أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-02-2015
1800
التاريخ: 26-04-2015
3794
التاريخ: 4-1-2016
2314
التاريخ: 13-11-2020
5801
|
لابن شهر
آشوب باعٌ طويل في العناية بالقرآن الكريم . ينبئنا بذلك كتابه هذا في (المتشابه)
وكتابه المفقود (أسباب النزول) .
وكتابه (متشابه القرآن) - الذي نحن
بصدد الحديث عنه - " يعدُ من كتب التفسير المهمة ، التي لا يستغني عنها من
يريد أن يفهم كلام الله ، ويقف على معانيه ، وأسرار بلاغته . وقد جمع فيه المؤلف
بين التفسير والتأويل في ضوء الحديث وأقوال المفسرين ، وأدلة الشرع ، ومقتضى العقل
، وقانون اللغة العربية " (1).
وهو يتميز - كما يقول السيد
هبة الدين الشهرستاني (2) - :
" بحسن أسلوبه وتبويبه ، وبداعة ترتيبه ، إذ صاغ المصنف مصنفه العلامة
المتفنن على دوائر العلوم الإسلامية ، فوزع المتشابهات على ذاك النسق مبتدئاً من
أبواب التوحيد ، وصفات الله ، فأبواب العدل والتنزيه ، الى أبواب النبوة ،
والإمامة ، فالمعاد يوم القيامة ، ثم أبواب الفقه والتشريع ... ثم الفنون الأدبية
والعربية . وهذا الوضع البديع ، نادرٌ ، غير مسبوق ، يعين الطالب في تسهيل المطالب
... مع حسن أسلوبه ، وسبكه البديع في انتقاء المعاني المهمة ، وانتخاب
المطالب الفذة ...
بفصاحة لفظ تعانق بلاغة المعنى
بإيجاز واختصار جعلتا هذا السفر النفيس جديراً للمصاحبة والتدريس " .
ويقول الأستاذ محمد هادي معرفة (3) عنه :
" فهو من خير ما كُتب في متشابهات القرآن بأجمعها ، وأشملها ، وأتقنها
إحكاماً ، وبياناً ، وتفصيلاً ، وضعه على أسلوب طريفٍ ... وما الى ذلك ترتيباً
طبيعياً ، منسجماً ، سهل التناول ، قريب المنال في عبارات سهلة ، جزلةٍ " .
نهج ابن شهرآشوب طريقة مثلى في تبويب
كتابه ، تستوعب جميع أنواع التشابه ، وأسبابه ولا تخرج منه آية من الآيات
المتشابهات ، إذ وزع هذه الآيات حسب موضوعها على عشرة أبواب هي :
1. باب ما يتعلق بأبواب التوحيد .
2. باب ما يتعلق بأبواب العدل .
3. باب ما جاء في النبوات .
4. باب ما يتعلق بالإمامة .
5. باب المفردات .
6. باب ما يتعلق بأصول الفقه .
7. باب فيما يحكم عليه الفقهاء .
8. باب الناسخ والمنسوخ .
9. باب مما جاء من طريق النحو .
10. باب النوادر .
ثم قسم المؤلف كل باب من الأبواب
العشرة المتقدمة الى عدة فصول . إلا أنه لم يلتزم بعنونة الفصول المتفرعة مكتفيا
بالإشارة الى بداية كل فصل جديد بكلمة (فصل) .
وقد تابع المؤلف التزامه النسق
الموضوعي ، الذي تبناه في هذه الفصول أيضاً ، فجمع في كل فصل الآيات المتشابهات
التي تجتمع بالدلالة ، أو القرينة ، أو الوجه ، أو سبب التشابه ، أو نوعه ... (4) .
أما الموارد التي استقى منها في
تفسيره ، فقد قال في مقدمته : إنه إما أن يكون محوراً لما قاله المفسرون ،
والمتكلمون ، أو محققاً لأقوالهم ، أو مبتدئاً القول في التفسير .
وقد وجدنا ابن شهرآشوب أميناً
ينقله ، فهو يعزو النصوص الى قائليها ، وقد ينتقدها ، أو يردها . وقد وظف عدة
مناهج في تأليف كتابه :
فقد اعتمد منهج تفسير القرآن بالقرآن
بحمل المتشابه على المحكم . فالقرآن يفسر بعضه بعضاً .
كما اعتمد منهج التفسير بالأثر ،
فاستند الى روايات أهل البيت (عليهم السلام) لتعضيد ما يذهب إليه ، كما عول على
روايات الصحابة لا سيما في مقام الاحتجاج .
كما عول ابن شهرآشوب -
في بعض موارد تفسيره - على إجماع الأمة ، وعنده : أن الإجماع لابد من أن يكون قول
الإمام المعصوم داخلاً فيه .
كما حرص ابن شهرآشوب على التوفيق بين
تأويل النصوص وما دار على ألسنة العرب من استعمالات لغوية ونصوص فصيحةٍ ،
والاحتكام الى ما هو معروف من لغة العرب ، وأشعارهم ، الى جانب النقول المأثورة
الأخرى ، وقد أعانه على ذلك وفرة محفوظه من الشعر واللغة ومأثورة الكلام .
وقد وظف كثيراً من الشواهد الشعرية
الاعتقادية لأغراضه في تأويل المتشابه ، مؤيداً رأيه ، أو ناقضاً قول مخالفيه .
كما أورد ابن شهرآشوب أقوال
المفسرين والمتكلمين والفقهاء واللغويين - بعلمية وحيادية - ومن مختلف المذاهب
والمدارس ، والاتجاهات . وهو فيما ينقله من المتقدمين عليه نجده بين موقفين :
أن يكتفي بعرض الآراء دون أن يبدي
نظراً أو رأياً .
أو أن يعرض الآراء ، ويبدي موقفاً في
الترجيح والرد والمفاضلة ، وجملة ترجيحاته ، وردوده تقوم على نظرات علمية ، وأدبية
، ولغوية ، دقيقة .
ثم إن ابن شهرآشوب اعتمد
منهج إيراد المناظرات الكلامية والاحتجاجات الاعتقادية في جملة من المسائل التي
دار حولها الجدل ، واختلف فيها الآراء . وقد أكسبت هذه المناظرات تفسيره أهمية
خاصة ونفخت فيه روحاً حية متجددة .
وهو في مجمل مسائل الاعتقاد والشريع
ينتصر لمذهب الإمامية الانثى عشرية المتمسكين بولاية أهل بيت النبي المصطفى (صلى
الله عليه وآله) وعترته الميامين من دون غض أو تجريح لمخالفيهم ، أو طعن وتشهير (5) .
بقي أن نقول : إن ابن
شهرآشوب لم يقتصر
في كتابه هذا على المتشابه من القرآن الكريم ، بل تجاوزه الى ما اختلف فيه
العلماء ، والفقهاء في مسائل : الفقه ، وأصوله ، والناسخ والمنسوخ ، وما جاء من
طريق النحو والبلاغة . لذلك وسم كتابه بـ (متشابه القرآن والمختلف فيه) ليكون
محيطاً بمضامينه .
إن كتاب (متشابه القرآن والمختلف
فيه) لابن شهرآشوب سلك منهجاً متميزاً في التاليف . لم يسبق إليه
، فهو أخذ بالتفسير الموضوعي للقرآن الكريم ، انفرد به عن سابقيه ولاحقيه ، فقد
دأبت كتب المتشابه على إيراد الآيات المتشابهة في سياقها من السور القرآنية بحسب
ترتيبها في القرآن الكريم .
أما ابن شهرآشوب ، فقد
ابتكر منهجاً فريداً جمع فيه الآيات ذات الموضوع الواحد في موضع واحد ، مفسراً
بعضها ببعض ، وهذا دليل تفرده ، وأصالته ، وقوة سخصيته العلمية في إنجاز كتابٍ في
(المتشابه) ندّعي - واثقين - بأنه أفضل ما ألف ، وأشمل ما كتب ، وأعمق ما صنف في
موضوع (المتشابه) عند المسلمين جميعاً ، على اختلاف مذاهبهم ، وأعصارهم ،
وأمصارهم . فلله دره !
___________________
1. قضايا إسلامية : 309 . من دراسة
للأستاذ علي الكعبي .
2. متشابه القرآن ، 2 : 287 .
3. التفسير والمفسرون ، 2 : 931 .
4. قضايا إسلامية : 312-313 ، من
دراسة للأستاذ علي الكعبي .
5. استفاد هذا المطلب من الدراسة
القيمة للاستاذ علي الكعبي المنشورة في مجلة قضايا إسلامية : 314-331 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|