المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

مـفهوم الجـودة وأبرز تـعريفاتها
5-11-2018
دفـتر الأستاذ العـام Ledger General
10-2-2022
معنى (ما) في قوله {ومٰا تُغْنِي الْآيٰاتُ والنُّذُرُ}
22-11-2015
سفرة أم البنين (عليها ‌السلام)
6-9-2017
Category Product
11-1-2022
التأسي بالنبي (صلى الله عليه وآله)
2024-10-01


البلاغة القرانية  
  
2384   02:56 صباحاً   التاريخ: 10-06-2015
المؤلف : محمد جواد البلاغي
الكتاب أو المصدر : الاء الرحمن في تفسير القران
الجزء والصفحة : ج1 , ص37-43
القسم : القرآن الكريم وعلومه / الإعجاز القرآني / الإعجاز البلاغي والبياني /

لا يخفى ان القرآن الكريم مبني على ارقى أنحاء البلاغة العربية وتفننها بمحاسن المجاز والاستعارة والكناية والإشارة والتلميح وغير ذلك من مزايا الكلام الراقي ببلاغته مما كان مأنوس الفهم في عصر النزول ورواج الأدب العربي وقيام سوقه. وكان بحيث يفهم المراد منه ومزاياه بأنس الطبع ومرتكز الغريزة كل سامع عربي. ولكن بعد اشتراك الأمم في بركة الإسلام وامتلاء جزيرة العرب من الأمم وتفرق العرب بالتجنيد في غير البلاد العربية تغير أسلوب الكلام العربي في عامة الناس وتبدلت مزايا الكلام وأساليب المحاورات فعاد ذلك المأنوس غريبا في العامة وذلك الطبيعي الغريزي يحتاج في معرفته إلى ممارسة التطبع وكلفة التعلم والتدرب في اللغة العربية وأدبها على النهج السوي. من دون تقليد معرقل ولا وقوف عند الأسماء ولا جمود على قشور القواعد التي مهدها المتدربون في العربية من الخواص اقتباسا بقدر الوسع من ذلك الأدب القديم. فدونوا من مبتذلها شيئا وفاتهم من أسرارها وحقائقها الشي‏ء الكثير. وربما أدت بهم وعورة البحث والجمود على التقليد إلى عثرات الوهم أو احجام الشكوك انظر إلى ان جماعة من النحويين كالشراح لألفية ابن مالك وغيرهم قالوا في قول الراجز «جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط» ان التقدير بمذق مقول فيه هل رأيت إلخ ولا يخفى ان الراجز يريد وصف المذق بما يبين حاله وتبدل لونه بكثرة الماء وماذا يجدي فى ذلك كونه مقولا فيه هل رأيت الذئب قط ولم يفطنوا إلى ان الصفة التي يريدها الراجز كما يقتضيها المقام قد أشار إليها باستفهامه الذي هو بمنزلة التمثيل الحي لها. فكأنه قال جاؤوا بمذق لونه كلون الذئب هل رأيت الذئب يوما من الأيام فإن لون المذق كلونه فاعرف كيف كان.

ومن شواهد ذلك ان صاحب الكشاف مع تضلعه من الأدب العربي ومعرفته بفذلكات الكلام‏ اضطرب كلامه وتفسيره في كلمة واحدة تكررت في القرآن الكريم على نحو واحد وهو قوله تعالى‏ {فَلا أُقْسِمُ‏} ففي سورة الواقعة في قوله تعالى‏ {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة : 75، 76] ‏ قال فأقسم وان «لا» مزيدة مثلها في قوله : {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد : 29] وفي قوله تعالى‏ {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة : 1، 2] قال إدخال لا النافية على فعل القسم مستفيض في كلامهم وأشعارهم قال : امرؤ القيس :

)ولا وأبيك ابنة العامري‏

 

لا يدعي القوم اني افر(

     

وقال : غوية بن سلمة :

)ألا نادت امامة باحتمال

 

لتحزنني فلا بك لا ابالي(

     

وفائدتها توكيد القسم وقالوا انها صلة اي زائدة مثلها في‏ {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد : 29] ‏ وقال في ذلك كلاما فيه ما فيه وقال والوجه ان يقال هو للنفي والمعنى في ذلك انه لا يقسم بالشي‏ء إعظاما له يدلك عليه قوله تعالى‏ {فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ‏} فكأنه بإدخال حرف النفي يقول ان اعظامي له بأقسامي به كلا إعظام يعني ان يستأهل فوق ذلك انتهى.

ومقتضى بيانه هذا ان يقول إعظاما للمقسم به فإنه أوضح للبيان من مثله. وليته لم يخلط بين دخول «لا» على فعل القسم كما في الآيتين وبين دخولها على حرف القسم كما في بيتي امرء القيس وغوية وغيرهما مما لا يقع جوابه إلا منفيا فإنه واضح الظهور في ان «لا» فيه نافية موطئة لنفي الجواب لتأكيده وسبيلها سبيل قوله تعالى في سورة النساء {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء : 65]. وفي سورة الحاقة في قوله تعالى‏ {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} [الحاقة : 38، 39] قال اقسام بالأشياء كلها. وفي سورة البلد فى قوله تعالى‏ : {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد : 1] قال اقسم بالبلد الحرام ولم يقل شيئا في قوله تعالى‏ {فَلا أُقْسِمُ‏} في سورة المعارج والتكوير والانشقاق. ومن شواهد ذلك ما سمعته هنا عن صاحب الكشاف في قوله تعالى‏ {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ‏} من ان «لا» في لئلا مزيدة وصرّح ايضا بذلك في تفسير سورة الحديد حيث قال‏ {لِئَلَّا يَعْلَمَ‏} ليعلم - ووافقه على ذلك جماعة فاغتنم اعداء القرآن الكريم من ذلك فرصة فاعترضوا على القرآن بأنه مشتمل على الزيادة اللغوية ولكن الجزء الأول من كتاب الهدى صفحة 350 و355 أوضح البطلان في زعم الزيادة كما عليه جماعة من ان المعنى . ان اللّه وعد الذين آمنوا ويتقون اللّه ويؤمنون برسوله ان يؤتيهم كفلين من رحمته ويجعل لهم نورا يمشون به ويغفر لهم ومن فوائد ذلك وغاياته ان لا يعلم اهل الكتاب ان الذين آمنوا لا يقدرون على شي‏ء من فضل اللّه ولأن الفضل بيد اللّه الآية وليت شعري لماذا لا تنزه جلالة القرآن المجيد وبراعته عن لغوية هذه‏ الزيادة التي لا غاية فيها إلا الإيهام.

وفي تفسير قوله تعالى في سورة الأعراف {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف : 12] قال في الكشاف أيضا «لا» في ان لا تسجد صلة «أي زائدة» بدليل قوله تعالى أي في سورة (صلى الله عليه واله وسلم) {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص : 75] ومثلها {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ‏} بمعنى ليعلم انتهى. أقول وإن التدبر في آيات الأعراف.

وص يشهد بأن «لا» غير زائدة بل جي‏ء بها في الأعراف للاشارة إلى أمر قد صرح به في آيات ص وذلك ان الفعل قد يكون له مانع من ضد او عذل أو غفلة او عجز أو كل وقد يكون له سبب داع وحامل على تركه ومخالفته الأمر به فسأل اللّه إنكارا أو توبيخا في سورة ص عن المانع بقوله تعالى‏ ما مَنَعَكَ‏ ان تسجد وعن السبب والحامل على المخالفة بقوله تعالى‏ {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص : 75] ‏ وأشار جل شأنه في سورة الأعراف بوجود (لا) إلى السؤال عن السبب الحامل على المعصية بعد السؤال عن المانع فكأنه قال ما منعك من ان تسجد وما حملك على ان لا تسجد ولذا وقع الجواب من إبليس في كلا المقامين بيان السبب الحامل له على ان لا يسجد لا التعليل بالمانع فقال‏ {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ‏} وكذا الكلام في قوله تعالى في سورة طه {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه : 92، 93] ‏ فإن التفريع فى قوله‏ {أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي}‏ يدل على انه قد سبق السؤال عن المانع عن الاتباع وعن السبب الحامل على المعصية بتركه وأشير اليه بإدخال «لا» ولكن قال في الكشاف لا مزيدة والمعنى ما منعك ان تتبعني. وقال اللّه في سورة الأنبياء {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء : 95] ‏ وفي الكشاف فسر الإهلاك بالعزم عليه وفسر الرجوع بالرجوع من الكفر إلى الإسلام وهذا مختاره على الظاهر من الوجوه الثلاثة ثم قال فيه و«لا» صلة مزيدة انتهى وليته أبقى الإهلاك على ظاهره وفسر الرجوع بالرجوع إلى الإيمان والتوبة عند مشاهدة آيات الهلاك وأحوال الموت كإيمان فرعون عند الغرق كما في سورة يونس 90. أو كالذين‏ {إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء : 18].

وكما ذكره اللّه في سورة المؤمنين في حال المشركين والظالمين {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون : 99، 100] .

فإن قولهم هذا رجوع إلى التوبة ولكنها لا تقبل كما قال اللّه في الموارد الثلاثة ويكون معنى الآية الكريمة هو ان أهل القرى‏ التي أهلكها اللّه حرام عليهم بسبب مشاهدتهم لآيات الإهلاك وحضور الموت وممتنع في العادة ومنفيّ بالمرة كونهم لا يرجعون إلى التوبة والإيمان بحسب الفطرة وإن كان لا ينفعهم ويستمرون على ما هم فيه حتى إذا جاءت الساعة وصار يوم القيامة وعاينوا ما كانوا يوعدون قالوا يا ويلنا قد كنا في غفلة عن هذا.

وقال اللّه تعالى في سورة آل عمران {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ(79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا} [آل عمران : 79، 80] ولا يخفى ان قوله تعالى (ولا يأمركم) معطوف على (يقول) المعطوف بثمّ على المنفي بقوله تعالى (ما كان) أي ليس له وإن (لا) هنا نافية يؤتى بها لتثبيت النفي في الأمرين مثلها في قولك ليس لك ان تقوم ولا أن تأكل لئلا يتوهم ان النفي للجمع بين الأمرين والجمع بين القيام والأكل كما قال في الكشاف في ثاني وجهيه في الآية. وقال في الكشاف ان في الآية وجهين أحدهما ان نجعل «لا» مزيدة والمعنى ثمّ يأمر الناس بأن يكونوا عبادا له ويأمركم ان تتخذوا النبيين والثاني ان نجعل «لا» نافية غير مزيدة والمعنى ما كان لبشر يستنبئه اللّه ان يأمر الناس بعبادته وينهاكم عن عبادة الملائكة أي ما كان له أن يجمع بين الأمر والنهي. ويا للعجب ممن سوغ لنفسه في مثل بلاغة القرآن المجيد ان يفسر لا يأمركم بقوله ينهاكم ولو فسر بذلك كلام واحد من الناس لأوسعه من الملام ما أوسعه- ولم ينفرد الزمخشري بدعوى زيادة (لا) في هذه الموارد بل ادعى ذلك جماعة من المفسرين والنحويين كما ذكر ابن هشام في المغنى في كلمة «لا» ولو ان زيادة «لا» محققة في كلام العرب متداولة في شعرهم ونثرهم لما ساغ لهؤلاء ان يقولوا بذلك في مثل بلاغة القرآن الكريم ومجدها وفي خصوص الموارد التي ادعوا فيها الزيادة فإن البلاغة بل استقامة الكلام تقتضي تثبيت إثباتها ورفع أوهام النفي عنها لو كانت مثبتة إذن فكيف يقلق مضمونها الشريف بما يوهم النفي ويشوش الكلام. وان المخبر الذي يعرف كيف يتكلم لا يدخل على خبره ما يوهم نقيضه هذا مع اني لم أجد شاهدا ذكروه من الكلام على زيادة «لا» إلا قوله :

(وتلحينني في اللهو أن لا أحبه

 

وللهو داع دائب غير غافل)

     

ولو كان هذا من شعر العرب وكان المراد منه ما فهموه لجاز أن يضمر فيه وتأمرينني بأن لا أحبه أو وتدعينني إلى أن لا أحبه. ومن غرائبهم استشهاد بعضهم أيضا بقول الشاعر

ابى جوده لا البخل واستعجلت به‏

 

نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله‏

     

نعم لم يوافقهم الزمخشري على زعمهم لزيادة (لا) في قوله تعالى في سورة الأنعام {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام : 109] وقوله تعالى فيها {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا} [الأنعام : 151]. ومن شواهد ذلك انك سمعت كلام الكشاف في دخول لا النافية على القسم واستفاضته في كلامهم وأشعارهم وما ذكره من الشواهد في الشعر ومع ذلك قال في تفسير سورة النساء في قوله تعالى‏ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء : 65] ‏ معناه فو ربك كقوله تعالى ‏{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ} [الحجر : 92] ‏ و«لا» مزيدة لتأكيد معنى القسم كما زيدت في‏ {لِئَلَّا يَعْلَمَ‏} لتوكيد وجوب العلم انتهى ... فانظر فيه واعتبر وقل أين ما ذكرته من الاستفاضة واين مضى الاستشهاد بالشعر. ولو لا الحمل على التحامل لذكرنا عن الكشاف وغيره اكثر من ذلك وفي ذلك كفاية لأولي الألباب : ومن ذلك ما نقله السيد الرضي في حقائق التأويل من قول بعضهم بزيادة الواو في قوله تعالى في سورة آل عمران {وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} [آل عمران : 91]. وابراهيم {وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} [إبراهيم : 52] ‏.

والزمر {وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر : 73]. أقول ولمثل هذه الواو في القرآن موارد وهي فيها كلها واو العطف على محذوف يدل عليه سياق القرآن بكرامة نهجه وبراعة أسلوبه في مناحي البلاغة ويجلوه المقام بإشراق تلك البراعة بأجلى المظاهر كما سيأتي التنبيه عليه في موارده ان شاء اللّه. ومن شواهد ذلك مما جناه القصور ان جماعة وقفوا عن الوصول في بعض ما في القرآن الكريم من فرائد البراعة وفوائد البلاغة حتى صار يلوح من ترددهم ان ذلك مخالف لقواعد العربية فاغتنم اعداء القرآن من ذلك فرصة الاعتراض وقد ساعد التوفيق على التعرض لتلك الاعتراضات وبيان خطأها بإيضاح براعة القرآن الكريم في مواردها بأسرار البلاغة ولباب الأدب العربي وبواهر اساليبه وقد كتب شي‏ء من ذلك في الجزء الأول من كتاب الهدى وفي خصوص المقدمة الثالثة عشرة من صفحة 321 حتى آخره ... ومن شواهد ذلك ان كثيرا من مجازات القرآن الكريم واستعاراته للواضحة العلاقة والفائقة في لحاظ التشبيه ومرمى الإشارة والمؤيدة بأحكام العقل ومحكمات الكتاب هذه الاستعارات التي كانت من ازهار الأدب العربي الغريزي حين ما كان روضه زاهيا زاهرا عادت بعد ما ذوى خميله معركة للآراء وهدفا للجحود وإن حامت عنها محكمات الكتاب ونصرتها البراهين العقلية في تقديس اللّه وتفرده بالكمال.

فمن ذلك ما في القرآن من نسبة الإضلال إلى اللّه جل اسمه في عدة آيات منها السابعة والعشرون‏ من سورة الرعد والثانية والثلاثون من سورة ابراهيم ونحوهما. فإن التعبير في ذلك بالإضلال مجاز فائق في الحسن يمثل ببراعته حاجة الإنسان مع نفسه الأمارة إلى لطف اللّه به وعنايته في توفيقه ويشير الى ما في اللطف والتوفيق من الأثر الشريف الكبير في النعمة على الإنسان وينبه إلى ان خذلان اللّه للإنسان المتمرد برفع العناية في التوفيق وايكاله إلى نفسه شبيه بإضلاله في قوة الأثر. كل ذلك لأجل التنويه والامتنان بنعمة اللّه في توفيقه لعباده ولأجل هذه المزايا الفائقة استعير الإضلال لخذلان اللّه لعبده المتمرد وإيكاله إلى نفسه والعياذ باللّه ولقد كان يكفي في القرينة على التجوز في لفظ الإضلال هنا وصرفه عن مقتضى وضعه ما في القرآن من المحكمات مثل قوله تعالى في سورة الأعراف {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف : 28] وفي سورة النحل {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل : 90] ‏ فإن تمجد اللّه بذلك كاف في كونه قرينة على ان الإضلال المنسوب للّه تعالى شأنه إنما هو مجاز. وإن مجده والطافه جلت آلاؤه تعين المراد منه وهو ما ذكرناه. وكيف يكون الإضلال المنسوب إلى اللّه على حقيقته مع أن اللّه يذم الضالين ويعذبهم على ضلالهم ويوبخهم بقوله تعالى‏ {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة : 28] ‏. {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ} [آل عمران : 71]. {لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران : 99] {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس : 35] ‏. {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق : 20] ‏.

{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدثر : 49] ‏. {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا} [النساء : 39] وتمام الكلام في الكتب الكلامية.

وقد ذكر شي‏ء منه في الجزء الثالث من الرحلة المدرسية صفحة 29 إلى 42 : ومن ذلك ان الفرقة الظاهرية لم تلتفت إلى المجاز ووجهه الواضح في قوله تعالى‏ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] ‏ ولم يصرفهم عن المعاني الحقيقة لهذه الألفاظ ضرورة العلم من القرآن والبراهين القطعية في ان اللّه منزه عن الجسم والأين والمكان لكي يعرفوا ان المراد بالعرش هنا هو شأن القدرة والجلال واستيلاء السلطان على الملكوت في الأزل والأبد. ولأجل إحضار هذا الشأن العظيم في أذهاننا القاصرة وملأ قلوبنا بعظمته مثل القرآن لتصورنا المحدود بتشبيهه بما نعرفه ونعرف آثاره من العرش الجسماني للملك الأرضي الذي بالصعود عليه صعودا زمنيا ينفذ سلطانه وتعم قدرته.

ومن آثار الظاهريين العجيبة ما أخرجه ابن مردويه والخطيب في تاريخه وابن منصور في سننه من مسند عمر عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في قوله تعالى‏ {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى}‏ قال‏ حتى يسمع له اطيط الرحل.

 

وانظر إلى كنز العمال الجزء الأول صفحة 226 وكذا منتخب الكنز واطيط الرحل والقتب صوته أي صوت أخشابه من ضغط ثقل الراكب والحمل وسيأتي شبيه ذلك في تفسير آية الكرسي. وفي ميزان الذهبي من أنكر ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله :‏ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } [الإسراء : 79] قال يجلسه معه على العرش. وفي شواهد الحق كتاب الشيخ يوسف النبهاني صفحة 130 قال ومن كتب ابن تيمية كتاب العرش قال في كشف الظنون ذكر فيه إن اللّه يجلس على العرش وقد أخلى فيه مكانا يقعد معه فيه رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) كما ذكر ذلك ابو حيان فى قوله تعالى : {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة : 255] . وقال يعني أبا حيان قرأت في كتاب العرش لأحمد بن تيمية بخطه ما صورته ما ذكرناه ونقلها كشف الظنون من طريق آخر عن السبكي انتهى. وعلى هذا الوتر ضرب محمد بن عبد الوهاب في رسالته المطبوعة في ضمن مجموعة فيها عدة من الرسائل طبعت في مكة فانظر إلى صفحة 155 و156 من المجموعة وكذا عبد الرحمن بن حسن الوهابي في صفحة 36 من المجموعة المذكورة.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .