أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2017
14490
التاريخ: 7-2-2016
7518
التاريخ: 26-9-2018
4273
التاريخ: 7-5-2017
1915
|
عرفت الحضانة بتعريفات متعددة كلها تدور حول محور واحد وهو تربية الولد لمن له الحق شرعا بحضانته (1). ولتحديد القانون المطبق عند حصول تنازع بين القوانين حول الحضانة، نجد أن أغلب قوانين الدول العربية ومن بينها العراق لم تتضمن قاعدة إسناد صريحة، بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق على مسألة الحضانة في العلاقات المختلطة، مما أوجد انقساما في آراء الفقهاء وأحكام القضاء حول ترجيح القانون الشخصي لأحد الأطراف على غيره من القوانين ذات الصلة بالنزاع، كما وتختلف تطبيق قاعدة الإسناد على الحضانة بحسب ما إذا كان أحد أطراف النزاع وطني الجنسية أم عديم الجنسية، أو أن يكون جميع أطرافها أجانب عن القاضي الذي ينظر في النزاع (2). وعليه لابد من عرض كل هذه الفروض لمعرفة القانون المطبق على مسألة الحضانة كما يلي :
الفرض الأول : أن يكون أحد أطراف النزاع وطني الجنسية.
إذا كان أحد أطراف النزاع يحمل الجنسية الوطنية للدولة المرفوع أمام إحدى محاكمها النزاع، فإن الذي يطبق هو قانونه الوطني، سواء كان ذلك الطرف ، هي الأم المكلفة بالحضانة، أم هو الأب المسؤول عن الرعاية وأجرة الحضانة، أم هو المحضون، وبغض النظر عن جنسية الطرف الاخر (3)، وتأكيد هذا الفرض يكون وفق المادة 5/19 (4) مدني عراقي .
الفرض الثاني: أن يكون اطراف النزاع عديمي الجنسية.
قد يولد الطفل المحضون لوالدين عديمي الجنسية، ولا تثبت له جنسية الدولة التي ولد على إقليمها فيصبح عديم الجنسية، ويحدث أن تثار بشأن حضانته منازعه، فإن ما يطبق عليه، هو قانون دولة القاضي الفاصل في النزاع؛ لأن النزاع يتعلق بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية بين طرفين لا تعرف لهما جنسية (5) ، هذا ما جاءت به المادة (33)(6) مدني عراقي
الفرض الثالث : أن يكون جميع أطراف النزاع من الأجانب.
لم يتفق الفقه والقضاء في تحديد القانون الواجب التطبيق في هذا الغرض، نظرا لعدم النص عليه في القانون العراقي يصوره صريحة والقوانين موضوع المقارنة، ويمكن رد هذا الاختلاف الى الاتجاهات التالية .
الاتجاه الأول - اخضاع الحضانة القانون الذي يحكم النسب.
اتجهت آراء غالبية الفقه إلى أن الحضانة التزام ناشئ عن النسب، باعتبار أنها التزاما يقع على من يثبت نسب المحضون إليه، بغض النظر عن العلاقات التي بين الوالدين(7)، فقد اتجهت آراؤهم إلى اخضاع الحضانة للقانون الذي يحكم النسب، وهو أما قانون جنسية من يطلب الانتساب إليه من الوالدين، أو القانون الشخصي للأب وقت ميلاد الولد، بالنظر إلى إن الأب هو الذي أوجد الابن، وإلى أن إثبات البنوة يهم الأب أكثر من الأبن (8)، سواء كان هذا القانون هو قانون الموطن على نحو ما هو معروف في الدول الأنجلو أمريكية، أم هو قانون الجنسية على نحو ما هو معروف في أغلب النظم العربية والعراق(9). وقد أيد هذا الاتجاه جانب من الفقه المصري (10).
الاتجاه الثاني - اخضاع الحضانة للقانون الذي يحكم أثار الزواج.
هناك رأي آخر يقول بأن مسألة الحضانة يسري عليها القانون الواجب التطبيق على أثار الزواج، وهو قانون جنسية الزوج (الأب) وقت ابرام عقد الزواج، لا سيما إذا ما كنا بصدد نزاع بشأن الحضانة غير مرتبط بدعوى التطليق أو الانفصال، أي حالة قيام العلاقة الاسرية بين والدي الطفل، سواء كان طفلا شرعيا أم كان طفلا طبيعية، إذ تبدو الحضانة أمر لا جدال فيه كمظهر أساسي ملازم لولاية الأبوين على نفس ومال الصغير (115)، ومن ثم فليس هناك ما يدعو إلى عدم التسليم باختصاص القانون الشخصي الذي يحكم من حيث الأصل هذه العلاقة الأسرية (12)
الاتجاه الثالث - اخضاع الحضانة للقانون الذي يحكم انحلال الزوجية.
رأي أخر يرى بأن القانون الواجب التطبيق على الطلاق والتطليق، هو الذي يسري على الحضانة وأجرة المحضون وانتهائها وكل ما يتعلق بها، إذ أن مشكلة الحضانة لا تثار إلا بعد انقضاء الرابطة الزوجية، فهي أثر من أثار انقضاء الرابطة الزوجية(13)، وبالتالي اخضاعها للقانون الشخصي للزوج (الأب ) أي تطبيق قانون جنسية وقت رفع الدعوى وفق المادة 3/19 من القانون المدني العراقي التي نصت " ويسري في الطلاق والتفريق والانفصال قانون الزوج وقت الطلاق، أو وقت رفع الدعوى " والمادة 2/13 مدني مصري (14)
الاتجاه الرابع - اخضاع الحضانة القانون الأصلح لحماية الطفل.
على عكس الآراء السابقة ذهب رأي في الفقه الحديث، إلى أن الحضانة يجب أن يطبق عليها القانون الأصلح لحماية الطفل وتامين رعايته، وينحصر البحث عن ذلك القانون بين كل من القانون الواجب التطبيق على أثار التطليق؛ لأن مشكلة الحضانة وكما يدل الواقع القضائي والعملي لا تثور إلا عند المنازعة وطلب حل الرابطة الزوجية، وبين القانون الشخصي للطفل إذ أن بعد الطلاق، أو التطليق يكون الطفل ، هو مركز الخطورة في الوضع القانوني الناشئ بخصوصه، وهو وضع يمس حالته وفي اطارة يتم بحث أمور عده منها سن الصغير، وعلاقته يطالب الحضانة وبمن يتنازع فيها وأهمها مصلحة الصغير البحتة (15) .
ولهذا نجد أن المادة (936) من قانون المرافعات المصري رقم 13 لسنة 1986، وهي من المواد التي تنظم الولاية على النفس التي تعد الحضانة أولى مراحلها نصت على " إذا قضت المحكمة بسلب الولاية أو وقفها عهدت بها إلى من يلي المحكوم عليه فيها، وفقا لقانون بلد المشمول بالولاية ".
فهذا النص يشير إلى تطبيق قانون الطفل وعدم تجاهله، ويدعم هذا الرأي بعض الآراء الفقهية في مصر (16) ، وكذلك بعض الاتفاقيات الدولية، منها اتفاقية لاهاي المبرمة في 15 اکتوبر 1961 المتعلقة باختصاص السلطات والقانون الواجب التطبيق في مجال حماية القصر، بعد أن نصت المادة الأولى على اختصاص قانون دولة محل إقامة العادية للصغير, أردفت المادة الرابعة بالنص على " إذا قدرت سلطات الدولة التي يتبعها الصغير، أن مصلحته تقتضي اتخاذ التدابير اللازمة لحماية شخصه، أو أمواله فتقوم بذلك طبقا لقانونها الداخلي، بعد اخطار سلطات دولة محل اقامته العادية (17).
ونلحظ الموقف نفسه في اتفاقية لاهاي لعام 1996 المتعلقة بالاختصاص والقانون الواجب التطبيق والاعتراف والتنفيذ والتعاون في مادة المسؤولية الأبوية واجراءات الحماية للأطفال، إذ حددت الاختصاص في المادة (5)(18) منها، على مقر الإقامة الاعتيادية لطفل، ولكنها أعطت المجال بتطبيق قانون آخر، إذا كان هذا القانون يوفر أكبر قدر من الحماية للطفل، كأن يكون قانون جنسية والده، أو قانون جنسية والدته إذا كانا مختلفي الجنسية، أو قانون جنسية الطفل إذا كان مقيم في دولة أخرى غير الدولة التي يتمتع بها بجنسيته، وذلك حسب نص المادة (15) ف (2) منها التي نصت " غير إنه عندما يقتضي الأمر حماية الطفل في شخصه ،أو امواله يجوز استثناء السلطات الدول المتعاقدة أن تطبق أو تأخذ بعين الاعتبار قانون الدول الأخرى التي لها اتصال متين بالوضعية "(19) .
على كل الأحوال تبقى مسألة الحضانة من أكثر مسائل الحوال الشخصية خلافة على صعيد الفقه والقضاء، وذلك بسبب تجاهل أغلب القوانين النص على قاعدة إسناد خاصة بها .
ما يتعلق بتشريعات قوانين الدول، نجد أن القانون المدني العراقي لم ينص بصورة صريحة على تحديد القانون الواجب التطبيق على مسألة الحضانة ، ولكنه بموجب المادة 4/19 (20) من القانون المدني العراقي، فإنه قد جمع المسائل الخاصة بالبنوة الشرعية والولاية وسائر الواجبات ما بين الآباء والأولاد، بقاعدة إسناد واحدة واخضعها لقانون جنسية الأب، وبذلك تلافي الجدل الحاصل في تحديد القانون الواجب التطبيق على الحضانة، وعلى هذا يمتد نطاق قانون جنسية الأب ليشمل كل ما يتعلق بالحضانة، ومدتها وسقوطها واجرتها ومراتبها(21) ، إلا أن هذا القانون يتعطل، إذا كان أحد الزوجين عراقية وقت انعقاد الزواج بموجب المادة 5/19 موقف القانون المدني المصري لم ينص على قاعدة إسناد خاصة بالحضانة؛ لذا واجهت المحاكم صعوبة في تحديد القانون الواجب التطبيق عليها، فقضت بعض أحكامها بالرجوع إلى مبادئ القانون الدولي الخاص، وهي تقضي بإعطاء الحضانة حكم الولاية، ومن ثم يكون القانون الواجب التطبيق عليها، هو قانون الصغير (22)، وكانت أحيانا تتردد في اعتبار الحضانة من أثار الزواج (23)، وفي البعض الأخر من أحكامها اعتبارها من أثار الطلاق (24).
أما موقف القانون الفرنسي فإنه عد الحضانة أثر من أثار الطلاق، وقد كان القضاء الفرنسي يعقد في بعض أحكامه بقانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى، ولكن تحت تأثير النقد الموجة إليه من قبل الفقه، عاد وعدل عن وجهة نظره وقرر اتباع قانون جنسية الزوج وقت الزواج على الطلاق، والذي هو القانون نفسه المتبع على أثار الطلاق, ولكن بعد صدور قانون 11تموز 1975 والذي نص على قاعدة جديدة للنزاع ظهرت في المادة (310)(25) من القانون المدني الفرنسي (26) .
_______________
1- نشوان زكي سلمان الحضانة و شروط ممارستها, يحث مقدم إلى مجلة الرافدين للحقوق , المجلد السادس, العدد السادس والخمسون, السنة الثامنة ص65
2- د. صلاح الدين جمال الدين, مشكلات حضانة الأطفال في زواج الأجانب , دار الفكر العربي- الاسكندرية, 2004، ص 93
3- د. علي خليل إسماعيل الحديثي ,القانون الدولي الخاص , دار النهضة العربية ,2013 ، ص 81
4- " في الأحوال المنصوص عليها في هذه المادة، إذا كان أحد الزوجين عراقيا وقت انعقاد الزواج يسري القانون العراقي وحدة "
5- د. صلاح الدين جمال الدين مشكلات حضانة الأطفال في زواج الأجانب المصدر السابق ص 97
6- تعين المحكمة القانون الذي يجب تطبيقه في حالة الأشخاص الذين لا تعرف لهم جنسية ........
7- د. عز الدين عبد الله ,اتجاهات القضاء في تطبيق قواعد الإسناد في مواد الأحوال الشخصية, بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد, كلية الحقوق -جامعة القاهرة , السنة الرابعة والعشرون ,العددان الأول والثاني , 1954 , ص318
8- عطية سلمان خليفة السبعاوي القانون الواجب التطبيق على القضاء الزواج ص171
9- د. عزت محمد على البحيري والقانون الواجب التطبيق على الحضانة (( دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي )) بحث مقدم إلى مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة قطر العدد 25 ,2007 ,ص463
10- رأي كل من د. عز الدين عبدالله د. منصور مصطفى منصور, د. محمد كمال فهمي د. هشام على صادق و غيرهم. أشار اليه د. أشرف وفا مح , ص 368
11- د. صلاح الدين جمال الدين مشكلات حضانة الأطفال في زواج الاجانب المصدر السابق ص 98
12- ويرجع أصل هذا الاتجاه في قضية عرضت على القضاء الإيطالي تتلخص واقعة الدعوى قيام أبوين انجليزيان الجنسية و الموطن بإرسال أبنتهما الصغيرة التي تدعي Emma-Harr إلى ايطاليا للتعلم بدير كائن بروما , وبعد انقضاء مدة الدراسة رفضت الصغيرة الرجوع إلى والديها مما دعا الوالدان لعرض الأمر على رئيس المحكمة بروما . وعلى الرغم أن الخلاف لم يصل حد التقاضي بسبب رجوع الصغيرة إلى والديها إلا إن الأمر أثار تساؤل لدى الفقه الإيطالي على القانون الذي يطيق لو استمرت الدعوى, فذهب أغلب الفقه إلى تطبيق المادة (6) من القانون الإيطالي والتي تقضي " بأن مسائل الحالة والأهلية والعلاقات الأسرية تخضع للقانون الوطني للشخص " , فالحضانة باعتبارها المرحلة الأولى من الولاية على نفس الصغار تخضع للقانون الوطني الأطراف العلاقة
13- عطية سلمان خليفة السبعاوي, القانون الواجب التعليق على القضاء الزواج ومصدر سابق ص172
14- المادة 13/2 نصت " ويسري في الطلاق والتفريق والانفصال قانون الزوج وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى" 3
15- د. عزت محمد علي البحيري ,القانون الواجب التطبيق على الحضانة ( دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي ), بحث مقدم إلى مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ,جامعة قطر ,العدد 25 ,2007 ص464
16- د. أحمد عبد الكريم سلامة يطلق على الحضانة القانون الأصلح لمصلحة الطفل وأجرة الحضانة و انتقالا وانتهائها ومسؤولية الحاضن وحق الرؤية
17- انظر نص الاتفاقية على الموقع الالكتروني http://www.hcch,net/vplad/arab
18- نصت المادة (5) ف (1) " تصل كل من السلطات القضائية أو الإدارية للدولة المتعاقدة التي توجد بها الإقامة الاعتيادية للطفل باتخاذ الاجراءات الرامية إلى حماية شخصه أو امواله ف (2) تكون سلطات تولة الإقامة الاعتيادية الجديدة للطفل مختصة بصرف النظر عن مقتضيات المادة (7) بعدة في الحالة التي تعتبر الإقامة الاعتيادية للطفل إلى دولة أخرى متعاقدة"
19- د. عبد العزيز مخيمر عبد الهادي. حقوق الطفل بين الشريعة الاسلامية والقانون الدولي. الطبعة الأولى لجنة التأليف والتعريب والنشر جامعة الكويت, 1997, ص 67 .
20- " نصت المادة على " المسائل الخاصة بالبنوة الشرعية والولاية وسائر الواجبات ما بين الآباء والأولاد يسري عليها قانون الأب"
21- د. فراس كريم شيعان - حسين نعمة نغيمش, تنازع القوانين في الحضانة, بحث مقدم إلى مجلة المحقق الكلي للعلوم القانونية والسياسية العدد الأول , السنة الخامسة ص 166
22- د. محمد كمال فهمي أصول القانون الدولي الخاص , الطبعة الرابعة مؤسسة الثقافة الجامعية للدراسات۔ الإسكندرية سنة 1992 ص 544
23- حكم محكمة القاهرة الابتدائية ( دائرة الأحوال الشخصية للأجانب ) الصادر في 35 سبتمبر 1951 في القضية رقم 37 لسنة 1950 أشار الية د. عز الدين عبدالله القانون الدولي الخاص المصدر السابق , ص 323
24- حكم محكمة القاهرة الابتدائية ( دائرة الأحوال الشخصية للأجانب في القضية رقم 19 لسنة 1951 بتاريخ أول يناير 1953 أشار إلية د. عز الدين عبدالله القانون الدولي الخاص, مصدر سابق , ص 323
25- نصت على الزواج والطلاق يحكم بالقانون الفرنسي إذا كان : - أحد الزوجين من الجنسية الفرنسية - إذا كان الزوجان كلاهما لهما موطن في الأرض الفرنسية - إذا لم يعترف أي قانون أجنبي بصلاحيته في حين تكون المحاكم الفرنسية صالحة للنظر في الطلق أو الانفصال الحسني.
26- د. فراس كريم شيعان- حسين نعمة نغيمش, تنازع القوانين في الحضانة, بحث مقدم إلى مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية , السنة الخامسة ,العدد الأول , ص 168
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|