أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2014
4013
التاريخ: 2-4-2022
1670
التاريخ: 28-5-2017
3131
التاريخ: 11-12-2014
3459
|
بنزول الأمر الإلهي بالقتال انتقلت الرسالة الإسلامية إلى مرحلة جديدة من الصراع مع قوى الشرك والضلالة ، وتحركت في نفوس المهاجرين الرغبة الجادة لاسترداد حقوقهم المسلوبة من قبل والتي استلبتها قريش منهم لا لشيء إلّا لأنهم آمنوا باللّه وحده .
ورصد النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) قافلة قريش التي فاتته في طريق ذهابها إلى الشام في غزوة ذات العشيرة وخرج في عدّة خفيفة وعدد قليل يرتجي ملاقاة قافلة ضمّت أسهما تجارية ضخمة لأغلب المكيين . ولم تكن حركة النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) سرّية فقد بلغ خبرها إلى مكة وإلى أبي سفيان قائد القافلة فتحوّل في مسيره إلى اتجاه آخر حيث لا يدركه المسلمون . . . وخرجت قريش فزعة تطلب مالها تلهبها مشاعر الحقد والحسد للمسلمين ، على أن عددا من كبارها نظر إلى الأمر بتدبّر ورويّة وآثر عدم الخروج لملاقاة المسلمين وخصوصا بعد أن ورد خبر نجاة أبي سفيان بالقافلة التجاريّة .
خرجت قريش بعدد يناهز الألف في عدّة ثقيلة يدفعها تجبّرها ، والاغترار بمنزلتها بين العرب ومع جموع أخرى هبّت لنصرتها مصرّة على لقاء المسلمين أو لتثبت أنها لا تخذل كي لا يتعرض لها المسلمون ثانية ، فقريش ما ذلّت مذ عزّت ، كما أعرب عن ذلك بعض أصحاب الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) حين أراد مواجهة قريش لأوّل مرة[1].
نزلت قريش وصفّت صفوفها للقتال على مقربة من ( ماء بدر ) حيث سبقهم المسلمون في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا وهيّأ اللّه لرسوله ( صلّى اللّه عليه واله ) وللمسلمين مقدمات النصر وأسبابه فسهّل لهم الوصول إلى موقع القتال وألقى عليهم الأمن والاطمئنان ووعدهم بالنصر على أعدائهم وإظهار دين الحق[2].
وبالرغم من أن المسلمين لم يتوقعوا خروج قريش لملاقاتهم ولكن بعد أن فاتتهم القافلة وتحول الهدف إلى القتال أراد النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يختبر نوايا المهاجرين والأنصار فوقف وقال : « أشيروا عليّ أيها الناس » .
فقام بعض المهاجرين وتكلّم بكلام يدل على الخوف والجبن عن مواجهة العدو ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول اللّه إمض لأمر اللّه فنحن معك ، واللّه لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها : « فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون » ، ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا إنا معكما مقاتلون والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد [3] لسرنا معك .
فقال له رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) خيرا . ثم كرر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : أشيروا عليّ أيها الناس ، يريد بذلك أن يسمع رأي الأنصار إذ كانوا قد بايعوه على الدفاع والذبّ عنه بالنفس والنفيس في العقبة قبل الهجرة .
فقام سعد بن معاذ فقال : أنا أجيب عن الأنصار ، كأنك يا رسول اللّه تريدنا ؟
قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : أجل . قال : إنّا قد آمنا بك وصدقّناك وشهدنا أن كل ما جئت به حق .
وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة ، فامض يا نبي اللّه ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل ، وما نكره أن يلقانا عدونا غدا ؛ إنا لصبّر عند الحرب ، صدق عند اللقاء ، لعلّ اللّه يريك منّا ما تقرّ به عينك .
عندها قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « سيروا على بركة اللّه فإن اللّه قد وعدني إحدى الطائفتين واللّه لكأني أنظر إلى مصارع القوم »[4].
وفي كل موقف كان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يدعو ويسأل اللّه النصر بعد أن تهيّأ المسلمون للحرب وقاموا بالإعدادات اللازمة بدءا باختيار الموقع المناسب وإعداد الماء واتّخاذ التحوّطات لملاقاة العدو ، والنبي القائد ( صلّى اللّه عليه واله ) كان دائما هو الطاقة المتدفقة التي تبعث في نفوسهم الصبر والجلد ، والاطمئنان كما كان يثير الحماس فيهم ويخبرهم بالمدد الإلهي[5].
واحتفّ المسلمون حول النبي وهم يظهرون أروع صور الاستعداد للتضحية من أجل العقيدة ويفكّرون في خطة بديلة لودارت الحرب على غير ما يحبون فأعدّوا عريشا كمقرّ لقيادة النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) ليشرف من خلاله على المعركة .
وخرجت سرية الاستطلاع لمعرفة أحوال قريش وعادوا بالأخبار الّلازمة للنبي ( صلّى اللّه عليه واله ) فقدّر عددهم ما بين ( 950 - 1000 ) مقاتل[6] .
وقف رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يصفّ المسلمين صفوفا وأعطى رايته الكبرى لعلي ابن أبي طالب ( عليه السّلام ) وأرسل إلى قريش طالبا منها أن ترجع ، فهو يكره قتالها ، فدبّ الخلاف بين صفوف المشركين بين راغب في السلم ومصرّ على العدوان [7] .
وأمر الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) أن لا يبدأ المسلمون القتال ، ووقف يدعو اللّه قائلا :
« اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد بعد اليوم » .
وكما هو المعتاد في كل الحروب القديمة برز من المشركين عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وابنه الوليد يطلبون نظراء لهم من قريش ليبارزوهم . فقال النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) لعبيدة بن الحارث وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب : « يا بني هاشم قوموا فقاتلوا بحقكم الذي بعث به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور اللّه »[8] .
فقتل من برز من قريش والتحم الجيشان ورسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يبعث الحماس في نفوس المسلمين . ثم أخذ النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) كفا من الحصى ورمى بها على قريش وقال : شاهت الوجوه ، فلم يبق منهم أحد إلّا اشتغل بفرك عينيه [9] فكانت هزيمة قريش ووقف رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) على قليب بدر بعد طرح جثث المشركين فيه ، وناداهم بأسمائهم وقال : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا . فقال المسلمون : يا رسول اللّه أتنادي قوما قد ماتوا ؟ فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : إنهم ليسمعون كما تسمعون ولكن منعوا من الجواب [10] .
[1] راجع المغازي للواقدي : 1 / 48 ، السيرة الحلبية : 2 / 160 ، وبحار الأنوار : 19 / 217 .
[2] الأنفال ( 8 ) : 7 - 16 .
[3] برك الغماد : موضع وراء مكة مما يلي البحر .
[4] المغازي : 1 / 48 - 49 .
[5] الأنفال ( 8 ) : 65 .
[6] راجع المغازي : 1 / 50 .
[7] المغازي : 1 / 61 ، بحار الأنوار : 19 / 252 .
[8] المغازي : 1 / 68 .
[9] إعلام الورى : 1 / 169 ، السيرة النبوية : 1 / 628 .
[10] إعلام الورى : 1 / 171 ، السيرة النبوية : 1 / 638 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|