المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

دول الحضارات الشمالية (الدولة المصرية).
2023-04-30
المقال بين الصحافة والأدب
12/12/2022
الاهمية الاقتصادية للموازنة العامة
25-10-2016
هل لحالة التربة تأثير في الأدغال؟
19-10-2021
Inventories
7-4-2022
Learning
21-10-2015


الامام الحسن ومعاوية في دمشق  
  
4616   08:11 مساءً   التاريخ: 16-6-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 4، ص174-180
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /

اتفق جمهور المؤرّخين على أنّ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) قد وفد على معاوية في دمشق ، واختلفوا في أنّ وفادته كانت مرة واحدة أو أكثر ، وإطالة الكلام في تحقيق هذه الجهة لا تغنينا شيئا ، وإنّما المهم البحث عن سرّ سفره ، فالذي نذهب اليه أنّ المقصود منه ليس إلّا نشر مبدأ أهل البيت ( عليهم السّلام ) وإبراز الواقع الأموي أمام ذلك المجتمع الذي ضلّله معاوية وحرّفه عن الطريق القويم ، أمّا الاستدلال عليه فإنّه يظهر من مواقفه ومناظراته مع معاوية ، فإنّه قد هتك بها حجابه .

أمّا الذاهبون إلى أنّ سفره كان لأخذ العطاء فقد استندوا إلى احدى الروايات الموضوعة فيما نحسب ، وهذه الرواية لا يمكن الاعتماد عليها ؛ لأنّ الإمام قد عرف بالعزّة والإباء والشمم ، على أنّه كان في غنى عن صلات معاوية ؛ لأنّ له ضياعا كبيرة في يثرب كانت تدرّ عليه بالأموال الطائلة ، مضافا إلى ما كان يصله من الحقوق التي كان يدفعها خيار المسلمين وصلحاؤهم .

على أنّ الأموال التي كان يصله بها معاوية على القول بذلك لم يكن ينفقها على نفسه وعياله ، فقد ورد أنّه لم يكن يأخذ منها مقدار ما تحمله الدابة بفيها[1].

وروى الإمام موسى بن جعفر ( عليهما السّلام ) : « أنّ الحسن والحسين كانا لا يقبلان جوائز معاوية بن أبي سفيان »[2].

وضاق معاوية ذرعا بالإمام الحسن ( عليه السّلام ) حينما كان في دمشق بعد الذي رآه من إقبال الناس واحتفائهم به ، فعقد مجالس حشدها بالقوى المنحرفة عن أهل البيت ( عليهم السّلام ) والمعادية لهم مثل : ابن العاص والمغيرة بن شعبة ومروان بن الحكم والوليد بن عقبة وزياد بن أبيه وعبد اللّه بن الزبير ، وأوعز لهم بالتطاول على ريحانة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) والنيل منه ، ليزهد الناس فيه ، ويشفي نفسه من ابن فاتح مكة ومحطّم أوثان قريش ، وقد قابله هؤلاء الأوغاد بمرارة القول وبذاءة الكلام ، وكان ( عليه السّلام ) يسدّد لهم سهاما من منطقه الفيّاض فيسكتهم .

ولقد كان الإمام في جميع تلك المناظرات هو الظافر المنتصر ، وخصومه الضعفاء قد اعترتهم الاستكانة والهزيمة والذهول .

المناظرة الأولى :

أقبل معاوية على الإمام ( عليه السّلام ) فقال له : « يا حسن أنا خير منك ! » فقال له الإمام ( عليه السّلام ) : « وكيف ذاك يا بن هند ؟ » ، فقال معاوية : لأنّ الناس قد أجمعوا عليّ ، ولم يجمعوا عليك .

فقال له الإمام ( عليه السّلام ) : « هيهات ، لشرّ ما علوت يا بن آكلة الأكباد ، المجتمعون عليك رجلان : بين مطيع ومكره ، فالطائع لك عاص للّه ، والمكره معذور بكتاب اللّه ، وحاشا للّه أن أقول أنا خير منك لأنّك لا خير فيك ، فإنّ اللّه قد برّأني من الرذائل كما برأك من الفضائل »[3].

المناظرة الثانية :

وهناك موقف آخر ، ولعلّه من أروع ما نقله التأريخ من مواقف الإمام ( عليه السّلام ) ، فقد اجتمع لدى معاوية أربعة من أعمدة حكمه ومروّجي جاهليّته ، وهم : عمرو بن العاص والوليد بن عقبة بن أبي معيط وعتبة بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة ، وطلبوا منه إحضار الإمام ( عليه السّلام ) لكي يعيبوه وينالوا منه ، بعد ما ساءهم إلتفاف الناس حوله يلتمسون منه عطاء العلم والدين .

ويقال : إنّ معاوية رفض أن يرسل اليه ، وقال : « لا تفعلوا ، فواللّه ما رأيته قطّ جالسا عندي إلّا خفت مقامه وعيبه لي ، وقال : إنّه ألسن بني هاشم » فعزموا عليه بأن يرسل اليه .

فقال : إن بعثت اليه لأنصفنّه منكم ، فقال ابن العاص : أتخشى أن يأتي باطله على حقّنا ؟ ! قال معاوية : أما إنّي إن بعثت اليه لآمرنه أن يتكلّم بلسانه كلّه ، واعلموا أنّهم أهل بيت ، لا يعيبهم العائب ، ولا يلصق بهم العار ، ولكن اقذفوه بحجره ، تقولون له : إنّ أباك قتل عثمان ، وكره خلافة الخلفاء قبله .

ثم أرسل إلى الامام من يدعوه ، فحضر فأكرمه معاوية وأعظمه ، وقال له : إنّي كرهت أن أدعوك ، ولكن هؤلاء حملوني على ذلك ، وإنّ لك منهم النصف ومنّي ، وإنّا دعوناك لنقرّرك أنّ عثمان قتل مظلوما ، وأنّ أباك قتله ، فأجبهم ، ولا تمنعك وحدتك واجتماعهم أن تتكلّم بكلّ لسانك .

فتكلّم عمرو بن العاص ، فذكر عليّا ، وتجاوز في سبّه وشتمه ، ثم ثنّى بالحسن وعابه وأغرق في الخدشة ، وممّا قاله :

« . . . يا حسن ، تحدّث نفسك أنّ الخلافة صائرة إليك ، وليس عندك عقل ذلك ولا لبّه وإنّما دعوناك لنسبّك أنت وأباك . . . » .

ثم تكلّم الوليد بن عقبة فشنّع وأبان عن عنصريته ، ونال من بني هاشم .

ثم تكلّم عتبة بن أبي سفيان ، فأفصح عن حقده ولؤمه ، وممّا قال :

« . . . يا حسن ، كان أبوك شرّ قريش لقريش ، أسفكه لدمائها ، وأقطعه لأرحامها ، طويل السيف واللسان ، يقتل الحيّ ويصيب الميّت ، وأمّا رجاؤك الخلافة فلست في زندها قادما ، ولا في ميزانها راجحا » .

ثم تكلّم المغيرة بن شعبة ، فشتم عليّا وقال : « واللّه ما أعيبه في قضية بخون ، ولا في حكم بميل ، ولكنّه قتل عثمان .

ثم سكتوا ، فتكلّم الإمام ( عليه السّلام ) ، وممّا قال :

« أمّا بعد يا معاوية ، فما هؤلاء شتموني ، ولكنّك شتمتني ، فحشا ألفته ، وسوء رأي عرفت به ، وخلقا سيئا ثبت عليه ، وبغيا علينا عداوة لمحمد وآله ، ولكن اسمع يا معاوية واسمعوا فلأقولنّ فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم » .

ثم أخذ في المقارنة بين مواقف أبيه ومواقف معاوية وأبيه ، فقال :

« أنشدكم اللّه ، هل تعلمون أنّه أول الناس إيمانا ، وأنّك يا معاوية وأباك من المؤلّفة قلوبهم ، تسرّون الكفر ، وتظهرون الإسلام ، وتستمالون بالأموال .

وإنّه كان صاحب راية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) يوم بدر ، وإنّ راية المشركين كانت مع معاوية ومع أبيه ، ثم لقيكم يوم أحد ويوم الأحزاب ، ومعه راية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ومعك ومع أبيك راية الشرك ، وفي كلّ ذلك يفتح اللّه له ، ويفلج حجّته ، وينصر دعوته ، ويصدق حديثه ، ورسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) في تلك المواطن كلّها عنه راض ، وعليك وعلى أبيك ساخط » .

وأخذ ( عليه السّلام ) في تعداد فضائل أبيه وما ورد فيه من الأحاديث على لسان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ومواقفه العظيمة التي نصر بها الدين وأذلّ بها المشركين ، ثم قال : « وجاء أبوك على جمل أحمر يوم الأحزاب يحرّض الناس وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده ، فرآكم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) فلعن الراكب والقائد والسائق ، وأنت يا معاوية ، دعا عليك رسول اللّه لمّا أراد أن يكتب كتابا إلى بني خزيمة فبعث إليك ، فنهمك إلى يوم القيامة فقال : اللّهمّ لا تشبعه » .

ثم أخذ في بيان بعض مواقف أبيه مع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) والمواطن السبعة التي لعن فيها النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أبا سفيان ، وبعد أن أنهى خطابه لمعاوية ، التفت إلى عمرو بن العاص فقال :

وأمّا أنت يا بن النابغة ، فادّعاك خمسة من قريش ، غلب عليك الأمهم حسبا وأخبثهم منصبا ، وولدت على فراش مشترك ، ثم قام أبوك فقال : أنا شانئ محمد الأبتر ، فأنزل اللّه فيه إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ وقاتلت رسول اللّه في جميع المشاهد وهجوته ، وآذيته في مكة وكدته ، وكنت من أشدّ الناس له تكذيبا وعداوة .

ثمّ خرجت تريد النجاشي ، لتأتي بجعفر وأصحابه ، فلمّا أخطأك ما رجوت ورجعك اللّه خائبا ، وأكذبك واشيا ، جعلت حدّك على صاحبك عمارة بن الوليد ، فوشيت به إلى النجاشي ، ففضحك اللّه ، وفضح صاحبك ، فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية والإسلام .

وهجوت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) بسبعين بيتا من الشعر ، فقال : اللهمّ إنّي لا أقول الشعر ولا ينبغي لي ، اللّهمّ العنه بكلّ حرف ألف لعنة .

وأمّا ما ذكرت من أمر عثمان ، فأنت سعّرت عليه الدنيا نارا ، ثم لحقت بفلسطين ، فلمّا أتاك قتله ، قلت : أنا أبو عبد اللّه إذا نكأت قرحة أدميتها ، ثم حبست نفسك إلى معاوية وبعت دينك بدنياه ، فلسنا نلومك على بغض ، ولا نعاتبك على ودّ ، وباللّه ما نصرت عثمان حبا ، ولا غضبت له مقتولا . . . » .

والتفت ( عليه السّلام ) إلى الوليد فقال له :

« فواللّه ما ألومك على بغض عليّ وقد قتل أباك بين يدي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) صبرا ، وجلدك ثمانين في الخمر لمّا صليت بالمسلمين سكران ، وسمّاك اللّه في كتابه فاسقا ، وسمّي أمير المؤمنين مؤمنا ، حيث تفاخرتما . . . » .

ثم التفت إلى عتبة بن أبي سفيان ، وقال له :

« وأمّا أنت يا عتبة ، فواللّه ما أنت بحصيف فأجيبك ، ولا عاقل فأحاورك وأعاتبك ، وما عندك خير يرجى ، ولا شرّ يتقى ، وما عقلك وعقل أمتك إلّا سواء ، وما يضرّ عليّا لو سببته على رؤوس الأشهاد ، وأمّا وعيدك إيّاي بالقتل فهلا قتلت اللحياني إذ وجدته على فراشك . . . وكيف ألومك على بغض عليّ ؟ وقد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر ، وشرك حمزة في قتل جدّك عتبة ، وأوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد » .

ثم التفت إلى المغيرة بن شعبة ، وقال له :

« وأمّا أنت يا مغيرة ، فلم تكن بخليق أن تقع في هذا وشبهه . . واللّه . . . لا يشقّ علينا كلامك وإنّ حدّ اللّه عليك في الزنا لثابت ، ولقد درأ عمر عنك حقا ، اللّه سائله عنه ، ولقد سألت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوّجها ، فقال : لا بأس بذلك يا مغيرة ، ما لم ينو الزنا ، لعلمه بأنّك زان .

وأمّا فخركم علينا بالإمارة ، فإنّ اللّه تعالى يقول : {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16].

ثمّ قام الحسن ( عليه السّلام ) فنفض ثوبه وانصرف ، فتعلّق عمرو بثوبه وقال : يا أمير المؤمنين ، قد شهدت قوله فيّ ، وأنا مطالب له بحدّ القذف ، فقال معاوية :

خلّ عنه ، لا جزاك اللّه خيرا . . . فتركه .

فقال معاوية : قد أنبأتكم أنّه ممّن لا تطاق عارضته ، ونهيتكم أن تسبّوه فعصيتموني ، واللّه ما قام حتى أظلم عليّ البيت قوموا عنّي ، فلقد فضحكم اللّه ، وأخزاكم بترككم الحزم ، وعدولكم عن رأي الناصح المشفق[4].

وينتهي هنا الحوار الفريد الذي ذكرناه بطوله رغم اختصارنا له ، واحتفاظنا بالنقاط الأساسية التي يهمّنا أن نضعها بين يدي القارئ ، ليتعرّف على الملامح الواقعية لتلك الزمرة المتسلّطة التي تنكّرت لكلّ القيم الأخلاقية ، وسلكت طريق الشيطان .

وبهذا الحوار أعطى الإمام ( عليه السّلام ) للمعارضة زخما جديدا وفاعلية كبيرة ، حيث كشف للامّة عن الواقع المرير الذي اكتنف الحكم الإسلامي بتسلّط هذه النماذج المنحرفة في أصولها ، والمنفعلة برواسبها الجاهلية ، والتي لا يمثّل عندها الإسلام إلّا الوسيلة الفريدة للتسلّط على رقاب الناس ، وتلافي النقائص الذاتية التي قدّر لهم أن يرزحوا تحت عبئها البغيض .

وأثبت الإمام ( عليه السّلام ) أنّه ما يزال يقف في موقفه الصامد الذي انطلق منه في صراعه مع الجاهليّة الأموية . وإن ألجأته ظروف المحنة إلى وضع السيف في غمده وتخطّي مرحلة الحرب ؛ فإنّ كلمة الحقّ الصارخة التي تصمّ آذان الباطل لا يمكن أن يدعها تموت في زحام أراجيف الضلال .

وهكذا ينطلق الإمام في خطاه الرسالية - التي هي امتداد لخطى جدّه الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) - وعليه تقع مسؤولية حفظ المبادئ الأصيلة التي جاءت من أجلها الرسالة ؛ لترتفع كلمة اللّه في الأرض .

 

[1] جامع أسرار العلماء ، مخطوط بمكتبة كاشف الغطاء العامة .

[2] حياة الإمام الحسن : 2 / 303 - 304 .

[3] حياة الإمام الحسن : 2 / 306 ، عن روضة الواعظين للنيسابوري .

[4] أعيان الشيعة : 4 / 35 ، وراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد أيضا : 2 / 101 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.