أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2016
3232
التاريخ: 23-2-2022
1494
التاريخ: 26-6-2016
1530
التاريخ: 25-6-2021
2429
|
يظن البعض أن سعادة الأبناء تتحقق عبر الأمور الثلاثة التالية:
1ـ توفير أفضل الأطعمة والمأكولات المختلفة اللذيذة، والدسمة والحاوية على الفيتامينات والأملاح والحديد وكافة متطلبات الجسم الغذائية الأخرى.
2ـ توفير المكان الجيد والفراش الوثير، والملبس الحسن.
3ـ توفير الدراسة، في كل مراحلها حتى مرحلة التوظيف والعمل.
ويزيدهم البعض على ذلك ـ من الآباء ـ بأن يقوموا باختيار الزوجة المناسبة لولدهم أو يساعدوه على الزواج بالدعم المادي، مثل توفير المال والمسكن.
ونحن نقول: إن كل ذلك صحيح، بل ومطلوب.. ولكن هل أن سعادة الأبناء تتلخص بهذه الأمور وفقط؟
أو بالأحرى هـل الذين حققوا لأبنائهم هذه الأمور، هل أدخلوهم في حديقة السعادة الخضراء؟
قد تكون السعادة هي كل ذلك.. إذا لم يكن في الحياة شيئاً آخر غير المأكل والمسكن والملبس والعمل.
ولكن ماذا نصنع، والحياة ليست هي كل ذلك؟
في الحياة: الدين بالإضافة الى الدنيا، ولا بد من السعادة الدينية في الحياة الأولى والآخرة.
وفي الحياة: المجتمع بالإضافة الى الإنسان، ولا بد من حسن المعاشرة مع الناس وإقامة العلاقات معهم.
وفي الحياة: الأخـلاق بالإضافة الى البطن، ولا بد من التصرف الأخلاقي الرفيع.
وفي الحياة: المسؤولية.
وفي الحياة: الفن والأدب.
وفي الحياة: الإلتزام والحدود.
وفي الحياة: كل شيء وشيء.
ومن هنا، يتضح أن على الوالدين أدوار أخـرى يكون من الجدير بهم الالتفات إليها ـ في هذه الحياة ـ حتى يحققوا أكبر قدر من السعادة لأبنائهم.
ومع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض المسائل تكون مصدراً حقيقياً لسعادة الإنسان أو شقائه.
أي قد يكون إبنك فقيراً ولكنه يكون سعيداً في ظل الإيمان والالتزام الديني، بما لذلك من سعادة (تكتيكية) في الدنيا وسعادة (استراتيجية) في (الآخرة).
أو يكون غنياً، ولكنه يعاني البؤس والشقاء في ظل الكفر والفسق، والفجور.
وليس حديثنا ـ هنا ـ عن السعادة الإيمانية، وإنما هـو حديث عن موضوع آخر هام أيضاً، وهو موضوع: علاقات الأبناء.
وأهمية ذلك نابعة من أهمية مسألة العلاقات في الحياة وما تترك من تأثيرات جمة على سعادة الإنسان أو شقائه.
ذلك لأن الصداقة والأصدقاء هما اللذان يحددان الطريق للإنسان.
ليس هذا وحسب، فالصديق قد يختار للإنسان الديانة التي يبتغيها، والسلوك الذي يرتضيه.
يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
فالصداقة قضية خطيرة، لأن تأثير الصـديق على صديقه، ليس تأثيـراً فجائياً ملموساً، بل هو تأثير تدريجي، يومي، وغير ظاهر.
ومن هنا فإن الذين ينحرفون بسبب الصداقات لا يشعرون بالانحرافات إلا بعد فوات الأوان، أو لا يشعرون بها إطلاقاً، وهنا مكمن الخطر، لأن الانحراف الذي لا يشعر به صاحبه أخطر من أي انحراف آخر.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار حقيقتين هامتين وهما: قابلية الإنسان للتأثر بالأجواء التي يوضع فيها، وخاصة تأثره بالأصدقاء.
وإن تأثير الصديق ليس مرئياً، ولا فجائياً إذا عرفنا ذلك، فإننا نعرف حينئذ خطورة (الصداقة) في حياة الإنسان والمجتمع، وضرورة الاهتمام بها:
وهنا قد يرتسم تساؤل يقول: إذا كانت (الصداقة) تنطوي على هذه الخطورة، اليس من الأفضل أن لا ندع أبناءنا يخوضون في هذا الأمر؟
الجواب:
كلا!. لا بد أن ندع أنفسنا وأبنـاءنـا لـتـجـربـة الصـداقـة واكتساب الأصدقاء.
ولكن.. بعد أن نجري عملية اختيار الأصدقاء لنا أو لأبنائنا.
فليس من الصحيح أن يتخذ الأبناء أصدقاء بلا حساب، كما ليس من الصحيح أن يعيشوا وحدهم، منعزلين عن الناس، لأن العزلة حالة حيوانية، وليس من مبادئ الإسلام.
فكما أنه ليس من الصحيح أن لا تمتلك سيارة أو بيتاً إلا أنه يجب أن يكون ذلك من الحلال، لا الحرام، كذلك ليس من الصحيح أن لا تمتلك أصدقاء، ولكن يجب أن يكون اختيار الأصدقاء مناسباً، لا عشوائياً.
ولا أعتقد أن هناك من لا يؤمن بضرورة الأصدقاء، وإلا فليبني لنفسه سجناً انفرادياً ويقضي حياته فيه الى الأبد.
ونأتي هنا ببعض الأحاديث الشريفة حتى تتجلى لنا أهمية (الصداقة)، ومن ثم لندفع أبناءنا الى ثمارها اليانعة، ورياحينها الزاهرة.
يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (خياركم أحسنكم أخلاقاً الذين يألفون، ويؤلفون).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): (خالطوا الناس مخالطة إن عشتم معها حنوا إليكم، وإن متم معها بكوا عليكم).
ويقول الإمام أيضا: (يقولون أن الموت صعب على الفتى.. مـفـارقـة الأحباب والله اصعـب).
وجاء في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): (أكثروا من الأصدقاء، فأنهم ينفعون في الدنيا والآخرة، أما الدنيا، فحوائج يقومون بها، وأما الآخرة فأهـل جهنم قالوا: فما لنا من شافعين ولا صديق صميم).
ويقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (ما أحدث عبداً أخاً في الله، إلا وأحدث الله له درجة في الجنة).
أجل.. إذا كان ولا بد من الأصدقاء، في الحياة، ومن هنا كان لا بد على الآباء أن يحسنوا اختيار الأصدقاء لأبنائهم، كما أن عليهم أن يحسنوا اختيار الطعام واللباس والمكان الجيد..
وعملية الاختيار هذه تتم عبر طريقتين وهما:
الطريقة الأولى: يقوم الوالدان بتحديد الأفراد الذين تصح مصادقتهم، ومن ثم يشيرون إلى أبنائهما للذهاب إليهم وربط العلاقة معهم، وبغير هذه الصـورة فلا يجوز للأبن أن يصادق أحد خـوف الـوقـوع بين يـدي أصـدقاء السوء.
وهذه الطريقة لا تكون بمعزل عن الخطر القاتل، الذي يقتل في الأبناء ثقتهم بأنفسهم، واعتمادهم على ذواتهم، ليس في مسألة واحدة كمسـألـة الصداقة، لربما في مسائل الحياة كلها.
الطريقة الثانية: أن يبين الوالدان لأبنهما صفات الإنسان الصالح الذي يكون مؤهلاً لربط العلاقة معه وموآخاته كما يبينان ـ أيضاً ـ صفات من لا ينبغي الدنو منه ومصادقته.
وهذه هي الطريقة التي تفيض بالحسنات ولا ضير ـ بعـدئذ ـ من أن يشير الآباء الى بعض الأفراد كمثال مجسد للصفات الحسنة ويأمروا أبناءهم لمصادقتهم.
فما هي تلك الصفات التي يجب أن نبينهـا لأبنـائـنـا، حتى يختاروا أصدقاءهم ـ هم ـ بأنفسهم في كل مكان وزمان؟
والجواب:
أولا: صفات الذين تصح مصادقتهم، وهي:
واحد: العلم.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (خير من صاحبت ذوو العلم والحلم).
ويقول أيضاً: (عجبت لمن يرغب في التكثـر من الأصحاب، كيف لا يصحب العلماء؟)
ويقول (عليه السلام): (ينبغي للعاقل أن يكثر من صحبة العلماء والأبرار).
وفي حديث آخر: (إعلموا أن صحبة العالم، وأتباعه دين يدان به، وطاعته مكسبة للحسنات، وممحاة للسيئات، وذخيرة للمؤمن، ورفعة في حياتهم، وفي مماتهم، وجميل الأحدوثة عند موتهم).
وقد جاء في المروي عن لقمان الحكيم قوله: (يا بني.. جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن القلوب لتحيا بالحكمة، كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر).
إثنين: الحكمة.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (صاحب الحكماء، وجالس العلماء، واعرض عن الدنيا).
ثلاثة: العقل.
يقول الحديث الشريف: (عدو عاقل خير من صديق جاهل).
وجاء أيضاً: (فساد الأخلاق معاشرة السفهاء، وصلاح الأخلاق معاشرة العقلاء).
وفي حديث آخر: (لا تصحب إلا عاقلاً تقياً، ولا تخالط إلا عالماً زكياً، ولا تودع سرك إلا مؤمناً وفياً).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): (من صاحب العقلاء وقر).
ويقول (عليه السلام): (معاشرة العقلاء تزيد في الشرف).
أربعة: الزهد
الطائفة الرابعة، الجديرة بالصداقة، هم الأبرار من الأتقياء والزهـاد الذين يذكرون الإنسان بالآخرة ويدفعونه إلى الإلتزام بالتقوى).
يقول الحديث الشريف: (ليكن جلساؤك الأبرار وإخـوانـك الأتقياء والزهاد لأن الله تعالى يقول في كتابه: (الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (احذر أن تواخي من أرادك لطمع أو خوف أو فشل أو أكل أو شرب، واطلب مؤاخاة الأتقياء ولـو في ظلمات الأرض، وإن أفنيت عمرك في طلبهم، فإن الله ـ عز وجل ـ لم يخلق على وجه الأرض أفضل منهم بعد النبيين، وما أنعم الله على العبد بمثل ما أنعم به من التوفيق منهم).
وجاء في الحديث أيضاً: (إذا رأيتم الرجل قد أعطي الزهد في الدنيا فاقتربوا منه فأنه يلقى الحكمة).
خمسة: الخير والفضيلة.
يقول الحديث الشريف: (أسعد الناس من خالط كرام الناس).
وجاء أيضاً: (عاشر أهل الفضائل تنبل).
ويقول حديث آخر: (قارن أهل الخير تكن منهم، وبائن أهل الشر تبن عنهم).
ستة: الصدق والوفاء.
يقول الحديث الشريف: (عليك بإخوان الصدق فإنهم زينة في الرخاء وعصمة في البلاء).
ويقول الإمام الكاظم (عليه السلام): (إياك ومخالطة الناس والأنس بهم، إلا أن تجد منهم عاقلاً ومأمونا فأنس به، واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية).
سبعة: الخلق الكريم.
يقول الحديث الشريف: (لا تجالسوا الا عند من يدعوكم الى خمس، من الشك الى اليقين، ومن الكبر الى التواضع، ومن العداوة الى المحبة، ومن الرياء الى الاخلاص، ومن الرغبة في الدنيا وأمورها الى الزهد).
ثانيا: صفات الذين لا تصح مصادقتهم، وهي:
واحد: الحمق.
يقول الإمام علي (عليه السلام) لولده الحسن: (يا بني إياك ومصادقة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (من لم يتجنب مصادقة الأحمق يوشك أن يتخلق بأخلاقه).
اثنين: البخل.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (إياك ومصادقة البخيل، فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه).
ثلاثة: الفجور.
يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يواخين كافراً ولا يخالطن فاجراً، ومن آخى كافراً أو خالط فاجراً كان كافراً فاجراً).
وذات يوم قال الإمام الكاظم (عليه السلام) لرجل من أصحابه: ما لي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟ فقال: إنه خالي.
قال الإمام: أنه يقول في الله قولاً عظيماً، يصف الله ولا يوصف، فإما جلست معه وتركتنا، وإما جلست معنا وتركته.
فقال: هو يقول ما شاء، أي شيء علي منه إذا لم أقل بقوله؟ فقال له الإمام (عليه السلام): أما تخاف أن تنزل نقمة فتصيبكم جميعاً؟
أربعة: الكذب.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (وإياك ومصادقة الكذاب فإنه كالسراب، يقرب عليك البعيد ويبعد عنك القريب).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا صعد المنبر (عليه السلام) قال: (ينبغي للمسلم أن يتجنب مؤاخاة ثلاثة): (الماجن، والأحمق، والكذاب، أما الماجن فيـزين لك فعله، ويحب أن تكون مثله، ولا يعينك على أمر دينك ومعادك، ومقارنته جفاء وقسـوة، ومدخله ومخرجه عليك عار، وأما الأحمق فإنه لا يشير عليك بخيـر ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه، وربما أراد منفعتك فضـرك، فموته خير من حياته، وسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه، وأما الكذاب فإنه لا يهنئك معه عيش، ولا ينقـد حديثك، وينقل إليـك الحديث، كلما أفنى أحدوثة مطها بأخرى حتى يحدث بالصـدق فما يصـدق ويغري بين الناس بـالـعـداوة فينبت السخائم ـ الأحقاد ـ في الصـدور فـاتـقـوا الله وانظروا لأنفسكم).
وإليكم ـ الآن ـ بعض المقترحات النافعة في هذا المجال وهي:
1ـ لا تنسى المراقبة ميدانياً.
بعدما تكون قد بينت لأبنك صفات الذين يجب مصادقتهم، والذين ينبغي الابتعاد عنهم ـ عندئذ ـ ينبغي عليك أن تكمل المشوار، ولا تنسى أن من مهمتك الدائمة هي الإشراف والمراقبة حتى تتدخل عند الضرورة لانتشـال إبنك من صديق سوء، يكاد يجرفه الى الهاوية.
ولكن حذار أن تتحول الى (شرطي) تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في شؤون إبنك الاجتماعية.
2ـ ادفع إبنك الى المزيد.
ليكن في خلدك أن كسب المزيد من الأصدقاء الصالحين، يعد أكبر مغنماً يحققه أبناؤك من أجل النجاح في الحياة.
فالأصدقاء هم جناح الإنسان الذي يطير به.
لذلك فلا تتردد في دفع أبنائك الى مصادقة الأخيار من أترابهم.
3ـ علمهم فنون الصداقة
للصداقة مع الناس فنون كثيرة، عليك أن تبحث عنها وتقدمها لأبنائك.
4ـ مصادقة أصدقائهم.
لكي نعرف قيمة هذه الوصية، لنتصور كم هو حجم الفرح والسرور، الذي يعم قلوب الأبناء حينما يكون الأب مثلاً قد دعى أصـدقاء إبنه، الى الجلوس معه، في بيته، لتبادل أطراف الحديث عن الدراسة، والهوايات، والطموح لكل واحد منهم.
ذلك من الجميل جداً، بالإضافة الى أنه يساعد على: أشعار الابن بأهميته وشخصيته، ويكشف للأب ـ من جانب آخر ـ هـوية هؤلاء الأصدقاء الذين يصادقهم ابنه.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|