المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



ورود الإمام سامراء  
  
3628   04:42 مساءً   التاريخ: 29-07-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : 518-520
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن محمد الهادي / قضايا عامة /

أمر المتوكل بأنزال الإمام يوم وروده سامراء في مكان وضيع يعرف بخان الصعاليك خان المشرّدين والمساكين بذريعة انّ محل إقامته لم يهيّأ بعد، فقضى (عليه السلام) يومه هناك، ومن المؤكد انّ القصد من وراء هذه الحركة هو تحقير الإمام وإهانته بشكل دبلوماسي واعدّوا له داراً للسكن في اليوم التالي فأقام فيه ؛ كان الإمام في هذه المدينة حراً في الظاهر غير انّه كان يعيش كالسجين، إذ كانت داره بحيث تخضع جميع تحركاته وسكناته ولقاءاته للمراقبة من قبل جلاوزة الخليفة ؛ وكان يزداد الطبيب المسيحي وتلميذ بختيشوع وخلال إشارته إلى إحضاره الإمام كرهاً وإجباراً إلى سامراء يقول: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو وقد استقدمه الخليفة من الحجاز فرقاً منه لئلا ينصرف إليه وجوه الناس فيخرج هذا الأمر الخلافة عنهم ويمكن معرفة مدى خشية المتوكل من نفوذ الإمام الروحي بين الناس من خلال اختياره لمحل إقامته وعلى أي حال ورغم كلّ هذه الاحتياطات والمراقبة كان المتوكل يرى في الإمام خطراً يهدّد حكمه ويخشى أن يتصل به أصحابه وشيعته خفية فيخططون للثورة عليه ويمهدون لأنفسهم من خلال إعداد العدة والعدد لهذا الأمر. وكانت حاشية الخليفة تحذره أحياناً من احتمال قيام الإمام وثورته هو وأصحابه، لذلك كان يأمر بين الحين والآخر بتفتيش دار الإمام بدقة، ومع أنّ جلاوزته كانوا يرجعون بخفي حنين في كلّ مرة ظل المتوكل قلقاً يشعر بالخطر وذات مرة سعي بالإمام الهادي إلى المتوكل انّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهالي قم وهو ينوي الثورة على الدولة، فبعث المتوكل إليه جماعة، فهاجموا داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوا الإمام في غرفة مغلقة وعليه ثوب من صوف وهو جالس على الرمل والحصى متوجهاً إلى اللّه تعالى يتلو آيات من القرآن، فحملوه على حاله تلك إلى المتوكل، وقالوا له: لم نجد في بيته شيئاً، ووجدناه مستقبل القبلة يقرأ القرآن وكان المتوكل جالساً مجلس الشراب، فأُدخل عليه الإمام والكأس في يده، فلمّا رآه هابه وعظّمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس التي كانت في يده .

فقال: واللّه ما خامر لحمي ودمي قط، فاعفني فأعفاه.

فقال: أنشدني شعراً.

فقال الإمام: أنا قليل الرواية للشعر .

فقال: لابدّ، فأنشده الإمام (عليه السلام) :

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل

واستنزلوا بعد عزّ عن معاقلهم * فاودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرّة والتيجان والحلل؟

أين الوجوه التي كانت منعّمة * من دونها تضرب الأستار والكلل؟

فافصح القبر عنهم حين ساء لهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل

قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا

وطالما عمّروا دوراً لتحصنهم * ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا

وطالما كنزوا الأموال وادّخروا * فخلّفوها على الأعداء وارتحلوا

أضحت منازلهم قفراً معطلة * وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا

فأثّر على المتوكل حتى بلت لحيته دموع عينه وبكى الحاضرون، وأمر المتوكل برفع الشراب، وقدّم للإمام أربعة آلاف درهم، وردّه إلى منزله مكرّماً .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.