أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-9-2016
1361
التاريخ: 20-8-2022
2169
التاريخ: 30-9-2016
1243
التاريخ: 24-2-2022
2213
|
في سورة الكهف آيتان تعرضت للعجب الاولى تقدمت وهي {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} [الكهف: 103]
والثانية قصة صاحب الجنتين وهي من الصور الرائعة في بيان علاج العجب :
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا }[الكهف: 32 - 44].
ونحن إذا تأملنا في قوله تعالى {جعلنا} ، {حففناهما} ، {فجرنا} نجد نعم الله موصولة بمنعمها.
فإن قطعناها عن مصدر فسيحدث الغرور والإعجاب ... ولننظر كيف تعامل هذا الشخص المغرور مع النعمة ، وكيف رد عليه صاحبه؟
قال المغرور المعجب : { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } [الكهف: 34] فهنا اخذه العجب فقلب النعمة التي ينبغي للمنعم عليه ان يشكر المنعم عليها إلى تفاخر، وتكاثر وبطر ، واستعلاء ... وهنا يبرز اخطر ما في الانسان ، ويخرج شيطان الأنا منه ليتفاخر على صاحبه ، ويقول : { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } [الكهف: 34] (و الأنا أخطر الأمراض النفسية التي توقع الإنسان في مستنقع العجب، يقول جابر : (استأذنت على النبي (صلى الله عليه واله) فقال : من هذا ؟
قلت : "أنا !
فقال : أنا أنا)(1)
فكأنه كره هذه اللفظة ، واستنكرها يريد ان ينبه جابر على خطرها ، لأن الأنا إذا طغت على الإنسان يغيب عنه جمال الله وجلاله وحبه من القلب {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] فإذا خلا القلب من (الأنا) حل فيه جلال الله ، وجماله أما استغرق فيها فلا يمكن ان يبصر من جمال الله وجلاله شيئاً ، بل ينسى نعمه وأفضاله، ولذا قال المغرور المعجب بنفسه وبماله : {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } [الكهف: 34]
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [الكهف: 35] من عدة جهات :
1- فهو ظالم لنفسه ، لأنه قطعها عن بارئها ومصورها فلم يقل : اعزني الله بهذا ، وما عندي من الله ، بل قال : {أنا ...}
2- طول الامل فقد توهم ان هاتين الجنتين خالدة له لا تبيد بل هي باقية إلى الابد ... {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا } [الكهف: 35] هذا هو منطق المستغرق في الامل الذي أنساه الموت ، والفناء ، والحساب، والجزاء .... ، وجعله يتطاول على صاحبه بهذا المنطق الاستعلائي.
3- انقطع عن الله في معاده كما انقطع عن مبدأه فهذا المغرور مقطوع عن المبدأ والمنهى تصوراً وعقيدة ، ولذلك انتفخت ذاته ، وهذه هي نتيجة من لا يربط نفسه بالله تعالى في مبدأ ومنتهاه ، لابد وان يأخذه الغرور والعجب ، ويدفعه إلى القول {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا } [الكهف: 35] ثم يتصور بعد ذلك انه حتى على فرض رجوعه إلى الله فإنه سيكون له فضل عند الله تعالى ، وسيعطيه خيراً منها ؛ ولهذا يقول {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف: 36].
وهذه أقصى درجات الوقاحة ، حين انه يتصور انه يستحق على الله الخير الكثير في الاخرة بما من الله عليه من خيرات الدنيا .
هذا هو منطق المغرور المعجب بنفسه ، وبما في يده من ملكية حيث سيطرت عليه (مشاعر الامتياز ومحاولات التمديد للملكية الخاصة إلى غير مجالها الاصيل تنبع في النهاية من الخطأ في مفهوم الملكية واعتبارها حقاً ذاتياً لا خلافة لها مسؤولياتها ومنافعها)(2)
أما منطق الموحد الذي ربط جميع النعم بمصدرها، فقد ارجع النعم كلها إلى واهبها ، سبحانه وتعالى ، ونحن من خلال الجواب ندرج البون الشاسع بين التفكيرين ، حيث يقول الاول : أنا !
أما الثاني فيقول : الله ربي وهو المنعم علي.
فالأول المعجب المغرور لم ينكر الله ، وانما انكر المعاد {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف: 36].
قال صاحب مجمع البيان : (معناه ولئن كانت القيامة والبعث حقاً كما يقوله الموحدون لأجدن خيراً من هذه الجنة.
قال الزجاج : وهذا يدل على ان صاحبه المؤمن قد اعلمه ان الساعة تقوم ، وانه يبعث فأجابه بأن قال له : ولئن رددت إلى ربي اي كما اعطاني هذه في الدنيا سيعطيني في الآخرة أفضل منها لكرامتي عليه ظن الجاهل انه اوتي ما اوتي لكرامته على الله تعالى)(3) فكفره جاء من الأنا التي جعلته يظن ان له فضلاً عند الله.
والثاني المؤمن الموحد، قال: { لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} [الكهف: 38].
فأثبت له التوحيد أولا، ونفى الشرك، وكشف له التوهم الذي وقع فيه، وهو التحدث بمنطق الأنا منفصلا عن الله.
ثم يلومه على شركه فيقول : {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 39].
أي لماذا تتعامل مع نعمتك وجنتك بمنطق الأنا .
أخوان أحدهما فقير والآخر غني. الأول غني بالله، والثاني غني بماله. وتأتي المفاجأة الكبرى التي تبطل آمال المغرور {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ } [الكهف: 42].
أسفا وحسرة على ما أنفق فيها من أموال ، ولم يحصل منها إلا على الندم والحسرات والأسف، ويا ليته ندم على كفره، وأنا له ذلك؟
وقد انغمس في مستنقع الأنا والآنية والأنانية المقيتة.
إن إحساس الإنسان بالفقر لله تعالى والحاجة إليه في كل شيء يقتلع جذور العجب من النفس، يقول تعالى عن لسان موسى (عليه السلام) {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } [القصص: 24]
وكلمة {إني} في الآيه الكريمة محاصرة بكلمة {فقير} ... وكلمة {لما انزلت} فهو فقير إلى ما ينزله الله إليه.
وهذه الرؤية إذا تكونت عند الإنسان أحس بحقارته إزاء جلال الله تعالى وجماله.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا زاد عجبك بما أنت فيه من سلطانك فحدثت لك أبهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله ، وقدرته مما لا تقدر عليه من نفسك فإن ذلك يلين من جماحك، ويكف عن غربك ، ويفي إليك بما عزب عنك من عقلك)(4)
ويقول (عليه السلام) : (ما لابن آدم والعجب ؟ وأوله نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة وهو بين ذلك يحمل العذرة)(5)
الطريقة الثانية لعلاج العجب أن يحتقر الإنسان عمله، ويستقله ويستعظم ذنبه ويستكبره يقول الإمام الباقر(عليه السلام) : (واستقلل من نفسك كثير الطاعة لله إزاء على النقس)(6)
وفي رواية اخرى: (ثلاثة هن قاصمات الظهر: رجل) استكثر عمله، ونسي ذنبه ، واعجب برأيه)(7)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سنن ابن ماجة 2/1222 ، وشرح مسلم لنووي 14/135.
(2) السيد محمد باقر الصدر ، اقتصادنا : 568 .
(3) الطبرسي ، مجمع البيان : 6/723.
(4) الآمدي، تصنيف غرر الحكم ودر الكلم: 308.
(5) المصدر نفسه .
(6) المحدث المجلسي، بحار الانوار : 78/163.
(7) الشيخ الصدوق ، الخصال: 1/111.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|