المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

طرق البحث في الجغرافية السياسية - المنهج التحليلي (تحليل القوة Power analysis approach)
2023-02-23
Lucas-Lehmer Test
2-9-2020
Vladimir Petrovich Potapov
17-12-2017
الطاقة والموجات
2023-02-23
Mauve Dye
31-1-2017
Fatty Acid Chain Length and Double Bond Positions
7-10-2021


المدرسة والمواطنة  
  
3390   03:19 مساءً   التاريخ: 28-11-2021
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص312 ـ 317
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /

للمدرسة دور أساسي ومهم في العمليات التربوية والتعليمية والتثقيفية للطفل، ووظيفتها في هذا الاتجاه لابد ان تتكامل مع وظيفة الأسرة في المجال التربوي والتعليمي والتثقيفي للطفل، وذلك لأن المدرسة كمؤسسة اجتماعية رسمية وظيفتها التربية تعمل على ترسيخ وتعميق خبرات المجتمع وثقافته في نفوس الأطفال، على وفق ما يريده المجتمع وما يسعى له، انطلاقاً من قيمه وعاداته وتقاليده، وتماشياً مع فلسفته في الحياة.

والمدرسة بهذا المعنى هي وسيلة المجتمع في تربية الأطفال التلاميذ وتعليمهم واكسابهم مختلف القيم واتجاهات المعرفة والعلوم المناسبة لمراحلهم العمرية المختلفة، على ان يبقى منهج المدرسة في تطور دائم ويتوافق مع مقدرات المجتمع وافراده، ولا تبقى المدرسة رهينة المناهج القديمة التي لا تتوافق وتطورات المجتمع وافراده ووسائله، فالحياة في تجدد دائم هكذا هي سنتها، وذلك في ضوء الخاصية الأساسية للمجتمع، وهي خاصية التغير، فاذا كانت البيئة تتغير، فالمجتمع يتغير، وانشطة الناس تتغير، وموارد الغذاء والكساء تتغير، فان الإنسان لابد ان يتغير، يتغير في معلوماته لأن العلم يتغير، ويتغير في عاداته ومفاهيمه، ويتغير في مهاراته وسلوكياته، وكل هذا يتطلب منه ان يكسب عادات جديدة، وان تكون له مفاهيم ومعارف غير التي كانت، ومعنى هذا ان ما نتعلمه اليوم يتغير في الغد، ولذلك فنحن نحتاج إلى أن نتجدد بصورة مستمرة ولهذا أمرنا رسول الله بأن نطلب العلم من المهد إلى اللحد، أي انه (صلى الله عليه وآله) أمرنا ان نتجدد والا نبقى على الصيغ القديمة والمعلومات السابقة، ومن هنا نشأت فكرة التعليم المستمر أو التربية المستمرة(1).

والمدرسة هي الكفيلة بتنفيذ هذه الفكرة والتواصل معها ومع طلابها في مراحل حياتهم المتعددة، حسب التغير والتطور وتماشياً مع مقتضيات هذا التغير وهذا التطور في المرحلة العمرية، وفي المعرفة والمعلومة التي يجسدها المنهج التعليمي في المدرسة.

من هنا يتطلب من المدرسة ان لا تقف عند حد معين، أو معرفة محددة في تربية الأطفال وتعليمهم على علم من العلوم أو قيمة من القيم، لأن هذه العلوم، وهذه القيم تتطور وتتغير مثلما تتطور وتتغير ما تواجهه من تحديات وأخطار.

ومن ذلك على سبيل المثال ما يختص بقيمة المواطنة وضرورات التواصل في التربية عليها وفي تعليمها لكل افراد المجتمع، ان أبرز ما كان يواجه المواطنة قبل خمسين أو ثلاثين سنة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية هو خطر (الغزو الثقافي) الذي كان يتجلى بأساليب وطرق ووسائل متعددة، منها ما يتوجه بالأعلام ووسائل الاتصال التقليدية في ذلك الوقت ومنها ما يساعد على تغلغله بيننا عبر نقل العادات والتقاليد الغريبة، والتماهي مع الثقافات الوافدة بطرق تخل بمحددات الثقافة الوطنية، وقد أمكن السيطرة على بعض هذه الاساليب وهذه الطرق والوسائل عبر السيطرة الوطنية والرقابة الداخلية، الذاتية والعامة، والتي تنطلق – في الغالب – من منطلقات المواطنة الحقة وقيمها الأخلاقية والتربوية والثقافية.

اما الآن فقد تغير (الغزو الثقافي) وتطورت مسمياته وأساليبه، وتعددت اشكاله وتأثيراته، والتي يصعب حصرها ومواجهتها، أو السيطرة عليها كما يحاول البعض، وذلك لأن هذا الغزو - وان لم يعده البعض غزواً - أصبح المجال المفتوح من سماوات وفضاءات العالم، وموجها إلى الجميع بلا استثناء، فهو لا يعرف الحدود كما هي على الأرض بين الدول والقارات، فقد تجاوز هذه الحدود، وردم الفواصل التي كانت قائمة بين مختلف الثقافات في العالم.

وهذا (الغزو) المتغير أو المتطور، الذي يغري الجميع بتقنيته هو ما نجده الآن في الفضاء – ونتواصل معه – شئنا ام ابينا – في كل وسائلنا واتصالاتنا في أرض الله الواسعة عبر الاقمار الصناعية من خلال القنوات الفضائية والانترنت ومجمل وسائل التكنولوجيا الاتصالية الحديثة التي تصلنا ونتواصل معها بكل سهولة، فيصلنا منها (السيء والجيد)، والذي دخل كل بيت، ولا يمكن التمييز بين هذا وذاك الا من خلال الروادع الاخلاقية، والقيم التي تربى عليها وانطلق منها الإنسان المواطن الذي تحدده مواطنته في توجهاتها الاخلاقية والتربوية والثقافية الحقة التي نشأ عليها وتحصن بقيمها منذ التأثيرات التربوية والثقافية الأولى للأسرة، ثم التأثيرات المتتابعة للمدرسة .

من هنا تأتي المدرسة بتأثيراتها، واساليبها، لتزيد من حصيلة الطفل الوطنية والثقافية والاجتماعية ولتواصل ما بدأته الأسرة ورسخته في وجدان الطفل من عادات وتقاليد واحساسات تدور في فلك المواطنة وضرورتها في الوجدان الإنساني.

إننا إذا ما أردنا التحدث والبحث في دور المدرسة ووظائفها تجاه تربية وتعليم الطفل، التلميذ على المواطنة فأننا بذلك نحتاج إلى صفحات متعددة يطول البحث فيها، وذلك لأهمية المدرسة، ولأهمية وظائفها ودورها في تعليم المواطنة، ولكي لا يأخذ البحث في هذا الاتجاه مساحة واسعة، ويتجاوز الحدود المتاحة، سنشير هنا – باختصار شديد - إلى أبرز الخطوات، واهم الاجراءات التي يتطلب من المدرسة ان تقوم بها واتخاذها في التعليم على المواطنة، وهي بإيجاز تام:

1. افهام الأطفال التلاميذ ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وماهية هذه الحقوق، وماهية هذه الواجبات، وتعريفهم بحقيقة حقوق الاخرين عليهم، كحقوق الـوالـديـن والاقارب والاصدقاء والجيران، وعابري السبيل والفقراء وغيرهم، وتزويدهم بالخبرة والمهارات اللازمة لكيفية التعامل مع هذه الحالات، وتطبيق الحقوق والواجبات فيها، فذلك من صلب الواجبات التي يجب ان تؤديها المواطنة.

۲. تدريب الأطفال التلاميذ وتعليمهم على تطبيق النظام وافهامهم ان هذا النظام هو المنظم لحياة الشعوب، وهو الأساس الذي تتقدم من خلاله هذه الشعوب، وتحافظ على مواطنتها في اطاره، لذلك فان اطاعة النظام والتقيد به يشكل قمة من قمم المواطنة، وان احترام النظام يجب ان يبدأ من البيت ثم المدرسة ثم الشارع فالمجتمع بشكل عام، ومخالفة النظام مخالفة للسلوك السوي وحالة شاذة لا تليق بصفات المواطنة الحقة.

3. افهام الطفل، التلميذ ان اجتهاده ونجاحه في تحصيله الدراسي، يشكل أهمية للوطن والمجتمع قبل ان يكون نجاحاً شخصياً خاصاً به، وعلى المدرسة ان تستخدم مختلف الطرق العلمية، والارتقاء بمستوياته الدراسية، ومنها على سبيل المثال، وسائل التشجيع والاشادة امام التلاميذ داخل الصف، أو تعليق صورته في لوحة المتفوقين، أو منحه شارة خاصة بالتفوق كأن تسمى (شارة المواطنة الحقة)، فهذه الوسائل أو الخطوات التشجيعية من شأنها ان تدفع التلاميذ الآخرين إلى ان يحذو حذو هذا التلميذ، وبذلك ترتقي المدرسة بمستوى التلاميذ وتدفع باتجاه تعميق جهود التفوق العلمي لتلاميذها، وإذا ما وصلت إلى هذا المستوى فأنها تضع خطوات الأطفال، التلاميذ في الاتجاه الصحيح نحو المواطنة الحقة.

4. تعليم الطفل، التلميذ على الاحترام المتبادل بينه وبين الآخرين، سواء في المدرسة أو خارجها وتدريبه على ذلك بكافة الطرق والوسائل المتاحة وافهامه بماهية الديمقراطية التي تحتاجها المواطنة، وعياً وسلوكاً.

5. استخدام وسائل الإيضاح المناسبة لنشر ما يجب نشره وتعليمه من مبادئ وافكار وقيم وممارسات تختص بالمواطنة، وتؤدي إلى تعميق اتجاهاتها في نفوس التلاميذ.

6. تعويد الطفل، التلميذ وتعليمه على المحاورة، وابداء الرأي، وتقبل الآخر والمشورة واحترام قناعات الاخرين، طالما لا تتعارض مع الاخلاق العامة، ولا تسيء إلى الآخرين.

7. ایجاد نوع من الصحف الجدارية داخل المدرسة، وتشجيع التلاميذ على تحريرها وكتابتها واختيار مواضيعها التي تتمحور حول مفاهيم المواطنة وما يدور في رحابها من قضايا، كقضايا البيئة وحمايتها ونظامها، وقضايا النظام واداء الامانة وصيانة الممتلكات العامة، واحترام الرموز الوطنية، ومفهوم الديمقراطية والسلام، وغير ذلك.

8. تعميق وسيلة المسرح المدرسي وتنشيطه داخل المدرسة ليأخذ دوره الفاعل في مسرحة المناهج الدراسية المقررة لمختلف الدروس بشكل عام، ولدروس التربية الوطنية بشكل خاص، وذلك لأهمية هذا المسرح في شد الطفل إلى الدروس التي تتوسل اسلوب المسرح في الافهام، فالمسرح المدرسي داخل المدرسة، ومسرح الأطفال في واقع الطفل من الوسائط المهمة لتعليم الطفل وتوجيهه نحو المواطنة الحقة.

9. تكثيف السفرات المدرسية إلى الاماكن العامة، كالمتاحف الوطنية والمكتبات العامة، والمواقع الدينية والاثارية، والمراكز العلمية والترفيهية، والاماكن السياحية الأخرى داخل البلاد، واعتبار تلك السفرات بمثابة ورش عمل لتدريب الأطفال التلاميذ وتعليمهم على الانشطة والمهارات اللازمة التي تتطلبها اساليب التعليم على المواطنة، واكتساب صفاتها، وممارستها، وعياً وسلوكاً.

إن هذه الاجراءات والخطوات المهمة التي عرضناها، واستعرضناها بشكل سريع وموجز، ما هي الا جزء يسير، ويسير جداً من اجراءات وخطوات أخرى عميقة وكثيرة لا مجال لحصرها هنا، ويتطلب من المدرسة ان تتخذها وتنطلق منها لتربية وتعليم الأطفال على مهارات وواجبات، وصفات المواطنة الحقيقية.

وتنفيذ ذلك، والقيام به من قبل المدرسة على أكمل وجه، يتطلب ان يكون هناك كادر تعليمي خبير ومدرب وفق مناهج تربوية وتعليمية حديثة، تختص وتتوسع بالتربية الوطنية، على ان يأخذ ذلك سعته الواضحة داخل المدرسة، ويتآزر ويدعم من مؤسسات المجتمع الأخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) القوصي، عبد العزيز (1985) أولادنا بين التعليم والتعلم ـ مطبعة النهضة المصرية ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى، ص ٤٧.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.