أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-11-2019
2734
التاريخ: 27-11-2019
2980
التاريخ: 15-11-2016
1469
التاريخ: 10-12-2019
2795
|
هجرة أبي بكر لا تصح :
ويقولون : إنه حين اشتد البلاء على بقية من بمكة من المسلمين ، وضاقت مكة على أبي بكر ، وأصابه فيها الأذى ، خرج حين حصر المسلمون في الشعب مهاجرا إلى الحبشة ، فلما وصل إلى برك الغماد ـ موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن ـ لقيه ابن الدغنة ، سيد قبيلة «القارة» ، وكانوا حلفاء لبني زهرة من قريش ، فقال له :
أين تريد يا أبا بكر؟ فقال : أخرجني قومي ؛ فأريد أن أسيح في الأرض ، وأعبد ربي ، فقال ابن الدغنة : مثلك يا أبا بكر لا يخرج ؛ إنك تكسب المعدوم إلى أن قال : فارجع فأنا لك جار فرجع ، ورجع معه ابن الدغنة ، فطاف عشية في أشراف قريش ، وأعلمهم بأنه أجاره ، فأجازوا جواره بشرط : أن يعبد ربه في داره ، ولا يستعلن.
ولكن أبا بكر ابتنى بعد مدة مسجدا في بني جمح ، بجوار داره يصلي فيه ، ويقرأ القرآن ، وجعل نساء المشركين وأبناؤهم يجتمعون لسماع قراءته ، حتى يسقط بعضهم على بعض.
وكان له صوت رقيق ، ووجه عتيق أي جميل.
فراجع المشركون ابن الدغنة في ذلك ، فأتاه فطالبه ، فرد عليه أبو بكر جواره (١).
ونحن نشك في ذلك ، إذ مع غض النظر عن :
١ ـ أن إخراج قوم أبي بكر له لا يعني أنه قد هاجر مختارا مع أن ظاهر الكلام هو ذلك.
٢ ـ ومع غض النظر عن أن هذا الحديث مروي عن عائشة فقط ـ وهو عجيب!! ـ فهم يدّعون : أنها كانت حينئذ صغيرة السن جدا لا يمكن أن تعي كل تلك الأمور والخصوصيات ، وإن كنا نعتقد : أن عمرها كان أكثر مما يقولونه بكثير ، كما سنشير إليه.
٣ ـ أضف إلى ذلك : أنها لم توضح لنا عمن روت ذلك.
ودعوى البعض : أن إرسال الصحابي لا يضر ، لأنه يروي عن صحابي مثله ؛ وهم عدول كلهم ، لا تصح ، فأما بالنسبة لعدالتهم جميعا ، فقد أثبتنا عدم صحة ذلك فراجع مقالنا : الصحابة في الكتاب والسنة ، في كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ، الجزء الثاني.
وأما دعوى : أن إرسال الصحابي إنما هو عن صحابي مثله ، فهي أيضا غير صحيحة ، لجواز أن يكون الصحابي قد روى عن غير صحابي ، كما كان أبو هريرة يروي عن كعب الأحبار (2).
نعم ، إننا مع غض النظر عن ذلك كله ، نسجل هنا الأمور التالية :
أولا : إن الرواية تنص على أن ابن الدغنة كان حليفا لبني زهرة من قريش ، فكيف أجار على قريش مع أن الحليف لا يجير؟! كما اعتذر به الأخنس بن شريق ، حينما طلب منه النبي أن يجيره ليدخل مكة ، حسبما يدّعون (3).
ثانيا : لماذا بعد أن رد جوار ابن الدغنة لم تؤذه قريش ولم تخرجه ، وإذا كانت قبيلته قد منعته الآن ؛ فلماذا لم تمنعه أولا؟!
وإذا كانت قد أقنعتهم تقريظات ابن الدغنة لأبي بكر ، فلماذا لم تقنعهم أولا ، حتى احتاج أبو بكر إلى جواره؟!.
ثالثا : لقد رد الإسكافي على الجاحظ المدعي لهذه القضية بقوله : «كيف كانت بنو جمح تؤذي عثمان بن مظعون وتضربه ، وهو عندهم ذو سطوة وقدر ، وتترك أبا بكر يبني مسجدا يفعل فيه ما ذكرتم؟
وأنتم الذين رويتم عن ابن مسعود : أنه قال : ما صلينا ظاهرين حتى أسلم عمر بن الخطاب ، والذي تذكرونه من بناء المسجد كان قبل إسلام عمر ، وأما ما ذكرتم من رقة صوته ، وعتاق وجهه ، فكيف يكون ذلك ، وقد روى الواقدي ، وغيره : أن عائشة رأت رجلا من العرب ، خفيف العارضين ، معروق الخدين ، غائر العينين أجنأ (يعني مائل الظهر) ، لا يمسك إزاره ، فقالت : ما رأيت أشبه بأبي بكر من هذا ، فلا أراها دلت على شيء من الجمال في صفته (4).
ويدل على صحة ما ذكره الإسكافي حول جمال أبي بكر : أن المقدسي ، بعد أن ذكر : أنه لقب بعتيق لحسن وجهه وعتقه ، يقول : «كان أبيض البشرة ، مشربا حمرة ، نحيف الجسم ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، غائر العينين ، ناتئ الجبهة ، عاري الأشاجع ، أحنى لا يستمسك إزاره ، ويسترخي عن حقويه ، وكان الخ ..» وكذا قال غيره (5).
هذا كله عدا عن قولهم : إنه لقب ب «عتيق» لأن الرسول قال له : «هذا عتيق من النار» فيومئذ سمي عتيقا ، وكان اسمه قبل ذلك : عبد الله بن عثمان (6) وذلك ينافي قولهم : إنه عتيق لجمال وجهه.
رابعا : لقد نصت الرواية على أن أبا بكر قد ابتنى مسجدا في بني جمح ، ولكننا نجدهم يقولون : إن مسجد قباء كان أول مسجد بني في الإسلام (7).
ويقولون أيضا : إن عمارا كان أول من بنى مسجدا في الإسلام (8).
وحاول البعض الإجابة عن هذا بأن المقصود : هو أن مسجد قباء كان أول مسجد بني في المدينة ، وأن عمارا كان أول من بنى مسجدا لعموم المسلمين (9).
وقد فاته : أن إطلاق قوله : في الإسلام يدفع الأول ، وإطلاق كون عمار أول من بنى مسجدا يدفع الثاني ، كما أن ثمة تصريحا بأنه أول من بنى في بيته مسجدا يتعبد فيه (10).
وخامسا : نحن بحاجة إلى إجابات على الأسئلة التالية : لماذا يترك أبو بكر يبني مسجدا في بني جمح؟.
وكيف لم يعترض الجمحيون على هذا التحدي؟.
ولماذا لم يدرك التيميون صفات أبي بكر النبيلة تلك ، ويدعونه يخرج ، ثم يدركها ابن الدغنة؟!
ولماذا لم تلاحظ قريش تلك الصفات النبيلة التي أقرت بها ، وتركته يخرج؟! بل ولماذا عذبته أشد العذاب مع علمها بما ذكره ابن الدغنة عنه؟!!.
فضيلة عثمان بن مظعون تجعل لغيره :
والذي نظنه قويا هو أنهم أرادوا : أن يجعلوا له فضيلة سبق إليها عثمان بن مظعون ؛ فإنه كما يذكره المؤرخون : لما رجع من الحبشة مع من رجع ، بعد شهرين من الهجرة ، وفوجئ بأن الأمر بين المشركين والنبي «صلى الله عليه وآله» لا يزال على حاله ، دخل مكة بجوار الوليد بن المغيرة.
ولكنه لما رأى ما فيه المسلمون من البلاء ، وهو يغدو ويروح في أمان ، صعب عليه ذلك ، فمشى إلى الوليد فرد عليه جواره ؛ فقال : يا بن أخي ، لعله آذاك أحد من قومي؟
قال : لا ، ولكني أرضى بجوار الله عز وجل ، ولا أريد أن أستجير بغيره.
قال : فانطلق إلى المسجد ، فاردد علي جواري علانية ، كما أجرتك علانية ، فانصرف معه ، ورد عليه جواره علانية في المسجد (11).
__________________
(١) راجع : السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٢٧ و ١٢٨ ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ١٢ و ١٣ ، وشرح النهج ج ١٣ ص ٢٦٧ ، والمصنف ج ٥ ص ٣٨٦ و ٣٨٥ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٩٤ و ٩٥ ، وفي تاريخ الخميس ج ١ ص ٣١٩ و ٣٢٠ أن ذلك كان في الثالثة عشرة من البعثة ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٢٧٦ و ٢٧٧ عن صحيح البخاري ص ٥٥٢.
(2) راجع : شيخ المضيرة للشيخ محمود أبي رية ، وأبو هريرة للسيد شرف الدين رحمهما الله تعالى ، وراجع ترجمة كعب الأحبار في سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٤٩٠ وغيره.
(3) إعلام الورى ص ٥٥ والبحار ج ١٩ ص ٧ عن القمي ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٠ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٣٧ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ٣٦٠ ، والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٤٢ ، وبهجة المحافل ج ١ ص ١٢٦.
(4) شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٦٨ عن الإسكافي.
(5) البدء والتاريخ ج ٥ ص ٧٦ و ٧٧ ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٩٩ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٦١٥.
(6) كشف الأستار عن مسند البزار : ج ٣ ص ١٦٣ ، ومجمع الزوائد : ج ٩ ص ٤٠.
(7) وفاء الوفاء ج ١ ص ٢٥٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٥٥.
(8) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٥٥ ، وطبقات ابن سعد ج ٣ ص ١٧٩ و ١٧٨ والأعلاق النفيسة ص ١٩٦ وتاريخ ابن كثير ج ٧ ص ٣١١ ، والغدير ج ٩ ص ٢٠ عنهما.
والأوائل للطبراني ص ١٠٩ والروض الأنف ج ٣ ص ٢٤٨ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ١٤٣.
(9) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٥٥ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٢٥٠.
(10) طبقات ابن سعد ط ليدن ج ٣ ص ١٧٨ وذكره في البداية والنهاية ج ٧ ص ٣١١ ، وراجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٥٥ فإنه صرح بأن هذا المسجد كان خاصا بالذي بناه.
(11) البداية والنهاية ج ٣ ص ٩٢ ، وقد ذكرت هذه القضية في مختلف المصادر التاريخية فلا حاجة إلى تعدادها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|