المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

التحذير من الترف (1)
22-2-2018
إستصحاب حكم الخاص
20-5-2020
ظروف أدت إلى ظهور التنمية المستدامة
2023-03-09
دودة أوراق التين Ocnerogyia amanda
24-1-2016
دلائل صدق الرسول والأمور التي يمتنع وجوده فيها .
10-12-2015
الأشنانداني
29-12-2015


مفاهيم وآراء ابن سينا والاستعدادات العقلية للمعرفة  
  
3030   12:59 صباحاً   التاريخ: 27-11-2021
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص56 ـ 59
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5/12/2022 1138
التاريخ: 12-12-2021 2166
التاريخ: 8/12/2022 1418
التاريخ: 2024-09-04 370

اشتهر (ابن سينا)* بسعة آرائه التربوية القيمة التي تحدد الاستعدادات الفردية الفطرية، والاختلافات في تحصيل المعارف واستيعابها بين فرد وآخر، حيث يشدد على المربين بضرورة الاخذ بها حينما يذهب الى القول (ليس كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له، مؤاتية لما شاكل طبعه وناسبه، وانه لو كانت الآداب والصناعات تجيب وتتقاد بالطلب والمرام دون المشاكلة والملائمة إذن ما كان احد غافلا من الادب، والدليل على ما قلناه، سهولة بعض الآداب على قوم وصعوبتها على آخرين، ولذلك نرى واحدا من الناس تؤاتيه البلاغة واخر يؤاتيه النحو واخر يؤاتيه الشعر، فاذا خرجت عن هذه الطبقة او طبقة أخرى وجدت واحدا ـ يختار علم الحساب، واخر يختار علم الهندسة واخر يختار علم الطب، ولهذه الاختيارات، وهذه المناسبات والمشاكلات أسباب غامضة وعلل خفية تدق على إفهام البشر وتلطف على القياس والنظر لا يعلمها الا الله جل ذكره)(1).

هذا ما خلص اليه ابن سينا في تفسيره للفروق في القدرات بين فرد وآخر، وهذه الفروق ناتجة عن الاستعدادات الفطرية للفرد، وهذا ما أكده العلماء في العصر الحديث، وأسموها في نظرياتهم بالاستعدادات، وهو موضوع مهم ركز عليه علم النفس التربوي الحديث، بالاستناد الى ما ذهب اليه ابن سينا في هذا الاتجاه..

اما بالنسبة للأسباب الغامضة التي انتهى اليها ابن سينا في تحليل فروق الاختبارات فقد ارجعها الى تحكم التوجيه في تحديد الاختيار المهني الذي يعرف اليوم بـ (التوجيه المهني) وقد شدد على ضرورة ان يكون هناك توجيه خاص بذلك اذ (يعد ابن سينا من أوائل من انتبه الى التوجيه المهني واهمية اعتماده على طبيعة الصبي ويقول في ذلك (ينبغي لمؤدب الصبي إذ رام اختيار الصناعة ان يزن أولاً: طبع الصبي ويسير قريحته ويختبر ذكائه فيختار له احد الصناعات بحسب ذلك فاذا اختار له احدى الصناعات تعرف على قدر ميله اليها ورغبته) فيها، ان هذا الرأي العميق في التوجيه المهني لم يظهر بهذه الصيغة من الوضوح الا بعد قرون عدة وهو الان من اهم موضوعات علم النفس الصناعي وعلم النفس التربوي وغيرها من فروع علم النفس التطبيقية)(2)، ومن أساسيات معرفة قدرة الفرد واستعداداته العقلية لاكتساب المعرفة..

ومن العمليات المهمة في الاستعدادات العقلية التي شكلت جانبا مهما في اراء ومفاهيم ابن سينا ما وصفها بعملية (الادراك الحسي) وهذه العملية التي انتبه اليها ابن سينا هي السائدة الآن كنظرية مهمة من نظريات علم النفس الحديث، حيث وصفها ابن سينا بخطوات عديدة أهمها:

(1ـ الادراك الحسي الظاهر، ويقصد به حصول المعرفة عن طريق الحواس الخمس وهي البصر والذوق والشم والسمع واللمس، وان المحسوسات الخارجية، ويقصد بها ابن سينا المنبهات، تحدث انفعالا في الحواس، أي انها تنبهها وان هذا الأثر ينتقل خلال الاعصاب حاملا الاثار الحسية الى الدماغ، ومن ثم يحمل الأوامر الصادرة من الدماغ ويرجع بها الى الحواس، وهذا الراي لا غبار عليه ولا يختلف فيه مع احدث الآراء التي تبحث في المعرفة الحديثة، 2ـ الادراك الحسي الباطني، وهو عملية تجريد الأشياء الحسية واستخدام التصور والخيال ويكون الدماغ مركز هذه العملية وبعد ذلك يأتي دور الوهم او الوهمية التي يكون مركزها الذاكرة او الحافظة، 3ـ الادراك العقلي، ويقصد به وظيفة العقل فيتدرج ابن سينا فيها عبر مستويات تطور القدرة العقلية حتى يصل الى العقل المقدس او الحدس، وقد بين ابن سينا تصنيفاً لمستويات مختلفة من الأفعال والحركة حسب شعور الفاعلين بفعلهم او عدم شعورهم به)(3)..

وهذه النتيجة قد حللها علم النفس فانتهى الى اعتمادها كأساس للبحث في المعرفة وادراكاتها المختلفة في الاستعدادات العقلية وخصائص كل مستوى منها..

لقد ناقش ابن سينا مواضيع أخرى عديدة تختص بالجانب الثقافي والتربوي والأخلاقي، اثارت اهتمام الكثير من العلماء في العالم وشكلت منطلقا لهم في نظرياتهم التي يمكن ـ للوصول الى هذه الحقيقة ـ مقارنتها بما قاله ابن سينا.. وبما ان هذه المواضيع الكثيرة والمتشعبة، لا مجال لحصرها هنا، ولكي لا نذهب بعيدا عن المحور الذي تناقشه، نكتفي بالإشارة الى ما طرحه ابن سينا عن العلاقة بين الفكر واللغة، والتي أصبحت فيما بعد مرتكزا مهما للبحث العلمي في مجال التربية وعلم النفس والثقافة، وقد دفعت هذه العلاقة كبار علماء النفس الحديث في العالم أمثال: واطسن، ثورندايك، جون ديوي، برسي نن، بياجيه، فيكوتسكي، الى دراستها والاهتمام بها، اذ يقول ابن سينا: بالنسبة للنظر في الالفاظ فهو امر تدعوا اليه الضرورة وليس للمنطقي ـ من حيث هو منطقي ـ شغل اول بالألفاظ إلا من حيث المخاطبة والمحاورة، ولو امكن ان يتعلم المنطق بفكره ساذجة انما تلحظ فيها المعاني وحدها، لكان ذلك كافيا، ولو امكن ان يطلع المحاور فيه على ما في نفسه بحيلة أخرى، لكان يعني عن اللفظ البتة، ولكن لما كانت الضرورة تدعو الى استعمال الالفاظ خصوصا ومن المتعذر على الرؤية ان ترتب المعاني من غير ان تتخيل معها الفاظها، بل تكاد تكون الرؤية مناجاة من الانسان لذهنه بألفاظ متخيلة)(4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*هو الشيخ أبو علي الحسين بن عبد الله بن علي بن سينا، وكلمة الشيخ تعني الأستاذ وقد لقب بالرئيس لأنه اشتغل بالسياسة وشغل منصب الوزارة، وقد ولد في قرية تدعى (خرميتن) بفارس، وقد اختلف الرواة في تاريخ ميلاده بين سنتي(363هـ ـ 375 هـ) وكانت وفاته سنة (428 هـ) وقد كانت بداية تعليمه في بيت والده ثم انتقل الى بخارى التي كانت من المراكز العلمية الإسلامية في ذلك الوقت، ثم انتقل الى مصدر ثقافته خراسان اذ استدعاه اميرها لمعالجته وبذلك فقد اتيحت له فرصة الانتفاع من مكتبته الشهيرة، وهناك الف الكثير من الكتب المهمة في مختلف العلوم منها في الفلسفة والمنطق والطب والتصوف والسياسة، وقد ترجم كتابه في الطب الموسوم (القانون) الى اللغة اللاتينية في القرن الخامس عشر الميلادي واصبح في اوروبا من المصادر الرئيسة حتى ظهور الحركة العلمية، ولابن سينا مجموعة من الرسائل منها (رسالة السياسة) التي تضم الكثير من الآراء والمفاهيم التربوية القيمة، وقد سعى ابن سينا دائما في البحث في طبيعة النفس وتطورها واساس مدركاتها العقلية.

1ـ محمد ناصر ـ الفكر التربوي العربي الإسلامي، ص 268.

2ـ جمال حسين الالوسي ـ علم النفس العام، ص 57.

3ـ المصدر السابق ص 58.

4ـ محمد ناصر ـ الفكر التربوي العربي الإسلامي، ص 249.

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.