المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Henry Aldrich
21-1-2016
الحسين بن عمر بن يزيد
29-8-2016
الاتصالات الادارية
27-4-2016
مظاهر رقابة السلطة التشريعية في أعمال السلطة التنفيذية
24/12/2022
انتخاب واستحصال بذور التبغ
23-3-2017
الإحاطة بعثمان
20-3-2016


البخل يسحق العواطف  
  
1358   01:14 صباحاً   التاريخ: 22-7-2022
المؤلف : مجتبى اللّاري
الكتاب أو المصدر : المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة : ص142 ـ 144
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-12-2016 2589
التاريخ: 2023-07-16 1250
التاريخ: 23-3-2018 2383
التاريخ: 2023-02-05 1350

هناك أحاسيس لطيفة تنبع من أعماق روح الإنسان ولثمارها الثمن الثمين، عواطف تصبح منشأ لتعاونه ومساعدته لأبناء نوعه. إن هذه الأحاسيس التي تتجلى في صورة مساعدة إلى معوز من أسمى المزايا الروحية والغرائز الطيبة في الإنسان، فإنها هي التي تؤلم الإنسان وتؤثر فيه حينما يشاهد ألماً وشقاء وتعاسة في إنسان آخر مثله فتهيؤه لكل أنواع التضحية والفداء، وصرف النظر عن المنافع الشخصية في سبيل تقليل آلام الآخرين من دون أن ينتظر منهم أقل جزاء، أو ثناء.

يقول الدكتور كارل: (أن التقدم في أي شيء في هذه الحياة بحاجة إلى نوع من التضحية والفداء، فلا شيء يتقدم في هذه الحياة إلا بالتضحية وأن عظمة الروح وصفاءها وطهارتها أيضاً لا تحصل إلا بالتضحية والفداء بالوجود والشهرة وكل شيء في الحياة، وذلك من أجل حب الآخرين أو الوطن أو هدف أكبر. إن الفدائي جندي مقدام يتقدم بإرادته التضحية في مختلف ميادين الجهاد المهيب في هذه الحياة. إن روح التضحية هي التي تحمل (دنو كوشي)، على أن يترك مكتب عيادته الشخصية بنيويورك وليذهب وحده إلى إفريقيا لمعالجة الحمى الصفاء المتفشية هناك حتى يقدم نفسه أيضاً فداء لهذه التضحية. إن التضحية هي سيرة أولئك الذين أدركوا جمال الحقيقة وآمنوا بكل وجودهم بالله وحده، فأولئك هم الذين يضحون بأنفسهم في سبيل أن يحكم العدل والحب والوئام جميع العالم. إن الذي يبلغ بالإنسان إلى منتهى كماله هي العواطف والأحاسيس لا العقل وحده، فإن النفس تسمو بالشوق والألم في سبيله أكثر مما تسمو بالتعقل والتفكير، حتى أنها قد تسمو فوق العقل فتسبقه وتلتزم الاحساس والعطف المعقول، ولكل أحد أن يتقدم في هذا السبيل الذي يعبر به ظلام الغيوم حتى يصل به إلى قمة الضياء والنور).

وقد تكمن في ضمير الإنسان - إن صح التعبير- صفة تحرق جذور العواطف والوجدان، وتهيء طبعه للتخلي عن كل الفضائل، إن (البخل) صفة ذميمة تلازم الإعراض عن جميع العهود الأخلاقية الوجدانية والإنسانية وتجعل الإنسان في معرض الذم والتحقير والتذمر العام بالإضافة إلى أنها تنتهي بصاحبها إلى ضيق في أفق العقل والفكر أيضاً، فإن فكر البخيل بمقتضى بخله ولؤمه النافذ في اعماق روحه لا يطوف إلا حول المادة ولا يتركز إلا على نقطة الثروة، ولهذا فهو يحرم بذلك عن حرية الفكر لدرك حقائق الحياة والقيم الأخلاقية والمعنوية. في حين أن الثروة ليست إلا وسيلة لتأمين حاجات الحياة وليست هدفاً فيها، ولا إثر للثروة بعد تأمين الحاجات الأساسية في الراحة والرفاهية، إذ أنها لا تتمكن بعد ذلك من معالجة الاضطرابات والآلام النفسية.

إن الاستيحاش من الفقر الموهوم آفة تلازم فكر البخيل، فهولا يتخلص ابداً من الغموم والهموم التي تظلل على نفسه من هذا السبيل، فهو مع ما له من الثروة والذخيرة محروم من الراحة، ولا أثر له من ثروته إلا المحنة والألم.

يقول العالم الانجليزي آويبوري: (يتمنى الناس الثروة ولا يتمنون شيئاً سواها، كأنه ليس وراء الثروة شيء يليق بالتمني. هناك كثير من الناس لا يلتذون بالعلم والمعرفة فهم يحرمون على أنفسهم الراحة وحتى النوم ليلا ونهاراً سعياً لنيل المال. إن الذين يريدون ان يعيشوا ليجمعوا الأموال يبتعدون عن الحقائق، فهم كأنهم لا يعلمون أن الثروة وسيلة للذة لا نفسها. إن المال جسر ينجينا من ورطة الهلاك والاستئصال، فما أخسر أولئك الذين يصرفون أعمارهم في تحكيم الجسر نفسه. إنه لا ينبغي ان نتلف أعمارنا في سبيل جمع المال، ينبغي أن نريد المال لأنفسنا لا أنفسنا للمال. إن الذين يركضون فى صعيد الدنيا يفتشون عن المال ليسوا في الحقيقة إلا اشقياء لا يستثمرون من ثرواتهم إلا التعب والعناء، يصرفون أعمارهم في كسب الأموال فيحتاجون إلى عمر ثان ليتمتعوا بها، ولكن هيهات فلا يرجع العمر المنصرم كما لا يرجع الكلام الملفوظ به).

وكأنما هناك بين الثروة والبخل بها رابطة مباشرة حيث نرى كثيراً من المتمكنين في المال بخلاء بما لديهم. وبمطالعة قليلة في أمور المجتمعات يتضح لنا ان تامين مصارف الفقراء وتفقد اوضاع المحرومين لا يتحقق في الغالب إلا من الطبقة الوسطى لا العليا.

أن الأغنياء البخلاء الذين يقعون فريسة حقد الفقراء وعنادهم هم الذين يسببون بعض هذه المفاسد الاجتماعية، فإن الضغط على ما في نفس المحرومين من العقد النفسية والألم والعناء الذي يثقل كاهلهم هو من عوامل تفشي الفساد وشيوع الانحرافات بمختلف أشكالها، ولا أحد ينكر أثر هذه العقد الساخطة في تكثير الجرائم وأنواع الانحرافات. وكثير أولئك الأثرياء الذين خرجوا عن مدار الأخلاق والإنسانية على أثر ميلهم الشديد لجمع المال، حتى انهم جعلوا يضيفون إلى ظلمهم ظلماً بسحق حقوق الفقراء بما أوتوا من حول وقوة، كأنما قد انطفأت فيهم مصابيح العواطف الإنسانية.

(إن الجود والسخاء) من عوامل رقي الإنسان، وهو تعبير عن عمق العاطفة وغورها في الوجود الإنساني، وهو سمة عن ثبات الفكر وعلو الهمة وأحسن معرف للإنسان الحق، وللسخاء صورة ممتازة بين سائر الصفات الحميدة فها هو وجه (حاتم الطائي)، بعد يتلألأ نوراً من وراء القرون من التاريخ المظلم يجلله البشر بجليل الذكر وجميل الثناء على إنسانيته وهمته السامية.

ولا يخفى أن الجود والسخاء إنما يستحق الثناء والتقدير فيما لو كان التقرب إلى الله وتخفيف آلام المعذبين الهدف الوحيد للسخي الكريم، ولم يكن فيه للرياء وطلب السمعة أي عين أو أثر. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.