أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-7-2019
1700
التاريخ: 8-7-2019
1565
التاريخ: 1-08-2015
2036
التاريخ: 2-08-2015
5229
|
مسألة: (في كونه تعالى قادرا على القبيح) :
وهو تعالى قادر على القبح من جنس الحسن، وإنما يكون قبيحا لوقوعه على وجه، وحسنا لوقوعه على وجه، كقول القائل: زيد في الدار فإن كان متعلق الخبر بالمخبر عنه على ما هو به فهو حسن، وإن كان متعلقه بخلاف ما هو به فهو قبيح، فلو لم يكن تعالى قادرا على القبيح لم يكن قادرا على الحسن.
وأيضا فلا يخلو القبيح أن يكون جنسا أو وجها، وكونه تعالى قادرا على جنس ووجوهه، لقيام الدلالة على كونه قادرا لنفسه، والقادر لنفسه يجب أن يكون قادرا على كل ما يصح كونه مقدورا، لأن كونه قادرا يصحح تعلقه بكل مقدور، وما صح من صفة النفس وجب، لأنه لو لم يجب لاستحال من حيث لا مقتضي لوجوب ما جاز في صفة النفس خارج عنها، فلا يتقدر فرق بين الصحة والوجوب فيها.
ولأن كون القادر قادرا يصحح تعلقه بكل مقدور، والمقتضي للحصر والتخصيص هو القدر المتعلقة بأجناس مخصوصة يستحيل تعلقها بغيرها، وبما زاد على الجز الواحد من الجنس الواحد في المحل الواحد والوقت الواحد ...، فيجب الحكم فيمن كان قادرا لا بقدرة بكونه قادرا على كل جنس وقدر ووجه، فإذا ثبت كونه تعالى قادرا لنفسه، وجب كونه قادرا على القبيح جنسا كان أو وجها.
ولأن خروج القبيح عن كونه مقدورا له سبحانه يخرجه عن كونه قادرا جملة، لأنا نقدر عليه مع كوننا قادرين بقدر محدثه، فالقبيح إن كان وجها لجنس فتعذره يقتضي تعذر الجنس، وإن كان جنسا ضدا للحسن فتعذره يقتضي تعذر ضده، فيجب الحكم في من لا يقدر عليه بكونه غير قادر، وقد ثبت كونه قادرا، فيجب أن يكون قادرا عليه.
ولأنا نقدر على القبيح، وهو آكد حالا منا في كونه قادرا، لصحة تعلقه بما لا يقدر عليه من الأجناس والمقادير في كل حال وعلى كل وجه.
وقول النظام: إنه لو كان سبحانه قادرا على القبيح لصح منه وقوعه، فيقتضي ذلك خروجه تعالى عن كونه عالما أو غنيا، أو انتقاض دلالة القبيح على ذلك.
يسقط بوجوب كونه قادرا على كل ما يصح كونه كذلك والقبيح (1) من جملته، وهذا كاف في سقوط الشبهة.
على أنا نستأنف كلاما في إسقاطها، فنقول : ...أنه لا يصح وقوع مقدور العالم الذي لا يجوز عليه العبث إلا لداع، والداعي إلى فعل القبيح المعلوم هو الحاجة، وهي مستحيلة فيه تعالى، فلا يتوهم منه تعالى وقوعه على حال، لعدم ما لا يصح وقوع المقدور المعلوم إلا معه، كما (لا) يقع مع العجز عنه، وإن اختلف جهتا التعذر، ألا ترى أنا لا نتوهم وقوع فعل معين ممن أعلمنا الله سبحانه فيه أنه لا يختاره وإن كان قادرا عليه، ولا فرق بين أن نعلم بخبره تعالى عن حال الغير أنه لا داعي له إلى فعل ما وبين أن نعلم بالدليل أنه لا داعي له إلى القبيح في وجوب القطع على تعذر وقوعه منه.
وإذا صح هذا وعلمنا أنه سبحانه لا داعي له إلى القبيح لكونه عالما بقبحه، وبأنه غني عنه، وجب القطع على ارتفاع المقدور على كل حال.
وأيضا فلو فرضنا وقوعه منه مع تعذره لاقتضى ذلك نقض دلالته على الجهل أو الحاجة، من حيث قدرنا وقوعه من العالم الغني، كما لو قيل لنا: لو ظهر المعجز على يد كذاب ما كانت يكون حال المعجز فإنما كانت دلالته على الصدق منتقضة.
ولا يلزم على هذا أن يقال لنا: فقولوا الآن بانتقاض دلالتهما.
لأن المفروض محال، ورد الجواب يحسنه، والحال الآن بخلاف ذلك، فلا يجوز لنا الحكم بانتقاض دلالة القبيح ولا المعجز.
مسألة: (في كونه تعالى لا يفعل القبيح) :
وهو تعالى لا يفعل القبيح، لعلمه بقبحه، وبأنه غني عنه، وقلنا ذلك لأن صفة القبح صارفة (2) عنه.
وكذلك من علم وصوله إلى نفعه بالصدق على الوجه الذي يصل إليها بالكذب لا يؤثره على الصدق، وإنما يصح إيثاره على الصدق متى جهل قبحه، فينتفي الصارف، أو دعت إليه الحاجة، فيقابل داعيها صارف القبح فيؤثره.
وأيضا فالقبح يستحق به الذم والاستخفاف وخفوض الرتبة، وذلك صارف قوي عنه، لا يجوز معه إيثاره إلا لجهل به، أو لحاجة زائدة عليه، وكلا الأمرين مستحيل فيه سبحانه، فلا يصح منه مواقعة القبيح.
وإذا كانت هذه القضية سارية في القبح، وجب القطع على انتفاء الداعي منه تعالى إلى شيء منه، وتعذر وقوع جميعه، ولا يلزم على ذلك وقوع كل حسن، لأن صارف القبح موجب لارتفاعه ممن علمه واستغنى عنه، وداعي الحسن غير موجب، لعلمنا بأن أحدنا قد يفعل الشيء لحسنه، ولا يفعل كل ما شاركه في صفة الحسن كصدقة درهم لحسنها، وترك أمثالها مع مساواتها لها في صفة الحسن، ولا يجوز أن يترك كذبا لقبحه ويفعل مثله.
وليس لأحد أن يقول: كما لا يفعل القبيح إلا لجهل به أو اعتقاد حاجة إليه، فكذلك الحسن قد لا يفعل إلا لاجتلاب نفع أو دفع ضر، فيجب أن لا يفعله سبحانه لاستحالة الضر والنفع عليه .
لأن... تعذر وقوع القبيح إلا لجهل أو لحاجة، فيجب فيمن لا يصحان عليه أن لا يفعله على حال، والمعلوم ضرورة في الحسن خلاف ذلك، لوقوعه منه تعالى، مع استحالة النفع والضر عليه.
ولأنا نعلم إرشاد الملحد الضال عن الطريق إليها، وعن التردي في البئر، بحيث لا يراد أحد ولا يرجو معه نفعا ولا دفع ضرر، فلم يبق لفعله وجه إلا مجرد الحسن، ولأن من علم وصوله إلى نفع أو دفع ضرر بالصدق كالكذب لا يختار إلا الصدق، ولا وجه لذلك إلا مجرد الحسن.
____________
(1) في النسخة: " كذلك هو القبيح ".
(2) في النسخة: " صاره ".
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|