فيمن انكر وجود النص على امير المؤمنين عليه السلام وجواب الانكار |
1234
05:30 مساءاً
التاريخ: 30-07-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-1-2017
1059
التاريخ: 11-4-2017
1132
التاريخ: 21-10-2017
1220
التاريخ: 3-3-2018
1030
|
اعلم أن جمعا من المتعصبين الذين ليس لهم قدم راسخ في الدين قد أنكروا وجود النص من خاتم النبيين على أمير المؤمنين و أولاده الطاهرين، مع أن النصوص من طرفهم متضافرة، والأخبار في كتبهم متوافرة، ولما رأى متأخروهم أن الشمس لا تستر بالراح اعتذروا تارة بأن خلافة من تقدم دراية، وخلافة أمير المؤمنين عليه السّلام رواية، وهي لاتعارض الدراية.
وتارة بأن هذه
الأخبار آحاد لم تصل إلى حد التواتر فلا تكون حجة، وتارة بأنها معارضة بالأخبار
المروية في حق الخلفاء، وتارة باستبعاد وجود النص من وجوه:
الأول:
إنه لو كان نص في هذا
المطلب العظيم والمنصب الجسيم لما عدل عنه أكابر الصحابة و التابعين مع تقدسهم وورعهم
و صلاحهم، ولما اختلفوا في السقيفة و قالوا منا أمير و منكم أمير، فكيف اتفقوا
كلهم على ذلك و لم يذكروا نصا مع كونهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف و
ينهون عن المنكر، وامة وسطا شهداء على الناس.
الثاني:
إن النبي صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم لو كان عالما باتفاق أكثر أمته على الباطل، والعدول عن النص، كيف
كان يقول عليكم بالسواد الأعظم.
الثالث:
إن أمير المؤمنين كان
في غاية الشجاعة و نهاية القوة، وهو الذي قاتل الشجعان ونكس الفرسان، وكان المطاع
في قومه والمتبع في عشيرته، فلو كان له حق كيف سكت عنه ولم يدّعه ولم يقاتل عليه،
وأبو بكر على دعواكم كان شيخا ضعيفا جبانا.
الرابع:
إنه قد ثبت قول
العباس لأمير المؤمنين عليه السّلام هلم لأبايعك فيقال إن عم رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم قد بايع عليا، فلا يختلف عليك اثنان.
ولو كان نص لما قال
له ذلك، لماقال أبو سفيان يا بني عبد مناف أترضون أن يتولى عليكم رجل من تيم ولو
شئت لملأتها خيلا ورجلا، ولو كان نص لما رضي أمير المؤمنين عليه السّلام بالدخول
في الشورى، وما رأينا أمير المؤمنين عليه السّلام احتج يوما على معاوية و غيره
بالنص و الجواب.
- جواب
من أنكر وجود النص على أمير المؤمنين عليه السّلام :
إن هذه المزخرفات
الوهمية، والاستبعادات الاعتبارية، والشبهات الشيطانية غير مسموعة في مقابلة
الأدلة القطعية، والبراهين اليقينية، والأحاديث المتواترة، والأخبارالمتضافرة المروية
في صحاحكم و كتبكم، مع قطع النظر عما روته الفرقة المحقّة، والطائفة الحقة ، خلفا
عن سلف بما يزيد على التواتر، و لم يقم من الأخبار والآثار على مطلب من المطالب
أكثر مما قام على هذا الأمر، مع اقتضاء الحال اخفاء ذلك من وجوه عديدة لا تخفى
على الفطن، هذا كله مع تأيدها بالأدلة العقلية، والبراهين القطعية ، والقرائن
الحالية ، و بالروايات التي تزيد على عدد التواتر من طرق الإمامية ، وعدم معارض لها
من طرقكم أيضا، بل رويتم في مثالب خلفائكم ومطاعن أئمتكم في صحاحكم و كتبكمأخبارا
لا تحصى، وروايات لا تستقصى تدل على عدم لياقتهم للرئاسة العامة والإيالة التامة، واستبعاد
ذلك بأطباق أكثر الصحابة والتابعين على خلافه غير مسموع، لأن جملة منهم منافقين
كما نطق بذلك القرآن الكريم والسنة ...، وجملة منهم كانوا مصرينعلى بغض أمير
المؤمنين عليه السّلام إما لحب الرئاسة أو لأضغان بدرية وأحقاد حنينية قتل فيها آباءهم
واستأصل عشائرهم وقبائلهم، وكان عليه السّلام لم يزل يشتكي من قريش و يقول قد أبت
إلا قطعي وعداوتي، حتى رويتم أنه عليه السّلام لم يكن معه من قريش في وقعة صفين
إلاخمسة محمد بن أبي بكر، وجعدة بن هبيرة، وأبو الربيع بن أبي العاص، ومحمد بن أبي
حذيفة ابن اخت معاوية، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وكان مع معاوية ثلاث عشرة قبيلة
منهم مع أهاليهم، وقد اعترفتم بأن معاوية لم يكن محقا في دعواه ومع ذلك أصرت قريش
على عداوة علي عليه السّلام ومقاتلته. وجملة منهم لما رأوا أمير المؤمنين عليه السّلام
جالسا في بيته و مشغولا بما أصابه من فراق ابن عمه، زعموا أنه رفع يده عن الخلافة
و ليس له رغبة فيها.
وجملة منهم اعترضوا
على الغاصبين كبريدة الاسلمي ونحوه بالنص، فأجابوهم بأنا قد شهدنا و غبتم ، ويرى
الحاضر ما لا يرى الغائب ، وجملة منهم كانوا يزعمون أن الإمامة والخلافة عبارة عن
الملك و الإمارة ، وقالوا إنا رعايا فكل من تأمّر أطعناه سواء كان الحق له أو
لغيره، وما لنا و الدخول بين الأمراء كما قال أبو بكر لا تجتمع النبوة و الملك في بيت
واحد، وما كان اللّه ليجمع النبوة و الخلافة لأهل بيت واحد، مع أن صاحب الحق في يوم
وفاة ابن عمه كان مشغولا بتجهيزه، و هم
اغتنموا الفرصة و ذهبوا إلى السقيفة و لم يحضروا نبيهم ، و في اليوم الثاني احتج
أمير المؤمنين عليه السّلام على جملة من المهاجرين والأنصار بأحقيته بالخلافة و
بالنص عليه، فسلموا و اذعنوا و اعتذروا بأنا لو سمعنا مقالك اليوم أمس لما
بايعنا، مع أنكم قد رويتم في صحاحكم أن أمير المؤمنين عليه السّلام لم يبايع
أبابكر مدة مديدة، وقولكم إن أمير المؤمنين لم يحتج بالنص كذب و افتراء، فكم احتج
بذلك مرة بعد أخرى، و كرة بعد اولى، كما هو مروي من طرقكم.
و قد روى ذلك ابن
المغازلي الشافعي في مناقبه، والترمذي في صحيحه، وغيرهما و أما احتجاجه بالقرابة
و الفضيلة أيضا فلا ينافي ذلك فإنه عليه السّلام تابع قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ
رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ} [النحل: 125]. فادعى أولويته بالطرق
الثلاثة بالنص و هو البرهان، وذكر الفضائل و هي الموعظة الحسنة و تسمى الخطابة، وبالقرابة
وهي المجادلة بالتي هي أحسن، كما قال :
فإن كنت بالقربى حججت
امورهم *** فغيرك أولى بالنبي و أقرب
و إن كنت بالشورى
حججت امورهم *** فكيف بهذا و المشارون غيب
واما الاستبعاد من
كتمان أكثر الصحابة بل جلهم هذا و الاعراض عنه ، فليس بمستبعد لما عرفت من جهاته
و معارضة ذلك بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليكم بالسواد الأعظم، مع تسليمه
غير مسموع، لأن اللّه سبحانه و تعالى قد ذم الكثرة و مدح القلة في مواضع عديدة فقال
تعالى: { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ} [الأنعام: 116]. وقوله تعالى :
{وَمَا أَكْثَرُ
النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]. و قوله تعالى: {أَمْ
تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا } [الفرقان: 44]. و قال تعالى:
{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } [الأنعام:
116]. وقال تعالى: {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ }
[المؤمنون: 70] وقال تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ
وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] . و قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ
عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].
إلى غير ذلك من
الآيات و الروايات. وأيضا فإن بني إسرائيل على كثرتهم قد اتفقوا على مخالفة هارون
و عبدوا العجل بعد غيبة موسى، و قد تواتر عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه
يقع في هذه الأمة ما وقع في الامم الماضية حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة، وقد
أشار صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى ذلك بقوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى،و
لعل المراد بالسواد الأعظم ما كان عظيما بحسب الشأن و المرتبة،فيكون عبارة عن كتاب
اللّه أو عنالكتاب و العترة اللذين هما الثقلان كما ترشد إليه الأخبار.و العجب من
المخالفين انهم ذكروا في كتبهم و رووا عن علمائهم ان هؤلاء الصحابة الذين بايعوا
أبا بكر قد اجتمعوا كلهم ومعهم أضعافهم على قتل عثمان و سفك دمه، ومع ذلك لم
يجعلوا ذلك قادحا في مرتبة عثمان، فإن كان اتفاق جلهم على أمر حجة، فليكن في قتل
عثمان، وإن لم يكن حجة فكيف يستدلون به على حقية خلافة أبي بكر، وأيضا و قد استدلوا
بعدم منازعة أمير المؤمنين في بيعة أبي بكر على حقيتها، فكيف لم يجعلوا عدم منازعة
أمير المؤمنين قتلة عثمان دليلا على حقيتهم، إن هذا لعجيب وأي عجيب و غريب وأي
غريب.
وأما ما
استبعدوه من عدم نزاع أمير المؤمنين عليه السّلام من تغلب عليه مع قوته وشجاعته
فقد عرفت أنه ادعى أولويته بالخلافة مرة بعد أخرى،و كرة بعد اولى،و أما تركه لمحاربتهم
و مقاتلتهم كما فعل ذلك بمعاوية و عائشة و الزبير و طلحة و أهل النهروان فله عندنا
محامل صحيحة :
أولها :
إنه عليه السّلام
تابع رب العالمين في صبره وحلمه على الكفار و المنافقين و المشركين و العاصين، ومن
ادعى الربوبية و النبوة من الكاذبين حيث أمهلهم مددا مديدة ودهورا عديدة ، مع
اطلاعه على أحوالهم وعلمه بسرائرهم
وعلانيتهم وقدرته عليهم.
ثانيها :
التأسي بسيد
المرسلين، حيث إنه صبر في أوائل الإسلام على اذى المشركين، وتحمل غاية التعب
ومنتهى المشاق وأنواع الأذى، وصبر على مقاتلتهم ومحاربتهم، ولم يدع اللّه تعالى
على إهلاكهم مع إعلامه تعالى إياه بأحوالهم، وبقي الإسلام ضعيفا في أوائله إلى
اثنتي عشرة سنة، ثم بعد ذلك قوي الإسلام وكثرت شوكة المسلمين فأمر بمحاربة الكفار
ومقاتلتهم .
ثالثها:
التأسي بهدى الأنبياء
الماضين و الرسل السالفين، كما قال تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:
90] كما روي أن قوما من الناس قالوا ما بال علي لم ينازع أبا بكر وعمرو عثمان كما
حارب طلحة و الزبير، فبلغ الخبر أمير المؤمنين عليه السّلام فأمر أن ينادي بالصلاة
جماعة، فلما اجتمع الناس قام فيهم خطيبا، فحمد اللّه تعالى و أثنى عليه وذكر النبي
و صلّىعليه، ثم قام فقال معاشر الناس بلغني أن قوما قالوا ما بال علي لم ينازع
أبا بكر وعمرو عثمان كما نازع طلحة و الزبير، إلا و ان لي في سبعة من أنبياء اللّه
اسوة :
أولهم :
نوح إذ قال اللّه تعالى مخبرا عنه: {أَنِّي
مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [القمر: 10]ْ فإن قلتم ما كان مغلوبا كفرتم و كذبتم القرآن،
وإن كان نوح مغلوبا فعلي أعذر.
الثاني :
إبراهيم حيث يقول:
{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ} [مريم: 48] فإن قلتم انه اعتزلهم من غير
مكروه كفرتم، وإن قلتم رأى المكروه منهم فاعتزلهم فأنا اعذر.
الثالث :
لوط إذ قال لقومه:
{وْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] . فإن قلتم
إنه كان له قوة فقد كفرتم و كذبتم القرآن و إن قلتم إنه لم يكن له بهم قوة فأنا اعذر.
الرابع :
يوسف: قٰالَ رَبِّ
اَلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّٰا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ 2 .فإن قلتم إنه دعي
بغير مكروه و سخط فقد كفرتم، وإن قلتم إنه دعي لما أسخط اللّه عز و جل فاختارالسجن
فأنا اعذر.
الخامس:
موسى بن عمران عليه
السّلام إذ قال: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي
حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ } [الشعراء: 21]. فإن قلتم لم يفر خوفا
على نفسه فقد كفرتم، وإن قلتم إنه فر خوفا فالوصي اعذر.
السادس:
هارون إذ يقول:
{ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا
تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ} [الأعراف: 150]. فإن قلتم إنهم لم
يستضعفوه و لا كادوا يقتلونه حيث نهاهم عن عبادة العجل فقد كفرتم، وإن قلتم إنهم
استضعفوه وكادوا يقتلونه لقلة من يعينه فالوصي أعذر.
السابع :
محمد صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم إذ هرب إلى الغار فإن قلتم إنه هرب من غير خوف على نفسه من القتل
فقد كفرتم، وإن قلتم إنهم أخافوه فلم يسعه إلا الهرب إلى الغار فالوصي أعذر. فقال
الناس بأجمعهم صدق أمير المؤمنين عليه السّلام.
و في رواية أخرى
الاعتذار عن ذلك بانتظار خروج قوم مؤمنين من أصلاب قوم كافرين، و كان معه عليه
السّلام يوم الجمل ثلاثون ألفا من أولاد أولئك.
وفي رواية أنه عليه
السّلام تلا هذه الآية: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ
لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ
عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25] .
و قد ورد في شأن نوح
عليه السّلام أنه صبر على أذى قومه وأمهلهم إلى أن خرج من أصلابهم من يرجى إيمانه
فقال: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ
دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا
فَاجِرًا كَفَّارًا } [نوح: 26، 27] .
رابعها :
من طرق إثبات إمامتهم
عليهم السّلام، إنه قد ثبت بالأدلة العقلية و النقلية آية ورواية أن الإمام يجب أن
يكون معصوما، ولا أحد غير من ذكر بمعصوم باتفاق المسلمين، فوجب أن يكونوا هم
الأئمة.
خامسها :
إنك قد عرفت ان
الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه ، وليس أحد غير من ذكر بمنصوص عليه اتفاقا، فتعين
أن يكونوا هم الأئمة.
سادسها :
ان الإمام يجب أن
يكون أفضل من الرعية ... ، ولا ريب أنه لم يكن في أزمنتهم أحد يساويهم في علم أو
عمل أو فضل بل كانوا أفضل أهل زمانهم ، ولم يرجعوا إلى معلم ولا أخذوا العلم من
أحد، وإنما اوتوا العلم من لدن رب العالمين، وقد كان جميع العلماء و الفقهاء عند
حدوث المسائل الدقيقة و وقوع المسائل المشكلة يرجعون إليهم،ويقتبسون من أنوارهم، و
يحتجون بأقوالهم، وكان أكثر العباسيين وجملة من الأمويين يعترفون باستحقاقهم
الولاية و الخلافة، ولهذا فعلوا معهم ما فعلوا. وكتب العامة والخاصة مملوءة من
ذلك و قد ظهرت منهم من الكرامات و المعجزات و العلوم والأسرار ما لا يحصى، كما
اعترف به المخالفون وذكروه في كتبهم و مصنفاتهم وصحاحهم.
سابعها :
الاجماع وبيانه ان
جميع الأمة اتفقوا على أن مذهب الحق غير خارج عن المذاهب الموجودة الآن، وقد
ابطلت سائر المذاهب بعدم النص والمعجزة والعصمة والأفضلية، فتنحصر الإمامة فيهم
عليهم السّلام.
ثامنها :
النصوص المتواترة من
بعضها على بعض و السابق على اللاحق كما روته الفرقة المحقة و الطائفة الحقة بطرق
متواترة و أسانيد متضافرة، وهم في كل عصر من الأعصار كان منهم ألوف في البلدان و
النواحي و الاقطار و أثبتوه في تصانيفهم وكتبهم، ولم يكن لهم داع سوى الديانة
والتقوى و إظهار الحق، إذ لم تزل الدولة والسلطنة و السيف والغلبة مع أعدائهم و مخالفيهم، وكانوا مع كمال الخوف يضبطون هذه
الأخبار و الآثار، و لو كان غرضهم الدنيا لتقربوا إلى المخالفين بالعدول عن ذلك،و
أمنوا من الخوف و الذل، ونالوا العز و الجاه، هذا مع كمال صلاحهم وورعهم و تقواهم
و تجاوزهم عن حد التواتر.
ويدل على ذلك أيضا ما
رواه العامة و الخاصة بأسانيد عديدة و متون سديدة ان النبي صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم قال: من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (1) .
إذ فيه بين دلالة واصرح
مقالة على بقاء الأئمة إلى انقضاء التكليف، وأن الإمامة من أصول الدين، وذلك لا
ينطبق إلا على مذهبنا.
ونقل ان هذا الحديث
صار سببا لتشيع بعض المخالفين، ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا
أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] .
فإن الذكر اما الرسول
صلّى اللّه عليه و آله وسلّم لقوله تعالى: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ
ذِكْرًا } [الطلاق: 10].
لأنه مذكر للعباد أو
المراد به القرآن لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
وقوله تعالى:
{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44]. وهم عليهم السّلام
أهل القرآن ... من أخبار الثقلين، وإن اللّه تعالى قد أوجب علينا السؤال عن أهل
الذكر، فيجب وجودهم إلى يوم القيامة، ويجب وجود العالم بجميع ما يحتاج إليه الناس،
وليس غيرهم اتفاقا، فتعين ان يكونوا هم.
وقد روى المخالفون
أخبارا متواترة في القائم و بشارة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم به،و إنه
يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، وذكره علماؤهم في
كتبهم وصحاحهم، و قد عرفت ما يدل على وجوب وجود المعصوم عليه السّلام عقلا و نقلا
و آية ورواية، وذكر جملة من علمائهم ومؤرخيهم ولادته عليه السّلام وانه ابن الحسن
العسكري، وتواتر ذلك من طرق الإمامية فيجب الإيمان بوجوده، فوجوده لطف و تصرفه
لطف آخر، وغيبته منا، هي إما لخوفه على نفسه من أعدائه، أو لخوفه على أوليائه، أو
لمصلحة خفية استأثر اللّه بعلمها، وقد وقعت الغيبة للأنبياء السابقين والأولياء
الصالحين ولنبينا سيد المرسلين صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما خاف و غاب في
الغار مدة، ولا استبعاد في طول عمره عليه السّلام كما قالوا، فإنه أمر ممكن واللّه
على كل شيء قدير، وقد اتفق ذلك للأولياء و الأشقياء كالخضر و الياس وعيسى و
الدجال و غيرهم، فلا استبعاد في وقوع ذلك له عليه السّلام، فوجب القول به عقلا و
نقلا، وأما علة الغيبة فلم نكلف بعلمها و قد ورد عنه عليه السّلام في التوقيع
جوابا لمن سأل عن علة الغيبة: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ
تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] .
و قد سألها قوم من
قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين. وأما الانتفاع به في زمن الغيبة فهو كانتفاع العالم
بالشمس حال الغيم كما أجاب به النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جابرا، لأن
غيبة الشمس و إن فات بها بعض النفع، ولكن النفع الأصلي منها وهو وجود النهار باق،
وكذلك الإمام فإن العالم باق بوجوده فكما ان وجوه النهار و بقاءه بوجود الشمس و
بقائها، فكذلك وجود العالم بوجود المعصوم و بقائه، ولولاه لساخت الأرض بأهلها... .
______________________
(1) انظر شرح النهج
الحديدي ج3 ص262 ، ورياض الصالحين للنووي الشافعي 146
ط مصر سنة 1344.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|