أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-04-2015
5433
التاريخ: 28-3-2016
3857
التاريخ: 7-5-2019
3415
التاريخ: 3-04-2015
5037
|
إحياء سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والنظام الإسلاميّ
عندما كان الإمام عليه السلام بمكّة، بعث كتابين، الأوّل إلى رؤساء البصرة والثاني إلى رؤساء الكوفة، جاء في الكتاب الذي بعث به الإمام عليه السلام إلى رؤساء البصرة: "وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب, وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أُميتت والبدعة قد أُحييت، فإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أَهدِكم سبيل الرشاد"[1].
أي: أريد أن أزيل البدعة وأحيي السنّة, فإنّ السنّة قد أميتت والبدعة قد أحييت! فإن تسمعوا قولي وتتّبعوني فطريق الحقّ معي, أي: أريد القيام بهذا التكليف العظيم الذي هو إحياء الإسلام وإحياء سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والنظام الإسلاميّ.
النهوض لرفع الخطر عن الدّين
إنّ الشيء الذي دفع الإمام الحسين عليه السلام إلى هذا الجهاد الصعب أنّه كان يشعر أنّ دين الله في خطر. كلّما شعر الإنسان أنّ الدّين بحاجة إليه, إلى روحه, إلى ماله, إلى قوّته, إلى لسانه وإلى مشاعره, وجب عليه أن يقدّمها.
تحمّل الأخطار في سبيل مواجهة أعداء الإسلام
أحد دروس عاشوراء, أنّه كلّما شعر الإنسان بأنّ الإسلام في خطر, وكلّما شعر أنّ العدوّ قد حاك للإسلام مخطّطاً خطيراً, يجب النزول إلى الميدان, ينبغي أن يعدّ نفسه لتقبّل الأخطار. مهما كان هذا الخطر, حتّى القتل! لأنّ هذا القتل شهادة في سبيل الله وافتخار, هو موجب لبياض الوجه وأساس للسعادة, وهو أساس السعادة.
وجوب السعي لإبقاء الإسلام حيّاً
اختيار الزمان, بمعنى أنّه في أيّ زمان يكون الفداء والتضحية؟ وأين؟ وفي أيّ ميدان؟ هذا مهمّ جدّاً. لقد اختار الحسين بن عليّ عليهما السلام الزمان بدقّة، فتحرّك تحديداً عند ذلك الحدّ الفاصل بين موت الإسلام وحياته. فإلى أحد جانبي هذا الحدّ كان موت الإسلام, وإلى الجانب الآخر كانت حياة الإسلام, والإمام الحسين عليه السلام بحركته هذه, أبقى الإسلام حيّاً. هذه هي المسألة, وهي أنّه من أجل بقاء الإسلام حيّاً, على الإنسان أن يستفيد من كلّ الإمكانات في سبيل التضحية, من أجل التضحية والفداء في حدّه الأعلى.
لقد تغيّرت أوضاع الإسلام - خلال تلك السنوات الخمسين أو الستّين بعد وفاة النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم - ووصلت إلى ذلك الوضع بحيث إنّهم قيّدوا فلذة كبد رسول الله وقتلوه, قتلوا وأسروا أبناء وفلذات كبد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم علناً وعلى الملأ, أمثال الإمام الحسين عليه السلام وزينب الكبرى عليها السلام. فـلو لم يقم الإمام الحسين عليه السلام بهذا العمل, لم تكن ستمضي برهة وجيزة من الزمن حتّى يزول الإسلام من أساسه. فالإمام الحسين عليه السلام كان - في الواقع - بمثابة ذلك الوتد العظيم الذي حفظ بدمائه هذه الخيمة التي ضربها الطوفان. وهذا العمل ليس أكبر ملحمة في تاريخ الإسلام وحسب, بل هو أكبر ملحمة في التاريخ قاطبة.
ضرورة إنقاذ المجتمع من الضلال والجهل
في إحدى زيارات الإمام الحسين عليه السلام التي تُقرأ في الأربعين توجد جملة ذات معنى عظيم وهي: "وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة"[2].
إنّ فلسفة تضحية الإمام الحسين عليه السلام مكنوزة في هذه الجملة. فالزائر لله تعالى يخاطب الله تعالى: عبدك هذا, حسينك, قد أراق دمه لينقذ النّاس من الجهالة "وحيرة الضلالة". انظروا إلى هذه الجملة كم هي معبّرة وذات مفهوم راقٍ ومتقدّم.
إنّ ثورة الإمام الحسين هي لإزالة سحب الجهل والغفلة من آفاق الحياة الإنسانيّة ليبثّ العلم فيها, وليرشدها إلى الهداية الحقيقيّة.
من الذي يمكنه مدّ يد النجاة إلى البشريّة؟ أولئك اللاهثون وراء المطامع والأهواء والشهوات ليس بمقدورهم ذلك, فهم أنفسهم ضالّون. ليس بمقدور أسرى الأنانيّة والإنيّة إنقاذ البشر, ينبغي أن يكون هناك شخص يقوم بإنقاذهم, أو أن يدركهم لطف من الله, لتقوى إرادتهم ويتمكّنوا من إنقاذ أنفسهم. وذلك الشخص الذي يمكنه إنقاذهم هو من لديه سوابق وتاريخ, يمكنه التضحية والإيثار, وترك الشهوات, والخروج من الأنانيّة وحبّ الذات والأنا والحرص والطمع والهوى والحسد والبخل وبقيّة الآفّات التي يقع الإنسان العاديّ فيها, حتّى يتمكّن من إضاءة شمعة تنير دروب البشريّة.
هذا واحد من أبعاد القضيّة, وهو مرتبط بصاحب النهضة نفسه, أي الحسين بن عليّ عليهما السلام. وأمّا الجانب الآخر للقضيّة فيرد في الفقرة التالية التي تقول: "وقد توازر عليه من غرّته الدنيا وباع حظّه بالأرذل الأدنى"[3], الواقفون على الجهة المقابلة، هم الذين غرّهم خداع الدنيا والمطامع الماديّة والزخارف والشهوات والأهواء النفسيّة, فباعوا حظّهم - الذي جعله الله تعالى لكلّ إنسان في خلقته العظيمة - من السعادة الدنيويّة والأخرويّة بالأرذل الأدنى. وهذه هي خلاصة النهضة الحسينيّة.
التصدّي لفصل الدّين عن السياسة
إنّ لشهر محرّم الحرام أهمّيّة, كمناسبة لبداية العام الهجريّ, منذ بزوغ شمس الإسلام وحتّى اليوم. وقد تضاعفت هذه الأهمّيّة بعد فاجعة عاشوراء. وكلّما توغّلنا في التاريخ نجد حوادث مختلفة وقضايا متعدّدة, قد زادت من أهمّيّة هذا الشهر وضاعفت منها.
إنّ مسألة الهجرة في تاريخ الإسلام وهجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مهمّة جدّاً وذات مغزى. فقد بدأت مع هجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم, أي المرحلة الثانية (للدعوة), مرحلة أساسيّة جدّاً ومهمّة للدعوة الإسلاميّة. تبرز أهمّيّة هجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أنّ دين الله ليس فقط إيماناً قلبيّاً, وليس سلسلة أعمال فرديّة كالصلاة والصوم والذكر والعبادة وحسب, دين الله هو الإطار لحياة النّاس وشكل النظام الاجتماعيّ للمؤمنين. إنّ تحقّق الدّين والانتصار الحقيقيّ لأيّ دين هو بمعنى أن يتمكّن من إدارة مجتمع ومجموعة من النّاس.
الدّين ينظّم الحياة: الحياة الاجتماعيّة, الاقتصاديّة, الحرب والسلم, العلاقات الفرديّة, العلاقة ببقيَّة الشعوب, ويُطلقَ على مجموع هذه الأمور "السياسة". عندما يأخذ دينٌ بزمام أمور المجتمع, أي أن يتمكّن من توجيه وتنظيم سياسة حياة النّاس, سواء في الأمور الفرديّة أم الأمور الاجتماعيّة, عندها يكون قد وصل هذا الدّين إلى غرضه وإلى مرحلة تحقّقه الواقعيّ. ثمّ تأتي مرحلة أن يوصل أفرادَ المؤمنين إلى كمالهم, في ظلّ هذا النظام الاجتماعيّ من خلال التربية والتهذيب التي أعدّها للإنسان.
وعليه فـإذا تمّت البعثة ولم تتحقّق الهجرة, بالتأكيد لن يُكتب النجاح لدين الإسلام.
الإسلام دين لا تنفصل فيه الديانة عن السياسة, وهذا ما صرّح به كلّ العلماء والمفكّرين والمصلحين وأهل البصيرة طوال التاريخ.
كذلك الأمر في المسيحيّة ودين اليهود, فالديانة فيهما توأم للسياسة ومصاحبة لها, إلّا أنّ هذين الدِّينيْن قد حُرِّفا. لكنّ الإسلام الذي هو دين متكامل, متى يمكنه أن يطبّق ويتحقّق في ساحة حياة النّاس؟ عندما تتحقّق الهجرة.
إذاً, الهجرة هي الجزء الأخير للعلّة التامّة وهي متمّم للبعثة.(لو لم تحصل الهجرة), فإنّ البعثة لن يكون لها فائدة, وإمّا أنّها لم يكن من الممكن أن تصل إلى مقاصدها إلّا بعد قرون متمادية من خلال حركة أو ثورة, هذه هي أهمّيّة الهجرة.
وهنا تظهر أهمّيّة مسألة عاشوراء والبعد الآخر لشهر محرّم, وذلك لأنّ هجرة الحسين بن عليّ عليهما السلام من المدينة إلى مكّة, ثمّ من مكّة إلى كربلاء, وتلك الثورة الملحميّة وتلك الحادثة المفجعة التي جاءت مباشرة كتتمة لهجرة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. إذ كانت المسألة في زمن الإمام الحسين عليه السلام: أن تمّ الفصل بين الدّين والسياسة.
ففي زمن الإمام الحسين عليه السلام لم يكن هناك من يلاحق النّاس ويضعهم تحت الضغوط بسبب إيمانهم، أو لمنعهم من الصلاة إذا كانوا يصلّون. ففي المرحلة التي نهض فيها الإمام الحسين عليه السلام لم يكن الإيمان بالله والاعتقاد بأصول الدّين وبقيّة الأعمال العباديّة والفرديّة في خطر وتهديد, نعم كان هناك خطر على المدى البعيد, إلّا أنّه في ذلك الوقت كانت النّاس تؤمن بالإسلام بحرّيّة وتمارس أعمالها العباديّة والفرديّة بحرّيّة أيضاً, كالأعمال العباديّة التي يمارسها (عامّة النّاس) اليوم في مختلف البلدان الإسلاميّة تقريباً. الذي كان في معرض الخطر والتهديد في عصر الإمام الحسين عليه السلام هو حاكميّة الإسلام, الحكومة السياسيّة للإسلام, الحكم طبقاً للأحكام الإسلاميّة, حيث جُعلت على رأس الجهاز الحاكم والسلطة السياسيّة مجموعة لا تستلهم من الإسلام والمبادئ الإلهيّة, وإنّما تعمل بوحي من أهوائها وشهواتها وأغراضها الخبيثة. فهؤلاء هم من واجههم الإمام عليه السلام، وعليه فيمكن لنا أن ندّعي، بنحو قاطع، أنّ حركة الإمام الحسين عليه السلام كانت في الحقيقة حركة دامية ضدّ فصل الدّين عن السياسة. وما جرى في عاشوراء والواقعة الدامية التي حدثت عام 61 للهجرة, لم تكن سوى تتمّة لهجرة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, غاية الأمر أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أراد تأسيس هذا النظام والإمام الحسين عليه السلام أراد إصلاحه, بعد أن انحرف عن مساره الأساس على يد حكومة بني أميّة وأعداء الدّين.
هذا هو التفسير الصحيح لحادثة عاشوراء والفهم الصحيح لمسألة الهجرة.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|