المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



نموا في أبنائكم الشعور بالكرامة والقدرة والاستطاعة  
  
1790   10:04 صباحاً   التاريخ: 19-2-2022
المؤلف : السيد علي أكبر الحسيني
الكتاب أو المصدر : العلاقات الزوجية مشاكل وحلول
الجزء والصفحة : ص344ــ348
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الأبناء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2016 1624
التاريخ: 7-12-2016 2132
التاريخ: 12-1-2016 2593
التاريخ: 2024-09-13 309

كيف تتصرفون مع أبنائكم؟ كيف تنمون فيهم القناعة والإيمان بقوتهم واقتدارهم وكرامتهم؟

إن «المحبة والرحمة والوفاء» هي المبادئ والأصول الثلاثة التي يجب أن تقوم عليها تصرفاتنا وأساليبنا التربوية. يقول معلم البشرية نبي الرحمة محمد المصطفى صلى الله عليه وآله: [أحبوا الأطفال وعاملوهم برفق وأوفوا بوعودكم لهم](1).

ومن أجل أن تتكون عند أبنائكم الثقة الكاملة بأنفسهم وبقدراتهم وكفاءاتهم وتتجذر هذه الثقة في نفوسهم وفي أعماق وجودهم يجب أن تتعاملوا معهم خلال السنوات السبع الأولى من أعمارهم على أساس الرحمة والرأفة والتسامح والمحبة وأن تتجنبوا تماماً استخدام أسلوب الشدة والعنف معهم وأن تتحلوا بالصبر والتأني لما يصدر عنهم من أخطاء وهفوات وتقصير وفي نفس الوقت الذي تقومون فيه بمراقبة أخطائهم وزلاتهم بكل متانة ولطف يجب أن لا تقولوا شيئاً يشعر معه أبنكم بالحقارة والإهانة عليكم أن لا تصرخوا في وجهه وتتصرفوا معه بطريقة تجعله يرتعد خوفاً وتنهار معنوياته. بل عليكم أن تمنحوه القدرة والاستطاعة لارتقاء سلم المجد والرقي في هذه الحياة من خلال قبولكم بما يستطيع القيام به وتقديركم واستحسانكم لتصرفاته ومن خلال تشجيعه المستمر والتحدث معه بكلام يبعث فيه النشاط والحيوية وعليكم أيضاً بالقول والعمل أن تجعلوا أبناءكم يشعرون بعظم شخصيتهم وكرامتهم والقدرات والطاقات الكامنة فيهم وتعملوا على تنمية وتربية هذا الشعور فيهم. لنقرأ معاً هذه الرسالة التي تعكس التصرف الصحيح والمثالي من قبل هذه الأم الواعية مع ابنها المعوق:

الرسالة:.. عندما كنت طفلاً أصبت بشلل في إحدى ساقيّ وذلك نتيجة حادث تعرضت له. وهذا الحادث لم يكن نتيجة تقصير أو إهمال من والدي، لا أبدا فهما يهتمان بي كثيراً وقدما الكثير من التضحيات من أجلي... إن هذا الحادث لم يحل دون ممارستي للعمل ولم يمنع نشاطاتي وتقدمي على هذا الصعيد، لأن أسلوب تعامل والدتي معي قد عوض لي هذا النقص. إن المساعدة التي قدمتها وتشجيعها لي أوجد في نفسي اعتقاداً قوياً وقناعة راسخة بأني قادر على القيام بأي عمل صدقوني لا أبالغ إذا قلت: إن تعامل والدتي جعلني أتقدم في جميع المجالات على كل الذين هم في سنّي.

... إن والدتي لم توجه لي اللوم ولم يحدث أن انتقدتني أو دعت عليّ دعاء سوء أبداً - كما تفعل بعض الأمهات - فهي دائماً تسلّي خاطري وتهدئ من روعي وتشجعني.. إلى درجة أني لا أشعر الان بالكآبة والتألم سبب ذلك الحادث الذي أصاب رجلي بالشلل وأنا أسعى بهذه الرجل الواحدة لكي أعمل وأبني حاتي ومستقلي بيدي..

بارك الله فيك أيها الأخ الكريم وبارك الله بهذه الأم الكفؤة المضحية إنه حقاً ما تقول بأن المعنويات القوية تمنح الجسم قوة واقتدارا وأن الثقة بالنفس وما تتمتع به من قدرات، تجعل الشخص قوياً. المهم وجود هذه الثقة بالنفس ويجب على جميع الآباء والأمهات وسائر المهتمين والمعنيين بالشؤون التربوية وعلى ضوء تجاربهم الناجحة والموفقة أن ينموا هذه الثقة وهذه القناعة في نفوس أبنائهم - القناعة والثقة بطاقاتهم وقدراتهم - وعندها سوف تتفتح في أعماقهم براعم الكمال وتنمو في نفوسهم ثمار السعادة والنجاح والنصر. فالإمام الصادق عليه السلام يقول في حديث مضمونه: ليس هناك من جسم يعجز عن القيام بعمل تقوى عليه الروح.

وعلى العكس من ذلك فإن النفس الضعيفة تمرض الجسم وتجعله خاوياً وعاجزاً، الإيحاءات والتلقينات السلبية تسلب الأمل من القلب وتمنعه من أن يخفق وينبض، إنها تجعل البدين ترتجفان واللسان يتلكأ.

والآن لنقرأ هذه الرسالة التي بعث بها شاب كريم:

الرسالة:.. الجروح التي أصابت جسمي وروحي باتت تنخرهما كمرض الجذام وصار جسمي ينحف شيئاً فشيئاً. ولكن هذه الجروح لا يراها أحد وإذا حدثت أحداً بها لا يصدقني ويستهزئ بي.

... إني ومع الأسف لا أستطيع أن أكون واثقا من نفسي وأتكلم دون أن يرتعش جسمي ويتلكأ لساني... أصبحت كالمجانين ولكني لست بمجنون، أفهم ولكني لا أدري ماذا أفعل. كلمات التأنيب والتحقير والإهانة التي توجهها لي والدتي باستمرار «يا مسكين يا بائس يا قليل الفهم أيها الغبي و...» هذه العبارات والكلمات تدوّي في أذني دائماً وتجعلني أشعر بأي إنسان تافه وفارغ وضعيف إلى درجة أنني أخجل من النظر إلى الآخرين، وأتصور بأنني خلقت للشقاء والبؤس. ورغم أنني بلغت الآن العشرين من العمر فإن والدتي لا تزال تتصرف معي بأسلوب الكلام البذيء والتهكم والسب وتحط من كرامتي وتشوّه سمعتي أمام الصديق والعدو...

لا أدري ماذا أفعل؟ وكيف أتخلص من كلامها الجارح وتحقيرها لي؟...

إن المسلم ليس بفحّاش ولا بسباب. وهو لا يشتم ولا يتهكم على الآخرين ولا سيما على ابنه وفلذة كبده، بل يتحدث معه بأجمل الكلام وأروع التعبير. يتكلم معه بنفس الأسلوب الذي يحب أن يكلمه الآخرون به ويرغب هو أن يسمعه من الآخرين ويشعر بالفرح والارتياح لدى سماعه.

إن الكلام اللطيف الذي يبعث على الأمل والسرور هو مصدر سلامة وقوة للأفراد ويجعل من الشخص المعوق المشلول إنساناً قوياً وسباقاً في معترك الحياة وعلى العكس من ذلك فإن التهكم والسب والكلام البذيء والدعاء بالشر وعبارات التحقير والإهانة تجعل من طفل سليم ونشط شاباً يائساً بهذا الشكل وفارغاً وضعيفاً لا قيمة له ولا اعتبار. يقول تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83].

وحول تفسير هذه الآية يقول الإمام الباقر عليه السلام: «قولوا للناس حسناً أحسن ما تحبون أن يقال لكم»(2).

وبطبيعة الحال كلما كان الأفراد أقرب إلى بعضهم البعض وتربط بينهم صلة القرابة كلما كان عليهم أن يتحدثوا إلى بعضهم البعض بطريقة أفضل وأجمل وبعبارات تحمل في طياتها المزيد من الاحترام والخلق السامي. وعلى هذا الأساس فإن الأبناء هم أقرب الناس إلى الوالدين وبالتالي يجب أن يحظوا باحترام وتكريم الوالدين على كافة الأصعدة لكي يتمتعوا بسلامة الروح واطمئنان وهدوء النفس.

وصيتان:

أ - وصية لوالدتك، إنني واثق بأنك أيتها الأم الفاضلة! كسائر الأمهات تحبين ابنك وتريدين له السعادة والتوفيق، أوصيك بأن تنتبهي إلى كلامك وتراقبي لسانك وتذكري قول أمير المؤمنين عليه السلام الذي مضمونه: «إن التجريح والكلام اللاذع يجرح أكثر من السكين الحادّة والجرح الذي ينجم عن الكلام البذيء واللاذع أكثر خطراً من الجرح الذي يسببه السيف البتار»(3).

أيتها الأم الفاضلة! هل حدث مرة أن تناولت سكين المطبخ وجرحت بها ابنك؟! إن كلامك البذيء ودعاءك بالشرّ على ابنك وتهكمك عليه يجرح مشاعره ونفسيته وهي جروح بليغة تؤذيه بشدة وتقضي عليه. ليكن معلوماً لديك بأن أية كلمة بذيئة تنطقين بها وكل عبارة فحش لاذعة توجهينها له وكل دعاء بالشر تدعين به عليه إنما يزيدك عذاباً يوم القيامة قال رجل للنبي صلى الله عليه وآله: أوصني؟ فقال صلى الله عليه وآله: (احفظ لسانك)، ثم قال له: يا رسول الله أوصني؟ قال صلى الله عليه وآله: «احفظ لسانك»، ثم قال يا رسول الله أوصني فقال صلى الله عليه وآله: (ويحك وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟)(4).

وقال صلى الله عليه وآله: «يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح»(5) أي معظم العذاب الذي يلقاه الشخص يوم القيامة هو بسبب لسانه. إذا أردت أيتها الأخت الكريمة أن يسلم بيتك ويسلم أولادك ويعيشوا في هدوء واستقرار فما عليك إلا أن تحفظي لسانك وتعوديه على الخير والمحبة والإحسان والدعاء بالخير لأولادك.

ب - ووصيتي لك يا ولدي، أنت الذي تتألم من تحقير والدتك لك! إن الله قد جعل في وجود كل إنسان مجموعة من القدرات والطاقات وهو يستطيع من خلال اكتشاف تلك الطاقات والقدرات الكامنة فيه أن يسير شؤون حياته بأفضل وجه ممكن وأن يحافظ على كرامته ويتمتع بشخصية سامية. وكن واثقاً بأن مثل هذه الطاقات والقدرات موجودة فيك أيضاً، وبالتالي فأنت لست أبدا إنساناً تافهاً وضعيفاً لا تقدر على شيء ولا بائساً سيئ الحظ ولست أبداً أبلهاً عديم الفهم والإدراك. فلو كنت عديم الفهم وأبلها لما استطعت أن تكتب مثل هذه الرسالة الجيدة. قد يكون دعاء والدتك عليك ألقى غشاوة على قلبك ولكنك تستطيع أن تزيلها وأن تكتشف وتشاهد في مرآة باطنك الصافية كفاءاتك ولكن ذلك يحتاج إلى الصبر والمثابرة. بإمكانك أن تستخدم كفاءاتك وقدراتك لتسير في طريق الخير والسعادة. اطلب العون من الله فسوف يساعدك. سامح والدتك واصفح عنها فلو كانت والدتك تعلم أن كلامها جارح ومؤذ بهذا الشكل لما تفوهت به ولما قالت ما قالت.

________________________________

(1) مكارم الأخلاق.

(2) تفسير الصافي ج١ ص١٥٢.

(3) غرر الحكم ودرر الكلم، مضمون كلام أمير المؤمنين (عليه السلام).

(4) تحف العقول عن آل الرسول ص ٣٩.

(5) الكافي ج٢ ص ١٢٢ باب ٥٦ ح ١٦ وللحديث صلة. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.