أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-11
376
التاريخ: 8-10-2014
1558
التاريخ: 8-10-2014
1660
التاريخ: 8-10-2014
1130
|
قال تعالى : {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [الجمعة : 5] .
ثمّ يقول تعالى : بئس مثل القوم الّذين كذّبوا بآيات الله ، إذ لم يكتفوا بمخالفة القرآن عملاً ، بل أنكروه بلسانهم أيضاً ، حيث قالت الآية (87) من سورة البقرة وهي تصف اليهود : {فَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}.
ويقول تعالى في آخر الآية في عبارة وجيزة : {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [البقرة : 258] .
صحيح أنّ الهداية شأن إلهيّ ، ولكن ينبغي أن تُهيّأ لها الأرضيّة اللّازمة ، وهي الروح التوّاقة لطلب الحقّ والبحث عنه ، وهي أمورٌ يجب أن يُهيّئها الإنسان نفسه ، ولا شكّ أنّ الظالمين يفتقدون مثل هذه الأرضيّة.
ومن المعروف أنّ اليهود اعتبروا أنفسهم أمّة مختارة ، أو نسيجاً خاصّاً لا يُشبه غيره ، وذهبوا إلى أبعد من ذلك حينما ادّعوا أنّهم أبناء الله وأحبّاؤه ، وهذا ما أشارت إليه الآية (18) من سورة المائدة : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}(رغم أنّهم يقصدون الأبناء المجازيّين).
ولكنّ القرآن شجب هذا التعالي مرّة أخرى بقوله : { قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الجمعة : 6] .
فالأحبّاء يتمنّون اللقاء دائماً ، ولا يتمّ اللّقاء المعنويّ بالله يوم القيامة إلّا عندما تزول حجب عالم الدنيا وينقشع غبار الشهوات والهوى ، وحينئذ سيرى الإنسان جمال المحبوب ويجلس على بساط قربه ، ويكون مصداقاً لقوله تعالى : {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } فيدخل إلى حرم الحبيب.
إنّ خوفكم وفراركم من الموت دليل قاطع على أنّكم متعلّقون بهذه الدنيا وغير صادقين في ادّعائكم.
ويوضِّح القرآن الكريم هذا المعنى بتعبير آخر في سورة البقرة آية (96) عندما يقول تعالى : {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}.
ثمّ يُشير القرآن إلى سبب خوفهم من الموت بقوله { وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [الجمعة : 7] .
لأنّ خوف الإنسان من الموت ناشئ من عاملين أساسيّين :
الأوّل : عدم إيمان الإنسان بالحياة بعد الموت واعتقاده أنّ الموت زوال وفناء.
والثاني : أعماله السيّئة الّتي يعتقد أنّه سيواجهها بعد مماته في عالم الآخرة عندما تُقام المحكمة الإلهيّة.
وقد وصفهم القرآن الكريم بالظالمين ، وذلك لأنّ الظلم يتّسع ليشمل جميع الأعمال السيّئة والجرائم الّتي ارتكبوها ، من قتلهم الأنبياء وقول الزور وغصب الحقوق وتلوّثهم بمختلف المفاسد الأخلاقيّة.
غير أنّ هذا الخوف وذلك الفرار لا يُجدي شيئاً ، فالموت أمرٌ حتميّ لا بدّ أن يُدرك الجميع ، إذ يقول تعالى : {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجمعة : 8] .
الموت قانون عامّ يخضع له الجميع بما فيهم الأنبياء والملائكة وجميع الناس ، كلّ من عليها فانٍ ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام.
وكذلك المثول أمام محكمة العدل الإلهيّ لا يفلت منها أحد ، إضافة إلى علم الله تعالى بأعمال عباده بدقّةٍ وبتفصيل كامل. وبهذا سوف لا يكون هناك طريق للتخلّص من هذا الخوف سوى تقوى الله وتطهير النفس والقلب من المعاصي. وبعد أن يُخلص الإنسان لله تعالى فإنّه لن يخاف الموت حينئذ.
ويعبّر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن هذه المرحلة بقوله : "هيهات بعد الّلتيّا والّتي ، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمّه" (1).
فإذا صدّقت النفس أنّ (الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر) وإذا أيقنت هذه النفس أنّ هذا البدن الترابيّ إنّما هو سجن للروح وسور يضرب الحصار عليها ، إذا آمنت بذلك حقّاً وكانت نظرة الإنسان إلى الموت هكذا فإنّه سوف لن يخشى الموت أبداً.
لهذا نجد في قصّة عاشوراء أنّه كلّما ضاقت حلقة الأعداء وازداد ضغطهم على الإمام الحسين وأصحابه ازدادت وجوههم إشراقاً ، حتّى أنّ الشيوخ من أصحابه كانت الابتسامة تطفو على وجوههم في صبيحة عاشوراء ، وحينما كانوا يُسألون كانوا يقولون : إنّنا سنُستشهد بعد ساعات فنُعانق الحور العين (2).
والسبب الآخر الّذي يجعل الإنسان يخاف من الموت هو التعلّق بالدنيا أكثر من اللازم ، الأمر الّذي يجعله يرى الموت الشيء الّذي سيفصله عن محبوبه ومعشوقه الّذي هو الدنيا.
وكثرة السيّئات وقلّة الحسنات في صحيفة الأعمال هي السبب الثالث وراء الخوف من الموت ، فقد جاء شخص وسأل (أبا ذرّ) : ما لنا نكره الموت ؟ فأجابه أبو ذرّ قائلاً : " لأنّكم عمّرتم الدنيا وخرّبتم الآخرة ، فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى خراب" (3)
___________________
1- نهج البلاغة ، ج1 ، ص41.
2- مقتل الحسين ، المقرم ، ص 263.
3- المحجّة البيضاء ، ج 8 ، ص 258.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|