أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-5-2022
1630
التاريخ: 24-1-2016
1728
التاريخ: 27-8-2018
1861
التاريخ: 28-11-2021
1995
|
نشأة جغرافية الحرب وتطورها:
لعل استخدام المعرفة الجغرافية في دعم عملية اتخاذ القرار العسكري يعود إلى ما قبل التاريخ المكتوب. فقد تتبع طومسون استخدام الجغرافيا العسكرية وأرجع أول استخدام لها إلى "مجدو"، بالقرب من مدينة حيفا الحالية، حيث حارب المصريون هناك جيوش عدد من دول المشرق في عام 1479 قبل الميلاد. كما أن المؤلفات التاريخية اللاحقة غنية بالأمثلة عن القادة العسكريين المعروفين الذين تأثرت معاركهم بتفسيرهم للعوامل الجغرافية. ويعتبر تأريخ ثيوسيديدس للحرب البيلوبونزية 431- 404 قبل الميلاد ورواية زينوفون عن زحف 10 آلاف من المرتزقة اليونانيين عبر آسيا الصغرى إلى شواطئ البحر الأسود عام 400 قبل الميلاد، والفراسة الجغرافية التي أبداها قيصر خلال حروب الغال 60-55 قبل الميلاد هي فقط بعض الأمثلة عن الأعمال الكثيرة التي يعج بها التاريخ، والتي تتضمن منظورا جغرافيا عسكريا.
أما من حيث الحقل الدراسي الرسمي، فقد كانت الجغرافيا العسكرية ابتكارا أوروبيا، حيث تفوقت فرنسا وألمانيا وبريطانيا في مظم أعمال هذا المجال خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وعلى العموم، يعتبر الكتاب الذي ألفه لافالي عام 1836 تحت عنوان " الجغرافيا الطبيعية والتاريخية والعسكرية، أول كتاب مخصص حصريا للجغرافيا العسكرية. فقد اكتسب هذا الفرع المعرفي سمعة إضافية بعد سنة عندما نشر البريخت فون رون، وهو قائد الأركان العامة البروسي (والذي أصبح بعدها وزير حرب معروفا)، كتاب يحتوي على توصيفات طبيعية - جغرافية للمناطق العسكرية في أوروبا.
وخلال الفترة الأخيرة من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ظهرت الجغرافيا العسكرية تحت اسم "الاستراتيجية الكبرى"، حيث ننم تطبيقها على الأهداف الوطنية. وكان كتاب الجغرافيا العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية وكندا الذي ألفه الملازم براون (1885) من أوائل المنشورات الأمريكية المكرسة حصرا لهذا الاختصاص، ولكن جهوده لم تحفد بالاهتمام لأن الكتاب كان مخصصا لاستخدامه مقررا دراسيا في مدرستي المشاة والفرسان. وقدم ماهان (1890) من خلال كتابه تأثير القوة البحرية على التاريخ 1660-1783، أول مساهمة أمريكية نلم إقرارها على نطاق واسع في هذا المجال، ووضع الأساس لما أصبح يعرف لاحقا باسم الجغرافيا الاستراتيجية.
وعلى الرغم من قلة المنشورات الأمريكية نسبيا في مجال الجغرافيا العسكرية مطلع القرن العشرين، استمر البريطانيون في وضع مجموعة مهمة من المؤلفات، وقدموا أعمالا بارزة خلال تلك الحقبة ألفها ماجواير (1899) وماكندر (1902) وماي (1909 May), وماكدونالد (1911 MacDonnell). وقد شكلت هذه الأعمال الشاملة دلالة واضحة على نضج هذا الفرع في بريطانيا العظمى آنذاك، وأثبتت تأثيرها في المنظور الأمريكي في السنوات اللاحقة.
وبرزت أول حاجة رسمية ملحة للجغرافيا العسكرية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى؛ إذ ساعد الجغرافيون الأمريكيون في البداية بجهود الحرب من خلال تقديم أوصاف خطية للتضاريس الطبيعية المحيطة بمعسكرات التدريب الرئيسية المنتشرة عبر البلاد. وتمت بعد ذلك طباعة هذه الأوصاف على الوجه الخلفي لخرائط التدريب، واستخدمت في تعليم القادة والجنود المهارات الأساسية لتحليل التضاريس.
وعندما دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية، قدم الجغرافيون الأمريكيون من جديد دعما كبيرا لجهود الحرب, ففي عام 1943، كان هناك نحو 300 جغرافي يعملون في واشنطن في مكتب الخدمات الاستراتيجية ووزارة الحرب وشعبة الاستخبارات وفي قسم خرائط الجيش.
وخلال الحرب، حقق المختصون بالجغرافيا العسكرية تقدمة أكبر من مجرد جمع البيانات وتصنيفها، ليصلوا إلى تقديم تقييمات مستمرة لكل من الجغرافيا الطبيعية والبشرية لمناطق معينة. وقد توجت هذه الجهود المشتركة في "الدراسات الاستخباراتية العسكرية والبحرية المشتركة"، التي كانت تضم في الأساس الجغرافيين الإقليميين ليعض الدول والمناطق المختارة. وكانت الدراسات الإقليمية مفيدة ليس للقادة والمخططين العسكريين فحسب، بل وأفادت أيضا الغرق المختصة بتموين الجيش وفرق البحث والتنمية التي كانت مسؤولة عن تصميم الزي الرسمي الموحد والمركبات والمعدات والأسلحة والمواد.
أدت ضرورات أوقات الحرب وتزايد الاهتمام العام إلى زيادة الطلب على الجغرافيا العسكرية تاريخية. وأصبح هذا الفرع حاليا أكثر وضوحا من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية. فالظروف الحالية لم تقدم دفعة كبيرة لهذا الاختصاص فحسب، بل ومهدت الطريق النجاح أكبر في المستقبل أيضا.
وباعتبار الجغرافيا العسكرية فرعا دائم التطور، فقد اكتسبت زخما هائلا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث مرت بعدد من النقلات النوعية التي تضمن تقدمة مطردة. أولا، تجاوز كثيرون حدود التركيز التقليدي الضيق على المشكلات العسكرية في زمن الحرب، وأخذوا بالاعتبار المخاوف في زمن السلم. والمغارقة أن مخاوف زمن السلم لطالما استنفذت القدر الأكبر من وقت الجيش وجهوده. ومع ذلك، فقد تجاهل الجغرافيون العسكريون هذه المجالات بشكل عام حتى وقت قريب.
أما النقلة النوعية الثانية والبارزة فتشمل احتضان مجالين عسكريين معاصرين هما عمليات الاستقرار والدعم والأمن البيئي؛ إذ يستمر هذان المجالان بتمثيل أرض خصبة ضمن الجغرافيا العسكرية الموسعة. فكلاهما قد تطور خلال حقبة ما بعد الحرب الباردة، ويبدو أنهما يتجهان نحو اكتساب قدر كبير من الاهتمام ضمن هذا الفرع من الجغرافيا في المستقبل. والتوسع في هذين المجالين الجديدين سيعزز إمكانيات هذا الفرع إلى أقصى درجة من خلال تمكين الأكاديميين والممارسين من حل المشكلات العسكرية عبر طيف كامل من السيناريوهات العسكرية المعاصرة من السلم إلى الحرب.
ويتيح الشكل (1-1) الذي تم تقديمه بداية في كتاب بالكا (1999 Palka)، للمرء تنظيم خطط البحث، وتوضيح حدود هذا الفرع؛ من أجل التقليل من جوانب الغموض التقليدية وتعزيز ترابطه, ويقوم النموذج على متغيرات السياق، والمقاييس، والمنهج، والرؤية. ويستطيع هذا التصميم حل المشكلات العسكرية عبر مجموعة واسعة من سيناريوهات التوظيف من زمن السلم إلى زمن الحرب. كما يحدد المخطط حجم العملية (نطاقها)، وطبيعة الجغرافيا المعنية (المنهج). وأيضا بالإشارة إلى المنظور التطبيقي أو التاريخي)، يوفر هذا النموذج طريقة شاملة ومقيدة أيضا في تنظيم البحث في الجغرافيا العسكرية وتصنيفه. وربما الأهم من ذلك كله هو أن النموذج يعطي تصوره عن نطاق هذا الفرع من الجغرافيا ويقدم بناء تنظيميا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|