن يكون منطقيّاً سلوك أهل البيت عليهم السلام طريق العراق إلى المدينة ولن يكون له أيّ مسوّغ.
الشواهد الأخرى:
لقد ثبت حتّى الآن- من خلال ما سبق معنا- إمكان وصول أهل البيت عليهم السلام في يوم الأربعين عام (61 ق) إلى قبر الإمام عليه السلام في كربلاء. وأمّا عن وقوع ذلك وتحقّقه خارجاً, فيجب القول- كما مرّ آنفاً- بأنّ هناك بعض العلماء مثل أبي ريحان البيرونيّ والشيخ البهائيّ, قد صرّحوا بأنّ حضور أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء كان في يوم العشرين من صفر.
هذا بالإضافة إلى وجود شواهد وقرائن أخرى يمكن الإستناد إليها لإثبات ذلك وهي هنا ثلاثة شواهد: الأوّل: مكان دفن رأس الإمام عليه السلام - الثاني: إلحاق الرأس الشريف بالبدن على يدي الإمام السجّاد في يوم الأربعين- الثالث: علّة استحباب زيارة الأربعين.
محلّ دفن رأس الإمام عليه السلام:
إنّ المصادر التاريخيّة- سواءٌ الشيعيّة منها أو السنيّة- اختلفت في ما بينها حول موضوع مكان دفن رأس الإمام الحسين عليه السلام ، وقد نقل في ذلك ستّة أقوالٍ، وهي الآتي:
القول الأوّل: أنّ الرأس قد ألحق بالبدن، وهذا القول يشترك في نقله الشيعة والسنّة.
وقد صرّح بذلك بعض علماء الشيعة، ومنهم: الشيخ الصدوق (المتوفَّى 381 ق)، السيّد المرتضى (المتوفَّى 436 ق)، فتّال النيشابوريّ (المتوفَّى 508 ق)، ابن نما الحلّي, السيّد ابن طاووس (المتوفَّى 664 ق)، الشيخ البهائيّ, والمجلسيّ.
روى الشيخ الصدوق، ومن بعده فتّال النيشابوريّ في هذه المسألة: (خرج عليّ بن الحسين عليه السلام مع النساء (من الشام) وردّ رأس الحسين عليه السلام إلى كربلاء)[79].
وقال السيّد المرتضى: (قد رووا أنّ رأس الإمام الحسين عليه السلام دُفن مع الجسد في كربلاء)[80].
وينقل ابن شهر آشوب عن الشيخ الطوسيّ (بعد نقله الكلام السابق للسيّد المرتضى) قوله: ولهذا السبب (أي إلحاق رأس الإمام عليه السلام بالبدن ودفنه معه) أوصى الأئمّة بزيارة الأربعين[81].
وكتب ابن نما الحلّي أيضاً: إنّ القول الذي يمكن الإعتماد عليه هو أنّ الرأس (بعد ما طافوا به في البلاد) قد رُدّ إلى البدن ودُفن مع الجسد[82].
وروى السيّد ابن طاووس قائلا ً: وأمّا رأس الحسين عليه السلام فقد رُوي أنّه رُدّ إلى كربلاء ودُفن مع جسده الشريف، وهذا ما كان عليه عمل الأصحاب[83].
وقد اعتبر المجلسيّ أحد وجوه وعلل استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم الأربعين, هو إلحاق الرؤوس المقدّسة إلى الأجساد الطاهرة على يدي الإمام السجّاد عليه السلام[84] .
ويقول في مكان آخر، بعد نقله أقوالا ًمختلفة: المشهور بين علماء الإماميّة أنّ رأس الإمام عليه السلام دُفن مع البدن الشريف[85].
وقد صرّح أيضاً بهذا الرأي, بعض علماء أهل السنّة ومنهم: أبو ريحان البيرونيّ (المتوفَّى 440 ق) حيث يقول: وفي العشرين رُدّ رأس الحسين إلى جثته حتّى دُفن مع جثّته[86].
وقال القرطبيّ (المتوفَّى 671 ق): يقول الإماميّة إنّ رأس الحسين عليه السلام قد رُدّ إلى كربلاء بعد أربعين يوماً وأُلحق بالبدن، وهو يوم مشهور عندهم، وفيه زيارة يسمّونها زيارة الأربعين[87].
وروى القزوينيّ أيضاً: اليوم الأوّل من شهر صفر هو عيد بني أميّة؛ لأنّ رأس الحسين قد دخل إلى دمشق في مثل ذلك اليوم، وفي العشرين من ذاك الشهر رُدّ رأسه إلى البدن[88].
وقال المناوي (المتوفَّى 1031 ق):
يقول الإماميّة: بعد أربعين يوماً من الشهادة رُدّ الرأس إلى البدن ودفن في كربلاء[89].
القول الثاني: إلى جانب ضريح أمير المؤمينن عليه السلام[90] .
القول الثالث: مسجد الرقّة على طرف الفرات.
القول الرابع: البقيع عند قبر أمّه فاطمة عليها السلام.
القول الخامس: دمشق.
القول السادس: القاهرة[91].
من خلال البحث والتأمّل في هذه الأقوال نستنتج أنّ القول الأوّل (أي إلحاق الرأس بالجسد) هو المشهور وهو المعتمد الذي عمل به علماء الشيعة، ولذلك فإنّ هذا القول يمكن الأخذ والقبول به. وحسب الروايات التاريخيّة التي مرّت معنا سابقاً, فإنّ هذا الإلحاق قد تمّ في يوم العشرين من صفر (عام 61 ق).
2- إلحاق الرأس بالبدن:
إنّ هذه المسألة ليست منفصلة عن قضيّة رجوع أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء لأنّ هذا الإلحاق- كما قيل- قد تمّ على يدي الإمام زين العابدين عليه السلام[92], ومن ناحية ثانية, فإنّه لا يوجد أيّة رواية تاريخيّة عن مجيء الإمام السجّاد عليه السلام إلى كربلاء مرّة أخرى. فإذاً حضور أهل البيت عليهم السلام عند قبر الإمام عليه السلام يجب أن يكون في يوم الأربعين.
3- علّة استحباب زيارة الأربعين:
لقد قيل: في سبب استحباب زيارة الأربعين, أمران:
الأوّل: الرواية الواردة عن الإمام العسكري عليه السلام التي عدّت زيارة الأربعين من العلامات الخمس للمؤمن.
الثاني: تعليم الإمام الصادق عليه السلام زيارة الأربعين لصفوان بن مهران الجمّال.
وهنا يوجد سؤال يطرح نفسه وهو: هل يمكن أن يكون علّة الإستحباب هو مجرّد حضور أحد الصحابة عند قبر الإمام الحسين عليه السلام في يوم الأربعين؟ أم أنّ العلّة هي وقوع بعض الحوادث المهمّة الأخرى في مثل ذلك اليوم؟ ولذلك نقول بأنّ السبب الحقيقيّ لاستحباب زيارة الأربعين سيكون هو إلحاق الرأس المقدّس للإمام الحسين عليه السلام ببدنه الشريف، وحضور أهل البيت عليهم السلام, ومعهم إمام معصوم هو الإمام السجّاد. وهذا أحد الوجوه المحتملة لاستحباب زيارة الأربعين، كما ذكر العلّامة المجلسيّ[93] ـ وقد اعتبر أيضاً الشيخ الطوسيّ مسألة إلحاق الرأس بالجسد هو السبب في توصية الأئمّة عليهم السلام بزيارة الأربعين[94].
تلخيص واستنتاج:
يتّضح من خلال كلّ ما مرّ معنا، أنّ إثبات حضور أهل البيت عليهم السلام في اليوم الأربعين, عند قبر سيّد الشهداء عليه السلام وإن لم يكن أمراً سهلا ً بحسب الأخبار التاريخيّة والرّوائيّة، لكنه يُعتبر مقبولاً, بالنظر إلى القرائن والشواهد المؤيّدة لمسألة حضور أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في العشرين من صفر (عام 61 ق).
[1] محسن رنجبر, أستاذ مساعد في مؤسّسة الإمام الخمينيّ للتعليم والبحوث- قم المقدّسة.
[2] للإطلاع أكثر حول هذا الموضوع، يراجع: رضا تقوي دامغانيّ، أربعين در فرهنك إسلامي. وكذلك: عبد الكريم باك نيا، أربعين در فرهنك أهل بيت عليهم السلام نشرية مبلّغان الرقم 52 و1383 الرقم 21، ص 33.
[3] الشيخ المفيد، المزار، ص 53 محمّد بن الحسن الطوسيّ، مصباح المتهجّد، ص 787 788 محمّد بن فتال النيشابوري، روضة الواعظين، ص 215 السيّد ابن طاووس، الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السّنة، ج 3، ص 100.
متن الرواية هكذا ورد: (علامات المؤمن خمس: صلاة الإحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم). بالنسبة إلــى مســـألة التختّم باليمين، يجب القول بأنّ هذا الأمر من تعاليم الأئمّة المعصومين عليهم السلام ، والذي هو في الواقع نوع من أنواع التحدّي لسيرة خلفاء بني أميّة، لأنّه وحسب قول الزمخشريّ فإنّ أوّل من اتخذ التختّم باليسار شعاراً لنفسه وعمل خلاف سنّة النبيّ صلى الله عليه واله وسلم هو معاوية: (العلّامة عبد الحسين الأمينيّ، الغدير، ج 10، ص 210) وكذلك فإنّ الشيعة يعتبرون الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلوات الجهريّة - الصبح والمغرب والعشاء- أمراً واجباً، والجهر بها في الصلوات الإخفاتيّة- الظهر والعصر- أمراً مستحبّاً وهذا أيضاً من توجيهات وإرشادات الأئمّة عليهم السلام لأنّه وكما ذكر الفخــر الرازيّ فإنّ بني أميّة هم الذين ابتدعوا الإخفات في البسملة من أجل أن يمحو كلّ أثر لعليّ عليه السلام. (للإطلاع أكثر على شرح هذه الرواية يُرجع إلى: السيّد محمّد عليّ القاضي الطباطبائيّ، تحقيق در بارهء أوّل أربعين حضــرت سيّد الشهداء عليه السلام ، ص 390 وما بعدها.
[4] الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجد، ص 788 789 أيضاً: تهذيب الأحكام، ج 6، ص 113 114 السيّد ابن طاووس، الإقبال، ج 3، ص 101 103 المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 98، ص 331 332.
[5] الشيخ المفيد، مسارّ الشيعة (طبع في المجلّد السابع من مؤلّفات الشيخ المفيد)، ص 46 الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجّد، ص 787 رضيّ الدّين المطهّر الحلّي، العدد القويّة، ص 219
[6] جابر بن عبد الله الأنصاريّ بن عمرو بن حزام (حرام) بن ثعلبة الأنصاريّ كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم البارزين ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام والأئمّة الأربعة عليهم السلام من بعده، وقد بايع النبيّ صلى الله عليه واله وسلم في واقعة العقبة الثانية حيث كان لا يزال غلاماً برفقة أبيه مع سبعين شخصاً من الناس، وشارك أيضاً ببيعة الرضوان (الشجرة):أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ، المعجم الكبير، ج 2، ص 180 181),وكتب الكشّي عنه: (كان جابر من حواريّي أمير المؤمنين عليه السلام وأحد المشاركين في بيعة العقبة الثانية، وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله (ص) ويعتبر من اتباع أهل البيت عليهم السلام وكان يجلس في المسجد وعلى رأسه عمامة سوداء ثمّ يرفع صوته وينادي: يا باقر العلم. وكان يتجوّل على عصاه في أزقّة المدينة المنوّرة ويحدّث في مجالسه بفضل عليّ عليه السلام, لم يكن الحجّاج يتعرّض لجابر لأنّه كان شيخاً كبير السّن)، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، إختيار معرفة الرجال، ج 1، ص 38، ح:78، وص 41، ح: 87 88، وص 44، ح: 93، وص 124 125، ح: 195.
وقال السيّد الخوئيّ في حقّه: (كان جابر من أنصار رسول الله، ومن أفضل أعوان أمير المؤمنين عليه السلام ، ويعدّ من شرطة الخميس)، معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، ج 4، ص 330. وروى الكلينيّ بسنده الصحيح عن الإمام الباقر عليه السلام إنّه قال في جابر: (ما كذب جابر كذبة قطّ)، المصدر السابق، ص 334. الروايات التاريخيّة حول الغزوات التي شارك فيها جابر مختلفة، فالطبرانيّ يعتقد أنّه شارك في ثلاث عشرة غزوة، (المصدر السابق، ج 2، ص 182) وقال الشيخ الطوسيّ: إنّ جابراً قد رافق النبيّ صلى الله عليه واله وسلم في معركة بدر وثماني عشرة غزوة. (رجال الطوسيّ، ص 31 32). ويقول ابن الأثير: شارك جابر في سبع عشرة غزوة، ولم يحضر بدراً وأحداً بسبب منع أبيه له. لكن برأي الكلبيّ فإنّ جابراً قد شارك في أُحد وقيل: إنّه شارك في ثماني عشرة غزوة ورافق عليّاً في حرب صفّين (أسد الغابة، ج 1، ص 257).بالنسبة إلى فضيلته العلمية، يكفي ما قاله الذهبي عنه، حيث عدّه فقيه ومفتي المدينة المنوّرة في عصره (شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 3، ص 190) ويعتبر جابر من الرواة الذين نقل عنهم عدد وفير من الناس، وقد أحصى البعض رواياته فوصلت إلى (1540) حديثاً (الذهبي، المصدر السابق، ص 194). توفي جابر في سنة (78 ق) وقد بلغ من العمر أكثر من تسعين عاماً (رجال الطوسيّ، ص 32).
[7] عطيّة بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي من التابعين والمحدّثين ومفسّري الشيعة الكبار، وقد وفّق لزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام بصحبة جابر، وهو يعتبر الزائر الثاني للإمام الحسين عليه السلام. وهو كوفيّ ولد في زمن خلافة أمير المؤمنين عليه السلام ، كانت أمّه أمة روميّة. روي حول تسميته إنّه حين الولادة طلب أبوه من أمير المؤمنين عليه السلام أن يعيّن له اسماً، فقال الإمام: (هو عطيّة الله) ومن حينها دعي باسمه (عطيّة) وجعل له الإمام عليه السلام مائة درهم من بيت المال أعطاها لأبيه سعد.
في ثورة عبد الرحمن بن الأشعث ضدّ الحجّاج بن يوسف الثقفي وقف إلى جانب عبد الرحمن وبعد هزيمته فرّ إلى بلاد فارس، فكتب الحجّاج إلى حاكم بلاد فارس محمّد بن القاسم الثقفي أن يحضر عطيّة ويأمره بلعن عليّ عليه السلام فإن امتنع ولم يفعل ذلك فاجلده أربعمائة ضربة واحلق رأسه ولحيته. لكنّ عطيّة امتنع عن لعن عليّ عليه السلام فتحمّل ضربات الجلد والإهانة فداءً لولاية أمير المؤمنين عليه السلام. عندما أصبح قتيبة حاكم خراسان ذهب عطيّة إليه وبقي مقيماً في خراسان إلى حين أصبح عمر بن هبيرة حاكماً على العراق، فطلب عطيّة من ابن هبيرة في رسالة، الإذن له بالرجوع إلى الكوفة فوافق ابن هبيرة على طلبه وأقام بقيّة عمره في الكوفة إلى حين وفاته سنة (111 ق)، (محمّد بن سعد الطبقات الكبرى، ج 6، ص 304، محمّد بن جرير الطبريّ، المنتخب في ذيل المذيّل، ج 8، ص 128), وكتب عطيّة تفسيراً للقرآن، وقد جمع في خمسة أجزاء وقد كان يقول: قرأت على ابن عبّاس القرآن بتفسيره ثلاث مرات، وقرأته عليه تلاوة سبعين مرّة. (الشيخ عبّاس القمي، سفينة البحار، ج 6، ص 296، المادة عطا).
[8] ابن طاووس: إقبال الأعمال ج 3 ص 100.
[9] محمّد بن حبّان بن أحمد أبي حاتم التميميّ البستيّ، الثقات، ج 2، ص 312 (هامش المدخل: يزيد بن معاوية).
[10] الأمالي، المجلس، 31، ح: 3، ص 230.
[11] مقتل الحسين عليه السلام ، ج 2، ص 68.
[12] الأخبار الطوال، ص 260 الكامل في التاريخ، ج 2، ص 576 تذكرة الخواصّ، ص 260 263.
[13] الإقبال، ج 3، ص 89.
[14] اللهوف، ص 99.
[15] كتاب الفتوح، ج 5، ص 127 129 مقتل الحسين عليه السلام ، ج 2، ص 62.
[16] الإرشاد، ج 2، ص 118 إعلام الورى، ج 1، ص 473 المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 45، ص 130.
[17] أبو ريحان محمّد بن أحمد البيرونيّ الخوارزميّ، الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص 331.
[18] زكريا محمّد محمود القزوينيّ، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، ص 45.
[19] عماد الدّين حسن بن عليّ الطبريّ كامل البهائيّ، ج 2، ص 293.
[20] ابن الأعثم، كتاب الفتوح، ج 5، ص 133.
[21] الإرشاد، ج 2، ص 122 إعلام الورى بأعلام الهدى، ج 1، ص 475.
[22] الطبريّ، تاريخ الأمم والملوك، ج 4، ص 353 الخوارزمــيّ الآثـــار الباقيـــة، ج 2، ص 81 ابن عســـاكر، ترجمــة الإمام الحسين عليه السلام ، ص 338 أبو الفداء اسماعيل بن كثير الدمشقيّ، البداية والنهاية، ج 8، ص 212.
[23] أبو حنيفة القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربيّ، شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار، ج 3، ص 269.
[24] سبط ابن الجوزيّ، تذكرة الخواصّ، ص 262.
[25] الإقبال، ج 3، ص 101.
[26] كامل البهائيّ، ج 2، ص 302.
[27] بحار الأنوار، ج 45، ص 196 وجلاء العيون، ص 409.
[28] بحار الأنوار، ج 45، ص 196 وجلاء العيون، ص 409.
[29] الظاهر أنّ هذه النسبة إلى السيّد ابن طاووس لها عدّة أسباب: فمن ناحية قد صرّح الشيخ المفيد والشيخ الطوسيّ بأنّ يوم الأربعين هو يوم مجيء جابر بن عبد الله إلى كربلاء. ومن ناحية ثانية وكما سيظهر لاحقاً فإنّ بعض المصادر ذكرت بأنّ يوم العشرين من صفر هو يوم إلحاق الرأس المقدّس للإمام الحسين عليه السلام ببدنه على يد أهل البيت عليهم السلام. ومن ناحية ثالثة فإنّه لا يوجد أيّة رواية عن مجيء أهل البيت عليهم السلام إلى كربلاء في وقت آخر غير الأربعين، ومن هنا فقد حملوا كلام السيّد ابن طاووس على الرأي القائل بأنّ ملاقاة جابر مع أهل البيت عليهم السلام كانت في كربلاء يوم الأربعين.
ولكن يحسن الإلتفات إلى أنّ الشيخ المفيد والشيخ الطوسيّ اللذين صرّحا بحضور جابر مع أهل البيت عليهم السلام صرّحا بأنّ ارتحالهم من الشام نحو كربلاء كان في يوم الأربعين لا أنّهم وصلوا إليها في الأربعين.
وفي المقابل فإنّ السيّد ابن طاووس وابن نما الحلّي وإن صرّحا بملاقاة جابر مع أهل البيت عليهم السلام ولكنّهما لم يذكرا أبداً أنّ هذا اللقاء كان في يوم الأربعين. وقد أشار المحدّث القمّي أيضاً إلى هذه النقطة المهمّة في كتابه (منتهى الآمال، ج 2، ص 86).
[30] السيّد محمّد عليّ القاضي الطباطبائيّ (تحقيق در بارهء أوّل أربعين حضرت سيّد الشهداء عليه السلام )، ص 21.
[31] هذه هي عبارة ابن نما في هذه الحادثة:
(ولمّا مرّ عيال الحسين عليه السلام بكربلاء، وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاريّ وجماعة من بني هاشم قدموا لزيارته في وقتٍ واحدٍ، فتلاقوا بالحزن والإكتئاب والنوح على هذا المصاب المقرح لأكباد الأحباب) مثير الأحزان، ص 86.
وكتب أيضاً ابن طاووس حول هذا الموضوع، (ولمّا رجع نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق، قالوا للدليل مرّ بنا على طريق كربلاء، فوصلوا إلى موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاريّ وجماعة من بني هاشم ورجالا ًمن آل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام فوافوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد واجتمع إليهم نساء ذلك السواد فأقاموا على ذلك أيّاماً)، اللهوف، ص 114.
[32] السيّد ابن طاووس، الإقبال، ج 3، ص 370.
[33] يجب الإلتفات إلى أنّ عبارة الشيخ الطوسيّ في مصباح المتهجّد هي (الرجوع) وليس (الوصول) كما قال ابن طاووس، وهذه هي عبارة الشيخ:
(وفي يوم العشرين منه كان رجوع حرم سيّدنا أبي عبد الله الحســـين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام من الشــام إلـــى مدينـــة الرســــول صلى الله عليه واله وسلم ). ومن الواضح أنّ الرجوع إلى المدينة هو غير الوصول إليها، ومن هنا يظهر أنّ بيان ابن طاووس لكلام الشيخ ليس صحيحاً، وعليه فإنّ النسبة التي جعلها ابن طاووس إلى الشيخ حول وصول أهل البيت عليهم السلام إلى المدينة واستبعاده لذلك هي منتفية أصلاً وموضوعاً.
[34] ابن طاووس، الإقبال، ج 3، ص 100 101 المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 98، ص 335 336.
[35] بحار الأنوار، ج 98، ص 332.
[36] منتهى الآمال، ج 2، ص 1014 1015.
[37] دمع السجوم (ترجمة نفس المهموم)، ص 269.
[38] مرتضى المطهريّ، الملحمة الحسينيّة، ج 1، ص 30.
[39] محمّد إبراهيم آيتي، تحقيق تاريخ عاشوراء، ص 139 141.
[40] هو من خلال طرح بعض الأسئلة شكّك في هذا الموضوع: (هل ذهبت القافلة من دمشق إلى المدينة مباشرة أم سلكوا طريقاً ذا مسافة طويلة حتّى وصلوا إلى كربلاء ليزوروا الشهداء؟ هل وافق يزيد على هذا العمل؟ ثمّ لو صحّ رجوع القافلة إلى كربلاء، فهل حقّاً قد حصل اجتماع بين أهل البيت عليهم السلام وبين جابر الذي جاء أيضاً من أجل الزيارة؟ هل أقام أهل المصيبة مجلساً للعزاء؟ ثمّ كيف سمح حاكم الكوفة لنفسه أن يقام في كربلاء مثل هذه المراسم على بعد عدّة فراسخ من مركز إمارته؟ ولو سلّمنا إمكان وقوع مثل هذه الحوادث، فما هو زمان هذا الإجتماع؟ هل هو بعد عاشوراء بحدود أربعين يوماً؟ من البديهيّ أنّ هذا الأمر بعيد عن الحقيقة فإنّ ذهاب المسافر العادي من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى دمشق ورجوعه بوسائل النقل الموجودة في ذلك العصر يحتاج حتماً إلى أكثر من أربعين يوماً من الزمان، فكيف لو كان المسافر هو قافلة نساء وأطفال، فكيف ستكون حركتهم؟!
وهناك أيضاً مسألة لزوم أخذ ابن زياد الأوامر من يزيد بالنسبة إلى إرسال القافلة إلى دمشق ثمّ تلقي الجواب من يزيد على ذلك. فنحن لو أخذنا بعين الإعتبار كلّ هذه المقدّمات، لاحتاج تحقّق ذلك كلّه إلى شهرين من الزمان أو ثلاثة أشهر. وكذلك افتراض وصول القافلة إلى كربلاء في أربعين السّنة اللاحقة (عام 62 ق) هو افتراض غير صحيح، لأنّ بقاء القافلة في دمشق لمدّة طويلة ليس لصالح يزيد. على كلّ حال فإنّ الإبهام يحيط بنتائج هذه الأبحاث، ومع كلّ تلك الجهود التي بذلت في تحقيق هذه الحادثة فيجب الإعتراف بأنّ الحقيقة لا يعلمها إلّا الله تعالى. (السيّد حعفر الشهيديّ، سيرة فاطمة الزهراء عليها السلام ,ص 261)ـ عند البحث والنقد لنظرية المحدّث النوريّ سيجاب عن كلّ تلك الأسئلة المطروحة أعلاه.
[41] البيرونيّ، الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص 331.
[42] إنّ احتساب يوم التاسع عشر من صفر هو يوم الأربعين، مبنيّاً على كون العدّ يبدأ من اليوم العاشر نفسه، ولكن لو لاحظنا أنّ غير الشيخ البهائيّ لم يعتبر اليوم التاسع عشر هو يوم الأربعين، لعلمنا بأنّ مبدأ حساب الأربعين هو الحادي عشر من المحرّم، لأنّه وكما ذكر السيّد في الإقبال، فإنّ شهادة الإمام الحسين عليه السلام حصلت في الساعات الأخيرة ليوم العاشر من المحرّم, وعليه فإنّ هذا اليوم ليس داخلا ً في العدّ والحساب.
[43] توضيح المقاصد,ص 6.
[44] الميرزا محمّد الإشراقيّ (أرباب)، الأربعين الحسينيّة، ص 205.
[45] الميرزا حسين النوريّ الطبرسيّ (اللؤلؤ والمرجان)، ص 232 243.
[46] ابن طاووس، الإقبال، ج 3، ص 101.
[47] أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميميّ المغربيّ، شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار، ج 3، ص 269.
[48] السيّد محمّد عليّ القاضي الطباطبائيّ (تحقيق در بارهء أوّل أربعين سيّد الشهداء عليه السلام )، ص 33 133.
[49] ابن الأعثم، كتاب الفتوح، ج 5، ص 127 586.
[50] محمّد بن سعد (ترجمة الحسين عليه السلام ومقتله) مجلّة تراثنا 1408 ق العدد: 10، ص 190.
[51] يراجع: محمّد تقي تستريّ (شوشتري) قاموس الرجال، ج 12، ص 37.
[52] الطبريّ، تاريخ الأمم والملوك، ج 4، ص 353 354.
[53] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 22.
[54] أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ، إعلام الورى بأعلام الهدى، ج 1، ص 476.
[55] مقتل الحسين عليه السلام ، ج 2، ص 82.
[56] كامل البهائيّ، ج 2، ص 302.
[57] المحدّث النوريّ، (اللؤلؤ والمرجان)، ص 233.
[58] كما فعل الشيخ المفيد نفسه، حيث امتنع عن نقل تفاصيل واقعة السقيفة، ومسألة البيعة لأبي بكر بسبب السلطان الحاكم في عصره، الإرشاد، ج 1، ص 189.
[59] العدد القويّة، ص 219.
[60] هذا الكتاب هو مختصر كتاب مصباح المتهجّد الذي ينقل عنه المحدّث النوريّ في كتابه (دار السلام).
[61] الشيخ إبراهيم بن عليّ العامليّ الكفعميّ، المصباح, قم, منشورات الرضا والزاهديّ، ص 489 وص 510.
[62] قطب الدّين الراونديّ، الخرائج والجرائج، ج 2، ص 578.
[63] أبو جعفر محمّد بن عليّ بن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 67.
[64] تذكرة الخواصّ، ص 264.
[65] كامل البهائيّ، ج 2، ص 291 292 لم يتحدّث الطبريّ في الكتاب المذكور عن أيّ شيء من مسير رجوع أهل البيت عليهم السلام ، لكنّه نقل باختصار مسير ذهابهم من الكوفة إلى الشام مع ذكر بعض الحوادث التي وقعت أثناء هذا المسير.
[66] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 437.
[67] السيّد جعفر الشهيديّ، سيرة عليّ بن الحسين عليه السلام, ص 62.
[68] فرهاد ميرزا معتمد الدولة القمقام الزّخار والصمصام البتّار، ج 2، ص 548 550.
[69] أبو منصور أحمد بن عليّ الطبرسيّ، الإحتجاج، ج 2، ص 35 الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج 2، ص 72 المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 45، ص 134 وص 158 أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر الطيفور، بلاغات النساء، ص 39 (مع اختلاف في العبارات).
[70] ابن الأعثم، الفتوح، ج 5، ص 127 الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج 2، ص 62.
[71] نصر بن مزاحم المنقريّ، وقعة صفّين، ص 134 محمّد محمّدي الري شهريّ، موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب، ج 6، فصل 6، ص 55.
[72] نظرة على التحريفات العاشورائيّة (اللؤلؤ والمرجان)، ص 229 243.
[73] محمّد بن سعد، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ، طبع في (تراثنا)، العدد 10 1408 ق، ص 193 وابن عساكر.
[74] يُراجَع حول هذا الموضوع: محمّد أمين الأمينيّ، الركب الحسينيّ في الشام ومنه إلى المدينة المنوّرة، ج 6، ص 308 309.
[75] ابن نما الحلّي، مثير الأحزان، ص 86.
[76] ابن طاووس، اللهوف، ص 114.
[77] ابن خردابه، المسالك والممالك، ص 84.
[78] ابن خردابه، المسالك والممالك، ص 140 (أحمد عمر بن رسته، الأعلاق النفيسة، ص 214).
[79] الشيخ الصدوق، الآمالي، المجلسيّ، 31، ص 232 فتّال النيشابوريّ، روضة الواعظين، ص 192 المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 45، ص 140.
[80] رسائل المرتضى، ج 3، ص 130.
[81] مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 85 المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 44، ص 199 (وقال الطوسيّ (ره) ومنه زيارة الأربعين).
[82] نجم الدّين محمّد بن جعفر بن نما الحلّي، مثير الأحزان، ص 85.
[83] السيّد ابن طاووس اللهوف في قتلى الطفوف، ص 114.
[84] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 98، ص 334.
[85] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 45، ص 145.
[86] البيرونيّ، الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص 331.
[87] محمّد بن أحمد القرطبيّ، التذكرة في أمور الموتى، ج 2، ص 668.
[88] زكريا محمّد بن محمود القزوينيّ، عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، ص 45.
[89] عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير، ج 1، ص 205.
[90] ابن قولويه القمّي، كامل الزيارات، ص 84 الكلينيّ، الكافي، ج 4، ص 571 572 أبو جعفر الطوسيّ، تهذيب الأحكام، ج 6، ص 35 36 أ ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 85.
[91] سبط بن الجوزيّ، تذكرة الخواصّ، ص 265 266 السيّد محسن الأمين العامليّ، أعيان الشيعة، ج 1، ص 626 627 وله أيضاً: لواعج الأحزان، ص 247 250 محمّد أمين الأمينيّ، التحقيق حول الأربعين، ج 6، ص 321 337 وقد ذكر القاضي الطباطبائيّ هذه الأقوال الستّة، وأيّد القول الأوّل منها، ثمّ بحث الأقوال الأخرى وانتقدها: (يراجع كتابه: التحقيق حول الأربعين الأوّل).
[92] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 45، ص 145.
[93] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 98، ص 334.
[94] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 85.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|