أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2017
3265
التاريخ: 10-5-2020
2718
التاريخ: 19-5-2017
1759
التاريخ: 29-4-2021
4015
|
نظرة الأمويين إلى الحرم والكعبة :
أما بالنسبة إلى رأيهم في الكعبة ، وزمزم ، ومقام إبراهيم وغيرها من المقدسات ، فذلك أوضح من الشمس وأبين من الأمس ، ويتضح ذلك من النصوص التالية :
١ ـ كان خالد القسري قد أخذ بعض التابعين ، فحبسه في دور آل الحضرمي بمكة ، فأعظم الناس ذلك وأنكروه ، فخطب ، فقال : قد بلغني ما أنكرتم من أخذي عدو أمير المؤمنين ومن حاربه.
والله ، لو أمرني أمير المؤمنين أن أنقض هذه الكعبة حجرا حجرا لنقضتها.
والله ، لأمير المؤمنين أكرم على الله من أنبيائه «عليهم السلام» (1).
٢ ـ قال المدائني : كان خالد يقول : لو أمرني أمير المؤمنين لنقضت الكعبة حجرا حجرا ، ونقلتها إلى الشام (2).
٣ ـ وأعظم من ذلك وأشد خطرا ، وأعظم جرأة على الله عز وجل : أن الحجاج لم يكتف في حربه لابن الزبير برمي الكعبة بأحجار المنجنيق ، حتى رماها ـ والعياذ بالله ـ بالعذرة أيضا لعنه الله وأخزاه (3).
٤ ـ كما أن الوليد بن يزيد الأموي قد أنفذ مجوسيا ليبني على الكعبة مشربة للخمر.
كما وذهب في عهد هشام إلى مكة ومعه خمر ، وقبة ديباج على قدر الكعبة ، وأراد أن ينصب القبة على الكعبة ، ويجلس فيها ، فخوفه أصحابه من ثورة الناس ، حتى امتنع (4).
٥ ـ وتقدم قول الجاحظ : أن هاشما تفخر على بني أمية بأنهم لم يهدموا الكعبة (5).
وأنهم : «أعادوا على بيت الله بالهدم ، وعلى حرم المدينة بالغزو ، فهدموا الكعبة ، واستباحوا الحرمة .. الخ ..» (6).
مقام إبراهيم عليه السّلام :
وقد روى عبد الرزاق عن الثوري ، عن مغيرة ، عن أبيه ، قال : رأيت الحجاج أراد أن يضع رجله على المقام ـ مقام إبراهيم ـ فيزجره عن ذلك محمد بن الحنفية ، وينهاه عن ذلك.
أضاف الزمخشري : أن ابن الحنفية قال : «والله ، لقد كنت عزمت إن أرادني أن أجتذب عنقه فأقطعها» (7).
زمزم أم الخنافس :
قال الأصمعي : قال أبو عاصم النبيل : ساق خالد (أي القسري) ماء إلى الكعبة ؛ فنصب طستا إلى جانب زمزم ، ثم خطب ، فقال : قد جئتكم بماء العادية ، وهو لا يشبه أم الخنافس ، يعني زمزم (8).
وقال خالد القسري لعامله ابن أمّي : أيما أعظم ، ركيّتنا أم زمزم؟
فقال له : أيها الأمير ، من يجعل الماء العذب النقاح مثل الملح الأجاج؟!
وكان يسمي زمزم : أم الجعلان (9).
بين الخليفة الأموي وإبراهيم الخليل :
وقال أبو عبيدة : خطب خالد (أي القسري) يوما ، فقال : إن إبراهيم خليل الله استسقى ماء فسقاه الله ملحا أجاجا.
وإن أمير المؤمنين استسقى الله ماء فسقاه عذبا نقاخا (10).
الحج إلى صخرة بيت المقدس :
ويذكر المؤرخون أنه : حين استولى ابن الزبير على مكة والحجاز بادر عبد الملك بن مروان إلى : «منع الناس من الحج ، فضج الناس ، فبنى القبة على الصخرة ، والجامع الأقصى ؛ ليشغلهم بذلك عن الحج ، ويستعطف قلوبهم ، وكانوا يقفون عند الصخرة ، ويطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة ، وينحرون يوم العيد ، ويحلقون رؤوسهم» (11).
وقد قال عبد الملك عن الصخرة : هذه صخرة الرحمن التي وضع عليها رجله (12).
وكان ابن مسعود ، وعائشة ، وعروة بن الزبير ، وابن الحنفية ، وابن عمر ، ينكرون ما يقوله أهل الشام عن الصخرة ، من أن الله وضع قدمه عليها (13).
فذكر ابن مسعود هنا وهو إنما توفي في خلافة عثمان ، يشير إلى أن أهل الشام الذين رباهم معاوية ، كانوا يقولون بهذه المقالة في وقت متقدم جدا ، حتى اضطر هؤلاء الأعلام إلى الإعلان عن إنكارهم لهذا الأمر ، بما فيهم ابن مسعود.
وقد اعترف البعض ببناء عبد الملك بن مروان لقبة الصخرة ، لكنه زعم : أن ذلك قد كان لأجل أنه رأى عظم قبة القمامة وهيئتها ، فخشي أن تعظم في قلوب المسلمين (14).
ولكنه كما ترى تأويل بارد ، وتخيل فاسد ، إذ لما ذا اختار قبلة اليهود لإزالة ذلك من قلوب المسلمين؟!
ولماذا لا يختص ذلك ببيت المقدس دون سواه؟
ولماذا منع الناس من الحج إلى الكعبة؟
ولماذا الطواف ، والنحر ، والحلق ، والوقوف ، الخ؟!
ثم لماذا تحويل القبلة عن الكعبة إلى بيت المقدس على الظاهر ، كما سنرى؟! ولماذا؟ ولماذا؟
تحويل القبلة :
ثم إنهم قد حولوا قبلة المسلمين ، كما ينص عليه الجاحظ.
والظاهر هو : أنهم قد حولوها إلى بيت المقدس تجاه الصخرة ، التي هي قبلة اليهود ، كما ربما يقتضيه ما تقدم.
قال الجاحظ : «.. حتى قام عبد الملك بن مروان ، وابنه الوليد ، وعاملهما الحجاج ، ومولاهما يزيد بن أبي مسلم ، فأعادوا على البيت بالهدم ، وعلى حرم المدينة بالغزو ، فهدموا الكعبة ، واستباحوا الحرمة ، وحولوا قبلة واسط».
إلى أن قال :
«.. فاحسب : أن تحويل القبلة كان غلطا ، وهدم البيت كان تأويلا ، واحسب ما رووا من كل وجه : أنهم كانوا يزعمون .. الخ» .. (15).
ويقول الجاحظ أيضا : «وتفخر هاشم بأنهم لم يهدموا الكعبة ، ولم يحولوا القبلة ، ولم يجعلوا .. الخ ..» (16).
ومما يدل على تحويل قبلة واسط أيضا : أن أسد بن عمرو بن جاني ، قاضي واسط ، «قد رأى قبلة واسط رديئة ، فتحرف فيها ، فاتهم بالرفض» (17) ، فأخبرهم أنه رجل مرسل من قبل الحكام ليتولى قضاء بلدهم.
ونقول :
أولا : إن الظاهر هو أن تحويل القبلة كان إلى صخرة بيت المقدس ، التي جعل الحج أولا إليها ، بعد أن منع الحج إلى مكة والكعبة. كما تقدم.
بل لقد ادّعى البعض : أن القبلة أساسا قد كانت قبل الهجرة إلى الصخرة (18).
وثانيا : إنه يظهر من قصة قاضي واسط : أن غير الشيعة قد قبلوا بالأمر الواقع ، وجروا على ما يريده الحكام ، والشيعة وحدهم هم الذين رفضوا ذلك ، حتى أصبح تحري القبلة مساوقا للاتهام بالرفض.
وثالثا : لعل تحويل القبلة إلى بيت المقدس يفسر لنا ما ورد من استحباب التياسر لأهل العراق خاصة ، وهم الذين كان الحجاج يحكمهم من قبل بني أمية. أي ليكونوا أقرب إلى الكعبة حينئذ.
غير أن أئمة أهل البيت «عليهم السلام» لم يتمكنوا من الجهر والتصريح بهذا الأمر ، فأشاروا إليهم باستحباب التياسر ، ثم لما كانوا يسألونهم عن السبب في ذلك تراهم يبررونه بما يبعد الشبهات عنهم (19).
ولكن ذلك ، فيما يظهر لم يدم طويلا ، فقد التفت خصوم الشيعة إلى ذلك ، ولذا تراهم يتهمون كل من يتحرى القبلة بالرفض ، كما تقدم.
تأويلات سقيمة :
يقول البعض : إن السر في استحباب التياسر هو أن علامات القبلة لأهل العراق لم تكن كافية لتعيينها بدقة ، بحيث تجعل التوجه إلى سمت شخص الكعبة ، فكان استحباب التياسر مكملا لتلك العلامات.
ولكن هذا مرفوض ، ولا يمكن قبوله ، إذ إنه لو صح هذا لوجب الحكم بوجوب التياسر لا استحبابه.
وقال بعض آخر : إن السر في ذلك هو أن سعة الحرم من أحد جوانبه أزيد من الجوانب الأخرى.
ونقول :
أولا : إنه إذا كان اللازم هو التوجه إلى شخص الكعبة ، فإن سعة الحرم وضيقه لا أثر له في شيء من ذلك.
ثانيا : ولو سلمنا : أن المطلوب هو التوجه إلى الحرم ، فإن سعته من أحد الجوانب ليست بمقدار يستحب معه التياسر الموجب للابتعاد عنه مئات الأميال أو أكثر أو أقل.
كعبة المتوكل في سامراء :
وبالمناسبة فها هو الخلف العباسي يقتدي بذلك السلف الأموي ، فإن الخليفة المتوكل ، الذي استحق من البعض لقب «محي السنة» قد اقتدى بسلفه الأموي ، فبنى في سامراء كعبة ، وجعل طوافا ، واتخذ منى وعرفات ، حتى يحج إليها أمراء جيشه ، ولا يفارقوه (20).
الحجاج والقرآن :
عن سلمة بن كهيل قال : «اختلفت أنا وذر المرهبي (من عباد أهل الكوفة ، ومن رجال الصحاح الست) في الحجاج ، فقال : مؤمن ، وقلت : كافر.
قال الحاكم : وبيان حجته ما أطلق فيه مجاهد بن جبير فيما حدثناه من طريق أبي سهل أحمد القطان ، عن الأعمش قال : والله ، لقد سمعت الحجاج بن يوسف يقول : يا عجبا من عبد هذيل (يعني عبد الله بن مسعود) يزعم أنه يقرأ قرآنا (أو قال : يزعم أن قرآنه) من عند الله.
والله ، ما هو إلا رجز من رجز الأعراب ، والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه».
وزاد ابن عساكر وغيره : «ولأخلين منها (أي من قراءة ابن مسعود) المصحف ولو بضلع خنزير ، أو لأحكنها من المصحف ، ولو بضلع خنزير».
وقد استفظع ابن كثير هذا الكلام من الحجاج ، فراجع البداية والنهاية (21).
خليفة أموي ينتقم من المصحف :
ويذكر المؤرخون : أن الخليفة الأموي الوليد بن يزيد لعنه الله ، قرأ ذات يوم : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ ..)(22) ، فرمى المصحف بالنشاب ، وهو يقول :
تهددني بجبار عنيد *** فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر *** فقل يا رب خرّقني الوليد (23)
لا يجرؤ الناس على الصلاة :
ولا نجازف إذا قلنا : إنه في عهد الخلفاء الذين سبقوا خلافة علي أمير المؤمنين «عليه السلام» ، قد كانت السيطرة والهيمنة لتلك الفئة التي لم تكن تقيم للدين وزنا.
وأصبح الجو العام هو جو الاستهزاء والسخرية بالدين وبالمتدينين ، مع عدم اهتمام ظاهر من السلطات بردع هذا الفريق من الناس ، ومكافحتهم لأسباب مختلفة.
وكشاهد على ذلك نذكر :
أن حذيفة بن اليمان ، يقول : «ابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا» (24).
مع أن حذيفة كان صحابيا جليلا ، وكان من كبار القواد الذين كان لهم دور هام في فتوحات بلاد فارس ، وقد توفي في أوائل خلافة الإمام علي ، أمير المؤمنين «عليه السلام» ، أي بعد البيعة له «عليه السلام» بالخلافة بأربعين يوما على ما قيل.
فإذا كان أمثال حذيفة لا يستطيعون الإعلان بصلاتهم ، فما ظنك بالأعم الأغلب من الناس الذين لم يكن لهم مقام ولا مكانة حذيفة ونفوذه؟!.
ما هو إلا ملك! :
ويذكر ابن شبّة : «أن شريح بن الحارث النميري ، الذي كان عامل رسول الله «صلى الله عليه وآله» على قومه ، ثم عامل أبي بكر ، فلما قام عمر (رض) أتاه بكتاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فأخذه ووضعه تحت قدمه ، وقال : لا ، ما هو إلا ملك ، انصرف» (25).
__________________
(1) الأغاني ج ١٩ ص ٢٠ وراجع : تهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٨٢.
(2) الأغاني ج ١٩ ص ٥٩.
(3) عقلاء المجانين ص ١٧٨ والفتوح لابن أعثم ج ٢ ص ٤٨٦.
(4) بهج الصباغة ج ٥ ص ٣٤٠ عن الطبري والأغاني.
(5) آثار الجاحظ ص ٢٠٥.
(6) رسائل الجاحظ ج ٢ ص ١٦.
(7) المصنف للصنعاني ج ٥ ص ٤٩ وربيع الأبرار ج ١ ص ٨٤٣ وطبقات ابن سعد ج ٥ ص ٨٤.
(8) تهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٨٢.
(9) الأغاني ج ١٩ ص ٥٩.
(10) الأغاني ج ١٩ ص ٦٠.
(11) البداية والنهاية ج ٨ ص ٢٨٠ و ٢٨١ وراجع : الأنس الجليل ج ١ ص ٢٧٢ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٦١ ومآثر الأنافة ج ١ ص ١٢٩ وحياة الحيوان الكبرى ج ١ ص ٦٦ والسنة قبل التدوين ص ٥٠٢ ـ ٥٠٦.
(12) التوحيد وإثبات صفات الرب ص ١٠٨.
(13) الأباضية ، عقيدة ومذهبا ص ٩٨.
(14) أحسن التقاسيم ص ١٥٩.
(15) رسائل الجاحظ ج ٢ ص ١٦.
(16) آثار الجاحظ ص ٢٠٥.
(17) نشوار المحاضرات ج ٦ ص ٣٦ وتاريخ بغداد ج ٧ ص ١٦.
(18) راجع : الكشكول للبهائي ط مصر ص ٩٨ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٦٧ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٣٠.
(19) راجع : وسائل الشيعة كتاب الصلاة ، أبواب القبلة.
(20) راجع : أحسن التقاسيم ص ١٢٢ ـ ١٢٣ ولكن يحتمل أن يكون المقصود هو المعتصم العباسي ، فإن في عبارة المقدسي بعضا من الإبهام. وسواء كان المتوكل هو الذي فعل ذلك أو المعتصم ، فإن النتيجة واحدة.
(21) البداية والنهاية ج ٩ ص ١٢٨ عن أبي داود وابن أبي خيثمة ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٦٥٦ وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس الجلد والصفحة وتهذيب تاريخ دمشق ج ٤ ص ٧٢ والغدير ج ١٠ ص ٥١ عنهما ، وراجع : بهج الصباغة ج ٥ ص ٣١٧.
(22) الآيتان ١٥ و ١٦ من سورة إبراهيم.
(23) راجع : بهج الصباغة ج ٥ ص ٣٣٩ وج ٣ ص ١٩٣ والحور العين ص ١٩٠ ومروج الذهب ج ٣ ص ٢٢٦ ، والأغاني ط دار إحياء التراث ج ٧ ص ٤٩.
(24) صحيح مسلم ج ١ ص ٩١ وصحيح البخاري ج ٢ ص ١١٦.
(25) تاريخ المدينة لابن شبة ، المجلد الأول ص ٥٩٦.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|