المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الآفات والامراض التي تصيب الاناناس
14-7-2016
Catalan,s Conjecture
16-5-2020
رعاية الطفل والعناية به
21-4-2016
طرد البلازميد Plasmid Curing
28-8-2019
حقيقة التوكل على اللّه
30-7-2016
تسكين غضب الطفل
17-1-2016


الطبيعة القانونية لعقد تقديم معلومات الائتمان المالي  
  
1697   02:08 صباحاً   التاريخ: 6-6-2022
المؤلف : حمدية عبود كاظم الاسدي
الكتاب أو المصدر : التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان
الجزء والصفحة : ص 78-86
القسم : القانون / القانون العام / القانون المالي /

ان تحديد الطبيعة القانونية للعقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة هو تحديد الوصف القانوني لهُ بإعطائه اسماً من أسماء العقود المعروفة في القانون . او الاكتفاء بالقول بأنهُ عقد غير مسمى يتعين على القاضي ان يستخلص قواعدهِ بنفسهِ .

ومما لاشك فيهِ أن للتكييف في مجال القانون , اهمية قصوى , لا نه على ضوء هذا التكييف يمكن التعرف على القواعد القانونية التي تحكم الاتفاق . كما يمكن التعرف على الاثار القانونية التي تترتب عليهِ . وفي أطار تحديد الطبيعة القانونية للعقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة , نقوم بعمل مقارنة بين هذا العقد , الذي محلهُ المعلومات وبين بعض العقود التي نظمها المشرع مثل عقد البيع وعقد الايجار وعقد المقاولة , لمعرفة مدى أوجه الشبه والاختلاف بين هذهِ العقود , وهل تنطبق خصائص احد هذهِ العقود عليهِ ام أنهُ عقد جديد ليس لهُ من قبل تنظيم محدد . وهذا ما سنعرض لهُ بالمحاور التالية :-

أ‌-عقــــد تقديم معلومات الائتمان المالي عقد بيــع

يذهب جانب من الفقه الفرنسي(1)الى اعتبار عقد تقديم المعلومات عقد بيع . ويبرر ذلك بالقول بأنهُ لا يوجد ما يمنع ان تكون الخدمات بما لها من قيمة اقتصادية محلاً لعقد البيع . فالتعريفات التي اوردها التشريع الفرنسي بشأن عقد البيع لا تحول دون ان يرد هذا العقد على شيء ذهني مثلما يرد على شيء مادي والمصرف عندما يقوم بتقديم المعلومات انما يقوم بتقديم خدمة وهذهِ الخدمة لها قيمة اقتصادية يمكن ان تكون محلاً للبيع . ويرى أنصار هذا الاتجاه ان نصوص التقنين المدني الفرنسي التي نظمت عقد البيع تتسم بالمرونة التي تسمح بأدراج بعض الافكار الاقتصادية الجديدة التي تتوافق مع الإطار القانوني لهذا العقد.  ومن هذهِ الافكار فكرة بيع الخدمات حيث تنص المادة ( 1582) من التقنين المدني الفرنسي لعام 1804 الى ان عقد البيع هو عبارة عن " اتفاق مضمونهُ التزام شخص بتسليم شيء معين في مقابل التزام شخص آخر بدفع ثمن هذا الشيء " , كما تنص المادة (1598) على  ان " كل شيء لهُ قيمة في التجارة يصلح ان يكون محلاً لعقد البيع طالما انهُ لا توجد قوانين خاصة تعارض مثل هذا التصرف " .

وعلى ذلك فأن أعطاء او تقديم خدمة مقابل مبلغ من المال يفترض دخول هذهِ الخدمة في مجال التجارة . فالدين المقابل لهذهِ الخدمة يدخل في الذمة المالية للشخص المعنوي او الشخص الطبيعي , وبمعنى اوسع فأن الخدمة تمثل قيمة مالية وتتعلق بالذمة المالية .

ومما تقدم يستخلص من هذا الراي انهُ يوجد مكان في القانون المدني الفرنسي لإيجاد مفهوم عام لبيع الخدمات . ويقرر ان التردد في استعمال تعبير بيع الخدمات في الاصطلاح القانوني ليس لهُ أساس . ولكن يقرر ايضا ان الخدمات تختلف عن الاموال . لان الخدمات لا يمكن ان تكون مبيعة الا تحت شكل دين – دين خدمات – ومن ناحية آخرى , فان الديون تنصب على الاشياء المستقبلية وبيع شئ مستقبل مقبولاً تماماً في القانون المدني الفرنسي (2).

وهذهِ الخصائص لبيع الخدمات , لا تمنع من ان يكون للخدمات سوق وان الخدمات تعامل من الناحية الاقتصـادية كغـيرها من البيــوع ويشمــلها وضع تعـريفة اسعـار خـــاصة , أي يمـكن تسـعير الخدمـة .

وهكذا يمكن القول , ان بيع الخدمات يغطي كل الانشطة الانسانية التي تظهر تحت شكل التزام بعمل , مقابل دفع مبلغ من المال , وان كلمة البيع ما زالت تطلق في القانون المدني على بيع الاشياء او الاموال المادية وان بيع الاموال غير المادية غير شائعة . ذلك لان هذهِ البيوع التي يكون محلها عملاً يغلب عليها الاداء الفعلي .

وبالتالي فأن فكرة بيع الخدمات يمكن تطبيقها على العقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة وذلك للعديد من الاسباب لعل من ابرزها : -

1- ان التزام المصرف عند تقديم المعلومات التزام بعمل , حيث يلتزم المصرف بتقديم معرفتهِ وخبرتهِ سواء في صورة معلومات او توصيات او مقترحات , وهي اداءات فكرية وليست تصرفات قانونية.

2- ان المصرف يحصل غالباً على مقابل لتقديم هذهِ الخدمة وان لم يظهر المقابل بصورة مباشرة في العقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة فأنهُ يفترض ان المصرف قد حصل على المقابل ضمن علاقة اشمل في علاقاتهِ بعملائهِ . ذلك لان نشاط المصارف يسعى الى تحقيق الربح .

3- ان النصوص القانونية المتعلقة بالبيع مرنة وتسمح بإدخال أفكار اقتصادية في مجال النظام القانوني للبيع .

وكذلك يذهب الفقه المصري الى امكانية قبول فكرة بيع الخدمات لا نه ليس هناك نصوص قانونية تمنع تطبيق هذهِ الفكرة على الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف لعملائها , فالخدمات المصرفية شأنها شأن أي سلعة تحتاج الى عمليات تسويقية متجددة(3).وكما ان البيع ينقل ملكية شيء من شخص لأخر مقابل الوفاء بالثمن , كذلك الخدمة التي تقبل بطبيعتها الانتقال ومن ثم يرد عليها البيع (4).

الا ان التوجه , المتمثل بإعطاء صفة البيع للعقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة منتقد. حيث , يبدو لنا , عدم انطباق فكرة البيع لتحديد الطبيعة القانونية للاتفاق المبرم بين المصرف وطالب المعلومة على تقديم المعلومات . لا نه اذا رجعنا الى تعريف عقد البيع بما يتوافر عليهِ من عناصر , سوف يتبين لنا عدم أمكانية اعتبار عقد تقديم المعلومات عقد بيع . فالبيع عقد بمقتضاهُ يلزم البائع ان ينقل للمشتري ملكية شيء او حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي (5) .

ومن خلال هذا التعريف يمكن استخلاص عناصر البيع . فالبيع موضوعهُ نقل ملكية شيء او حق مالي آخر في مقابل ثمن نقدي . وبناءاً على تعريف البيع يمكن الاخذ بفكرة البيع ولكن النظرة غير واقعية لتلك العناصر . فقد يفرض علينا إستبعاد فكرة البيع في تكييف عقد تقديم المعلومات الائتمان المالي وذلك للعديد من الاسباب ومنها :-

1- ان تقديم المعلومات لا يتضمن معنى نقل ملكية الشئ او حق آخر .

2- كذلك يجوز للمصرف تقديم ذات المعلومات لعملاء أخرين أو للغير . وفي هذهِ الحالة يتعدد البيع على ذات المبيع وهذا غير جائز(6).

3- ان المصرف يقدم غالباً المعلومات مشافهةً , وفي هذهِ الحالة لا يوجد شيء مادي يمكن نقلهِ فالمصرف لا يلتزم بتسليم شيء ولكن بأداء عمل , وان تقويم المعلومة بالمال لا يصدق عليها وصف الشيء المادي , لان هذا التقويم لا يمثل مالاً بالمعنى القانوني . ولكن باعتبار أن المعلومة لها قيمة اقتصادية يستعاض بدلاً عنها بالمال(7).

4- كما ان المصرف قد يقدم المعلومات مجاناً , وبدون مقابل , وفي هذهِ الحالة لا يوجد ثمن للمعلومات المقدمة . وعلى ذلك فأن العناصر الاساسية للبيع لا تكون متوفرة.

وهكذا يبدو لنا , أنهُ لم يكن من المناسب اعتبار عقد تقديم المعلومات من عقود البيع . وفي هذا الصدد نشير الى أنهُ على الرغم من شيوع استخدام مصطلح ( بيع المعلومات ) واللجوء أحياناً إلى تطبيق أحكام عقد البيع بشأنها , في ظل اعتقاد سائد بأن هذهِ المعلومات تعد من قبيل السلع التي يحتفظ بها أصحابها ويتم التعامل عليها بالبيع والشراء . الا ان هذا التصور الخاطئ ما لبث أن زال بعدما أتضح عدم ملاءمة تطبيق النظام القانوني للبيع عليها .

كذلك فأن القول , بأن الخدمات كالأشياء المادية , تطبق عليها القواعد المنظمة للبيع , يمكن قبولها , لان الاثر القانوني الرئيسي للبيع هو نقل الملكية , فالملكية من طبيعة عقد البيع , وعقود تقديم المعلومات محلها الاداء الذهني ولا يترتب عليهِ نقل ملكية المعلومات . كما ان عقود تقديم المعلومات يكون فيها الاعتبار الشخصي أهمية خاصة في شخص صاحب الحق الذهني من قدرة فنية او تقنية حتى يستطيع الوفاء بالتزامه العقدي . بينما في البيع شخصية المتعاقدين ليست محل اعتبار في الاصل(8).

وبهذا فأننا نميل والحال كذلك الى رفض فكرة البيع وعدم الاخذ بها , لتكييف عقد تقديم معلومات الائتمان المالي . استناداً الى ان المصرف لا ينقل ملكية المعلومات لطالب المعلومة بل تظل ملكيتها للمصرف , فضلاً على ان للمصرف الحق في أعطاء نفس المعلومات لعملاء أخرين وهذا لا يجوز في عقد البيع , اذ يتعدد البيع على المبيع ذاتهِ كما ذكرنا آنفا

ب – عقد تقديم معلومات الائتمان المالي عقد إيجار

يذهب اتجاه من الفقه الفرنسي الى اعتبار الاتفاق المبرم بين المصرف وطالب المعلومة على تقديم المعلومات عقد إيجار . ويستند في دعم وجهة نظرهم هذهِ الى ان المصرف لا يرغب في نقل كافة حقوقهِ على المعلومات لطالب المعلومة وانما كل ما هنالك أنهُ يرغب في تمكين هذا الاخير من الانتفاع بالمعلومات نظير حصول أجرة محددة في مقابل هذا الانتفاع , وهذا ما يتفق مع تعريف عقد الايجار(9).

اما عن موقف الفقه المصري , فقد أكد ما ذهب إليهِ الفقه الفرنسي من اعتبار تقديم المعلومات عقد إيجار . حيث يذهب جانب من الفقه المصري أنهُ في أطار تحديد الطبيعة القانونية لاتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات يقرر أن هذا الاتفاق واقع في نطاق القانون الخاص وفي دائرة المعاملات المالية . والتكييف القانوني لهذا العقد هو عقد إيجار . لان التراضي في العقد يرد على الخدمة المراد أداؤها وعلى العمولة التي يلتزم طالب المعلومة بدفعها مقابل تقديم المصرف المعلومات المطلوبة(10).

ففي حالة هذا الاتفاق فأن المصرف يكون مؤجر خدمات . لان المصرف عند تقديم المعلومات لا يخضع لإرادة طالب المعلومة او اشرافهِ بل يعمل مستقلاً . ويترتب على تكييف اتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات على أنهُ عقد إيجار العديد من النتائج منها:-

1- أن المصرف وطالب المعلومة يكونان ملتزمين بالتزامات متقابلة , فالمصرف يجب عليهِ أداء الخدمة المطلوبة وهو تقديم المعلومات , كما أن طالب المعلومة يلتزم بدفع العمولة .

2-  ينتظر من المصرف أن يبذل العناية العادية لكي يعطي معلومات صحيحة .

3- أن مسؤولية المصرف عن أخلالهِ بأداء الخدمة المطلوبة تكون ذات طبيعة تعاقدية .

الا ان التوجه السابق بإعطاء عقد تقديم المعلومات صفة عقد إيجار منتقد أيضاً . حيث انهُ لا ينسجم مع أحكام وقواعد عقد الايجار . حيث يعرف عقد الايجار بأنهُ تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم لمدة معلومة . وبهِ يلتزم المؤجر ان يمــــكن المستـأجر من الانتفـاع بالمأجـور (11)

لذلك فأنهُ توجد بعض الالتزامات الجوهرية المترتبة على عقد الايجار والتي يصعب تنفيذها في العلاقة بين المصرف وطالب المعلومة . فلا يمكننا على سبيل المثال ان نفرض على المصرف ( المؤجر ) التزاما بتسليم المعلومات الى طالب المعلومة ( المستأجر ) تسليماً حقيقياً . كما أننا لا نستطيع في ذات الوقت ان نلزم طالب المعلومة برد هذهِ المعلومات الى المصرف بعد انتهاء مدة التعاقد على فرض توافرها (12).

إضافة الى ذلك , انهُ لما كانت المعلومات المقدمة يمكن ان تكون في متناول اكثر من طالب معلومة في ذات الوقت , بحيث لا يستأثر أحدهم باستعمالها دون غيرهِ فأن ذلك يتنافى مع طبيعة عقد الايجار الذي يستأثر فيهِ المستأجر باستعمال الشى المؤجر في ذات الوقت(13).

وبناء على ذلك , فأن من غير المنطقي اعتبار عقد تقديم المعلومات عقد إيجار حيث أنهُ لا يتسق واحكام هذا العقد الاخير.

ج – عقد تقديم المعلومات الائتمان المالي عقد غير مسمى

تنقسم العقود من حيث تنظيمها التشريعي الى عقود مسماة تكفل المشرع بتنظيمها , وخصص لها أسماً معيناً , نتيجة لأهميتها وشيوعها في التعامل بين افراد المجتمع . وعقود أخرى غير مسماة لم يقم المشرع بتنظيمها ولم يخصص لها اسماً معيناً وهي تخضع في تنظيمها وأثارها للقواعد العامة التي تحكم مختلف العقود (14).

لذلك يلجأ بعض الفقهاء(15)الى الرجوع لفكرة العقد غير المسمى , آزاء صعوبة تحديد الطبيعة القانونية لعقود تقديم المعلومات باعتبارها من العقود الحديثة التي يكون من الصعوبة – من وجهة نظرهم – أدراجها ضمن العقود المعروفة في القانون المدني . ويستند هؤلاء الى ان هذهِ العقود من طبيعة خاصة . لان المعلومات التي هي محل العقد لها طبيعة من نوع خاص ,ونتيجة لذلك رفض تصنيف هذهِ العقود تحت أحد التسميات القانونية للعقود . ويجد هذا الراي أساسهُ في تقســيم العقـود الـواردة فـي القانـون المـدني الـى عقـود مسـماة وعقـود غير مسـماة . ويستند ايضاً الى حرية التعاقد المقررة في القانون المدني التي تسمح بأبرام عقود مخالفة للنماذج المألوفة في القانون المدني بشرط عدم تعارضها مع نصوص قانونية محددة او مع قواعد النظام العام .

ولكنهُ يوجه النقد الى تكييف عقود تقديم المعلومات على اساس فكرة العقد غير المسمى لا نه لا يتضمن أي توضيح للطبيعة القانونية لهذهِ العقود – ونظراً لما – للتكييف في مجال القانون من أهمية قصوى لأنه على ضوء هذا التكييف يمكن ايضاً معرفة الاثار القانونية التي تترتب عليهِ . لذلك يجب البحث عن نماذج جديدة للعقود التي تتفق مع التطورات الاقتصادية المعاصرة.

من هنا كان لابد من ادراك ان التطور الاقتصادي ويتطلب ضرورة التطور في مجال القانون لكي يستوعب أفكار اقتصادية جديدة وقد أدى التطور الاقتصادي الى ظهور عقود خدمات تقديم المعلومات في تكـييف العلاقات التعـاقدية بين المتخصصين في تقـــديم الاستشـارة وعملائـهم(16)

بيد أننا لا نتفق مع من يذهب الى الاخذ بفكرة العقد غير المسمى لتكييف عقد تقديم معلومات الائتمان المالي . فليس معنى ما يكتنف تكييف هذهِ العقود من صعوبات أن نلجأ الى الاسهل وهو أخراج العقد من زمرة العقود المسماة والقول بأنهُ عقد غير مسمى .

د- عقد تقديم معلومات الائتمان المالي عقد مقاولة

بناء على ذلك , في تحديد طبيعة عقد تقديم معلومات الائتمان المالي وجدنا أنهُ من غير الممكن اعتبار هذا العقد عقد بيع أو عقد إيجار أو عقد غير مسمى . لذلك يثور التساؤل حول أمكانية تكييف هذا العقد على أنهُ عقد مقاولة ؟

أن المعطيات القانونية تفرض علينا قبل التقرير بقبول مثل هذا التكييف أو رفضهِ الرجوع الى تعريف عقد المقاولة وبيان أهم خصائصهِ ثم تطبيق هذهِ الخصائص على أتفاق المصرف مع طالب المعلومة لبيان مدى اتفاقه أو اختلافهِ مع سمات هذا العقد وكما يلي :-

يعرف عقد المقاولة بأنهُ عقد بهِ يتعهد أحد الطرفين أن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد بهِ الطرف الاخر(17).

ويلاحظ من هذا التعريف أن أهم خصائص عقد المقاولة هو استقلال المقاول عن رب العمل أو عدم وجود رابطة تبعية قانونية بين المتعاقدين(18) .

ولتطبيق عقد المقاولة على أتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات يجب أن نفرق بين حالتين :-

الحالة الاولى :- حالة حصول المصرف على مقابل , لقاء خدمة تقديم المعلومات , ففي هذهِ الحالة يتفق المصرف مع طالب المعلومة على أداء الخدمة مقابل الزام طالب المعلومة بدفع العمولة او الاجرة . وخاصية استقلال المصرف عن طالب المعلومة عند تقديم المعلومات وعدم وجود رابطة تبعية قانونية , حيث ان المصرف لا يخضع لإدارة طالب المعلومة وأشرافهِ بل يعمل مستقلاً طبقاً لشروط الاتفاق والعرف المصرفي هي خاصية تسمح بإدخال أتفاق المصرف مع طالب المعلومة في مجال تطبيق عقود المقاولة (19).

وبناء على ما تقدم , يمكن قبول عقد المقاولة كأساس لتحديد الطبيعة القانونية لاتفاق المصرف مع طالب المعلومة في حالة حصول المصرف على أجر مقابل تقديم المعلومات ويترتب على هذا التكييف عدة نتائج لعل من أهمها التالية :-

1- أنهُ ينتظر من المصرف أن يبذل العناية المعتادة لكي يعطي معلومات صحيحة , ولكن لا ينتظر منهُ ضمان صحة المعلومات .

2- أنهُ لا يمكن للمصرف أنهاء الاتفاق المبرم مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات لان المصرف يعتبر مقاولاً لا وكيلاً عن طالب المعلومة لأنه يمكن للوكيل أن ينهي الوكالة بتنازلهِ كما يمكن للموكل أن يعزل الوكيل في حين ليس للمصرف ذلك .

3- أن الاجر أو العمولة المتفق عليها بين المصرف وطالب المعلومة يكون ثابتاً .

الحالة الثانية :- هي حالة عدم حصول المصرف على أجر , ففي هذهِ الحالة يكون الاتفاق ملزم لجانب واحد , ويكون إضافة الى ذلك عقد غير مسمى لان القانون المدني لم يبين العقد الذي يكون أحد أطرافهِ مديناً بالقيام بالعمل دون أن يكون دائناً بالأجرة , وفي هذهِ الحالة فأن فكرة المقاولة لا تنطبق من حيث المبدأ على الاتفاق المبرم بين المصرف وطالب المعلومة .

ومع ذلك يقرر البعض(20)بأن التزام مقدم المعلومات والذي يعطيها بدون مقابل هو نفس الالتزام الذي يقع على عاتق مقدم المعلومات والتي يتقاضى عنها أجر . وفي الحالتين يلتزم بالعناية الضرورية لكي يقدم معلومات صحيحة . ولكن الاختلاف يظهر في مجال المسؤولية حيث أنهُ في حالة تقديم المعلومات بالمجان , فأن مسؤولية المصرف تكون أقل شدة مما أذا كان قد حصل على أجر . ولكنهُ يظل مع ذلك مسؤولاً تعاقدياً تجاه طالب المعلومة . لذلك فأن تحديد الطبيعة القانونية لاتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات بالرجوع الى عقد المقاولة يكون صحيحاً ومتسقاً معهُ من الناحية القانونية .

وبناء على ما سبق ذكرهُ , يذهب جانب من الفقه(21), الى أعطاء صفة عقد المقاولة على العقد الذي يبرم بين المصرف وطالب المعلومة وقد يبرر ذلك بعدة مبررات منها :-

1- أن عقد المقاولة يعد من العقود التي تتسم بالمرونة والسعة بما يسمح استيعاب ما يستجد من صور للخدمات الحديثة التي يكشف عنها التقدم التكنولوجي . وهو الامر الذي دفع الاتجاه الغالب من الفقه على اختيار تطبيق أحكام عقد المقاولة على عقود تقديم المعلومات بوجه عام .

2- أن عقد تقديم المعلومات هو عقد مقاولة , لان هذا النوع من العقود يغطي صوراً مختلفة ولا ينشئ عنهُ بالضرورة التزاما بتحقيق نتيجة . بل غالباً ما يكون التزاماً ببذل عناية .

3- كذلك , أن عقد المقاولة مثلما يرد على الاعمال المادية , كما هو الحال على عقود الإنشاءات مثلاً . وكذا قد يرد على الاعمال الذهنية مثل تقديم المشورة او المعلومة من الاستشاري المتخصص .

وبناء عليه, يمكن القول , أن عقد خدمة تقديم المعلومات ليس عقداً من طبيعة خاصة . وأنما هو أحد تطبيقات عقد المقاولة المنتشر في مختلف المجالات المادية أو الذهنية , وذلك لان هذا العقد يتصف بنفس صفات عقد المقاولة . فكلاهما مثلاً من العقود الواردة على العمل وليس هناك علاقة تبعية بين المصرف وطالب المعلومة الى غير ذلك من الاسباب .

______________

1- انظر

Rene Savatier , Lavente   desrvices , 1971 , p.55

2- أنظر د. أحمد بركات مصطفى , مسؤولية البنك عن تقديم المعلومات والاستشارات المصرفية – دراسة مقارنة , دار النهضة العربية , القاهرة , 2006 , ص 104

3- أنظر د. أبراهيم مختار أبراهيم , تسويق الخدمات المصرفية , مجموعة محاضرات معهد الدراسات المصرفية , 1974,  ص 18.وانظر كذلك د. حسن البراوي , عقد تقديم المشورة ( دراسة مقارنة ) لعقد تقديم الاستشارات الفنية , دار النهضة العربية , القاهرة ,1998 , ص 117.

4- انظر د. محمد سامي عبد الصادق , خدمة المعلومات الصوتية والالتزامات الناشئة عنها , دار النهضة العربية , 2005, القاهرة , ص 65.

5- انظر المادة ( 506) من القانون المدني العراقي حيث عرفت البيع بأنهُ " مبادلة ما ل بمال " , ويلاحظ ان هذا التعريف غير مانع وغير دقيق . اما انه غير مانع فلانهُ يشمل غير البيع , واما انهُ غير دقيق فلانهُ قد اقتصر على وصف وتعريف عملية البيع نفسها دون ان يعني بالنص على اشخاص واحكام عقد البيع , انظر د. غني حسون طه , الوجيز في العقود المسماة ( عقد البيع ) , مطبعة المعارف , بغداد , 1970 , ص 21-22. وانظر كذلك المادة (418 ) من القانون المدني المصري .

6- انظر د. عادل ابو هشيمة محمود حوته , عقود خدمات المعلومات الالكترونية في القانون الدولي الخاص , الطبعة الثانية , دار النهضة العربية ,القاهرة ’ 2005, ص 28.

7- أنظر د. حسني فتحي مصطفى بهلول , عقد انتاج المعلومات او الامداد بها , ط1, دار الفكر الجامعي , الاسكندرية , 2008, ص 118.

8- أنظر د. سعيد مبارك و د. طه ملا حويش و د. صاحب الفتلاوي , الموجز في العقود المسماة , دار الحكمة , بغداد , 1993, ص 30.

9- أنظر

Schaff , Banques de donnee, jurilques Analyse des contrats proposes aux utill sateurs , 1985 , p. 4.                                       

10- أنظر د. حسن حسني , الخدمات المصرفية في البنوك التجارية , جامعة عين الشمس , بدون سنة طبع , القاهرة, ص 204.

11- أنظر المادة (722) من القانون المدني العراقي  والمادة ( 558) من القانون المدني المصري .

12- أنظر د. جمال عبد الرحمن محمد علي , الخطأ في مجال المعلوماتية ( دراسة مقارنة بين بنوك المعلومات والمستخدم النهائي  , الطبعة الثانية, 2003, ص 25.

13- أنظر د. محمد سامي عبد الصادق , خدمة المعلومات الصوتية والالتزامات الناشئة عنها , دار النهضة العربية , 2005, القاهرة, ص 70.

14- أنظر د. سعيد مبارك و د. طه ملا حويش و د. صاحب الفتلاوي , الموجز في العقود المسماة , دار الحكمة , بغداد , 1993 , ص3.

15- أنظر د. محمد حسام محمود لطفي , عقود خدمات المعلومات ( دراسة في القانون المصري والفرنسي ) , القاهرة , 1994, ص 30.

16- أنظر د. أحمد بركات مصطفى , مصدر سابق , ص 99-100.

17- أنظر المادة ( 864) من القانون المدني العراقي وتقابلها المادة ( 646) من القانون المدني المصري .

18- أنظر ميرفت عبد العال , عقد المشورة في مجال نظم المعلومات , رسالة دكتوراه , جامعة حقوق عين الشمس , 1997,  ص 113.

19- أنظر د. حسن حسني , عقود الخدمات المصرفية , دار التعاون للطبع . 1986 , ص 204.

20- أنظر د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008 , ص 135.

21- إشارة الى هذهِ الغالبية د. مدحت عبد العال , الالتزامات الناشئة عن عقود تقديم المعلومات ( دراسة مقارنة ) , دار النهضة العربية , 2001, ص 80.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .