أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-7-2017
3307
التاريخ: 7-6-2017
3001
التاريخ: 1-6-2017
3162
التاريخ:
3669
|
1- تعريف بالغزوة:
دومة الجندل، حصن، أو مدينة بينها وبين دمشق خمس ليال، وتبعد عن المدينة خمس عشرة أو ست عشرة ليلة، وهي بقرب تبوك1، وصاحبها يدين بالنصرانيّة، وهو في طاعة هرقل ملك الروم2 .
2- أسباب الغزوة:
إنّ دومة الجندل طرفٌ من بلاد الشام، وهي بوّابة يتمّ منها العبور إلى بلاد الشام. فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدنوَ إلى أدنى الشام، كمناورة استباقيّة تزرع الفزع في قلب قيصر الروم3، وليثبت لأطراف الجزيرة المتاخمة لحدود الشام، وجود حضارة إسلاميّة جديدة تمثّلها الدولة النبويّة في المدينة، وليدخل في عمليّة تواصل مع القبائل العربيّة المنتشرة في بادية الشام، والتي كانت على علاقة قويّة بالروم، بل شكّلوا فيالق عسكريّة في الجيش البيزنطي، وكان دورهم تشكيل حزام أمنيّ يدفع غارات الأعراب عن المدن السوريّة.
وكان السبب المباشر للحركة العسكريّة العميقة للجيش الإسلامي في عمق بلاد الشام، معلومات متواترة نقلها التجّار، تفيد بأنّ جمعًا من قبيلتي قضاعة وغسان اللتين تشكّلان قوّة ضاربة في الجيش الروماني، احتشدوا بكثرة في دومة الجندل، بقيادة أكيدر الكنديّ، عامل هرقل عليها، وأنّهم يريدون أن يدنوا من المدينة. وكان في دومة الجندل سوق عظيم، وحركة تجاريّة نشطة، فكان الغساسنة والقضاعيّون يظلمون من يمرّ بهم، ويعترضون المسافرين إلى المدينة وتجّارهم، فشكا التجّار والسابلة أكيدرًا للنبيّ صلى الله عليه وآله 4.
وهكذا، تجمّعت دوافع القيام بحركة إستراتيجيّة باتّجاه بادية الشام، هدفها المباشر الحفاظ على حريّة طرق المواصلات والإمدادات والتموين، والذي يأتي عن طريق التجارة مع المناطق الشماليّة كسورية وما والاها، بعد أن أصبح هذا الطريق غير آمن.
الخروج إلى دومة الجندل
تحرّك خاتم النبيّين في السنة الخامسة في شهر ربيع الأول منها5، مع ألفٍ من أصحابه، فكان يسير الليل ويكمن النهار، ليتمكّن من مفاجأة العدوّ، وأخذه على حين غرّة، من دون أن يتكبّد المسلمون خسائر قد تقع لو أنّ المشركين كانوا يعلمون بمسير المسلمين إليهم ومستعدّين للحرب. وقد غاب عن المدينة مع ألفٍ من أصحابه في هذه الرحلة، قرابة شهر كامل، إلى مكان بعيد، مسافة تزيد عن خمسة عشر يومًا، مع أنّ الأعراب كانوا حول المدينة لا يزالون على الشرك، وهم يترقّبون المسلمين، ويستغلّون الفرصة المناسبة للوقيعة بهم، ومع أنّ فيها من المنافقين ما لا يقلّ عددًا عن المسلمين، وكانوا على اتّصال دائم بقريش وأحلافها من المشركين. ومع ذلك، فقد كان النبيّ مطمئنًّا إلى عدم وجود أخطار حقيقيّة على المدينة. فقد كانت أجهزة استخباراته قويّة وفاعلة، لا يفوتها رصد أيّة تحرّكات أو تجمّعات مريبة، بل وحتّى تستطيع رصد المؤامرات والنوايا أحيانًا. وكانت عيونه مبثوثة في مختلف الأنحاء والأرجاء. كما أنّ مهاجمة المدينة في غياب الرسول صلى الله عليه وآله تحتاج إلى جمع قوى كثيرة من مختلف القبائل، ولن يخفى ذلك على عيون خاتم النبيّين صلى الله عليه وآله ، مع أنّه كان قد احتاط وعقد تحالفات ومعاهدات كثيرة في المنطقة. وإذا كانت قريش قد عجزت وفشلت، فكيف بقبائل لا تملك ما كان لقريش من قوّة وشوكة؟
رسول الله صلى الله عليه وآله في دومة الجندل
نكب دليل النبيّ صلى الله عليه وآله عن طريقهم، فلمّا كان بينه وبين دومة الجندل يومٌ، قال الدليل: "يا رسول الله، إنّ سوائمهم ترعى عندك، فأقم حتّى أنظر". وسار حتّى وجد آثار النعم، فرجع وقد عرف مواضعهم. ثمّ قام المسلمون بالاستيلاء على ماشيتهم، وأصابوا من أصابوا من أعوان أكيدر، وهرب من هرب في كلّ وجه.
جاء الخبر إلى دومة الجندل، وأحسّ بذلك أكيدر الكنديّ فهرب، واحتمل الرحل، وخلَّى السوق، وتفرّق أهلها. ووصل رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل بساحتهم، فلم يلقَ أحدًا، ولم يجد إلّا النعم والشـاء، وقد هرب من هرب، وقام المسلمون بالاستيلاء على ماشيتهم وأموالهم، ليس حبًّا بالسلب والنهب، بل محاولة من النبيّ صلى الله عليه وآله والمسلمين لإحداث ضغط معنويّ كبير على القضاعيّين والغساسنة يجرّ في النتيجة إلى عدم سفك الدماء، والاكتفاء بالضغط الماديّ عبر الاستيلاء على مواشيهم، الذي هو أبلغ عند الأعراب، ووسيلة ناجحة في إضعافهم، وردعهم عن الاشتراك في المكائد ضدّ الإسلام.
لقد كان الهجوم الإسلاميّ على دومة الجندل مخطّطًا له، بحيث يترك آثاره في المنطقة كلّها. فلم يكن النبيّ صلى الله عليه وآله مستعجلًا ولا قلقًا، ولذلك فقد أقام في دومة الجندل أيّامًا، وبثّ السرايا والبعوث أيّامًا عدّة في الاتجاهات المختلفة، وفرّقها بحثًا عن قاطعي الطريق الهاربين، ثمّ رجعت ولم تصادف منهم أحدًا6.
لقد تركت غزوة دومة الجندل آثارًا مهمّة على صعيد تطور الأحداث لمصلحة انتصار الإسلام. فإنّ سرعة تحرّك الجيش الإسلاميّ إلى مسافة بعيدة، وإظهاره ثقة عالية بنفسه، واطمئنانه إلى عدم جرأة أحد على مهاجمة المدينة في غيابه، أثبت أنّ هذا الجيش قادرٌ على ضرب أعدائه، وأنّ عليهم أن يحسبوا ألف حساب قبل أن يقوموا بأيّ عدوان.
________________
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|