أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-8-2022
892
التاريخ: 18-5-2021
1472
التاريخ: 22/11/2022
1544
التاريخ: 13-5-2021
1488
|
آراء قادة الجيوش في الجغرافيا العسكرية
النزاعات بشتى ضروبها ظاهرة إنسانية أزلية، تعود في تاريخها إلى الإنسان الأول ومنازعاته وقتاله مع الآخرين بما فيهم اخوته. وسعى - مما سعى فيه وإليه - إلى تنمية قدراته وأساليبه القتالية لتحقيق الفوز والنصر على الآخرين من الأعداء و الأقران، بل ومن الحلفاء أيضا في بعض من الأحيان. وبرز من بني البشر مقاتلون عظام، وقادة أفذاذ، حفظت كتب التاريخ الكثير من انتصاراتهم، و دوّنت أقوالهم و حفظتها، وتناقلتها أجيال لاحقة من العسكريين ومن ذوي الاهتمام لما تحويه من حكمة وحنكة و سداد بالرأي، وباتت أقوال وأفكار أولئك المقاتلون والقادة تحتل مقدمات المحاضرات والأطروحات العسكرية، ويستشهد بها توكيدا لفكرة أو خطة ما، وكمثال على ذلك ما تجلت به عبقرية الرسول الأعظم العسكرية، في قوله صلى الله عليه وسلم : " الحرب خدعة ". وتسعى السطور التالية إلى عرض لبعض الآراء والأقوال في مجال الجغرافيا العسكرية، والتي تتناول بالدراسة آثار العناصر الجغرافية – طبيعية واصطناعية – على الأنشطة العسكرية والتخطيط لها.
ينسب عادة القول لصاحبه، ولكن توجد أقوال لا يعرف قائلها لسبب ما، ولكن صحة القول أو المعلومة التي يسوقها تبقي عليه، وهنا يكون القول أعظم أهمية من قائله. ولعل القول: "المناخ climate هو ما تتوقع ، لكن الطقس Weather هو ما تجد " هو حقيقة ، وتفسير ذلك ان المناخ هو مجمل حالة الجو لمنطقة ما، وتبنى معلوماته على أساس معدلات ومتوسطات لقراءات وإحصاءات، هي حصيلة معلومات لسنوات طويلة، وعلى ذلك إن أشارت معلومات المناخ لمنطقة ما أن صيفها معتدل، فإن هذا لا يحول من تعرضها لأحوال حارة أو باردة في وقت ما من الصيف.
تتعرض بعض الأقوال إلى بعض التحريف والتغيير أحيانا مع الزمن، كما قد تختلف نتيجة الترجمة والنقل من لغة القائل إلى لغة أخرى عبر لغة ثالثة فيصيب القول تغيّر ما، وإن كانت الفكرة واحدة، ولكن قد يفقد القول الجمال والدقة التي أوردتها لغة القائل. ومن أمثلة اختلاف الترجمة ما قاله المفكر الصيني الشهير صن تزو (sun tze سون تسي) في كتابة الشهير " فن الحرب " قبل نحو 2500 سنة ، فقد ورد في كتاب ونترز winters ورفاقه ما ترجمته " أولئك الذين لا يعرفون احوال الجبال والغابات، ومخاطر الشعاب، والسبخات والمستنقعات، لا يستطيعون قيادة مسير
جيش "
وقد ورد القول في ترجمة ربيع مفتاح للكتاب بالصيغة التالية " : وهؤلاء الذين لا تتوافر لديهم الدراية بالجبال والغابات والطرق الضيقة الخطرة والحقول والمستنقعات لا يجب عليهم قيادة الجيش " وقد وردت في ترجمة ناصر الكندي للكتاب على النحو التالي " و من لا يعرف الجبال والغابات، الأودية والشعاب، السبخات و المستنقعات لا يمكنه قيادة جيش".
ولا تقل أهمية معرفة القائل عن أهمية القول و جوهره، فالاختلاف على اسم القائل أمر غير مستبعد، ومن ذلك المقولة الجامعة " قتلت أرض جاهلها، وقتل أرضا عالمها" . إذ وردت في معجم لسان العرب لابن منظور وفي مجمع الأمثال للميداني على أنها مثل من الأمثال العربية، في حين وردت في الكامل في التاريخ لابن الأثير على لسان خالد بن الوليد في محادثته لعمرو بن عبد المسيح أثناء حصاره له في أحد قصور الحيرة بعد معركة بادقي، كما وردت على لسان النعمان بن مقرن موجها إياها إلى عناصر الاستطلاع في معركة نهاوند، وفي رواية أخرى وردت في تاريخ الرسل والملوك للطبري على لسان عمرو بن أبي سلمى العنزي عنصر الاستطلاع وليس النعمان، وعلى أي حال يرجح أن القول هو مثل عربي استشهد به من سبق ذكره. يصدر القول عن صاحبه عقب تجربة عاشها، أو عمل مارسه على أرض الواقع، فجاءت فكرته أو قوله فيما بعد، فيوردها في كتاب يضعه أو في محاضرة يلقيها، وسيكون مقنعا في ما يورده، لاقتناعه برأيه وفكرته التي خرج بهما. لكن يأتي القول كرد فعل فوري أو شبه فوري، أي وليد ساعته.
ومن ذلك ما قاله اللفتنانت جنرال (الفريق) البريطاني السير كيجل Kiggell بعد رؤيته للطين والأرض الموحلة والامطار في ساحة معركة امام الالمان في منطقة الفلاندرز عام 1917 إذ قال " : يا إلهي هل أرسلنا الرجال للقتال هنا حقا ؟ ." فقد كانت معركة رهيبة بلغت فيها الخسائر البريطانية 400,000 بين قتيل وجريح، مقابل 65,000 للألمان.
وكان للعرب في تاريخهم الطويل دور عسكري هام، وإنجازات عسكرية لا تقل بحال عن إنجازاتهم الحضارية، ولم يعد العرب أهل حرب " الكر و الفر " فقط بل أظهروا عبقريات عسكرية تجلّت في فتوحاتهم، ويحفل التراث العربي بالكثير من جوانب الجغرافيا العسكرية التي تشير إلى موروث عسكري يعتّد به، ولهم أقوال و 35 هجرية) وكان من دهاة العرب يقول – آراء منها كمثال : كان زياد ابن أبيه ( 1 لقواده " تجنبوا إثنين لا تقاتلوا فيهما العدو : الشتاء و بطون الأودية"
وأغزى الوليد بن عبد الملك جيشا في الشتاء، فغنموا وسلموا، فقال لعبّاد ابن زياد: يا أبا حرب، أين رأي زياد من رأينا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين، قد أخطأت، وليس كل عورة تصاب. وبذلك يثبت العربي مقدرة في تحديد الوقت والمكان غير المناسبين جغرافيا للعمليات، وهما فصل الشتاء ببرده ومطره، وبطن الوادي المنخفض المعرض لضربات العدو من الأعالي. كما تبين القصة كيفية الدفاع عن الرأي حتى أمام الخليفة القائد الأعلى للجيش.
تتشكل الرؤية العسكرية في كثير من الجوانب والعناصر الجغرافية، مما يعطي شمولية وإحاطة ممتازة للقرار العسكري، ويبدو ذلك واضحا في رسالة الباحث والمترجم والعسكري لورنس Lawrence 1888- 1945المعروف باسم لورنس العرب، والموجة إلى رجل الاستراتيجية البريطاني ليدل هارت Liddell Hart عام 1933 في قوله " عندما أتخذ قرارا أو أتبنى خيارا، يكون ذلك بعد دراسة لكل عامل هام. ففي الجغرافيا البنية القبلية، والدين، والعادات الاجتماعية، واللغة، والميول، والمعايير، كل ذلك قريب لي أتلمسه كأصابعي ". وقد سبق السياسي الإيطالي الشهير ميكافيلي Machiavelli (1469-1527)لورنس في الجمع بين العوامل الطبيعية والبشرية إذ قال :في وقت السلم على الجندي تعلُم طبيعة الأرض، وكم انحدار الجبال، وكم تنفتح الأودية، وأين تقع السهول، و أن يفهم طبيعة الأنهار والمستنقعات، عندها وباستخدام المعرفة والخبرة التي حصل عليها في مكان ما، في ذلك الوقت يمكنه فهم أي مكان آخر"
وبناء على ذلك يدعو إلى الدراسة المقارنة، من حيث تعميم الأمور في مكانين يتشابها في أحوالهما أكد الزعيم الصيني الشهير ماوتسي "تونغ على دور الانسان والجوانب المعنوية عندما قال " : هناك النظرية المسمّاة )الأسلحة تعني كل شيء( الأسلحة عنصر هام في الحرب لكنها ليست بالسلاح الحاسم، الذي هو الإنسان الذي يعوّل عليه وليس المادة، إن صراع القوى ليس الصراع بين القوتين العسكرية والاقتصادية فقط، بل و بين إحدى القوى ومعنويات البشر".
يصدر قول عن شخص ليس بالعسكري أو الجغرافي، ولكن يمكن تفسير قوله عسكريا أو جغرافيا بل و يمكن أن يفسر بما لم يقصده القائل أصلا، ومن ذلك قول الشاعر الامريكي الشهير فروست Frost (1874- 1963) القائل " : الاسيجة الجيدة تصنع جيرانا جيدين".
إذ يمكن تفسيره بأن القوات المسلحة القوية )سياج الوطن( تجبر الدولة المجاورة على أن تكون جارة مسالمة وغير مؤذية، كما يمكن أن تفسر بأن الحدود السياسية (الدولية) واضحة المعالم، وغير المتنازع عليها، تضمن حسن الجوار لعدم وجود مبرر للنزاع. كما يمكن أن تصدر عبارات مماثلة في كراسات تدريب القوات المسلحة، ومنها ما ورد في كراسة الميدان الأمريكية التي تحمل الرمز FM 100- (1991) 5وهو " ان الارض ليست محايدة ، فهي اما تساعد او تعيق إحدى القوى المتنازعة".
كما ورد في الكراسة FM 100 – 5 ( 1982) ان للطقس والأرض أثر اكبر من أي عامل مادي اخر بما فيه الاسلحة ، والمعدات ، او الإمدادات.
وقد نالت المعالم الطبيعية الكثير من الأقوال و الآراء، ومما قيل في الصحراء ما أورده C.F Lucas Philip يمكن أن تكون الصحراء للوافد حديثا إلى الصحراء، مكان رعب حقيقي، حيث لا طرق، و لا منازل، ولا أشجار، ولا معالم بارزة من أي نوع ولمسافات مئات الأميال. وسيجر بلذاف الحقيقي لأول مرة من أن يضيع تماما، ويلاقي حتفه على أيدي عدوّه أو في قسوة الأراضي القاحلة في عمق الصحراء الخاوية.
وقال Maurice De Saxe في الجبال : اولئك الذين يشنون الحرب في الجبال، عليهم ان لا يمروا عبر شعابها قبل ان يجعلوا من انفسهم أولا سادة المرتفعات.
وهذا امر واج ، إذ بدون السيطرة على المرتفعات الحاكمة لا تتمكن القوات من عبور الممرات والشعاب. كما قال W B Kennedy Shaw في الرياح " لكثير من البلاد رياحها الحارة ومنها رياح الخماسين في مصر، و الريح الشرقية في فلسطين، ورياح الهرمتان في غرب أفريقيا، اجمع كل هذه الرياح معا، وأضف إليها الرمال ومذاقها وانفخها باتجاه الشمال، لتخرج من أبواب جهنم، عندها ستبدأ بمعرفة ماهية رياح القبلي في واحة الكفرة الليبية صيفا" .
ويبدو من هذا القول ان صاحبه قد عانى من رياح القبلي في الصحراء الليبية كما يشاه ذلك تجربة اللفنتانت كوماندر الذي قال : "لقد اعددنا قائمة بكل ما يمكن تصوره من معيقات طبيعية وجغرافية، لكن إينشون حوتها جميعها" .
ويبدو كذلك إن هذا القائد البحري الأمريكي قد عانى الكثير في معركة ميناء إينشون إبان الحرب الكورية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|