المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Resolvases
24-11-2019
ما هو المراد من البشارة
20-10-2014
الْمِرَاءِ وَ الْخُصُومَةِ وَ مُعَادَاةِ الرِّجَالِ‏ - بحث روائي
5-10-2016
وجوه اللّباس
2023-07-08
Alpha Bromination of Carboxylic Acids
18-11-2019
حق الطفل
21-4-2016


ابن خلدون وملكة المعارف التربوية والثقافية  
  
2489   12:20 صباحاً   التاريخ: 13-11-2021
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص71 ـ 75
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /

يأتي العلامة البارع (ابن خلدون) * ليشكل علامة مضيئة في الثقافة العربية الإسلامية، لما قدمه من آراء وأفكار ومفاهيم متنوعة في التربية، وعلم النفس، وطرائق التدريس، وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم والمعارف، حتى عد موسوعة كبيرة لهذه المعارف في عصره.. وقد اعتبر المؤسس الحقيقي لعم الاجتماع بشهادة أبرز المختصين في هذا العلم من الاوربيين، بعد ان وضع اهم أفكاره وآراءه في هذا المجال في كتابه (علم العمران)..

لقد درس ابن خلدون اهم الخصائص والقدرات لدى الفرد، ومنها تطور العقل، وركز في هذا الجانب على أهمية الحياة الاجتماعية للطفل، ودور هذا الجانب في تطور نموه العقلي ، فيؤكد على ذلك في قوله: (ان النفس الناطقة للإنسان انما توجد فيه بالقوة، وان خروجها من القوة الى الفعل انما هو بتحدد العلوم والادراكات عن المحسوسات أولا ثم ما يكتسب بعدها بالقوة النظرية الى ان يصير إدراكا بالفعل وعقلا محضا فتكون ذاتا روحانية ويستكمل حينئذ وجودها فوجب لذلك ان يكون كل نوع من العلم والنظر يفيدها عقلا فريداً، والصنائع أبداً يحصل عنها وعن ملكتها قانون علمي مستفاد من تلك الملكة فلهذا كانت الحنكة في التجربة تفيد عقلا والحضارة الكاملة تفيد عقلا لأنها مجتمعة من صنائع في شأن تدبير المنزل ومعاشرة أبناء الجنس وتحصيل الآداب في مخالطتهم ثم القيام بأمور الدين، واعتبار آدابها وشرائطها وهذه كلها قوانين تنتظم علوما فيحصل منها زيادة عقل)(1).

ويعتبر ابن خلدون الكتابة من بين الصنائع ومن أهمها كما يذهب بذلك الى اعتبار الكتابة اكثر افاده للعقل لأنها كما يقول: (تشتمل على العلوم والانظار بخلاف الصنائع، وبيانه ان في الكتابة انتقالا من الحروف الخطية الى الكلمات اللفظية في الخيال ومن الكلمات اللفظية في الخيال الى المعاني التي في النفس ذلك دائما فيحصل لها ملكة الانتقال من الأدلة الى المدلولات وهو معنى النظر العقلي الذي يكسب العلوم المجهولة فيكسب بذلك ملكة من التعقل تكون زيادة عقل ويحصل به قوة فطنة وكيس في الأمور لما تعوده من ذلك الانتقال)(2).

ويحذر ابن خلدون المعلمين من استخدام الشدة مع المتعلمين لأنها تأتي بالضرر كما يذهب بذلك في قوله: ( ان ارهاف الحد بالتعليم مضر بالمتعلم سيما في اصاغر الولد لأنه من سوء الملكة، ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين او المماليك او الخدم سطا به القهر وضيق عن النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه الى  الكسل وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الايدي بالقهر عليه وعلمه المكر والخديعة لذلك، وصارت له هذه عادة وخلقا وفسدت معاني الإنسانية التي له من حيث الاجتماع والتمرن وهي الحمية والمدافعة عن نفسه ومنزله وصار عيالا على غيره في ذلك بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل)(3) انقبضت نفسه عن غايتها ومدى انسانيتها فارتكس وعاد في اسفل السافلين، ووقع في الانحراف..

ويذهب ابن خلدون في حصول ملكات المعارف والثقافة والعلوم من جهات متعددة ، منها بالتعلم ومنها بالاكتساب، وذلك لان البشر يأخذون معارفهم واخلاقهم وما ينتحلون به من المذاهب والفضائل تارة علما وتعليما والقاء، وتارة محاكاة وتلقينا بالمباشرة الا ان حصول الملكات عن المباشرة والتلقين اشد استحكاما واقوى رسوخا كما يصفها ابن خلدون، ويعتبر لقاء مشايخ العلم وتعدد اتجاهاتهم العلمية من شانه ان يقوي ملكات التعلم والمعرفة ويزيد من ثقافة المتعلم كما يقول: (على قدر كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها والاصطلاحات أيضا في تعليم العلوم مخلطة على المتعلم حتى لقد يظن كثير منهم انها جزء من العلم، فلقاء اهل العلوم وتعدد المشايخ يفيده تمييز الاصطلاحات بما يراه من اختلاف طرقهم فيها فيجرد العلم عنها ويعلم انها انحاء تعليم وطرق توصل وتنهض قواه الى الرسوخ والاستحكام في المكان وتصحيح معارفه وتميزها عن سواها مع تقوية ملكته بالمباشرة والتلقين وكثرتهما من المشيخة عند تعددهم وتنوعهم)(4).

ويضع ابن خلدون الطرق الصائبة في تعليم المتعلم وزيادة معارفه بالعلوم المتعددة، على ان تأتي مرحلة مرحلة، وعلى قدر عقله وفهمه، كما يقول: (اعلم ان تلقين العلوم للمتعلمين انما يكون مفيدا اذا كان على التدريج شيئا فشيا، وقليلا قليلا، يلقى عليه أولا مسائل من كل باب من الفن هي أصول ذلك الباب، ويقرب له في شرحها على سبيل الاجمال ويراعى في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حتى ينتهي الى اخر الفن وعند ذلك يحصل له ملكه في ذلك العلم، الا انها جزئية وضعيفة وغايتها انها هيأته لفهم الفن وتحصيل مسائله ثم يرجع به الى الفن ثانية فيرفعه في التلقين عن تلك الرتبة الى أعلى منها ويستوفي الشرح والبيان ويخرج عن الاجمال ويذكر له ما هنالك من الخلاف ووجهه الى ان ينتهي الى اخر الفن فتجود ملكته ثم يرجع به وقد شد فلا يترك عويصا ولا مهما ولا مغلقا الا وضّحه وفتح له مقفله فيخلص من الفن وقد استولى على ملكته هذا وجه التعليم المفيد)(5).

وقد لاحظنا في ما ذهب اليه ابن خلدون ان التعليم الناجح هنا حصل في ثلاث تكرارات وقد يحصل للبعض في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه، ويذكر ابن خلدون في هذا الاتجاه طرق التعليم الخاطئة، ويشير الى ان (كثيرا من المعلمين يجهلون طرق التعليم وافاداته ويحضرون للمتعلم في اول تعليمه المسائل المقفلة من العلم ويطالبونه بإحضار ذهنه في حلها ويحسبون ذلك مرانا على التعليم وصوابا فيه ويكلفونه رعي ذلك وتحصيله، ويخلطون عليه بما يلقون له من غايات الفنون في مبادئها وقبل ان يستعد لفهمها)(6).

ان هذه الآراء القيمة التي جاء بها ابن خلدون، وغيرها الكثير من اراءه العلمية المهمة في مسائل العلوم المختلفة، والمعارف المتعددة، لهي من الدلائل العلمية الأساسية التي تؤكد على أهمية القدر والقدرة العلمية لهذا العالم الجليل واسهاماته الكبيرة مع من اسهم بعلمه وفكره من العلماء العرب والمسلمين الذين عرضنا لهم هنا وغيرهم من عباقرة الفكر العربي الإسلامي الذين اغنوا الثقافة العربية الإسلامية خاصة، والثقافة الإنسانية عامة، بعد ان ترجمت أعمالهم الى اللغات الحية وأصبحت مرتكزات مهمة في النظريات العلمية الحديثة لعلماء الغرب، والتي شكلت منطلقا مهما في الثقافة الإنسانية على مدى التاريخ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*هو عبد الرحمن بن محمد، كني بابي زيد لان ولده الأكبر حسب ما هو متبع عند العرب اسمه زيد، ولقب بولي الدين بعد ان تولى منصب القضاء في مصر، وقد اشتهر بابن خلدون نسبة الى جده التاسع.. ولد في تونس سنة (732 هـ ـ 1332م) وتوفي في القاهرة سنة (808 هـ ـ 1406م) وقد تسلم خلال حياته اعلى مناصب الحكم فصار وزيرا وسفيرا وقاضيا واقصى منها وتعرض الى محن ونكبات كثيرة فقد خلالها مناصبه وامواله وعياله. ومن اهم كتبه (مقدمة ابن خلدون) الذي يجمع فيه اهم آرائه في التربية وعلم النفس..

1ـ ابن خلدون ـ مقدمة ابن خلدون، ص 428.

2ـ المصدر السابق ص 429.

3ـ المصدر السابق ص 540.

4ـ المصدر السابق ص 541.

5ـ المصدر السابق ص 533.

6ـ المصدر السابق ص 533. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.