مفهوم وماهية الاقليم الوظيفي

تعددت التعاريف التي تناولت الاقليم الوظيفي فقد عرفه جون كلايسون بانه المنطقة الجغرافية التي تظهر نوعاً من الترابط والاعتماد المتبادل الاجزاء باعتماد معايير معينه. وقد يشار اليه احياناً بإقليم التمركز او النواة. ويتفق الدكتور محمد صالح عبدالقادر في تعريفه للإقليم الوظيفي مع ما جاء به كلايسون بانه ذلك الاقليم الذي يشمل منطقة جغرافية توضح نوع ذلك الارتباط الوظيفي الموجود بين مناطق الريف والحضر ويتم تحديد ذلك الاقليم بحسب وظائف المدينة الرئيسية التي تستند على متغيرات اقتصادية واجتماعية وعلى تدفقات العمل والرحلة اليومية وربما تستند ايضاً على التبادلات التجارية.

بينما راى الباحث الفرنسي بيارمرلان "Pierre merlin" ان المدينة مركز لنشاطات معقدة وليست عالماً مغلقاً فوجودها تبرره الى حد كبير العلاقات التي تربطها بالاطار المحيط بها وبالمدن الاخرى وتتمثل هذه العلاقات بالعلاقات الديموغرافية (هجرات دائمية ويومية) وعقارية (ما يمتلكه السكان الحضر من ملكيات ريفية) وتجارية (تسويق المنتجات الريفية وتوزيع المنتجات الصناعية) وخدمية (ادارية، ترفيهية، ثقافية) ومالية (تقديم القروض من المدينة الى الريف)، وعلاقات العمل (استقطاب اليد العاملة من الريف الى المدينة).

اما الدكتور محمد ازهر سعيد السماك وجماعته فقد عرفوا الاقليم الوظيفي بانه وحدة جغرافية ذات معالم محددة تتلائم مع اهداف التحليل الاقتصادي وتنسجم مع اهداف التخطيط الحضري والاقليمي والقومي.

كما عرف الاقليم الوظيفي على انه اقليم جغرافي بشري وليس من صنع الطبيعة وهو اقليم متغير على الدوام تبعاً للتطور وسائل المواصلات على مر العصور وليس اقليماً ثابتاً جامداً. وقد اشار الدكتور صبري فارس الهيتي الى الاقليم في معرض حديثه عن الضواحي الحضرية بانه المنطقة التي تحيط بالمدينة والتي تؤثر فيها وتتأثر به، وتختلف مساحة تلك المنطقة وفقاً لحجم المدينة ومستوى تاثيرها ودرجة مركزيتها وتركيبها الوظيفي، فضلاً عن تأثير شبكة النقل والمواصلات التي تربطها به، ودرجة كفاءة تلك الشبكة وتأثيرها في سعة امتداد.

وقد حدد الدكتور خالص الاشعب ماهية الاقليم الوظيفي بالحيز الذي تدور فيه وعليه فلسفة المكان بأبعادها المختلفة، ولما كان لكل اقليم معالمه وخصوصيته لذا يجب ان تكون فلسفة المكان لكل منها خاصة بما يخدم قوة الدولة التي تزداد مع تعدد وتنوع اقاليمها شريطة ان تحصل عملية تناسق وموازنة وتكامل بين هذه الاقليم.

تعد المدينة قاسماً مشتركاً مهماً بين مختلف انواع العلاقات الوظيفية مع اقليمها مما يجعل تأثيرها يظهر بصورة متنامية وبالشكل الذي يؤدي الى جعل الارتباط بينهما قوياً بحيث لا يمكن ان نعتبر المكان اقليماً بدون وجود مدينة مركزية. وينبغي الاشارة هنا الى ان شدة تأثير المدينة في اقليمها يكون متدرجاً، اذ لا يكون التأثير متساوياً على صفحة الاقليم وبأجزائه المختلفة. وان هذا التأثير يقل او يقف بعد مسافة معينة. وبذلك يمكن القول ان مجالات تأثير المدينة تظهر في شكل انطقة انتقالية اكثر من ان تكون على شكل خط. ويظهر اقوى تأثير للمدينة على اقليمها المباشر الذي يغطي المنطقة المحيطة بها او النطاق المماس لها والذي يقع تحت تاثيرها مباشرة وتكون الصلة بينهما عضوية من خلال طرق النقل والمواصلات.