أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-9-2018
2969
التاريخ: 2023-11-21
1008
التاريخ: 25-10-2015
7316
التاريخ: 22-10-2015
2327
|
ان أنواع السؤال البرلماني مختلفة, إذ يمكن تقسيمه الى سؤال مكتوب وآخر شفوي, وكذلك سؤال عادي وآخر عاجل, ومع ذلك فإنه يمكن رد جميع أنواع السؤال الى نوعين اساسين هما السؤال المكتوب (الخطي) والسؤال الشفوي, أما السؤال العاجل أو الحال فهو في الواقع نوعا من أنواع السؤال الشفوي, ولكن لأهمية هذا السؤال سوف نميزه بفرع مستقل, حيث سوف نقوم بتقسيم هذا الموضوع الى ثلاثة فروع حيث نتناول في الأول السؤال الشفوي ونخصص الثاني للسؤال المكتوب ونبحث في الثالث السؤال العاجل أو الحال كالآتي:
الفرع الأول
السؤال الشفوي
يعد هذا النوع الأول في الأسئلة البرلمانية والأسبق في الظهور فهو أقدم صور السؤال التي عرفتها المجالس النيابية, بل كان النوع الأول الأوحد والأصل في هذه الأسئلة حتى بداية القرن العشرين (1).
وتتطلب الأسئلة الشفوية حضور الوزير المسؤول أمام البرلمان للإجابة عن الأسئلة الموجه اليه, على عكس السؤال المكتوب الذي لا يستلزم ذلك, إذ يكتفي عادة بوصول الإجابة الى عضو البرلمان السائل, ولا يتعدى السؤال الشفوي عادة كلاً من عضو البرلمان مقدم السؤال- الذي يهدف من سؤاله الاستفهام عن أمر يجهلهُ أو لفت نظر الحكومة لأمر ما- والطرف الخاضع للرقابة من الحكومة, أي لا يترتب على السؤال دخول طرف ثالث في النقاش (2).
ويستعمل السؤال الشفوي من قبل اعضاء البرلمان كوسيلة لعرض مشاكل ناخبيهم, وشكواهم من الدوائر الحكومية المختلفة واعلام الحكومة بها, كما يهدف السؤال الشفوي من ناحية أخرى الى حمل الحكومة المتمثلة برئيس مجلس الوزراء والوزراء الى تحديد مواقفهم تجاه بعض القضايا المهمة المطروحة في الساحة السياسية (3).
ففي فرنسا تميز لوائح البرلمان الفرنسي بين ثلاثة انواع من الأسئلة الشفوية وهي الأسئلة الشفوية البسيطة (بدون مناقشة), والأسئلة الشفوية مع المناقشة, وأسئلة الحكومة , وعليه سوف نوضح هذه الأنواع كلاً في بند:
اولاً: الأسئلة الشفوية بدون مناقشة
يطرح هذا النوع من الأسئلة في وقت قصير جداً وتسمى بالأسئلة البسيطة, وتنحصر العلاقة فيها بين السائل المتمثل بأحد أعضاء البرلمان وعضو الحكومة المعني بالسؤال فقط, فكما هو وارد في النظام الداخلي للجمعية الوطنية الفرنسية تخصص جلسة اسبوعية للأسئلة الشفوية (4) , ويطرح السؤال الشفوي البسيط في صباح جلسة يوم الثلاثاء من كل اسبوع (5), وبعد طرح السؤال تُعطى الكلمة للوزير المختص للإجابة عنه, وعند الاقتضاء يحق لمقدم السؤال التعليق على جواب الوزير (6).
وقد اعطى النظام الداخلي لمجلس الشيوخ الفرنسي الحق لأعضائه في تحويل السؤال الشفوي البسيط الى سؤال شفوي مع المناقشة وذلك بناءً على طلب ثلاثين شيخاً من الحاضرين في الجلسة لإتاحته الفرصة لبقية النواب الاخرين الاشتراك في المناقشة (7).
وفي احصائية خاصة بالسؤال الشفوي بدون مناقشة نجد ان في الدورة السنوية العادية (2006-2007) لم يوجه سؤال من هذا النوع, وفي الدورة السنوية (2007-2008) وجه (357) سؤال شفهي الى الحكومة, وفي الدورة السنوية (2008-2009) ارتفع عدد الأسئلة الشفوية الى (414) سؤال (8).
لكن يلاحظ ان فعالية وسيلة السؤال الشفوي قد انخفضت بعد التفسير الصارم الذي اعطاه المجلس الدستوري الفرنسي للمادة (48) من الدستور, حيث اشار التفسير الى ان الدستور منع تخصيص أكثر من جلسة واحدة اسبوعاً للأسئلة مع أن المادة تشير الى عبارة"جلسة واحدة في الاسبوع على الأقل", كما ان صلاحية طرح الأسئلة تعود للبرلمانين ومن ثم لا يمكن لرؤساء اللجان الدائمة طرح السؤال باسم اللجنة (9).
ثانيا: الأسئلة الشفوية مع المناقشة
يعد هذا النوع من الأسئلة اوسع مدى من السؤال الشفوي بدون مناقشة لأنه يتيح فرصة أكبر للاشتراك في المناقشة سواء للعضو السائل او لبقية الأعضاء في البرلمان لكن ومع ذلك فإنه لا ينتهي باتخاذ اجراء معين ضد الحكومة (10) , ولغاية تسعينات القرن الماضي جرى العمل بهذا النظام من الأسئلة في الجمعية الوطنية الفرنسية الا انه لم يثبت له النجاح المطلوب مما ادى الى الغائه بالقرار رقم 151 في 26/ كانون الثاني /1994 ومن ثم لم يرد النص عليه في النظام الداخلي للجمعية الوطنية الفرنسية لسنة 2010 (11).
الا ان هذا النظام من الأسئلة مازال يُعمل به في مجلس الشيوخ, حيث ان النظام الداخلي يعطي للعضو السائل عشرين دقيقة لعرض سؤاله, ولمؤتمر الرؤساء ان يقرر المدة نفسها للنواب المتدخلين في المناقشة او اختصارها الى عشر دقائق لكل نائب يمثل كتلة برلمانية, ولكل من مقدم السؤال ونائب من كتلة برلمانية مدة خمس دقائق للتعقيب على جواب الحكومة (12).
كما انه بناءً على طلب خطي من مقدم السؤال ومشفوعا بتوقيع ثلاثين شيخا ان يقترحوا لمؤتمر الرؤساء للإقرار تاريخ المناقشة بعد الانتهاء من مناقشة جدول الاعمال المحدد بحسب الأولوية (13).
ثالثا: نظام أسئلة الحكومة
اقترح رئيس الجمهورية فاليرى جسكار ديستان عقب انتخابات سنة 1994 صيغة اصلاحية جديدة في رسالته الى الجمعية الوطنية والتي تقضي باستحداث نظام جديد للأسئلة وهو أسئلة الحكومة, وذلك بتخصيص ساعة واحدة لحوار مباشر بين الحكومة والبرلمان, ووافق مؤتمر الرؤساء في الجمعية الوطنية على هذا الاقتراح بتخصيص ساعة واحدة للأسئلة الموجهة للحكومة, لكن استحداث هذا النظام لم يكن بإجراء تعديل في النظام الداخلي في الجمعية الوطنية الفرنسية, وانما تم تطبيقه بموجب اتفاق بين الحكومة والبرلمان وقرار اتخذ في اجتماع الرؤساء ولايزال معمولا به, وبموجب هذا النظام من السؤال تعقد جلسة الجمعية الوطنية ويحضرها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء للرد علىاسئلة النواب سواء الذين في جانب الأغلبية ام جانب المعارضة, ويمكن تقديم الأسئلة الى رئيس الجمعية الوطنية قبل ساعة واحدة من بداية الجلسة المحددة للإجابة, وعليه ليس لرئيس البرلمان أو مؤتمر الرؤساء سلطة استبعاد الأسئلة المقدمة اليه اذ يتم اختيار الأسئلة بالقرعة ويعد هذا تحسيناً ملحوظاً في نظام السؤال في فرنسا, وبعد توجيه السؤال من قبل الرئيس تقوم الحكومة متمثلة برئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين, بالإجابة وبعدها لا يجوز للنائب السائل او غيره من النواب التعقيب على اجابة الحكومة (14).
ومن الجدير بالذكر ان مجلس الشيوخ الفرنسي قد تبنى نظام اسئلة الحكومة منذ عام 1982(15). , وتم تنظيمه في النظام الداخلي له الصادر عام 2007 حيث جاء فيه ( ويتضمن جدول اعمال مجلس الشيوخ مرة واحدة في الأسبوع, اسئلة الى الحكومة ...) (16).
ويرى الفقه المصري ان نظام اسئلة الحكومة اثبت نجاحه في تحقيق الغرض من تقديم السؤال في حالة الاستعجال, حيث لا يستغرق تقديم السؤال والإجابة عليه الا وقتا قصيرا قد لا يصل الى ساعتين وظهر رضا البرلمانين والرأي العام عنه, الا ان يعاب على هذا النوع من الأسئلة, ان الوزراء قد لا يحضرون مثل هذه الجلسة, ومن ناحية اخرى ان الوقت المخصص للسؤال قصير نسبيا مما يؤدي الى ان يكون الرد على هكذا اسئلة موجزاً (17).
وبالرجوع الى مواقف دساتير الدول العربية المقارنة من تنظيم السؤال الشفوي , ففي مصر نجد ان دستور2014 اشار الى حق عضو البرلمان في تقديم الأسئلة الى الحكومة دون ان يحدد فيما اذا كانت هذه الأسئلة شفوية او مكتوبة (18) اما اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري لسنة2016 فقد اعطت للنواب حق استخدام الية السؤال الشفوي كأصل عام عندما نصت على ان(...وتكون الإجابة على الأسئلة شفاهه في الجلسة مالم تكن من الأسئلة التي يجب الإجابة عليها كتابة وفقا لأحكام هذه اللائحة) (19) , من خلال النص المتقدم نجد ان المشرع المصري جعل الإجابة على الأسئلة شفوية في الأصل الا ما استثنى بنص اللائحة تكون كتابة (لا يختلف السؤال الشفوي عن السؤال المكتوب الا من حيث الإجابة عن السؤال فاذا كانت الإجابة شفوية سمي السؤال شفويا اما اذا كانت الإجابة مكتوبة سمي السؤال المكتوب حيث ان كلاهما يوجهان خطيا), وقد اجازت اللائحة توجيه السؤال بصيغة شفوية اثناء مناقشة موضوع معروض على المجلس حيث نصت على ان(لا تسري الاجراءات السابقة الخاصة بالأسئلة التي يجاب عنها شفاهه على ما يوجه منها الى رئيس مجلس الوزراء, او احد نوابه, او احد الوزراء, او نوابهم اثناء مناقشة موضوع معروض على المجلس, وللأعضاء بعد أن يؤذن لهم بالكلام أن يوجهوا هذا الأسئلة شفويا... ) (20)
اما في الكويت فإن دستور1962 اجاز توجيه الأسئلة الى الحكومة لكنه لم يحدد ايضا فيما اذا كانت هذه الأسئلة شفوية او مكتوبة (21) , لكن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لسنة1963 تضمنت الحق في توجيه الأسئلة الشفوية في حالة مناقشة الميزانية او عند طرح موضوع معين على المجلس حيث نصت على ان( لا تنطبق الإجراءات السابقة الخاصة بالأسئلة على ما يوجه منها الى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء اثناء مناقشة الميزانية او اي موضوع مطروح على المجلس, فأن للأعضاء ان يوجهوها في الجلسة شفويا) (22) , ففي هذه الحالة يحق للأعضاء توجيه الأسئلة الشفوية الى الوزراء, وكذلك فعل المشرع الإماراتي (23) , والأردني (24) .
وفي العراق نجد ان موقف دستور 2005 كموقف التشريعات السابقة, اذ اشار الى حق السؤال دون تحديد فيما اذا كان السؤال مكتوب او شفوي (25) , اما النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة2007 فلم يشر الى حق العضو في توجيه السؤال الشفوي انما اشار الى مدة الإجابة عليه على الرغم من انه لم يشر اليه ابتداء حيث نصت المادة(51) منه على (تدرج هيئة الرئاسة السؤال التي تكون الإجابة عليه شفاها في جدول اعمال اقرب جلسة مناسبة وذلك بعد اسبوع على الأقل من تاريخ ابلاغه الى المسؤول المعني و لا يجوز ان يتأخر الرد على السؤال اكثر من اسبوعين) لهذا ندعو المشرع العراقي الى ضرورة تنظيم السؤال الشفوي بصورة دقيقة ومجدية, من خلال وضع نصوص في النظام الداخلي لمجلس النواب تبين اجراءاته, حيث ان السؤال الشفوي يُعد وسيلة مهمة وسريعة في الحصول على المعلومات والبيانات من الحكومة.
الفرع الثاني
السؤال المكتوب(الخطي)
يعد السؤال المكتوب من اهم انواع الأسئلة البرلمانية حيث انها تتميز بالتوثيق (26) , والأصل ان جميع الأسئلة المكتوبة والشفوية يجب ان توجه مكتوبة الى اعضاء الحكومة, وان العلامة المميزة بين النوعين تتوقف على طلب عضو البرلمان السائل بان تكون اجابة عضو الحكومة المسؤول كتابة او شفاهه (27) وتستخدم الأسئلة المكتوبة كأداة للحصول على المعلومات والبيانات التي يحتاج اليها الأعضاء والتي تتطلب بعض الوقت لإعدادها, بما لا يمكن الحصول عليها عن طريق استخدام الأسئلة الشفوية, واذا رغب العضو في التعقيب على الإجابة عليه باللجوء الى اسلوب الأسئلة الشفوية بأنواعها المختلفة (28) , كما يستخدم هذا النوع من الأسئلة للحصول على تفسيرات لنصوص القوانين واللوائح (29) , وقد يكون الغرض منها الحصول على معلومات احصائية رقمية ورياضية (30) . وفيما يخص الأسئلة المكتوبة في فرنسا, فان من حق اي عضو برلماني ان يضع سؤالاً مكتوباً في مواجهة الحكومة المتمثلة برئيس مجلس الوزراء والوزراء (31) , كذلك تم تنظيم هذا النوع من الأسئلة في النظام الداخلي لمجلس الشيوخ الفرنسي لسنة2007حيث جاء فيه (اي عضو في مجلس الشيوخ يرغب في تقديم سؤال مكتوب الى الحكومة عليه تقديم السؤال الى رئيس مجلس الشيوخ والذي بدوره ينقله الى الحكومة) (32).
ولعل اهم ميزة للسؤال المكتوب هو امكانية توجيهه الى الوزير المختص عن طريق الرئيس سواء كانت الجمعية الوطنية في دورة الانعقاد ام كانت في غير دورة الانعقاد (33) , وكان الهدف من ادخال نظام السؤال المكتوب هو تقديم ايضاحات تتعلق بالسياسة الخارجية غير ان هذا النظام انحرف عن القصد المحدد له واصبح يشمل مسائل ثانوية (34).
اما في مصر فان اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري لسنة 2016 فرقت بين انواع الأسئلة بحسب طريقة الإجابة عليها, حيث حددت حالات على سبيل الحصر تكون فيها الإجابة على الأسئلة مكتوبة وهذه الحالات هي اذا طلب العضو ذلك, واذا كان الغرض من السؤال الحصول على بيانات او معلومات احصائية بحتة, واذا كان السؤال يتعلق بمسألة محلية, واذا وجه السؤال فيما بين ادوار الانعقاد (35) , وبهذا يجب على عضو الحكومة المسؤول ان تكون اجابته مكتوبة في حال توجيه سؤال له في احدى الحالات .
وفي الكويت فان اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة1963 اشارت الى السؤال المكتوب من خلال الإشارة الى الإجابة المكتوبة حيث نصت على ان(ولرئيس مجلس الوزراء او الوزير بموافقة موجه السؤال او في حالة غيابة ان تودع الإجابة او الإيضاحات المطلوبة في الأمانة العامة للمجلس لاطلاع الأعضاء عليها) (36) , اذاً في حالة غياب العضو موجه السؤال عن الجلسة المحددة للإجابة او بموافقته تودع الإجابة او البيانات المطلوبة في الأمانة العامة للمجلس اذ يقتضي الأمر هنا ان تكون الإجابة مكتوبة.
وكذلك يكون الرد كتابيا من قبل رئيس مجلس الوزراء والوزراء فيما بين ادوار الانعقاد اي في عطلة المجلس, حيث نصت اللائحة على ان(الأسئلة التي توجه الى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء فيما بين ادوار الانعقاد يبعثون بالرد عليها كتابة الى رئيس المجلس فيبلغها الى الأعضاء الذين وجهوها, ولا تتقيد الإجابة على هذه الأسئلة بالمواعيد المقررة في المواد السابقة, وتدرج في جدول اعمال اول جلسة تالية للمجلس) (37).
اما موقف المشرع العراقي من نظام السؤال المكتوب فقد تبناه صراحةً من خلال النص عليه في النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لسنة2007 حيث نص على ان(لكل عضو ان يوجه الى اعضاء مجلس الرئاسة او رئيس مجلس الوزراء او نوابه او الوزراء او رؤساء الهيئات المستقلة ورؤساء الدوائر غير المرتبطة بوزارة او غيرهم من أعضاء الحكومة اسئلة خطية ...) (38) , من ذلك يتبين ان النظام الداخلي اشار وبصورة صريحة الى حق اي عضو من اعضاء مجلس النواب ان يوجه اسئلة خطية الى الحكومة.
الفرع الثالث
السؤال العاجل او الحال
اذا كانت الأسئلة التي يطرحها اعضاء البرلمان على الوزراء تهدف الى الحصول على بيانات او معلومات او ممارسة نوع من الرقابة البرلمانية الا ان الإجابة على تلك الأسئلة قد تستغرق وقتا طويلاً مما يؤدي الى فقدان السؤالالأهمية المتوخاة منه (39) , فيما لو اتبع النائب الإجراءات العادية لتقديم السؤال وكذلك لو اتبعت الحكومة الإجراءات العادية في تقديم الإجابة على السؤال (40) , لذلك خُصص للأسئلة ذات الطبيعة الحالة او العاجلة تنظيما خاصا بها لا يخضع لأسلوب طرح الأسئلة التقليدية وتلقي الإجابة عنها, ذلك لأنها لو خضعت لهذا النظام فإنها ستفقد حتما صفتها الأساسية كأسئلة عاجلة تبحث عن جواب سريع (41) .
بمعنى آخر ان هنالك بعض الأسئلة التي لا تحتمل اي تأخير لا في وقت طرحها ولا في مدة الإجابة عليها حيث يعد الوقتعنصراً مهماً جداً فيها بل انه السبب في طرح السؤال نفسه (42) , ومن الجدير بالذكر ان السؤال العاجل او الحال هو نوع من الأسئلة الشفوية حيث تظهر فائدتها حينما تثار بعض القضايا الملحة وذات الطبيعة العاجلة (43) , ومن امثلتها تلك الأسئلة التي توجه الى وزير الصحة عن سبب انتشار مرض خطير.
ففي فرنسا يعد السؤال الحال اجراء من اجراءات الرقابة البرلمانية ادخل الى النظام الداخلي للجمعية الوطنية في سنة 1969 وهو خاص بالسؤال المستعجل والمرتبط بالمصلحة الوطنية والذي يتطلب جوابا عاجلاً من الحكومة (44) , وقد نص النظام الداخلي للجمعية الوطنية الفرنسية, على ان الأسئلة الحالة يجب ان تقدم الى رئيس المجلس قبل ساعتين من وقت اجتماع مؤتمر الرؤساء على اكثر تقدير ويجب ان تحرر بإيجاز شديد علماً ان مؤتمر الرؤساء يجتمع يوم الثلاثاء من كل اسبوع في الساعة السابعة مساء ومن ثم يجب ان يقدم السؤال الحال قبل الساعة الخامسة, وهو بذلك يتيح الفرصة للنواب بتقديم الأسئلة العاجلة حول موضوعات الساعة او الأحداث المفاجئة التي تلفت نظر النواب (45).
اما في مصر فإن المشرع المصري نظم وسيلة رقابية مشابهة لنظام السؤال الحال المعروف في فرنسا, وهذه الوسيلة هي طلب الإحاطة حيث نصت اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري لسنة2016على ان( لكل عضو ان يقدم طلب احاطة الى رئيس مجلس الوزراء او احد نوابه, او احد الوزراء, او نوابهم, يحيطه علما بأمر له اهمية عامة وعاجلة ويكون داخلاً في اختصاص من يوجه اليه, ويجب ان يقدم طلب الإحاطة كتابة الى رئيس المجلس محددا به الأمور التي يتضمنها ومبيناً صفتها العامة والعاجلة, وتقيد طلبات الإحالة في سجل خاص بها وفقا لتاريخ ورودها) (46) , من هذاالنص يتبين لنا ان طلب الإحاطة هو اعلام الحكومة بأمر قد تجهله وهذا الامر له اهمية عامة يحث عضو الحكومة باتخاذ اجراءات عاجلة حياله, على عكس السؤال الذي يكون الغرض منه الاستفهام عن امر يجهله عضو البرلمان.
اما المشرع العراقي فجاء موقفه من نظام الأسئلة العاجلة متوافقا مع موقف المشرع الكويتي, حيث ان كليهما لم يتضمنا اي اشارة الى هذا النوع من الأسئلة بالرغم من اهميته.
وعلى الرغم من ان دستورنا والنظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لم يتضمنا على هذا النوع من الأسئلة الا اننا نؤيد الرأي (47) ، الذي يذهب الى ضرورة تبني نظام الاسئلة العاجلة، فالواقع العملي اثبت كثرة لجوء اعضاء مجلس النواب الى طلب اجراء مناقشة عامة بسبب عدم وجود تنظيم للأسئلة العاجلة التي تضمن للنائب الحصول على الاجابة المباشرة والسريعة، لذلك لم يجد النائب طريقاً للحصول على المعلومات بشأن الموضوعات التي تفرض نفسها من الناحية السياسية او الامنية، سوى اللجوء الى طرح موضوع عام للمناقشة التي تضمن له الحصول على المعلومات بطريقة سهلة وسريعة، ولهذا ندعو المشرع العراقي الى ضرورة النص على الاسئلة العاجلة في النظام الداخلي لمجلس النواب, لانها تمكن النواب من الحصول على الاجابات بشأن المواضيع المستعجلة والطارئة.
______________
1- د. حنان محمد القيسي, حقوق وواجبات أعضاء مجلس النواب في العراق, دراسة في دستور 2005 والنظام الداخلي لمجلس النواب العراقي , ط1, بيت الحكمة, بغداد, 2011, ص60.
2- وسيم حسام الدين الأحمد, الرقابة البرلمانية على أعمال الإدارة في النظام البرلماني والرئاسي, ط1, منشورات الحلبي الحقوقية, بيروت, لبنان, 2008, ص62 وما بعدها.
3- د. فاتن محمد كمال, العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البحرين في ضوء دستورها الصادر عام 1973 وتعديلاته, ط1, بلا دار نشر, بلا مكان نشر, 2012 , ص429.
4- الفقرة (1) من المادة (133) من النظام الداخلي للجمعية الوطنية الفرنسية لسنة2010.
5- الفقرة (1) من المادة (77) من النظام الداخلي لمجلس الشيوخ الفرنسي لسنة2007.
6- د. محسن ظاهر, د. رياض غنام, الرقابة البرلمانية من منضور لبناني وعربي ودولي, ط1, بلال للطباعة والنشر, بيروت 2010, ص 106. نقلا عن د. دانا عبد الكريم سعيد, دور البرلمان في الأنظمة البرلمانية المعاصرة , ضعف الأداء التشريعي والرقابي للبرلمان وهيمنة السلطة التنفيذية , دراسة تحليلية مقارنة, ط1, منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت, لبنان, 2013, ص 189.
7- الفقرة (5) من المادة (78) من النظام الداخلي لمجلس الشيوخ الفرنسي لسنة 2007.
8- د. دانا عبد الكريم, المصدر السابق, ص 190.
9- د. دانا عبد الكريم المصدر السابق, ص190.
10- د. مريد احمد عبد الرحمن حسن, التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية , دراسة مقارنة, دار النهضة العربية, القاهرة, 2006, ص 148 وما بعدها.
11- د. دانا عبد الكريم, مصدر سابق, ص191.
12- الفقرة (1) من المادة (80) والفقرة (1) من المادة (82) من النظام الداخلي لمجلس الشيوخ الفرنسي لسنة2007.
13- الفقرة (2) من المادة (80) من النظام الداخلي لمجلس الشيوخ الفرنسي لسنة 2007.
14- د. دانا عبد الكريم, مصدر سابق, ص194 وما بعدها.
15- د. دانا عبد الكريم, المصدر السابق, ص194.
16- المادة (75) من النظام الداخلي لمجلس الشيوخ الفرنسي لسنة2007.
17- إيهاب زكي سلام, الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني, اطروحة دكتوراه, كلية الحقوق, جامعة القاهرة, 1982 , ص29.
18- تنص المادة(129) من دستور2014 على ان(لكل عضو من اعضاء مجلس النواب ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء, او احد نوابه, او احد الوزراء او نوابهم اسئلة في اي موضوع يدخل في اختصاصهم...).
19- المادة(198) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري لسنة2016.
20-المادة(209) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري لسنة2016.
21- تنص المادة(99) من دستور الكويت لسنة1962 على ان (لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء أسئلة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم ...).
22- المادة(128) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة1963.
23 - تنص المادة(112) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي الإماراتي على (لا تطبق الإجراءات السابقة الخاصة بالأسئلة على ما يوجه منها الى رئيس الوزراء او الوزراء اثناء مناقشة الميزانية أو اي موضوع مطروح على المجلس وانما يكون للأعضاء أن يوجهوها في المجلس شفوياً).
24- تنص المادة(119) من النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني على ان (لا تسري الشروط الخاصة بالأسئلة على الأسئلة التي توجه للوزراء اثناء النظر في الموازنة العامة وفي مشروعات القوانين اذ ان لكل عضو حق التدخل في كل سؤال يرد بشأنها والرد عليه).
25- تنص المادة(61/سابعا/أ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005على ان(لعضو مجلس النواب ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والوزراء اسئلة في اي موضوع يدخل في اختصاصهم ولكل منهم الإجابة على اسئلة الأعضاء...).
26- د. حنان محمد القيسي, مصدر سابق, ص 60.
27- احمد يحيى هادي, الدور الرقابي للبرلمان العراقي بعد 2003, رسالة ماجستير, كلية العلوم السياسية, جامعة بغداد, 2010, ص 79.
28- د. فاتن محمد كمال , مصدر سابق, ص 434.
29- د. حنان محمد القيسي, مصدر سابق, ص 61.
30- احمد يحيى هادي, المصدر سابق, ص 79.
31- تنص الفقرة (1) من المادة (135) من النظام الداخلي للجمعية الوطنية لسنة2010على ان(للأعضاء الجمعية الوطنية توجيه الأسئلة المكتوبة الى الوزراء واذا تعلق السؤال بالسياسة العامة للحكومة فيجب توجيههُ الى رئيس الوزراء).
32- الفقرة (1) من المادة (74) من النظام الداخلي لمجلس الشيوخ الفرنسي لسنة2007.
33 - د. دانا عبد الكريم, مصدر سابق, ص195 وما بعدها.
34- د. ابو الحجاج عبد الغني السيد, المسؤولية الوزارية في النظم الوضعية المعاصرة, دار النهضة العربية, القاهرة, 2010, ص 96.
35- المادة(200) من النظام الداخلي لمجلس النواب المصري لسنة 2016.
36- المادة (124) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة 1963.
37- المادة (131) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة1963.
38- المادة (50) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لسنة2007.
39- د. حنان محمد القيسي, مصدر سابق, ص 61.
40- د. مدحت احمد يوسف غنايم, وسائل الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة في النظام البرلماني, المركز القومي للإصدارات القانونية, عابدين, 2011, ص 148.
41- تغريد عبد القادر علي, رقابة مجلس النواب على اعمال الحكومة, دراسة في السؤال البرلماني, بحث منشور في مجلة الحقوق, كلية القانون, الجامعة المستنصرية, العدد(10), المجلد(3), السنة(5), 2010, ص 192.
42- د. حنان محمد القيسي, مصدر السابق, ص 61.
43- د. عادل الطبطبائي, الأسئلة البرلمانية ( نشأتها- أنواعها- وظائفها), دراسة تطبيقية مقارنة مع التركيز على دولة الكويت, ط1, إصدار مجلة الحقوق, كلية الحقوق, جامعة الكويت, 1987 , ص 164.
44- د. دانا عبد الكريم, مصدر سابق, ص 191 وما بعدها.
45- د. مدحت احمد يوسف غنايم, وسائل الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة في النظام البرلماني, المركز القومي للإصدارات القانونية, عابدين, 2011 , ص 151.
46- المادة (212) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري لسنة 2016.
47- تغريد عبد القادر علي, مصدر سابق, ص 192.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|