أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2021
2111
التاريخ: 11-6-2017
2077
التاريخ: 12-4-2017
2036
التاريخ: 24-5-2017
25096
|
ان استمرار ثقافة المجتمع وديموميتها، والمحافظة على مضمونها، وخصوصيتها، ومكتسباتها، مرهون بأفراد المجتمع نفسه، وذلك بالحفاظ على مرجعيات هذه الثقافة وتراثها، والانطلاق دائماً إلى إبراز مكانتها، وتعزيز قيمها ونشاطها الحضاري والمادي والفكري، بين الثقافات الإنسانية الأخرى، وذلك عبر المجهودات الشخصية والجماعية الايجابية، وما تنجزه من إنجازات إبداعية واضحة تعمل على تطوير ثقافة المجتمع، ومدها بعناصر التجدد والتطور والقوة.. التي تعبر عن قيمها وحيويتها وقدرتها على الاستمرار والتطور.
والمهم في هذا الاتجاه ان يعي أفراد المجتمع الأسس العلمية التي دفعت ثقافتهم إلى الوجود، ويعملوا على توسيع مساحة الإدراك والوعي بهذه الأسس، بوصفها قواعد إنسانية لتشكيل الثقافة، وتكوين مرجعياتها الأصيلة في الوجود النظري والمادي للحياة.. والسعي الحثيث إلى استلهام معانيها القيمة في ثقافة الحاضر وتطوير هذه الثقافة لتتصل بثقافة المستقبل..
وعلى هذا الأساس ندرك تمام الإدراك، ان للثقافة مرجعياتها العديدة، التي شكلت وجودها الفكري والمادي والاجتماعي الذي تشكل من مكونات مركبة عديدة ينمو في كنفها الوجود الإنساني حيث يعمل هذا الوجود على تعزيز هذه الثقافة وضمان استمرارها والحرص على وجودها الفاعل في نظام الحياة، كونها تعكس القبول والامتثال لما هو حسن وخير في السلوك الإنساني، والسير وفق ذلك، ورفض كل ما يعكس هذا الاتجاه.. وقد تعارف المجتمع على نوع من الضبط الاجتماعي الذي يضبط أفعال الفرد وسلوكه داخل المجتمع.. وسعى إلى تكريس هذا الضبط، من خلال بعض التقاليد والأعراف والمبادئ التي تحكم هذا الضبط وتديمه ليصبح فيما بعد (نظاماً اجتماعياً) عاماً يسير أفراد المجتمع.
وبتطور المجتمع واتساع قواعده الاجتماعية واتجاهاته الفكرية، والعقائدية والعلمية دخل هذا النظام في المنظور العلمي ليشاع مفهومه وأدواته ووسائله وتقاليده في آلية التعامل بين الأفراد داخل الأسرة، وفي المجتمع، وقد عرفت هذه الآلية بمفهوم (التنشئة الاجتماعية) التي كانت أساساً لنظرة الإنسان إلى نفسه من الداخل وإلى الآخرين وسلوكهم، وإلى وجود المكون الاجتماعي المناسب للمجتمع، فكانت (التنشئة الاجتماعية) الطريقة المثلى لتحقيق هذه الغاية، التي شاعت من خلالها معاني الثقافة ورموزها، قبل ان تتعارف المجتمعات على حقيقة مفهوم الثقافة، وقبل أن يتوسع مفهوم (التنشئة الاجتماعية) بعملياتها الواسعة التي نشهدها اليوم ..
وربَّ سائل يسأل: أيهما سبقت الأخرى إلى الوجود، التنشئة الاجتماعية أم الثقافة؟ وكيف كانت البداية لكل منهما؟ وما هي العوامل التي أدت إلى تمايزهما، وإلى تفاعلهما معاً لتحقيق غايات مشتركة هدفها الكمال الإنساني؟..
من الثابت في التحولات التاريخية للإنسان عبر مراحله المتعددة، ان التنشئة الاجتماعية طريقة تربوية وتنموية سابقة للثقافة في إطارها التنظيمي وليس في إطارها الجوهري والقيمي، فالجوهري والقيمي للثقافة معاني لها دلالاتها في جوهر الحياة، ولكنها لم تعرف كثقافة وإنما عرفت كتنشئة اجتماعية في بادئ الأمر.. (ففي المجتمعات الأولية (البدائية) التي عرفتها المجتمعات الإنسانية، كانت عملية تربية الطفل وتنشئته اجتماعياً مهمة المجتمع بأسره. . فالتربية في جوهرها تدريب آلي على معتقدات الزمرة الاجتماعية وعاداتها وأعمالها، ولا يتولى هذه المهمة بالتالي أي مؤسسة تربوية خاصة.. لكن مع تبدل طبيعة الحياة الاجتماعية وتعقدها نتيجة للتغير الجذري الذي أصاب بنية المجتمعات ونمط إنتاجها وتطور الحركة العلمية، وما رافق ذلك من تحولات سياسية واقتصادية وفكرية واجتماعية وتربوية، فرض وجود أدوات ومؤسسات وقنوات متعددة للقيام بمهمة التربية والتطبيع الاجتماعي)(۱).
وقد جاء ذلك تدريجياً، مرحلة مرحلة ففي بادئ الأمر عرف كطريقة للتهذيب، الذي يهدف إلى تهذيب أفعال الإنسان وأخلاقه وسلوكه ونشاطه ليكون متوافقاً مع عادات وتقاليد وأنظمة المجتمع..
وإذا نظرنا إلى هذا الهدف وغاياته نجد انه يلتقي مع نفس الأهداف والغايات التي تسعى لها التنشئة الاجتماعية، وكذلك يلتقي مع أهداف وغايات الثقافة.. حيث كان التهذيب الأسلوب البارز في عمليات التربية والتنشئة، وهو القاعدة العريضة التي ينطلق منها المجتمع في عمليات التنشئة الاجتماعية لأطفاله..
وعلى هذا الأساس كان ينظر للتهذيب بمنظار واسع، ويؤخذ به في العمليات الكلية لطريقة الحياة في المجتمع، قبل ان تتطور هذه الحياة، وتتعدد طرقها في الجوانب الفكرية والاجتماعية، ويصبح لكل منها مفهومه الخاص، الذي يميزه عن غيره في واقع الحياة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ شوكت أشتي، ص ٣٤.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
نقابة تمريض كربلاء تشيد بمستشفى الكفيل وتؤكّد أنّها بيئة تدريبية تمتلك معايير النجاح
|
|
|