أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-1-2022
2915
التاريخ: 9-1-2016
1935
التاريخ: 22-6-2021
2455
التاريخ: 2024-07-26
468
|
قال أحد الشبان:
(كنت في الصغر من المحافظين على الصلاة في المسجد، وذات يوم وفيما أنا أصلي، لاحظت أحد كبار السن يراقبني حتى فرغت من الصلاة.
فقال لي: صلاتك خطأ. ثم بدا يوجه لي كلاماً لاذعاً، كـأنه سيـاط الجلادين، وأنا غارق في صمتي أردت أن يعرّفني بموقع الخطأ من صلاتي رفض ذلك، وكل ما قاله لي هو أنك خاطئ في الصلاة ومثلك لا يجوز الحضور الى المسجد.
عندها قررت أن أترك الصلاة في المسجد، وأن أصلي في البيت وهذه الخطوة كانت الأولى لتركي الصلاة فيما بعد، وانحرافي عن طريق الإسلام، حتى هداني الله وعدت إليه ثانية الآن).
هذه القصة ليست الـوحيـدة التي سمعتها، فكم من شبـاب أخـرجهم العتاب عن الإيمان؟ ذلك ان اللوم والعتاب والانتقـاد الجارح معاول هدم لعلاقة الإنسان بقيمه ومبـادئـه. كما هي معـاول هـدم للعلاقات مع بني الإنسان.
إن ما يبعث على الأسف في مجتمعنـا هـو أن تصبح ظـاهـرة اللوم والعتاب ـ في الجانب التربوي ـ هي الطريقة المثلى لدى الآباء، حينما يريدون تربية أبنائهم.
فما يكاد الطفل يعمل خطأ بسيطاً حتى ينزل عليه أحد الأبوين بسلسلة من الملامة، فينتج من هذا الأسلوب التربوي طفلاً معقداً، ثم يصبح مهزوزاً في الشخصية عند الكبر.
ذلك أن الآباء عندما يلومون الطفل دائماً على أخطائه البسيطة فإنه ينتج من ذلك أحد أمرين:
1ـ أما أن يصاب الطفل بعقدة الحقارة، فتنمو عنده هذه العقدة، ومع الكبر يصبح فرداً ضعيف الثقة بالنفس، لا يستطيع اقتحام العقبات.
2ـ وأما أن يصاب بعقدة اللامبالاة أمام الأخطاء وهذه لا تقل خطورتها عن السابقة.
ومن هنا فإن علينا أن ندرب أنفسنا وعوائلنا على عـدم تـوجيـه اللوم والعتاب، حتى نساهم جميعاً في بناء الأطفال بعيداً عن العيوب والعقـد النفسية البغيضة.
ولنستمع الى روايات أهـل البيت (عليهم السلام) في ذلك، لنستخلص منهـا الأسلوب الأنجح في التعامل مع الناس والأبناء حينما يخطؤون أو حينمـا لا يقومون بواجبهم بشكل جيد.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (عاتب أخاك بالإحسان إليه.. واربط شره بالأنعام عليه)
فإذا أرسلت إبنك إلى عمل معين، ولم يؤد ذلك بالطريقة المطلوبة فلا تصدمه بلومـك وتوبيخك، إنما قدم له هدية وقل له انجز العمل في المرة القادمة بصورة أحسن..
إن ضميره في هذه الحالة سيؤنبه، وسيقوم على أثره بتحسين عمله وإداء واجبه بشكل حسن.
يقول الإمام الباقر (عليه السلام): (العتاب مفتاح التقالي).
أي مفتاح التباغض والتنافس، فإذا أردت أن تحرك عواطف التباغض في علاقتك مع أبنائك فعاتبهم دائماً.. وإلا فاترك العتاب.
وجاء في الحديث الشريف: (لا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره وإن علمت انه كاذب).
وحينما تقبل العذر من الأبناء فأنت بذلك إنما تحترم نفسك كمـا تحترم أبناءك حيث تضع نفسك فوق العتاب واللوم.
فعندما يكسر طفلك زجاجة، فلا تضربه أو تلومه، وإنما قل له: هذا خطأ وإذا لم تفعله مرة أخرى سأعطيك جائزة وإذا فعلته فسوف تخسر جائزتك تفعله لأننا سنشتري محلها زجاجة أخرى.
وقد ينفع العتاب مع الأطفال في المرة الأولى والثانية ولكنه عبر التعود عليه سيصبح ذلك أمراً عادياً عندهم، ولن يجدي فيهم شيئاً.
وما أجمل قول الشاعر بشأن اللوم والعتاب:
أني ليهجـرني الصـديـق تجنبا فأراه ان لـهـجـره أسـبـابـا
فـأراه ان عـاتـبـتـه أغـريـتـه فـأرى لـه تـرك العتـاب عتـابـا
وإذا ابتليـت بـجـاهـل مـتـحـلم يجـد المحال في الأمـور صـوابـا
أولـيـتـه مـن الـسـكـوت وربما كان السكوت عن الجـواب جوابا
إن أفضل طريقة للعتاب، هي ترك العتاب، وقد ورد في التاريخ أن شخصاً أتى الى أحد الأئمة (عليه السلام) ووجه للإمام الشتم والسباب. ولكن الإمام سكت ولم يرد عليه.
فقال له أصحابه: يا بن رسول الله! لماذا سكتَّ عنه؟ فرد عليهم الإمام:
- لقد فعلت!
إن ترك العتاب أفضل طريقة تعاتب بها إبنك ان حصل منه ما لا يليق.
ثم أن اللوم إضاعة للوقت.
كما أنه بداية للفساد.
وهو حتماً لا يصلح الأبناء.
واللوم يجعل الأطفال أما يشعرون بالحقارة، وأما يتمتعون بمناعة أمـام اللوم والتقريع.
وإذا أحسست بالرغبة في انتقاد أطفالك ولومهم، كلا لن أنهاك بل أرجو فقط أن تقرأ هذه المقالة - قبل أن تنتقدهم، فهي عبارة عن مخاطبة أب ـ لابنه حيث يقول فيها:
يا بني!
اكتب هذا وأنت راقد أمامي على فراشك، سادر في نومك وقد توسدت كفك الصغير، وانعقدت خصلات شعرك الذهبي فوق جبهتك الغضة.
فمنذ لحظات خلت كنت جالساً الى مكتبتي أطالع الصحيفة وإذا بغيض غامر من الندم يطغي علي فمـا تمالكت إلا أن تسللت الى مخـدعـك ووخـز الضمير يصليني ناراً.
وإليك الأسباب التي أشاعت الندم في نفسي:
أتذكر صباح اليوم؟ لقد عنفتك وأنت ترتدي ثيابك تأهباً للذهاب الى المـدرسـة، لأنك عزفت عن غسل وجهك، واستعضت عن ذلك بمسحه بالمنشفة، ولمتك لأنك لم تنظف حذاءك كما ينبغي. وصحت بك مغضباً لأنك نثرت بعض الأدوات عفواً على الأرض!
وعلى مائدة الافطار أحصيت لك الأخطاء واحـدة واحدة فقـد أرقت حساءك والتهمت طعامك، وأسندت مرفقيك الى حافة المائدة، ووضعت نصيباً من الزبد على خبزك أكثر مما يقتضيه الذوق!
وعندما وليت وجهـك شطر ملعبك، واتخذت أنا الطريق الى محطة القطار، التفت إلي ولوحت لي بيدك، وهتفت: (مع السلامة يا بابا) وقطبت لك جبيني ولم أجبـك، ثم أعدت الكرة في المساء ففيما كنت أعبر الطريق لمحتك جاثياً على ركبتيك تلعب في التراب، وقد بدت على جورابك ثقوب، فأذللتك أمام أقرانك، إذ سيرتك أمامي الى المنزل مغضباً باكياً. إن الجوارب، يا بني، غالية الثمن ولو كنت أنت الذي تشتريها لتوفرت على العناية بها والحرص عليها.
أفتتصور هذا يحدث من أب؟
ثم أتذكر بعـد ذلك، وأنا أطالع في غرفتي كيف جئت تجـر قدميك متخاذلاً، وفي عينيك عتاب صامت، فلا نحيت الصحيفة وقد ضاق صدري لقطعك على حبـل خلوتي، وقفت بالبـاب متردداً وصحت بـك أسألك (ماذا تريد؟!)
لم تقل شيئاً، ولكنك اندفعت إلي، وطوقت عنقي بذراعـك وقبلتني وشددت ذراعيك الصغيرتين حولي في عاطفة أودعها الله قلبك الطاهر مـزدهرة لم يـقـو حتى الإهمال على أن يذوي بها!
ثم انطلقت مهرولاً تصعد الدرج الى غرفتك!
يا بني..
لقد حدث، بعد ذلك ببـرهـة وجيزة، أن انزلقت الصحيفة من بين أصابعي وعصف بنفسي ألم عات.
يا الله! إلى أين كانت (العـادة) تسيـر بي؟! عـادة التفتيش عن الأخطاء؟! عادة اللوم والتأنيب؟! أكان ذلك جزاؤك مني على أنك ما زلت طفلاً؟!
كلا! لم يكن مرد الأمر أني لا أحبك، بل كـان مـرده أني طـالـبتـك بالكثير، برغم حداثتك في قرارة نفسك تعفو وتغضي وكان قلبك الصغير كبيراً كبر الفجر الوضاء في الأفق الفسيح.. فقد بدا لي هذا في جلاء من العاطفة المهمة التي حدث بك الى أن تندفع وتقبلني قبلة المساء!
لا شيء يهم الليلة يا بني! لقد أتيت الى مخدعك في الظلام وجثوت أمامك موصوماً بالعار.
وأنه لتفكير ضعيف!
أعرف أنك لن تفهم مما أقول شيئاً لو قلته لك في يقظتك ولكني من الغـد سـأكـون أباً حقاً، سأكون زميلاً وصـديقـاً.. سـأتـألـم عنـدمـا تنـام. وسأضحك عندما تضحك، وسأعض لساني إذا اندفعت إليـك كلمـة من كلمات اللوم والعتاب، وسأرد على الدوام ـ كمـا لو كنت أتلو صـلاتي ـ (أن هو إلا طفل):
لشد ما يحز في نفسي إنني نظرت إليك كرجل.. إلا أنني وأنا أتـأملك الآن منكمشاً في مهدك، أرى أنك ما زلت طفلاً. وبالأمس القريب كنت بين ذراعي أمك يستند رأسك الصغير الى كتفها.
وقد حملتك فوق طاقتك ...!.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|