المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الحديث النبوي  
  
2592   10:02 صباحاً   التاريخ: 3-6-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص34-43
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاسلامي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-8-2021 4951
التاريخ: 22-03-2015 2874
التاريخ: 22-03-2015 8064
التاريخ: 26-09-2015 3941

الحديث النبوي

الحديث هو كل ما حكي عن النبي صلي الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وهو بذلك ليس جميعة أقوالا له، بل منه ما يسمي باسم

35

 

الآثار وهي ما رواه الرواة حكاية عن خلقه أو عمله أو في شأن من شئونه.

وضم إليه الرواة كثيرا مما حكي عن الصحابة وخاصة الخلفاء الراشدين، إذ كانوا يقتدون به في أقوالهم وأفعالهم عملا بقوله تعالي: {{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}} ويقول الجاحظ: «كانوا يكرهون أن يقولوا سنة أبي بكر وعمر، بل يقال: سنة الله وسنة رسوله» (1). وفي ابن سعد عن صالح بن كيسان قال:

«اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فكنا نكتب السنن، قال: وكتبنا ما جاء عن النبي صلي الله عليه وسلم، قال: ثم قال: نكتب ما جاء عن الصحابة فإنه سنة، قال: قلت إنه ليس بسنة، فلا نكتبه، قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت (2)».

وأهمية الحديث ترجع الى أن القرآن الكريم يذكر أصول الدين الإسلامي وأحكامه مجملة دون تفصيل وأنه هو الذي يفصلها، فالقرآن مثلا لم يذكر تفاصيل الصلاة والزكاة وهما من أهم أركان الإسلام، بل اكتفي بمثل قوله تعالي {{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}} وفصل الحديث أوقات الصلاة وكيفياتها، كما فصل القواعد والأسس التي يجب اتباعها في جمع الزكاة وتوزيعها. وهذان أمران من مئات الأوامر التي تناولتها أفعال الرسول وأقواله. فهو الذي بين أحكام الشريعة وصورها عمليا كما صور المبادئ الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية التي جاء بها الرسول. وبذلك كان مكملا للقرآن، وخاصة حين تجمل أحكامه أو ينبهم المراد من معني بعض آياته، فقد روي عن على بن أبي طالب أنه لما أرسل ابن عباس ليحاج بعض الخوارج أوصاه بأن لا يعارضهم بالقرآن لأنه حمال أوجه، ويحتمل معاني مختلفة، وبأن يكون عماده السنة فلا يجدوا منها مخرجا (3).

وكان الصحابة يروون حديث الرسول صلي الله عليه وسلم في حياته وكان هو نفسه يحثهم على ذلك، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله: «اللهم ارحم خلفائي قلنا

 

36

يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يروون أحاديثي ويعلمونها الناس (4)».

وكان كثيرا ما يقول للوفود: احفظوا أحاديثي واخبروا بها من وراءكم من العشائر، وتتكرر في خطبة حجة الوداع المشهورة: «ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب». وكان يرسل في القبائل رسله ليعلموهم القرآن وسنته. ومر بنا أنه لما أرسل معاذ بن جبل الى اليمن سأله: بم تقضي؟ فقال: بكتاب الله، فقال:

فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسوله. فالحديث كان متداولا في حياة الرسول وكان الرسول يأمر بنشره وإذاعته في الناس، حتي يقفوا على أوامر الدين ونواهيه وما أخذهم به من آداب ونظم.

ولما توفي الرسول وانتشر الصحابة في الأمصار الإسلامية أخذوا يبلغون كتاب الله وسنة رسوله أينما ذهبوا، وكادوا لا يتركون صغيرة ولا كبيرة من أفعاله وأقواله إلا أحصوها وتناقلوها، واشتهر من بينهم جماعة بكثرة ما روي عنهم في هذا الباب مثل أبي هريرة وعائشة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وابن عباس وأنس بن مالك، وكثير غيرهم. حتي إذا ذهب الصحابة خلفهم التابعون يحكون ما سمعوه منهم. وبذلك أخذ الحديث ينتقل من جيل الى جيل، فالمحدث يقول: سمعت من فلان عن فلان أو حدثني أو أخبرني أو أنبأني. ومن ثم تكون سند الحديث وتكونت السلاسل الطويلة من رواته، تلك السلاسل التي تضخمت مع مر الزمن بعامل طول المسافة بين المحدث ومن ينقل عنهم حتي عصر الرسول. وقد يكون للحديث الواحد أكثر من سند بسبب تفرق الصحابة في الأرض، وبذلك تعددت طرق رواية الحديث، كما تعدد حاملوه، وأصبح يحتوي متنا وسندا يطول ويقصر. وطبيعي أن يسمي حديثا لأنه كان يعتمد على الرواية والنقل الشفوي، وهو يسمي أيضا السنة، وهي في اللغة العادة ويراد بها العادة المقدسة التي رويت عن النبي وصحابته، وهي تستعمل في القرآن بمعني تقاليد الأسلاف الأولين وقد حولها المسلمون الى التقاليد التي حكيت عن الرسول وصحبه.

ومما لا ريب فيه أن بعض أحاديث الرسول دون في حياته، وخاصة تلك

37

التي تتصل بالزكاة حين كان يكتب الى بعض الأقوام يبين لهم فرائض دينهم، على نحو ما نجد ذلك في بعض كتبه المأثورة (5). ورخص النبي في بعض الأحوال لنفر من الصحابة أن يكتبوا حديثه، فقد أذن لرجل من الأنصار شكا إليه سوء حفظه لما يسمع منه أن يستعين على حفظه بيمينه (6)، وعن رافع بن حديج قال:

«قلنا يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها؟ قال: اكتبوا ولا حرج (7)»، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه استأذن رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يكتب ما يسمع من حديث فأذن له (8)، وكان يسمي صحيفته التي كتبها عن الرسول الصادقة (9). وفي بعض الأحاديث أن الرسول أمر أصحابه أن يكتبوا لرجل يمني خطبة سمعها منه، تضمنت بعض الأحكام الدينية (10). على أنه ينبغي أن لا نبالغ في تصور ما كان من هذه الكتابة لحديث الرسول في حياته، فإنها كانت محدودة جدا، وكان الرسول ينهي أن تصبح كتابة حديثه عامة، حتي لا يختلط بالقرآن، وهذا هو السبب فيما أثر عنه من أقوال تنهي عن تدوين حديثه من مثل قوله لأصحابه: «لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن فمن كتب شيئا فليمحه» (11).

ومما يدل دلالة قاطعة على أن جمهور الحديث لم يكتب على عهد الرسول أن نجد عمر بن الخطاب يستشير الصحابة في كتابته، وطفق يستخير الله فيها شهرا ثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله تعالي، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ أبدا» (12). فترك كتابة السنن، وتبعه كثير من الصحابة يروون الحديث ويكرهون أن يكتبه سامعهم مثل زيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأبي موسي الأشعري، واقتدي بهم كثير من التابعين وإن كانت أخذت تظهر عند بعضهم بوادر كتابته، ولكنه على كل حال لم يدون في القرن الأول للهجرة تدوينا عاما: وظل الأمر على ذلك حتي تولي عمر بن عبد العزيز

 

38

الخلافة (99 - 101 هـ‍) فأمر بتدوينه. جاء في حاشية (13) الزرقاني على موطأ مالك: «لم يكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الأحاديث إنما كانوا يؤدونها لفظا ويأخذونها حفظا إلا كتاب الصدقات والشئ اليسير. . حتي خيف عليها الدروس وأسرع في العلماء (من حفاظها) الموت، فأمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر الحزمي (والي المدينة) فيما كتب إليه: أن انظر ما كان من سنة أو حديث فاكتبه. وقال مالك في الموطأ رواية محمد بن الحسن: أخبرنا يحيي بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز كتب الى أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم، أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم أو سنته أو نحو هذا فاكتبه لي فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، علقه البخاري في صحيحه، وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان بلفظ: كتب عمر الى الآفاق: انظروا حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم فاجمعوه». وتوفي عمر قبل أن يصله عمل ابن حزم في هذا الصدد. وأول مدون للحديث بالمعني الدقيق لكلمة تدوين هو ابن شهاب الزهري (14) المتوفي سنة 124 للهجرة. وأخذ التصنيف والتأليف في الحديث يكثر بعده ويتسع، وسرعان ما ظهر موطأ مالك ثم تتابعت صحاحه مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم.

وإنما قدمنا ذلك ليقف القارئ على أن الحديث تأخر تدوينه، وكان طبيعيا أن يتداوله الأعاجم والمولدون قبل هذا التدوين حتي ينهجوا نهج الرسول ويقتفوا أثره، فزادوا ونقصوا في عبارته وقدموا في كلماتها وأخروا وأبدلوا ألفاظا بألفاظ، ومن أجل ذلك رأي أئمة اللغة والنحو من علماء البصرة والكوفة وبغداد أن لا يحتجوا بشئ من الحديث في إثبات لغة العرب والاستدلال على القواعد التي دونوها، لأن الأحاديث لم تكن تروي بألفاظها كما جاءت عن الرسول إنما كانت-تروي غالبا-بمعانيها، ومن أجل ذلك كان كثير من الأحاديث تتعدد رواياته.

39

علي أن طائفة من الأحاديث رويت رواية تواتر، ومن ينظر في هذه الأحاديث وما نص عليه العلماء بأنه روي بلفظه يعرف أنه عليه السلام أوتي جوامع الكلم، وحقا ما بقوله الجاحظ من أنه «لم يتكلم إلا بكلام قد حف بالعصمة وشيد بالتأييد ويسر بالتوفيق» (15) ويضرب الجاحظ لبيانه الرائع بعض الأمثله من حديثه الذي قل عدد حروفه وكثرت معانيه، فمن ذلك قوله للأنصار:

«أما والله ما علمتكم إلا لتقلون عند الطمع، وتكثرون عند الفزع» وقوله «المسلمون تتكأفأ دماؤهم ويسعي بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم»، وقوله: «لا تزال أمتي صالحا أمرها ما لم تر الأمانة مغنما والصدقة مغرما»، وقوله «المستشار مؤتمن»، وقوله: «إن أحبكم الى وأقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون.

وإن أبغضكم الى وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة الثرثارون المتفيهقون»، وقوله «لا تجن يمينك على شمالك» وقوله: «ما أملق تاجر صدوق» وقوله:

«رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت فسلم» وقوله: «إن الله يرضي لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا: يرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» وقوله: «يقول ابن آدم: مالي مالي، وإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو وهبت فأمضيت» وقوله: «إن قوما ركبوا سفينة في البحر فاقتسموا فصار لكل رجل موضع، فنقر رجل موضعه بفأس، فقالوا: ما تصنع؟ قال: هو مكاني أصنع به ما شئت، فإن أخذوا على يديه نجا ونجوا وإن تركوه هلك وهلكوا» وقوله: «حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة» وقوله: «من ذب عن لحم أخيه بظهر الغيب كان حقا على الله أن يحرم لحمه على النار» وقوله: «أوصاني ربي بتسع: أوصاني بالإخلاص في السر والعلانية، وبالعدل في الرضا والغضب، وبالقصد في الغني والفقر، وأن أعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأصل من قطعني، وأن يكون صمتي فكرا ونطقي ذكرا ونظري عبرا» وقوله: «إن الأحاديث ستكثر

40

بعدي كما كثرت على الأنبياء من قبلي، فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فهو عني قلته أو لم أقله». ويذكر الجاحظ طائفة من أقواله التي دارت بين الناس دوران الأمثال والتي تعد ذخيرة أدبية رائعة من نحو قوله صلي الله عليه وسلم (16):

يا خيل الله اركبي-مات حتف أنفه (17) -لا تنتطح فيه عنزان-الآن حمي الوطيس (18) -كل الصيد في جوف الفرا (19) -هدنة على دخن وجماعة على أقذاء (20) -لا يلسع المؤمن من جحر مرتين. ومن أمثاله أيضا: إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقي (21) -إياكم وخضراء الدمن (22) -الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة (23).

وإذا كنا قد عرضنا في غير هذا الموضع لأثر القرآن في اللغة والأدب فإن للحديث هو الآخر أثرا فيهما، وإن كان لا يبلغ أثر القرآن العظيم، لأنه دونه في البلاغة، وإن كان قائله أبلغ العرب قاطبة وأفصحهم. ويمكن أن نلاحظ أثره في أنه عاون القرآن الكريم في انتشار العربية، وفي حفظها وبقائها، وكان له أثر أيضا في توسيع المادة اللغوية بما أشاع من ألفاظ دينية وفقهية لم تكن تستخدم من قبل هذا الاستخدام الخاص، وقد أقبل العلماء في مختلف الأمصار الإسلامية، وعلي تعاقب الأعصار، يدرسونه ويتحفظونه ويشرحونه ويستنبطون منه. وحقا أن كثرته رويت بالمعني، ولكن هذا لا يقلل من قيمته اللغوية، إذ كانت ألفاظه تدور في عصور سبقت عصر فساد اللغة، وهي من أجل ذلك ألفاظ عربية سليمة، وبالتالي هي كنز ثمين. وقد استمد المتأدبون من هذا الكنز في رسائلهم وأشعارهم ما أضاف إليها-علي مر العصور-رونقا وطلاوة، وما يزال ذلك شأنهم الى اليوم. وقد

41

جاءت فيه أحرف غريبة من لغات القبائل، إذ كان الرسول يخاطب بعض وفودهم بلغاتهم، وبقيت من ذلك آثار مختلفة كحديثه المشهور الذي أبدل فيه أل بأم كما يصنع بعض العرب من حمير إذ قال: «ليس من امبر امصيام في امسفر»، أي ليس من البر الصيام في السفر. ومن أجل هذا وأمثاله ألف العلماء في غريبه كتبا، من أهمها كتاب غريب الحديث للقاسم بن سلام.

ومن تأثيره أيضا نشأة الكتابة التاريخية لا في السيرة النبوية فحسب، بل أيضا في تراجم المحدثين للحكم لهم أو عليهم فيما نقل عنهم. ومن غير شك هو السبب في أن المسلمين أشد الأمم عناية بتواريخ رجالهم على نحو ما نعرف في مثل طبقات ابن سعد وأسد الغابة والإصابة والاستيعاب وميزان الاعتدال للذهبي.

فالحديث هو الذي فتح باب الكتابة التاريخية وهيأ لظهور كتب الطبقات في كل فن. وهذا غير ما نشأ عنه من علوم الحديث وغير مشاركته في علوم التفسير والفقه، مما بعث على نهضة علمية رائعة.

 

 

_________

(1) الحيوان للجاحظ (طبعة الحلبي) 1/ 336.

(2) طبقات ابن سعد (طبعة أوربا) ج 2 ق 2 ص 135.

(3) نهج البلاغة (طبعة بيروت) 2/ 146.

(4) انظر في هذا الحديث مقدمة القسطلاني على البخاري.

(5) انظر في ذلك مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة لحميد الله (طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر).

(6) تقييد العلم للخطيب البغدادي (طبعة يوسف العش) ص 65.

(7) تقييد العلم ص 72.

(8) تقييد العلم ص 74 وما بعدها.

(9) تقييد العلم ص 84.

(10) نفس المصدر ص 86.

(11) تقييد العلم ص 29 وما بعدها.

(12) نفس المصدر ص 49 وما بعدها.

(13) انظر الحاشية 1/ 10.

(14) انظر في ترجمته كتاب الأنساب للسمعاني 281 وابن خلكان (طبعة بولاق) 1/ 571 وتهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 445 وتذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 102 والمعارف لابن قتيبة ص 239 وصفة الصفوة 2/ 77.

(15) البيان والتبيين 2/ 17.

(16) انظر البيان والتبيين 2/ 15 وراجع كتب الأمثال.

(17) مثل يضرب لمن مات على فراشه.

(18) الوطيس: التنور. يضرب مثلا في اشتداد الحرب.

(19) الفرا: حمار الوحش. يضرب مثلا في نفاسة الشئ أو الشخص.

(20) دخن: حقد.

(21) المنبت: من أسرع بناقته حتي هلكت فلم يقض ما يبغي من حاجة أو من سفر. والظهر: الناقة التي يركبها.

(22) الدمن: البعر المتلبد. يضرب مثلا للتنفير من المرأة الحسناء تنشأ في منبت سيئ.

(23) الراحلة: الصالحة لأن ترحل.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.