أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2014
2404
التاريخ: 2023-02-10
1070
التاريخ: 9-10-2014
2259
التاريخ: 2023-03-26
999
|
قال تعالى : {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الكهف : 25 - 27] .
هذه القصّة التأريخية العجبية التي يذكرها القرآن خالية مِن أي خرافة أو وضع ، وفيها العديد مِن الدروس التربوية البنّاءة ، تماماً كما في قصص القرآن الأُخرى ، وإِذا كُنّا قد أشرنا إلى هذه الدروس ضمن تفسير الآيات ، فإِنّنا نرى مِن الضروري الآن أن نشير إِليها بشكل مجمل حتى نقترب أكثر مِن الهدف الأساس للقرآن ، وفيما يلي أبرز هذه الدروس :
أ : إِنَّ أول دروس هذه القصّة هو تحطيم حاجز التقليد ، والإِبتعاد عن التلوّن بلون المجتمع الفاسد. فهؤلاء الفتية حافظوا ـ كما لاحظنا ـ على استقلالهم الفكري في قبال الأكثرية المنحرفة المحيطة بهم ، وهذا الأمر أصبح سبباً في نجاتهم وتحرُّرهم.
وينبغي للإِنسان أن يكون له تأثير بناء على مجتمعه لا أن يكون مسايراً له.
ب : الهجرة مِن الأوساط المنحرفة درس آخر في هذه القصّة ذات العبر ، فهم قد تركوا بيوتهم وحياتهم المرفَّهة المليئة بألوان النعم المادية ، وتركوا مَناصبهم ، ورضوا بأنواع الصعوبات وأشكال الحرمان ـ في الغار الذي كان يفتقد كل شيء ـ لكي يحفظوا إِيمانهم ، ولا يكونوا من عوامل وأعوان جهاز الظلم والجور والكفر والشرك (1).
ج : التقية بمعناها البنّاء درس آخر نستفيده مِن هذه القصّة ، لقد كانوا يصرون على عدم اطّلاع أهل المدينة على حالهم وخبرهم ، واحتاطوا ليبقى أمرهم وحالهم مخفياً ، حتى لا يخسروا أنفسهم بدون سبب ، وكي يتجنبوا أن يُجبروا على الرجوع إِلى المحيط المنحرف الذي تخلّصوا منهُ.
ونحنُ نعرف أنَّ التقية ليست سوى أن يتكتم الإِنسان على حقيقة أمره في الأماكن والمواقف التي لا يرتجي منها فائدة في ذكر الحقيقة ، بل تكون سبباً للضرر. والتقية وقاية للنفس واحتفاظ بقوّة الإِنسان لوقت جهاد العدو حيث لا تقية (2).
د : عدم وجود تفاوت بين الناس وهم في طريق الله ، فالوزير كانَ إِلى جانب الراعي ، بل كان الاثنان إلى جانب الكلب كان يقوم بالحراسة. وهذا درس آخر يتّضح مِن خلاله أنَّ إِمتيازات الدنيا المادية ، والمناصب المُختلفة ليسَ لها أدنى نصيب أو تأثير على تصنيف الناس مِن أهل الحق وسالكيه ، إِذ الكل فيه سواء .. إِنَّ طريق الحق هو طريق التوحيد ، وطريق التوحيد هو طرق وحدة جميع الناس.
هـ : الإِمدادات الإِلهية العجيبة عند ظهور المشاكل ، هي نتيجة أُخرى يجب الاعتبار بها ، فقد رأينا كيف قامَ الخالق جلَّ وعلا بإنامة أصحاب الكهف كل تلك المدّة الطويلة ، مِن أجل إِنقاذهم مِن تلك الظروف الإِجتماعية الصعبة التي كانت تحيط بهم.
وقد أيقضهم جلَّ وعلا في الوقت المناسب ، أي في الوقت الذي أصبحوا رمزاً مِن رموز التوحيد ، وقد رأينا ـ كشكل مِن أشكال العناية ـ كيف أنَّ الله تعالى حفظ أجسادهم خلال هذه المدَّة مِن تأثيرات الأحداث والعوامل المختلفة ، وجعل مِن الرعب والخوف أُسلوباً للحفاظ عليهم في قبال أعدئهم.
و : لقد تعلَّمنا مِن أصحاب الكهف قيمة (طهارة الطعام) حتى في أصعب الظروف وأدقّها ، لأنَّ طعام الإِنسان لهُ آثار عميقة في روحه وفكره وقلبه ، وعندما يختلط الطعام بالحرام والنجاسة ، يبتعد الإِنسان عن طريق الله; طريق التقوى.
ز : ضرورة الاعتماد على مشيئة الله وطلب العون مِن لطفه تعالى : وقول (إن شاء الله) في كل ما يتعلق بأُمور المستقبل .. درس آخر نتعلمه مِن قصّة أصحاب الكهف.
ح : لقد رأينا أنَّ القرآن سمّاهم : بـ (الفتية) في حين أنّهم ـ طبقاً للرّوايات ـ لم يكونوا شباباً مِن حيث العمر ، وإِذا عرفنا أنّهم كانوا في البداية وزراء الملك الجبار ، يتأكد لنا أنّهم لم يكونوا صغاراً مِن حيث العمر. ولكن تسمية القرآن لهم بـ (الفتية) للدلالة على صفات الشهامة والرشد والطُهر والفتوة العفو والتسامح.
ط : ضرورة النقاش المنطقي مع المعارضين درسٌ آخر نستفيده مِن قصّة أصحاب الكهف ، حيثُ إِنّهم عندما أرادوا دحض الشرك الذي عليه مجتمعهم ، ذكروا أدلة مَنطقية قرأنا نماذج لها في الآيات (15 ـ 16) مِن هذه السورة.
إِنَّ أساس عمل جميع الأنبياء والقادة الإِلهيين مع أعدائهم ومعارضين يستند ـ في العادة ـ إِلى قاعدة الحوار المنطقي والنقاش الحر. أمّا استخدام القوة لأجل القضاء على الفتنة فهو أمرٌ يُلجأ إليه عندما تفشل الحجة في أداء وظيفتها ، أو عندما يقوم الخصم بعرقلة النقاش المنطقي.
ي : وأخيراً ، فإِنَّ إمكانية المعاد الجسماني وعودة الناس إلى الحياة مرّة أُخرى عند البعث ، يُعتبر عاشر وآخر درس نستفيدهُ مِن هذه القصّة ، وسنقرأ عنهُ تفصيلا في بحوث قادمة إِن شاء الله تعالى.
إِنّنا لا نستطيع القول بأنَّ الدروس التربوية في قصّة أصحاب الكهف تقتصر على ما ذكرناه ، ولكنّا نعتقد أنَّهُ حتى لو كان هُناك درس واحد نستفيده مِن هذه القصة لكفانا ذلك ، فكيف بِنا وأمامنا هذه الدروس الكثيرة؟!
على أيةِ حال ، إِنَّ هدف القرآن ليس قص القصص لغرض التسلية ، بل بناء الناس المقاومين المؤمنين الشجعان الواعين ، وأحد الطرق لذلك هو ذكر نماذج أصيلة مما حدث طوال التأريخ البشري المليء بالحوادث والمواقف.
_________________________
1.من اجل المزيد من التفاصيل حول مسألة الهجرة وفلسفتها في الاسلام يمكن مراجعة ما جاء في تفسير الآية 100 من سورة النساء من تفسيرنا هذا .
2.حول كون(التقية) اسلوبا للدفاع والوقاية يمكن مراجعة ما ذكرناه لدى تفسير الآية 62 من سورة يونس من تفسيرنا هذا ، وكذلك ملاحظة الملاكات الفقهية لهذه المسألة في كتابنا (القواعد الفقهية)
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|