أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2018
987
التاريخ: 2-08-2015
931
التاريخ: 2-08-2015
2461
التاريخ: 10-12-2018
909
|
اعلم: أن هذا أصل [ اي اصل النبوة ]عظيم من الدين، وبه يقع الفرق بين المسلم والكافر، فيجب الاعتناء به، وإقامة البرهان عليه، ولا طريق في إثبات النبوة على العموم، ولا على الخصوص إلا بمقدمتين:
إحداهما: أن النبي ادعى رسالة رب العالمين له إلى الخلق، وأظهر المعجزة على وفق دعواه، لغرض التصديق له.
والثانية: أن كل من صدقه الله تعالى فهو صادق.
وهاتان المقدمتان لا يقول بهما الأشاعرة.
أما الأولى: فلأنه يمتنع أن يفعل الله لغرض من الأغراض، أو لغاية من الغايات، فلا يجوز أن يقال: إنه تعالى فعل المعجزة على يد مدعي الرسالة لغرض تصديقه، ولا لأجل تصحيح دعواه، بل فعلها مجانا. ومثل هذا لا يمكن أن يكون حجة للنبي، لأنا لو شككنا في أن الله فعله لغرض التصديق، أو لغيره لم يمكن الاستدلال على صدق مدعي النبوة مع هذا الشك، فكيف يحصل الجزم بصدقه مع الجزم بأنه لم يفعله لغرض التصديق؟.
وأما الثانية: فلأنها لا تتم على مذهبهم، لأنهم يسندون القبائح كلها إلى الله تعالى، ويقولون: كل من ادعى النبوة، سواء كان محقا أم مبطلا، فإن دعواه من فعل الله وأثره. وجميع أنواع الشرك، والمعاصي، والضلال في العالم من عند الله تعالى، فكيف يصح مع هذا أن يعرف: أن هذا الذي صدقه صادق في دعواه، فجاز أن يكذب في دعواه، ويكون هذا الاضلال من الله سبحانه كغيره من الأضاليل التي فعلها (1)...
فلينظر العاقل: هل يجوز له أن يصير إلى مذهب لا يمكن إثبات نبوة الأنبياء به البتة؟. ولا يمكن الجزم بشريعة؟ من الشرائع والله تعالى قد قطع أعذار المكلفين، بإرسال الرسل فقال: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]..
وأي حجة أعظم من هذه الحجة عليه تعالى، وأي عذر أعظم من أن يقول العبد لربه: إنك أضللت العالم، وخلقت فيهم الشرور والقبائح، وظهر جماعة خلقت فيهم كذب وادعاء النبوة، وآخرون ادعوا النبوة، ولم تجعل لنا طريقا إلى العلم بصدقهم، ولا سبيل لنا إلى معرفة صحة الشرائع التي أتوا بها؟ فيلزم انقطاع حجة الله تعالى.
وهل يجوز لمسلم يخشى الله، وعقابه، أو يطلب الخلاص من العذاب، المصير إلى هذا القول؟ نعوذ بالله من الدخول في الشبهات!.
___________
(1) كيف يحتمل ذلك عاقل، مع أن إرسال الرسل إلى البشر يقطع على الظالمين طريق الاعتذار، كما قال الله عز وجل: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [النساء: 165] ، وإن الأنبياء هم الذين أعطاهم الله الحكم والكتاب، وجعلهم أئمة يهدون بأمره، وأوحى لهم فعل الخيرات، وحباهم بأكمل الصفات، وأسنى النعوت ولو لم يكونوا بهذه المثابة من الكمال لصغر شأنهم في أعين الناس، لما استجاب لهم أحد، ولو كذبوا وخانوا وقبحت سيرتهم لضعفت الثقة بهم، ولكانوا مضلين لا مرشدين فتذهب الحكمة من إرسالهم، ولهذا نفى الله الخيانة عن جميع الأنبياء بقوله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] واصطفاهم بالنبوة والرسالة، وعصمهم من العصيان، والخطأ، والسهو، والنسيان، فعرفان منزلتهم موقف خطير فلا تحد منزلتهم بأذهاننا القاصرة، فالأولى التأمل في كلام علي بن أبي طالب عليه السلام، العارف بمقامهم حق المعرفة، لأن أهل البيت أدرى بما فيه:
قال في الخطبة (94) من نهج البلاغة: " فاستودعهم في أفضل مستودع، وأقرهم في خير مستقر، تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام، كلما مضى منهم سلف قام منهم بدين الله خلف " إلى أن قال: " حتى أفضت كرامة الله سبحانه وتعالى إلى محمد صلى الله عليه وآله، فأخرجه من أفضل المعادن منبتا، وأعز الأرومات مغرسا، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه، وانتجب منها أمناءه، عترته خير العتر، وأسرته خير الأسر، وشجرته خير الشجر، نبتت في حرم وبسقت في كرم، لها فروع طوال، وثمر لا ينال، فهو إمام من اتقى، وبصيرة من اهتدى، سراج لمع ضوؤه، وشهاب سطع نوره وزند برق لمعه، سيرته القصد وسنته العدل وكلامه الفصل، وحكمه العدل ".
وقال في الخطبة (144) من النهج أيضا: " بعث الله رسله بما خصهم به من وحيه، وجعلهم حجة له على خلقه، لئلا تجب الحجة لهم بترك الأعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق. إلا أن الله تعالى قد كشف الخلق كشفة، لا أنه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم، ومكنون ضمائرهم " ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا "، فيكون الثواب جزاء، والعقاب بواء ".
وقال بعد وصف خلقه آدم، ومواهبه تعالى له: " اصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم، فجهلوا حقه، واتخذوا الأنداد (إلى أن قال) فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائف العقول، ويروهم آيات المقدرة (إلى أن قال في حق نبينا " ص "): إلى أن بعث الله سبحانه محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإنجاز عدته، وإتمام نبوته، مأخوذا على الأنبياء ميثاقه، مشهورة سماته، كريما ميلاده ".
وقال في الخطبة (103): " حتى بعث الله محمدا " ص " شهيدا، وبشيرا ونذيرا، خير البرية طفلا، وأنجبها كهلا، وأطهر المطهرين شيمة، وأجود المستمطرين ديمة "، وقال في الخطبة (106): " اختاره من شجرة الأنبياء، ومشكاة الضياء، وذؤابة العلياء، وسرة البطحاء، ومصابيح الظلمة، وينابيع الحكمة، طبيب دوار بطبه، قد أحكم مرهمه، وأحمى مواسمه، يضع ذلك حيث الحاجة إليه من قلوب عمي، وآذان صم، وألسنة بكم، متتبع بدوائه مواضع الغفلة، ومواطن الحيرة، لم يستضيئوا بأضواء الحكمة، ولم يقدحوا بزناد العلوم الثاقبة، فهم في ذلك كالأنعام السائمة والصخور القاسية ".
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|