تفسير قوله تعالى : {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ..} |
2033
01:03 صباحاً
التاريخ: 12-06-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-06-2015
1758
التاريخ: 12-06-2015
2034
التاريخ: 15-8-2022
1878
التاريخ: 12-06-2015
5530
|
قال تعالى : {وَإِذْ
جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ
إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ
طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة
: 125] .
{وَإِذْ} عطف
على إذ ابتلى في الآية السابقة {جَعَلْنَا
الْبَيْتَ} الحرام وهو الكعبة {مَثابَةً
لِلنَّاسِ} مرجعا لهم والتاء للمبالغة لأن
مرجعيته للناس جعلت دائمة فإنك ترى من يتحمل المشاق في زيارته يشتاق إلى الرجوع
اليه مرّة بعد أخرى وهذا سرّ غريب وآية من آيات اللّه {وَأَمْناً} يأمن
من حلّ في حماه من الناس مع وحشية الاعراب وتعاديهم وعداوتهم. وهذا ايضا من آيات البيت
ويأتي له إنشاء اللّه مزيد بيان في تفسير الآية الثانية والتسعين من سورة آل
عمران {وَاتَّخِذُوا} عطف
على اذكر {مِنْ
مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى} مقام ابراهيم يسمى به الآن
محل يصلى فيه باعتبار ان فيه الصخرة التي قام عليها ابراهيم (عليه السلام) فصار فيها
اثر قدميه. وقال فيه ابو طالب
وموطئ
ابراهيم في الصخر وطأة |
على
قدميه حافيا غير ناعل |
|
وفي الكافي في الحسن كالصحيح عن
أبي عبد اللّه مقام ابراهيم حيث قام على الحجر فأثرت فيه قدماه.
وفي مجمع البيان عن ابن عباس قصة
فيها ان المقام صخرة وضعتها زوجة إسماعيل تحت رجلي
ابراهيم لما غسلت رأسه فأثرت فيها قدماه. وفيه
ايضا ان عليّ بن ابراهيم روى مسندا عن ابان عن الصادق عليه السلام هذه القصة
بعينها.
وفي الدرّ المنثور ان الازرقي اخرج
عن المطلب بن أبي وداعه. وآخر ان سيل ام نهشل في ايام عمر احتمل المقام من محله
فسأل عمر عن محله فزعم المطلب ان عنده مقياس محله فوضع في محله الآن. وفيه اخرج
البيهقي في سننه عن عائشة ان المقام كان في زمن رسول اللّه «صلى الله عليه واله
وسلم» وزمان أبي بكر ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب.
وفي الكافي والفقيه في الموثق
كالصحيح عن الباقر «عليه السلام» كان موضع المقام الذي وضعه
ابراهيم عند جدار البيت فلم يزل هناك حتى حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو
فيه اليوم فلما فتح النبي «صلى الله عليه واله وسلم» مكة
رده إلى الموضع الذي وضعه ابراهيم «عليه السلام» إلى ان ولي عمر بن الخطاب فسأل
الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام فقال بعض انا قد كنت أخذت مقداره
بنسع فهو عندي فأتاه به فقاسه ثم رده إلى ذلك المكان.
وذكر نحوه في المسالك عن سليمان بن
خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام وذكر ان
المقام هو العمود من الصخر الذي كان ابراهيم يقف عليه حين بنائه للبيت. وكان في
زمن إبراهيم ملاصقا للبيت بحذاء الموضع الذي هو فيه اليوم.
وفي تفسير القمي في سورة الحج ان
المقام كان في زمن ابراهيم يلصق بالبيت وعليه نادى ابراهيم بالحج. وفي مضمرة ابن
مسلم وصحيحة ابراهيم بن أبي محمود عن الرضا (عليه السلام) المرويتين في الكافي ما
يدل على ان محل المقام على عهد رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) غير محله في
ايام الأئمة إلى الآن. أقول والظاهر ان المراد من مقام ابراهيم في الآية هو جهة
موقفه ومحل قيامه لا خصوص موطئه في قيامه او نفس الصخرة فإنه لا يمكن ان يتخذ منه
مصلى.
وقد روي في الوسائل عن أئمتنا
عليهم السلام اكثر من اثني عشر حديثا في ان
صلاة الطواف خلف المقام بحسب موضعه في زمانهم عليهم السلام والآن خمس منها استشهد
فيها بقوله تعالى {وَاتَّخِذُوا
مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى} وست
نصت على الخلف.
وعلى ذلك يحمل ما كان لفظه عند
المقام والتعبير بعند فيه أيضا تقييد لإطلاق الخلف وكذا ما كان لفظه ارجع إلى
المقام أو ائت المقام. وهذا مما يشهد لارادة الجهة ومقدار سعتها. ولعل وجوب تقديم
المقام بحسب موضعه الثاني لأجل احترامه عن الاستدبار أو لأجل الستر على الشيعة
والحصر في رواية زرارة بالمقام المعروف ظاهر في انه بالاضافة إلى الصلاة لطواف
المتطوع في انها حيث شاء المتطوع من المسجد ويمكن ان تنزل على ذلك مرسلة صفوان كما
يمكن ان تنزل صحيحة ابراهيم بن أبي محمود وسائر الروايات على الستر على الشيعة
فتجوز الصلاة ما بين موضعي المقام أولا وثانيا. ولكن الاحتمال لاحترام ذات المقام
يرجح ظاهر الروايات ويمنع عن اليقين بالفراغ الا بالصلاة خلفه {وَعَهِدْنا
إِلى إِبْراهِيمَ وإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ
والْعاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ} اي
الطائفين به لعبادة اللّه. والعكوف اللبث حوله للعبادة ولو بذات اللبث بفنائه.
والركع جمع راكع. والسجود جمع ساجد والمراد المصلين حوله.
وعن الصدوق في العلل والشيخ في التهذيب بسندين صحيحين عن عمران وعبد اللّه الأخوين الحلبيينسألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) أ يغتسلن النساء إذا اتين البيت قال نعم ان اللّه عزّ وجل يقول {أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ والْعاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ} فينبغي للعبد ان لا يدخل إلا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهر والمراد من إتيان البيت التوجه اليه للطواف ونحوه. وعن الكليني بسند معتبر عن محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) نحوه بإسقاط السؤال وفيه فينبغي للعبد ان لا يدخل مكة إلا وهو طاهر «الرواية» وهذا يفسر متعلق الدخول في روايتي أخويه. ومن المعلوم ان طواف الناس وعكوفهم وركوعهم وسجودهم العاديين انما هي خارج البيت وحوله. وهكذا يدل على أن المراد تطهير فناء البيت من حيث حرمة البيت المضاف إلى اللّه والذي جعله يطاف حوله ويعكف ويركع ويسجد ويكون بالاعتبار الثانوي العرضي مراعاة لحال الناسكين حوله وبه جرى التعليل بالآية الكريمة لأنه يدل على الاعتبار الاولي الذاتي دلالة واضحة. والمراد من التطهير هو ما يقتضيه إطلاقه بمعناه اللغوي وهو التنزيه عن كل ما ينافي حرمة البيت من القذارات الصورية والمعنوية عرفية كانت او بكشف الشارع كما يشهد لها رواية الحلبيين والأمر في طهرا بمنزلة الخبر لبيان الوظيفة والغرض كقوله اغتسل للجنابة والجمعة كما يشير إلى ذلك قوله تعالى {وَعَهِدْنا} فلا يمتنع شموله للواجب والندب ويسري التكليف المفهوم منه إلى غير ابراهيم وإسماعيل.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|