أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
1039
التاريخ: 7-08-2015
892
التاريخ: 5-3-2018
1193
التاريخ: 11-4-2017
1017
|
ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺎﻣﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺑﻼ ﻓﺼﻞ ﻣﺎ ﺗﻮﺍﺗﺮﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﻧﻘﻠﺘﻪ ﻣﻊ ﻛﺜﺮﺗﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﺁﺭﺍﺋﻬﺎ ﻭﻣﺬﺍﻫﺒﻬﺎ ﻭﺗﺒﺎﻋﺪ ﺩﻳﺎﺭﻫﺎ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﻫﻤﻤﻬﺎ ﺧﻠﻔﺎ ﻋﻦ ﺳﻠﻒ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: " ﻋﻠﻲ ﺇﻣﺎﻣﻜﻢ " ﻭ " ﺧﻠﻴﻔﺘﻲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻱ " (1) ﻭ " ﺳﻠﻤﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺈﻣﺮﺓ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ "(2). ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﺼﺮﻳﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺼﺪﻩ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﺳﺘﺨﻼﻓﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺑﻼ ﻓﺼﻞ. ﻓﻼ ﻳﺨﻠﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺻﺎﺩﻗﻴﻦ ﺃﻭ ﻛﺎﺫﺑﻴﻦ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺻﺎﺩﻗﻴﻦ ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺘﺖ ﺇﻣﺎﻣﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻛﺎﺫﺑﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﺨﻞ ﻛﺬﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ: ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺗﻔﻖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻓﻮﺿﻌﻮﻩ ﺃﻭ ﺗﻮﺍﻃﺆﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻣﺎ ﺑﺎﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺃﻭ ﺑﻤﻜﺎﺗﺒﺔ ﻭﻣﺮﺍﺳﻠﺔ، ﺃﻭ ﺣﺼﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺆ، ﺃﻭ ﺣﺼﻞ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﺛﻢ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﻛﺜﺮ ﻣﻌﺘﻘﺪﻭﻩ، ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻣﺘﺼﻞ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺗﻔﻖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻓﻮﺿﻌﻮﻩ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﺯ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺧﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻦ ﺷﺊ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻮﺍﻃﺊ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺍﺭﺩﻭﺍ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻏﺮﺽ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻗﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺭﻭﻱ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﻳﺠﺮﻱ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺯﻱ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻤﻨﻊ ﻣﻨﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺼﺪﻕ، ﻷﻥ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻮﺍﻃﺊ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﺻﺪﻗﺎ ﺩﺍﻉ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﻠﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﺬﺏ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﻛﺬﺑﺎ ﺻﺎﺭﻑ ﻋﻦ ﻧﻘﻠﻪ، ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﻉ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻠﻪ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺗﻮﺍﻃﺆﺍ ﻋﻠﻴﻪ، ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻨﻬﻢ، ﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﺩﻳﺎﺭﻫﻢ ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﻟﻮ ﺗﻮﺍﻃﺆﺍ ﺑﺎﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻟﻤﺎ ﺧﻔﻲ ﻭﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺃﻭﺟﺰ ﻣﺪﺓ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻤﺮﺍﺳﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺒﺔ ﻷﻥ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻻ ﻳﺘﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﻭﺻﺤﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﺳﻠﺔ ﻓﺮﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﺘﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺼﺢ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺒﺔ ﻭﻟﻮ ﺻﺢ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺃﻭﺟﺰ ﻣﺪﺓ، ﺑﺬﻟﻚ ﻗﻀﺖ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺣﻜﻢ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﻟﻮ ﻇﻬﺮ ﻟﻌﻠﻢ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺆ ﻓﻬﻮ ﺇﻣﺎ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻭ ﺭﻫﺒﺔ، ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻨﻔﻴﺎﻥ ﻋﻤﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺼﺮ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺩﻳﻨﺎ ﻓﻴﻄﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻜﺬﺏ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﺴﻂ ﻳﺪﻩ ﻓﻴﺨﺎﻑ ﻣﻨﻪ ﻓﻴﺪﻋﻮ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻨﺺ، ﺑﻞ ﺍﻟﺪﻭﺍﻋﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﻤﺎﻧﻪ ﻭﺟﺤﺪﻩ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺭﻑ ﻋﻦ ﻧﻘﻠﻪ ﻭﺇﻇﻬﺎﺭﻩ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺆ.
ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﻟﻤﺎ ﺩﻋﺎﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻵﺧﺮ، ﻷﻥ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎﻩ. ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻟﻌﻠﻢ. ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﺛﻢ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﻓﻴﻪ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﺎﻩ ﺇﻟﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺸﺮﻉ، ﻛﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻭﺍﻟﺠﻬﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻼﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ، ﻭﻛﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﻓﻘﻪ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻘﺪﻣﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﻗﺎﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺟﻤﻌﻮﻩ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﺼﻞ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ: ﺇﻧﻪ ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﻭﺇﻧﻪ ﻭﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﺍﻭﻧﺪﻱ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺒﻞ ﻫﺸﺎﻡ ﻭﻛﺘﺒﻬﻢ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﺍﻭﻧﺪﻱ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻭﺷﻴﻮﺥ ﺍﻹﻣﺎﻣﻴﺔ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻌﺮﻭﻓﻮﻥ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﻩ ﻟﻤﺎ ﺣﺴﻦ ﻣﻜﺎﻟﻤﺘﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﻜﺎﻟﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﺤﺪﺙ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺑﺈﻣﺎﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻭﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﺳﺒﻘﻬﻢ ﻓﻼ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﻣﻜﺎﻟﻤﺘﻬﻢ ﻟﻨﺎ ﻭﻭﺿﻌﻬﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺎﺩ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻟﻌﻠﻢ ﺻﺤﺘﻪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻛﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻜﺔ ﻭﺑﻠﺪ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻜﺘﺴﺐ ﻋﻨﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ، ﻭﻋﻨﺪ ﻗﻮﻡ ﺃﻧﻪ ﻣﺸﻜﻮﻙ ﻓﻴﻪ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻓﻤﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻄﻌﺎ ﻭﻳﺠﺮﻱ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻟﻴﺲ ﺇﺫﺍ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ - ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ - ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼﻧﻬﺎ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺪﻻﻝ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﺺ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻟﻢ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼﻧﻪ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻟﻢ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺼﻞ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻭﺃﺗﻮﺍ ﺑﻪ ﺑﺎﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺮﺽ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻋﺮﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺ، ﻓﺴﻠﻢ ﻧﻘﻠﻪ ﻓﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ. ﻭﺍﻟﻨﺺ ﺑﺨﻼﻑ ﺫﻟﻚ، ﻷﻧﻪ ﻋﺮﺽ ﻓﻲ ﻧﻘﻠﻪ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺯﻩ ﻣﻮﺍﻧﻊ ﻭﻟﻘﻲ ﺭﺍﻭﻳﻪ ﺑﺎﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﻭﺍﻋﺘﻘﺪ ﺿﻼﻟﺘﻪ ﻭﺧﻄﺄﻭﻩ ﻭﻳﺪﻋﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻟﻢ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺺ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻭﺍﻟﺤﺞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻭﺻﻮﻡ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ. ﻷﻥ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﺖ ﻓﻲ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺮﺽ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ، ﻓﺴﻠﻢ ﻧﻘﻠﻪ ﻓﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ، ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺮﺽ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺ ﻏﻤﺾ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﺪ ﺍﺩﻋﻴﺘﻢ ﺣﺼﻮﻝ ﻣﻮﺍﻧﻊ ﻣﻦ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻨﺺ ﻓﻤﺎ ﺩﻟﻴﻠﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ؟. ﻗﻠﻨﺎ: ﻻ ﺧﻼﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻘﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﺘﻀﻤﻨﻪ ﻭﺇﻥ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﻧﺎﻗﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﺿﺎﻝ ﻣﺒﺘﺪﻉ ﻭﻟﻘﻮﺍ ﺑﺎﻟﺘﻜﺬﻳﺐ، ﻭﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺻﺎﺭﻑ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﻬﻨﺎ ﺃﻣﻮﺭﺍ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﺫﻛﺮﻭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﻋﺪﺩ ﺍﻟﻌﺎﻗﺪﻳﻦ ﻭﻛﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮﻩ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺑﺄﺻﻮﻝ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺴﻮﻯ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺻﺎﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻃﺮﻗﻬﺎ ﻭﻏﻤﻮﺽ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺑﻌﺾ، ﻭﻫﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﻞ ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺼﻒ ﻣﺘﺤﺎﻣﻞ ﻣﺘﻌﺼﺐ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎﺀ.
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺒﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﻤﺎ ﻭﺍﺩﻋﻮﺍ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺍﺩﻋﻴﺘﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻭﺇﻻ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ؟ ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻫﺆﻻﺀ: ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﻮﻥ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻭﻟﻬﻢ ﻛﺘﺐ ﻣﺼﻨﻔﺔ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ ﻇﺎﻫﺮﺓ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺒﻜﺮﻳﺔ، ﻷﻧﺎ ﻟﻢ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﻗﻂ ﺑﻜﺮﻳﺎ ﻭﻻ ﻋﺒﺎﺳﻴﺎ، ﻭﻟﺴﻨﺎ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺒﻜﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﻣﺔ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻞ ﻧﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻫﺬﺍ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺒﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺧﺖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ، ﻓﻨﺴﺒﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺴﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺈﻣﺎﻣﺔ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﻣﺘﻪ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻻﺟﻤﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺈﻣﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻑ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺻﻼ، ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺎﺣﻆ ﺣﻜﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﻭﺻﻨﻒ ﻓﻴﻬﻢ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻭﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻻ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﻻ ﺑﻌﺪﻩ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺩﻟﻠﻨﺎ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﻄﻮﻋﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺼﻤﺘﻪ، ﻳﺒﻄﻞ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻟﻴﻦ، ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺪﻋﻴﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎﻩ. ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ، ﻓﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻟﻤﺎ ﺍﺣﺘﺞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ ﻗﺎﻝ " ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ " ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻘﺎﻝ ﺃﻧﺎ ﻣﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻲ ﻓﺄﻳﻦ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻜﻢ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻷﻧﻪ ﺃﻭﻻ ﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﻤﻮﺿﻊ ﻓﻴﺤﺘﺞ ﻭﺛﺎﻧﻴﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﻗﺼﺪﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻌﻮﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻨﻪ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺤﺘﺞ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﻧﺴﺦ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺃﻭ ﺟﺤﺪﻭﻩ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ. ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺪﻋﻲ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ، ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺿﻊ ﻣﻮﺿﻊ ﺑﺤﺚ ﻭﺍﺣﺘﺠﺎﺝ. ﻓﻌﻠﻰ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﻸﻧﺼﺎﺭ " ﺑﺎﻳﻌﻮﺍ " ﺃﻱ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻳﻦ ﺷﺌﺘﻢ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﻭﻋﻤﺮ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺯ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ " ﺃﻗﻴﻠﻮﻧﻲ " ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺯ ﻣﻨﻪ ﺍﺳﺘﻘﺎﻟﺘﻬﻢ. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻪ: ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﺳﺄﻟﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻞ ﻟﻸﻧﺼﺎﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻧﺼﻴﺐ ﻓﻜﻨﺎ ﻻ ﻧﻨﺎﺯﻋﻬﻢ. ﻭﻻ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻝ ﻋﻤﺮ ﻷﺑﻲ ﻋﺒﻴﺪﺓ " ﺃﻣﺪﺩ ﻳﺪﻙ ﺃﺑﺎﻳﻌﻚ "، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ " ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻌﺔ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻓﻠﺘﺔ ﻭﻗﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﺮﻫﺎ، ﻓﻤﻦ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻓﺎﻗﺘﻠﻮﻩ ". ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺣﻴﻦ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﺍﺳﺘﺨﻠﻒ، ﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺨﻠﻒ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺨﻠﻒ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻲ - ﻳﻌﻨﻲ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ - ﻭﺇﻥ ﺃﺗﺮﻙ ﻓﻘﺪ ﺗﺮﻙ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻲ - ﻳﻌﻨﻲ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﺩﻻﻟﺔ ﻓﻴﻪ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺧﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺤﻪ ﻭﻻ ﻓﺤﻮﺍﻩ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺺ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ ﻭﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻫﻬﻨﺎ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻓﻴﻪ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺩﻋﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﻣﺒﺎﻳﻌﺘﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﻣﺪﺩ ﻳﺪﻙ ﺃﺑﺎﻳﻌﻚ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻳﻊ ﻋﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﻪ ﻓﻼ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﺛﻨﺎﻥ. ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ.
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺄﻥ ﻋﻠﻴﺎ ﻣﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻢ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﺒﺎﻳﻌﺘﻪ؟ ﻗﻠﻨﺎ: ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻜﻮﻩ، ﻷﻧﻬﻢ ﻃﻠﺒﻮﺍ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻓﺄﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﺃﻗﺮﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﻋﻠﻤﻮﻩ ﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮﻭﻩ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﻡ ﻷﻧﻪ ﻋﻤﻪ ﻭﺍﻟﻌﻢ ﻭﺍﺭﺙ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺭﺛﺔ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺢ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻪ ﻭﻳﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺩﻓﻌﻪ ﺑﻴﺪﻩ ﻭﻟﺴﺎﻧﻪ، ﻭﻟﻤﺎ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﺼﻠﻲ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺢ ﺳﺒﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﻓﻴﺌﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﺠﺎﻫﺪ ﻣﻌﻬﻢ، ﻭﻓﻲ ﺛﺒﻮﺕ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼﻥ ﻣﺎ ﻗﻠﺘﻤﻮﻩ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﻷﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺑﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺇﻗﺪﺍﻡ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺑﻪ ﻭﺍﻃﺮﺍﺡ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﻊ ﻗﺮﺏ ﻋﻬﺪﻫﻢ ﺑﻪ ﻭﻋﺰﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﺤﻘﻪ، ﻓﺄﻳﺴﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ ﻭﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻟﻮﻗﻮﻉ ﺍﻟﻨﺺ، ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﻠﻴﺔ ﺑﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﻨﺔ ﺑﻪ ﺃﺷﺪ، ﻭﻻ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻜﻞ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻧﺴﺦ ﺍﻟﺸﺊ ﻗﺒﻞ ﻓﻌﻠﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ. ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﻻ ﺃﺻﻞ ﻟﻪ ﻓﺘﻌﻈﻢ ﺍﻟﺒﻠﻴﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺠﻠﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﺤﻀﺮ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺑﻤﺤﻀﺮ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻟﻮ ﻧﻘﻠﻮﻩ ﻻ ﻧﻘﻄﻊ ﺑﻨﻘﻠﻬﻢ ﺍﻟﺤﺠﺔ، ﻓﻠﻮ ﺟﺤﺪﻭﻩ ﻟﺪﺧﻠﺖ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﻦ. ﻭﺃﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻨﻜﻴﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻓﻸﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻧﺎﺻﺮﺍ ﻭﻻ ﻣﻌﻴﻨﺎ، ﻭﻟﻮ ﺗﻮﻻﻩ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﺧﻮﺍﺻﻪ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻗﺘﻠﻪ ﻭﻗﺘﻞ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺧﺎﺻﺘﻪ، ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻋﺪﻝ ﻋﻨﻪ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﺃﻣﺎ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﻭﺟﺪﺕ ﺃﻋﻮﺍﻧﺎ ﻟﻘﺎﺗﻠﺘﻬﻢ. ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺑﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻪ ﻭﻧﻜﺚ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺑﻴﻌﺘﻪ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮﻻ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻭﻣﺎ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻛﻈﺔ ﻇﺎﻟﻢ ﺃﻭ ﺷﻐﺐ ﻣﻈﻠﻮﻡ ﻻ ﻟﻘﻴﺖ ﺣﺒﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﺭﺑﻬﺎ ﻭﻟﺴﻘﻴﺖ ﺁﺧﺮﻫﺎ ﺑﻜﺄﺱ ﺃﻭﻟﻬﺎ، ﻭﻷﻟﻔﻴﺘﻢ ﺩﻧﻴﺎﻛﻢ ﻋﻨﺪﻱ ﺃﻫﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻋﻔﻄﺔ ﻋﻨﺰ. ﻓﺒﻴﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻗﺎﺑﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﺑﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﻦ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ، ﻓﻠﻮ ﻗﺎﺗﻠﻬﻢ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺗﺪﺍﺩ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﻮﺍﺭ ﺍﻻﺳﻼﻡ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﻟﻮﻻ ﻗﺮﺏ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﻟﻘﺎﺗﻠﺘﻬﻢ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻻﻧﻜﺎﺭ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﻓﻘﺪ ﺃﻧﻜﺮﻩ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺎﻡ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﻀﻌﻒ، ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ﻟﻢ ﺃﺯﻝ ﻣﻈﻠﻮﻣﺎ ﻣﻨﺬ ﻗﺒﺾ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ " ﺹ ". ﻭﻗﻮﻟﻪ: ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺘﻌﺪﻳﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﺶ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻇﻠﻤﻮﻧﻲ ﺣﻘﻲ ﻭﻣﻨﻌﻮﻧﻲ ﺇﺭﺛﻲ. ﻭﻗﻮﻟﻪ: ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺘﻌﺪﻳﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﺶ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻇﻠﻤﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻭﺍﻟﻤﺪﺭ. ﻭﻗﻮﻟﻪ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﺗﻘﻤﺼﻬﺎ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﺤﺎﻓﺔ ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﺤﻠﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺣﻰ، ﻳﻨﺤﺪﺭ ﻋﻨﻲ ﺍﻟﺴﻴﻞ ﻭﻻ ﻳﺮﻗﻰ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻄﻴﺮ - ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ. ﻭﺫﻟﻚ ﺻﺮﻳﺢ ﺑﺎﻻﻧﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻈﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻣﻨﻌﻪ ﺣﻘﻪ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺧﻠﻔﻬﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻠﻲ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻣﻘﺘﺪﻳﺎ ﺑﻬﻢ ﺑﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻛﻊ ﺑﺮﻛﻮﻋﻬﻢ ﻭﻳﺴﺠﺪ ﺑﺴﺠﻮﺩﻫﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﺣﺪ ﻳﺪﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﺟﺎﻫﺪ ﻣﻌﻬﻢ ﺃﻭ ﺳﺎﺭ ﺗﺤﺖ ﺭﺍﻳﺘﻬﻢ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﺗﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺮﺩﺓ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻋﻦ ﺣﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻟﻤﺎ ﺩﻧﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺷﺎﺫﺍ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺮ، ﻭﻟﻮ ﺻﺢ ﻟﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻪ.
ﻓﺄﻣﺎ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﻓﻴﺌﻬﻢ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻪ، ﻭﻣﻦ ﻟﻪ ﺣﻖ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺬﻩ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ. ﻭﺃﻣﺎ ﻧﻜﺎﺡ ﺳﺒﻴﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻓﺮﻭﻯ ﻗﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻛﺎﻥ ﻭﻫﺐ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻓﺎﺳﺘﺤﻞ ﻓﺮﺟﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﺃﺳﻠﻤﺖ ﻓﺘﺰﻭﺟﻬﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ " ﻉ " ﻭﻗﺎﻝ ﻗﻮﻡ ﺍﺷﺘﺮﺍﻫﺎ ﻓﺄﻋﺘﻘﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﺰﻭﺟﻬﺎ. ﻓﻜﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﻜﻦ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺳﺒﻲ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀﻼﻝ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻯ ﻭﻳﺤﻞ ﻭﻃﺆ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺑﺬﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﻋﻰ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻤﺴﺒﻲ ﺑﺎﻟﺴﺒﻲ ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﺎﻟﺴﺎﺑﻲ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﻮﺯ ﺷﺮﺍﺀ ﻣﺎ ﻳﺴﺒﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻣﻦ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺇﻥ ﺃﻏﺎﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺃﻭ ﻳﺴﺮﻗﻮﻧﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺯ ﻟﻪ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﻻ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﻪ، ﻷﻧﻬﺎ ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﻫﺒﻜﻢ. ﻗﻴﻞ: ﻷﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﺟﻮﺑﺔ: ﺃﺣﺪﻫﺎ: ﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﺩﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻘﻴﺔ ﻭﺧﻮﻓﺎ، ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﻟﻘﺘﻞ، ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺫﻟﻚ ﻟﺘﻮﻫﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﻚ ﻓﺤﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻟﻠﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﺩﺧﻠﻬﺎ ﻟﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺇﻳﺮﺍﺩ ﺣﺠﺠﻪ ﻭﻓﻀﺎﺋﻠﻪ ﻭﻧﺼﻮﺻﻪ، ﻷﻧﻪ ﺃﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺟﻞ ﻣﻨﺎﻗﺒﻪ، ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﻟﻤﺎ ﺃﻣﻜﻨﻪ ﺫﻟﻚ، ﻓﺪﺧﻠﻬﺎ ﻟﻴﺆﻛﺪ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﺩﺧﻠﻬﺎ ﺗﺠﻮﻳﺰﺍ ﻷﻥ ﻳﺨﺘﺎﺭﻭﻧﻪ ﻓﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻷﻣﺮ، ﻭﻣﻦ ﻟﻪ ﺣﻖ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﺩﺍﻓﻌﻪ ﺿﺎﻻ ﻣﺨﻄﺌﺎ، ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺗﻀﻠﻴﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻧﺴﺒﺘﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺍﻃﺮﺍﺡ ﺃﻣﺮﻩ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻨﻔﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ.
ﻗﻠﻨﺎ: ﻻ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺩﻓﻌﻮﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﻃﺒﻘﺎﺕ: ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﻓﻌﻪ ﺣﺴﺪﺍ ﻭﻃﻠﺒﺎ ﻟﻸﻣﺮ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻓﻈﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻌﻮﻩ ﻟﻢ ﻳﺪﻓﻌﻮﻩ ﺇﻻ ﺑﻌﻬﺪ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ " ﻉ " ﻭﺃﻣﺮ ﻋﺮﻓﻮﻩ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺭﻭﻱ ﻟﻬﻢ ﻗﻮﻟﻪ " ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ " ﻇﻨﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻓﺘﺮﻛﻮﺍ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺑﻘﻲ ﻗﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﺘﻤﺴﻜﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ [ﻓﻠﻢ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﺨﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻭﻻ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻜﻞ ﻓﺒﻘﻮﺍ ﻣﺘﻤﺴﻜﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ] ، ﻗﺼﺎﺭﺍﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻮﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ، ﻓﻼ ﻳﺠﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﻼﻝ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺧﺒﺮ ﻋﻦ ﺃﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﻫﻢ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﺃﻣﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻧﻬﻢ ﺍﺭﺗﺪﻭﺍ ﺣﺘﻰ ﻣﻀﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﺇﻟﻰ ﻣﻴﻘﺎﺕ ﺭﺑﻪ ﻭﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻌﺠﻞ ﻣﻊ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻬﻢ ﻟﻔﻠﻖ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺼﺎ ﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺍﺕ، ﻭﻣﺎ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﻮﺳﻰ ﺇﻻ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﻗﻼﺋﻞ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻭﻳﻨﺪﻓﻊ ﻗﻮﻡ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: 40] ﻭﻗﺎﻝ {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 37]، {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [المؤمنون: 70]، ﻭﻗﺎﻝ {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]، ﻓﻠﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﺇﻻ ﺫﻣﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺇﻻ ﻣﺪﺣﻪ. ﻓﺄﻳﻦ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ} [آل عمران: 144] ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ " ﺹ ": ﻟﺘﺘﺒﻌﻦ ﺳﻨﻦ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺣﺬﻭ ﺍﻟﻨﻌﻞ ﺑﺎﻟﻨﻌﻞ ﻭﺍﻟﻘﺬﺓ ﺑﺎﻟﻘﺬﺓ، ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﺩﺧﻞ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺟﺤﺮ ﺿﺐ ﻟﺪﺧﻠﺘﻤﻮﻩ. ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ﻓﻤﻦ ﺇﺫﺍ. ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻮﺽ ﻋﺮﺿﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺑﺼﺮﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺪﻥ ﺇﺫ ﻳﺠﺎﺀ ﺑﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻲ ﻓﻴﺠﻠﺴﻮﻥ ﺩﻭﻧﻲ، ﻓﺄﻗﻮﻝ: ﻳﺎ ﺭﺏ ﺃﺻﺤﺎﺑﻲ. ﻓﻴﻘﺎﻝ: ﻻ ﺗﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺃﺣﺪﺛﻮﺍ ﺑﻌﺪﻙ، ﺇﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻘﺎﺑﻬﻢ ﺍﻟﻘﻬﻘﺮﻯ. ﻭﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺤﺼﻰ، ﻓﺄﻳﻦ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻡ، ﻭﻗﺎﻝ: ﺳﺘﻔﺘﺮﻕ ﺃﻣﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺙ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﻓﺮﻗﺔ ﻓﺮﻗﺔ ﻧﺎﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻤﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﻟﻤﺎ ﺯﻭﺝ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ، ﻭﻓﻲ ﺗﺰﻭﻳﺠﻪ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﻣﺮﺓ ﺑﺨﻼﻑ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮﻧﻪ ﻭﻳﺪﻋﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﻥ ﺩﺍﻓﻌﻪ ﻛﺎﻓﺮ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻓﻲ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻜﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺰﻭﻳﺞ، ﻭﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﺎﺯﻩ ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻌﻠﻤﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻘﺘﻞ ﺩﻭﻧﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﻧﻪ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﺗﻘﻴﺔ، ﻷﻧﻪ ﺟﺮﺕ ﻣﻤﺎﻧﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻟﻘﻲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ، ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ " ﻉ " ﻓﻘﺎﻝ: ﺗﺮﺩ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﺇﻟﻲ. ﻓﻔﻌﻞ ﻓﺰﻭﺟﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﺣﻴﻦ ﻇﻬﺮ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺆﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺣﺸﺔ. ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ " ﻉ " ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺗﻴﻦ ﻭﺗﻤﺴﻚ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻳﺠﻮﺯ ﻣﻨﺎﻛﺤﺘﻪ، ﻭ ﻫﻬﻨﺎ ﺃﻣﻮﺭ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﺈﻇﻬﺎﺭ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻛﺎﻟﻤﻨﺎﻛﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺛﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻨﺔ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺃﺧﺮ، ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻟﻪ: ﺗﻌﺎﻝ ﺣﺘﻰ ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻨﺎ ﻋﺮﻓﻨﺎﻩ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ ﺃﻭﺻﺎﻩ ﺑﻨﺎ. ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺩﻓﻌﺔ ﺃﺧﺮﻯ: ﺃﻣﺪﺩ ﻳﺪﻙ ﺃﺑﺎﻳﻌﻚ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻳﻊ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﻪ ﻓﻼ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻦ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻤﺎ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺃﻣﺎ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺤﻖ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﻫﻞ ﻳﺜﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﻳﺴﻠﻢ ﻟﻬﻢ ﺃﻡ ﻻ، ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﺴﺄﻟﺘﻪ ﻻ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻕ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺒﺎﻳﻌﺘﻪ ﻓﻘﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻃﻠﺐ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻳﺘﺤﺎﺩﺛﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺗﺮﻛﻮﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻫﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺒﻪ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻭﻣﺎ ﻳﺆﻭﻝ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺩﻋﺎﻩ ﺇﻟﻴﻪ. ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻣﺴﺘﻔﻬﻤﺎ ﻭﻣﺴﺘﻔﺘﻴﺎ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺾ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺮﺩ ﻓﺪﻛﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺑﺎﺑﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﻋﺪﻭﻟﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼﻥ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮﻧﻪ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺃﻣﺎ ﻓﺘﻴﺎﻩ ﻟﻬﻢ ﻓﻤﻤﺎ ﻻ ﻳﺴﻮﻍ ﻟﻪ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻣﻨﻪ، ﻷﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ ﻭﺁﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺭ، ﻭﻻ ﺳﺆﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻓﻴﻤﻦ ﺃﺑﻄﻦ. ﻭﺃﻣﺎ ﺇﻗﺮﺍﺭﻩ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻓﻀﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻻﺳﻢ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﺎﻳﻌﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍ ﻹﻣﺎﻣﺔ ﺍﻟﻘﻮﻡ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻧﻘﺾ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﻢ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﻟﻘﻀﺎﺗﻪ ﻭﻗﺪ ﺳﺄﻟﻮﻩ: ﺑﻢ ﻧﺤﻜﻢ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﺍﻗﻀﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻘﻀﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺃﻭ ﺃﻣﻮﺕ ﻛﻤﺎ ﻣﺎﺕ ﺃﺻﺤﺎﺑﻲ - ﻳﻌﻨﻲ ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺷﻴﻌﺘﻪ - ﻭﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻋﻠﻢ ﺷﺎﻫﺪ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﻻ ﻳﻮﺣﺶ ﻭﺃﻣﺴﻚ ﻋﻤﺎ ﻳﻮﺭﺙ ﺍﻟﻮﺣﺸﺔ. ﻭﺃﻣﺎ ﻓﺪﻙ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺮﺩﻫﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻴﺔ ﻭﺇﻥ ﺭﺩﻫﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﻈﻠﻢ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺗﺨﻄﺌﺘﻬﻢ ﻓﻌﺪﻝ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻓﺪﻛﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻘﺎ ﻟﻪ ﻭﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻﻳﺔ، ﻭﻣﻦ ﻟﻪ ﺣﻖ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻪ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻷﻏﺮﺍﺽ.
ﻭﻓﻲ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺍﻟﺨﺼﻢ ﻓﻲ ﻓﺪﻙ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺃﻭﺻﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺄﻥ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺨﺎﺻﻤﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻟﻤﺎ ﺟﺮﻯ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ: ﺳﺘﺠﻤﻌﻨﻲ ﻭﺇﻳﺎﻙ ﻳﻮﻡ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﺪﻙ ﺑﺎﻟﻨﺤﻠﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻮﻓﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ ﻭﻃﺮﻑ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻫﻬﻨﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﺭﺿﻮﻥ ﺑﻪ ﻭﻳﺬﻛﺮﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 100] ﻭﻗﻮﻟﻪ {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ، ﻭﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺧﻄﺄ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻨﺺ. ﻓﻘﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺴﺘﻮﻓﻰ ﻓﻲ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ ﻭﻃﺮﻓﺎ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻭﺍﻟﻤﻔﺼﺢ ﻓﻲ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻨﺎ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻫﻬﻨﺎ، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ.
________________
(1) ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ 2 / 57.
(2) ﺑﺤﺎﺭ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ 35 / 290.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثاني والعشرين من سلسلة كتاب العميد
|
|
|