أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-08-2015
2139
التاريخ: 12-12-2018
961
التاريخ: 13-12-2018
1558
التاريخ: 30-03-2015
933
|
وهي من أهوال القيامة المروّعة ، لانّ العبد يجد نفسه أمام عدة شهود لا تُدحض حجّتهم ، ولا يكذّب قولهم ، فلا محيص له إلاّ الإقرار بالذنب والاعتراف بالخطيئة ، ومن الشهود :
أ ـ
الله سبحانه : فهو تعالى محيط بكلّ شيءٍ علماً ، وعلى كلّ شيء شهيد ، يشهد على
العبد في خلواته ، ويعلم ما يكنّه ضميره ، وهو أقرب إليه من حبل الوريد ، قال
تعالى : {وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا}
[يونس: 61] وقال سبحانه : {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ
رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ
وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ
بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
[المجادلة: 7].
وعن
أمير المؤمنين عليه السلام : « اتقوا معاصي الله في الخلوات ، فإنّ الشاهد هو
الحاكم»(1).
ب ـ
الأنبياء والأوصياء : دلّ الكتاب الكريم على أنّ الله سبحانه يستشهد كلّ نبي على
اُمّته يوم القيامة ، ويستشهد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم على اُمّته ، قال
تعالى : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ
عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41].
وفي
قوله تعالى : {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ
أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ} [النحل: 89] بيّن سبحانه
أيضاً أنه يبعث في يوم القيامة من كلّ اُمّة شهيداً ، وهم الأنبياء والعدول من كلّ
عصر ، يشهدون على الناس بأعمالهم(2).
وفي
هذه الآية دلالة على أن كل عصر لا يجوز أن يخلو ممّن يكون قوله حجّة على أهل عصره
، وهو عدل عند الله تعالى ، وهو قول الجبّائي وأكثر أهل العدل ، وهذا يوافق ما ذهب
إليه الإمامية ، وإن خالفوهم في أن ذلك العدل والحجّة من هو(3).
ومن
المعلوم أن الاُمّة كلّها لا تتصف بالخيار والعدل ، وكونهم شهداء على الناس ، فإنّ
فيهم الكثير ممن لا يخفى حاله ، فهذه الصفات إنما تكون باعتبار البعض ، والموجّه
إليه الخطاب هو ذلك البعض.
وقد
روى العياشي عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ
الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] أنه قال : « فإنّ ظننت أنّ الله
تعالى عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحّدين ، أفترى أنّ من لا تجوز شهادته
في الدنيا على صاعٍ من تمر ، يطلب الله شهادته يوم القيامة ، ويقبلها منه بحضرة
جميع الأُمم الماضية ؟ كلا لم يعنِ الله مثل هذا من خلقه ، يعني الاُمّة التي وجبت
لها دعوة إبراهيم عليه السلام {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل
عمران: 110] وهم الاُمّة الوسطى ، وهم خير اُمّة اُخرجت للناس »(4).
وعن
الإمام الباقر عليه السلام قال : « نحن الاُمّة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه
، وحججه في أرضه »(5).
ج ـ
الملائكة : جعل الله تعالى على الانسان حفظةً من الملائكة ، يصاحبونه ويسجّلون كلّ
أعماله ، قال تعالى : {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ
الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
[ق: 17، 18] وحينما يرد العبد صعيد الحساب تشهد عليه الملائكة بما عمل في الدنيا
من خير أو شرّ ، قال تعالى : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ *
وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 20، 21].
قال أمير
المؤمنين عليه السلام : « سائق يسوقها إلى محشرها ، وشهيد يشهد عليها بعملها»(6).
د ـ
الأعضاء والجوارح : وفي بعض مواقف القيامة يختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ،
وتشهد أيديهم وجميع جوارحهم بما كانوا يعملون ، قال تعالى : { يَوْمَ تَشْهَدُ
عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ} [النور: 24].
والمراد
بالشهادة شهادة الأعضاء على السيئات والمعاصي بحسب ما يناسبها ، فما كان منها من
قبيل الأقوال كالقذف والكذب والغيبة ونحوها ، شهدت عليه الألسنة ، وما كان منها من
قبيل الأفعال كالسرقة والمشي للنميمة والسعاية وغيرها ، شهدت عليه بقية
الأعضاء(7).
هـ ـ
صحائف الأعمال : ذكرنا أنّ أعمال الانسان وأقواله تضبط في صحف عند الحفظة من
الملائكة ، قال تعالى : {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ *
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10 - 12].
وفي
يوم القيامة تُنشَر صحف الأعمال ، فيخرج الله سبحانه لكلّ اُمّةٍ كتاباً ينطق
بجميع أقوالهم وحقائق أفعالهم ، قال تعالى : {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً
كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
* هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ
مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28، 29].
ويخرج
لكلّ إنسانٍ كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، ويجعل الله سبحانه
الإنسان حسيب نفسه والحاكم عليها ، قال تعالى : {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ
طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ
مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}
[الإسراء: 13، 14].
ويشفق
المجرمون من الكافرين والمشركين مما في تلك الكتب من المتابعة والرصد الدقيق
{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ
وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً
وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا } [الكهف: 49].
و ـ
ظهور الأعمال أو تجسّمها : قال تعالى : {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا
لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ } [الزلزلة: 6]. وقال تعالى : {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ
نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ
لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: 30].
فالأعمال
شهود على الإنسان في النشأة الآخرة ، لكن اختلف المفسرون في بيان طريقة إحضارها ،
فبعضهم تأوّل ذلك بإحضار جزاء الأعمال من الثواب والعقاب ، أو بإحضار صحائف
الأعمال وما فيها من الحسنات والسيئات ، بناءً على أن الأعمال أعراض ، والأعراض
تنعدم(8) ، أو بظهورها عياناً ، لأنّ الإحضار يدلّ على أن الأعمال موجودة ومحفوظة
عن البطلان ، لكنها غائبة عنا في هذا العالم ، ويحضرها الله تعالى لخلقه يوم
القيامة، ومن هنا قيل : بأن كتاب الأعمال يتضمن نفس الأعمال بحقائقها.(9)
وعليه
فإن إظهار الأعمال بأعيانها يدلّ على أنّها تُحفَظ في العالم الخارجي بطريقة غيبية
هي أقرب إلى التصوير فضلاً عن الحفظ والتدوين ، وتعرض على العبد يوم القيامة
فيراها عياناً ، ولا حجة كالعيان.
____________
(1) نهج البلاغة / صبحي
الصالح : 532 / الحكمة (324).
(2) مجمع البيان /
الطبرسي 6 : 584.
(3) مجمع البيان /
الطبرسي 6 : 586.
(4) تفسير العياشي 1 : 63/114.
(5) الكافي / الكليني 1 :
146/2 و147/4 ، بصائر الدرجات / الصفار : 183/11 و102/3 ـ مؤسسة الأعلمي ـ طهران ،
تفسير العياشي 1 : 62/110.
(6) نهج البلاغة / صبحي الصالح
: 116 / الخطبة (85).
(7) تفسير الميزان /
الطباطبائي 15 : 94.
(8) مجمع البيان / الطبرسي 2 :
732 ، تفسير الرازي 8 : 16.
(9) راجع : الميزان /
الطباطبائي 3 : 156 و 13 : 55 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|