أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2017
2190
التاريخ: 19-1-2016
3373
التاريخ: 19-4-2016
6230
التاريخ: 2024-01-29
1220
|
الأهم من كسب الناس إلى وجهة نظر معينة أو إقناعهم بها: نوعية وجهة النظر ذاتها، وموقعها على مقياس الحق والباطل، والخير والشر، بعبارة أخرى:
إن أي فكرة أو رأي، أو وجهة نظر لكي تكون جديرة بأن يكسب الناس اليها، ويُقنعوا بها، يجب أن تتحقق فيها شروط الحق والخير والفضيلة، أما الفكرة أو الرأي أو وجهة النظر غير المحقة وغير الخيرة هي لیست جديرة بإقناع الناس بها.
بطبيعة الحال، إذ ليس من الجائز ولا من الصحيح اقناعهم بما هو شر وباطل ورذيلة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فان كسب الناس إلى وجهة نظر ما يجب أن يعتمد الإخلاص، والابتعاد عن الضحك على ذقونهم، إن أي فكرة أو ثقافة، أو فكرة أو رأي أو وجهة نظر، وان كانت شريرة أو ساقطة قد يمكن إقناع الناس بها، باعتماد واستعمال قواعد علمية وسيكولوجية، وباستعمال التزيين والخداع (*) ولكن هذا أمر مرفوض ومردود لأنه دعوة للناس إلى الباطل، وضحك على ذقونهم، وإساءة لمعاملتهم.
أما الفكرة، أو الرأي، أو وجهة النظر المحقة والخيرة لكي يُقنع المرءُ الناس بها، ويكسبهم إليها، هناك طرق وقواعد لذلك، ومنها ما يلي:
1 ـ تجنب الجدال مع الطرف الآخر
إن أفضل السبل لكسب جدال هو تجنبه، قال بعضهم: إذا جادلت وتحديت، وناقضت، فربما استطعت أن تنتصر أحيانا، ولكنه نصر أجوف، لأنك ستخسر ـ على اية حال ـ حسن علاقتك بمحدثك. فماذا تفضل: انتصارا أجوفا، أم علاقة طيبة بالشخص الآخر؟ فأنت قلما تفوز بالاثنين معا. وكما تقول الحكمة المأثورة: الرجل الذي أرغـم على أن يعتقد ما ليس يعتقده لا يزال عند اعتقاده الأول.
2 - إحترام آراء الشخص الآخر والابتعاد عن تخطئته
الأفضل للمرء أن لا يبدأ حديثه بقوله لمحدثه: (سأثبت لك هذا او ذاك) فإن هذا القول يعادل قوله: (انني أذكى منك وأقدر منك، وسألقي عليك درساً لألغي ما يدور في ذهنك) وهذا يستثير عناد الشخص الآخر حتى قبل ان يبدأ المرء بالحديث، وإذا أراد المرء أن يثبت شيئاً فالأفضل أن لا يعلن ذلك مسبقاً، وأن يثبته في كياسة ولباقة حتى لا يكاد يشعر الآخر بذلك.
تقول الحكمة الشهيرة: (كن أحكم الناس إذا استطعت، ولكن لا تقل للناس ذلك).
وإذا ظن المرء بأن متحدثاً أخطأ، أو جزم بخطئه، فالأفضل أن يقول له: مع احترامي لرأيك، فأنا أرى رأياً آخر، وقد أكون مخطئاً، فإذا كنت قد اخطات، فلتصحح لي خطئي، فدعنا نختبر الآراء.
3 ـ التسليم بالخطأ
إذا أدرك المرء أنه على خطأ، فمن الأحجى أن يسبق الشخص الآخر الى التسليم بخطئه، اذ من الأفضل أن يستمع المرء إلى النقد الموجه اليه من نفسه بدلا من أن ينصت اليه من شخص آخر، إن التسليم بالأخطاء سبيل الى الارتفاع والسمو، ومتعة تعود على المرء، لا يشعر بها حين يحاول تبرئة نفسه وإنكار أخطائه.
4 ـ التوسل بالرفق واللين وترك الغضب والعنف
بطبيعة الحال لا يمكن لأمرئ أن يقنع شخصاً أخر أو يكسبه إلى وجهة نظره إذا كان قلب هذا الأخير مفعما بالحنق عليه والبغضاء له، ومن هنا فاستعمال الرفق واللين مع الآخرين أمر يساعد على إقناعهم بالآراء ووجهات النظر.
5 ـ تقديم أسئلة تُثمر إجابات بالإيجاب
إذا تناقش امرؤ مع شخص آخر، فلا يبدأ معه بنقاط الإختلاف، بل ليبدأ بذكر وتأكيد نقاط الاتفاق، وكما يقال: دع الشخص يظل يقول: (نعم) في مبدأ الأمر، وحُل بينه ـ ما استطعت ـ وبين قوله: (لا). فالمتحدث اللبق هو الذي يحصل من الشخص الآخر على أكبر عدد من الإجابات بنعم في بادئ الأمر.
يقول أحد الكتاب في هذا الصدد:
كان سقراط عبقرياً برغم انه كان يمشي حافي القدمين، وبرغم انه تزوج من فتاة في التاسعة عشرة من عمرها عندما كان هو رجلاً أصلعاً ذميم الخلقة في الأربعين من عمره... فماذا كانت طريقته في الإقناع؟ هل كان يقول للناس أنهم مخطئون؟ كلا! بل كان يسأل أسئلة لا يملك مُجادِله إلا الاجابةِ عنها بنعم! ويظل سقراط يكسب الجوانب تلو الجوانب حتى ينظر مناظره، آخر الأمر، فيرى أنه انتهى إلى مبدءٍ كان ينكره منذ دقائق خلت!.
6 ـ جعل الشخص الآخر يتحدث بحرية
إن الارجح في اقناع الطرف الآخر إتاحة الفرصة له لكي يتولى دفة الحديث ويتحدث بحرية تامة، ويمكن استدراجه إلى الحديث بالأسئلة، وجعله يفضي بما في نفسه.
ومن المفضل الإمتناع عن مقاطعته في حديثه، ما دام لم يكمله بعد، والانصات اليه بصبر، ووعي، وتشجعيه على إبداء آرائه.
7 ـ جعل الشخص الآخر يحس أن الرأي رأيه
إن من طبيعة الإنسان أنه يعتز بالأفكار والآراء التي يتوصل إليها بنفسه أكثر مما يعتز بتلك التي تقدم إليه جاهزة ومن هنا فالأفضل لإقناع شخص آخر بآراء معينة واتاحة الفرصة له لكي يتوصل إلى تلك الآراء بنفسه ولكي يشعر بأن الرأي الذي توصل اليه هو رأيه، وأن الفكرة فكرته.
8 - رؤية الأمور من وجهة نظر الطرف الآخر
قـد يـكـون الشخص الـذي يـراد إقنـاعـه مـخـطـئـاً، ولكنـه لم يسلم بأخطائه، وقد لا ينفع معه اللوم للإعتراف بخطئه والإقتناع بالحقيقة، فالأفضل أن لا يلام وعوضا عن ذلك هو بحاجة إلى أن يُفهم، ويستعان عليه بالصّبر، وأن تقدر وجهة نظره، ويتطلع إلى الأمور من الناحية التي ينظر منها إليها، وسوف يجد من يريد الإقناع أن سبباً غير مرئي قد أوحى الشخص الآخر أن يفكر كما يفكر، أو يتصرف كما يتصرف، وان يقتنع بما أريد إقناعه به.
9 ـ العطف على رغبات الشخص الآخر
من الطرق التي تروّق جّو الحديث، وتشيع روحاً طيبة فيه، وتجعل الطرف الآخر يصغي للمحدث باهتمام: تقدير أفكار الطرف الآخر، والعطف عليه وعلى رغباته. ومثال ذلك أن تقول له: لست ألومك على موقفك هذا، أو على إحساسك هذا، ولو كنت في موقعك لكان لي مثل الموقف الذي اتخذت أو الاحساس الذي أحسـست.
إن أغلبية الناس ظمأى إلى العطف والتقدير وبإرواء هذا الظمأ، يهبون قلوبهم، موافقة لمن يريد اقناعهم وكسبهم إلى وجهة نظره، فقد يأتيك شخص خائفاً غاضباً لا يستحق منك اللوم بقدر ما يستحق الأسف والرثاء لحاله، فقدّم له عطفك، وستجد أنك كسبته إلى جانبك.
10 ـ التوسل إلى الدوافع النبيلة في الطرف الآخر
إذا شاء المرء أن يغيّر طباع الناس، ويقنعهم بأفكاره ووجهات نظره الصحيحة، لزم أن يخاطب كوامن النبل والخير فيهم. إن من الناس من هم خيرون وأمناء ومخلصون، ومنهم الشريرون والمشاكسون والعنيدون، فحتى هؤلاء الأخيرين يستحيلون منصفين ومخلصين، ويقتنعون بما يراد اقناعهم به فيما إذ عوملوا على أنهم منصفون ومخلصون، وخوطبت دوافع الخير والنبل فيهم.
11 ـ استعمال التمثيل في عرض الأفكار والآراء
قد لا يكون سرد الحقائق مجردة، كافياً، لإقناع الشخص الآخر وهنا يلزم للمرء أن يسوقها له في أسلوب تمثيلي، ولا شك أن الأسلوب التمثيلي يؤثر في نفس الشخص الآخر اكثر مما يؤثر اسلوب سوق الحقائق مجردة، والاسلوب التمثيلي في الإقناع يتم باستعمال الحركات والإرشادات التمثيلية في الحديث لتقريب الأفكار إلى الشخص الآخر وجعلها تؤثر فيه، أو باستعمال العرض المادي: عرض مادة الشيء التي يراد إقناع الشخص الآخر بها أو إفهامه إياها، كما يعرض الباعة سلعهم بطريقة فنية تجتذب المشترين، وكما يفعل التمثيل التليفزيوني والإذاعي.
12 ـ وضع الأمر موضع المنافسة
تعمل المنافسة الخيرة على بث الحماس في قلوب الطرفين المتنافسين، وتحفز على سرعة الإنجاز وجودته، وعلى الرغبة في التفوق، وهذه الرغبة يمكن استعمالها في إقناع الشخص الآخر، وكمثال على ذلك: هب أنك تريد اقناع شخصين عاملين لك بأمر ما ـ كزيادة إنتاج سلعة معينة، وقد تطلب منهما زيادة الإنتاج بصورة مجردة فلا يقتنعان ولا يستجيبان لطلبك. ولكن لو أنك جربت أسلوباً آخر، وهو إيجاد حالة تنافس في زيادة الإنتاج، بينهما، فإنك ستجد أن كلا منهما سيسعى للتفوق على الآخر، وبذلك سيزداد الإنتاج: الأمر الذي أردت اقناعهما به.
والآن فلكي يكسب المرءُ الناس إلى أفكاره وآرائه ووجهات نظره المحقة، خليق به أن يتوسل بالقواعد المتقدمة الذكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) يستعمل هذا أصحاب الثقافات المنحرفة والساقطة في الدعوة الى تلك الثقافات وترويجها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|