أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-4-2017
4322
التاريخ: 2024-08-21
442
التاريخ: 2-7-2019
1942
التاريخ: 20-3-2016
2370
|
* تطبيقاً للنظرية العامة في أسباب الإباحة ، فقد رأى المشرع المصري وجوب إباحة القذف في بعض الحالات التي قد يكون من مقتضى القول أو الفعل فيها انطواء العبارات على ما يعتبر قذفاً في حق البعض .
* ويمكن القول ، بأنه في هذه الحالات جميعها ، فإن القذف يكون في حقيقته أقرب إلي النقد بمعنى الانتقاد ، وإلي إظهار عيوب معينة في منهج عمل أو أسلوب أداء وظيفته أو إدارة مؤسسة … الخ بما يؤدي إلي تجنب تلك العيوب أو تقويم ما يحتاج إلي تقويم وهكذا … وقد يكون النقد ذاتياً ، وهو أسمى درجات النقد والاعتراف بالخطأ وصولاً إلى الصواب ، ولكنه قد يكون من الغير ، وهو محل الدراسة هنا . ونتناول ذلك فيما يلي :
الفرع الأول
الطعن في أعمال الموظف العام ومن في حكمه
إباحة ذلك بشروط محددة :
بعد أن عرفت الفقرة الثانية من المادة ( ٣٠٢ ) القذف المعاقب عليه ، استدركت الفقرة الثانية منها فورد فيها :
" ومع ذلك فالطعن في أعمال الموظف العام أو شخص ذو صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة، وبشرط أن يثبت المتهم حقيقة كل فعل أسنده إلي المجني عليه ،ولسلطة التحقيق أو المحكمة بحسب الأحوال ، أنت أمر بإلزام الجهات الإدارية بتقديم ما لديها من أوراق أو مستندات معززة لما يقدمه المتهم من أدلة لإثبات حقيقة تلك الأفعال " .
* ويتضح من ذلك أنه يلزم توافر عدة شروط مجتمعة ، تعتبر ضوابط لازمة لإباحة النقد هنا ، أو لخلع ثوب القذف المعاقب عليه ، وإخفاء ثوب النقد المباح على الفعل وبيان هذه الشروط كما يلي :
( أ ) ثبوت صفة الموظف العام أو الصفة النيابية العامة أو صفة التكليف بخدمة عامة :
* يجب قصر صفة الموظف العام هنا على معناه في القانون الإداري ، دون توسع . وذلك على خلاف ما قرره المشرع في بعض الجرائم من مفهوم واسع للموظف العام.
* أما الشخص ذو الصفة النيابية العامة ، فهو من ينوب عن المجتمع في مجلس من المجالس النيابية العامة أو المحلية ، كمجلس الشعب ومجلس الشورى، والمجالس المحلي ة والمدن والقرى والأحياء …. الخ .
* أما المكلف بخدمة عامة فهو من يتصف بهذه الصفة وفقاً للقانون الإداري أيضاً .
* وعلى ذلك ، لا يعتبر المحامي أو الطبيب الخاص أو المهندس الاستشاري ، أو مؤسسة وأعضاء مجالس إدارة الشركات المساهمة ، أو شركات قطاع الأعمال العام ، من الموظفين العموميين .
* والعبرة في ثبوت الصفة المشار إليها هي بوقت حصول القذف، فإذا حصل القذف في حق شخص قبل اكتساب هذه الصفة ، ثم اكتسبها أثناء نظر دعوى القذف المقامة منه ضد القاذف ، فلا يجوز للقاذف طلب
إثبات الوقائع التي نسبها إلى المجني عليه ، أي لا يجوز له التمسك بالإباحة المقررة هنا .
* وبالعكس…إذا حصل القذف أثناء ثبوت الصفة، ثم زالت الصفة أثناء نظر الدعوى، فإن حق القاذف في التمسك بالإباحة يظل باقياً، ومن مقتضاه تمكينه من إثبات الوقائع التي نسبها إلي المجني عليه .
( ب ) تعلق القذف بأعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة ، وليس بشخص القائم بها :
* لا شك أن هناك حداً فاصلاً بين أعمال تلك الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة ، وبين شخص القائم بها ، ولذلك فإن من الفساد في القول ما قد يسوقه البعض أحياناً للخلط بين العام والخاص ، في محاولة للهروب من تهمة القذف والاعتصام بالنقد المباح .
* ولذلك إذا كانت العبارات الواردة في القذف موجهة إلي المجني عليه بصفته فرداً ، فهي تتعلق إذن بحياته الخاصة كفرد ، وليس بصفته الوظيفة ، ومن ثم تقع تحت طائلة العقاب .
وللقضاء أحكام مأثورة في هذا الشأن ، فيها ما يلي :
" من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر والعمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته . فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه.
" لا يشفع في تجاوز حدود النقد المباح أن تكون العبارات المهنية التي استعملها المتهم هي ما جرى العرف على المساجلة بها.
النقد المباح هو الذي يقصد فيه الناقد نظرة على أعمال من تنتقدهويبحث فيها بتبصر وتعقل دون مساس بشخصه أو كرامته ، فمهما كان الباعث على النقد في الصحف مرتبطاً بالصلح العام ، فإن سوء النية إذا ثبت توافره لدى الناقد ، كان في حد ذاته كافياً ومبرراً للعقاب.
* خلاصة القول هنا إذن أن النقد المباح هو ما يقال لإصلاح أمر علاج أسلوب العمل الوظيفي لصاحب الصفة وليس لعلاج أو شفاء صور القاذف أو تشفيه في المقذوف في حقه .
وتقدير ذلك لقاضي الموضوع وفقاً للقواعد العامة .
( ج ) سلامة نية الطاعن في أعمال الوظيفة :
* استعمل المشرع لفظ " سلامة النية " هنا ، وهو في تقديرنا معنى حسن النية المطلق أو التام ، الذي لا تشوبه شائبة أو ضغينة ولو كانت بسيطة.
* ونرى أن معنى حسن النية هنا لا ينفصل عن معناه في خصوص المادة( ٦٣ )عقوبات في شأن إباحة أعمال الموظف العام ، بحيث لا يصح التمسك بحسن النية أو بسلامتها عن عمل أو فعل أو الالتفات الواجب . وذلك ما عبر عنه قضاء النقض السابق بالتبصر والتعقل .
* خلاصة القول هنا إذن هي أن يثبت على الأقل أن موجة القذف كان يعتقد في ضميره صحته ، حتى يمكنه التمسك لسلامة نتيجة ، وضابطها التحري والتثبت والتعقل.
(د) أن يثبت القاذف صحة ما نسبه إلي المجني عليه :
ومعنى ذلك أن يقوم القاذف إلي المحكمة أدلته على ثبوت وصحة ما نسبه من وقائع إلى القذف في حقه ، ويجب أن يشمل ذلك كل الوقائع التي نسبها إليه بلا استثناء ، بحيث لو تعددت الوقائع ونجح في إثبات بعضها دون البعض الآخر أو كلها ما عدا واحدة فيها ، فإنه يكون مستحقاً للعقاب ، لعدم توافر شروط الإباحة .
ويتاح هنا للقاذف إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات ، فلم يقيده القانون بطريق دون غيره .
ولا نعتقد أن من تلك الوسائل أن يطلب القاذف إلى المحكمة أن تلزم المقذوف ضده بتقديم أوراق أو مستندات معينة يستند إلها في دفاعه ، لأن معنى ذلك أنه حين وجه القذف لم يكن لديه الدليل على صحة ما جاء فيه .
* كذلك لا نعتقد أنه يمكن الاستغناء بتوافر شرط سلامة النية عن إثبات صحة كل الوقائع المنسوبة على ذلك النحو ، لأن كلاً من الشرطين مطلوب على استقلال . كما أن وجود دليل لدى القاذف على صحة ما وجه إلى المجني عليه ، هو السند الحقيقي والرئيسي لسلامة النية ، وبدونه يغدو الكلام عن سلامة النية كلاماً أجوفاً لا مضمون له .
* ولا نعتقد أخيراً أنه يمكن للقاذف أن يعتصم في دفاعه بالإباحة الظنية ، أي بأن هك ان يعتقد صحة وحقيقة الوقائع التي نسبها إلي القاذف . ذلك أن الأصل أن إثبات صحة مضمون القذف لا يغني عن العقاب ، بل لا يقبل من القاذف شأن ذلك شأن عدم قبول إثبات موضوع السب من قام به . ولكن على سبيل الاستناد ، والضرورة يقتضيها حسن سير الوظيفة العامة أو الخدمة العامة ، فقد سمح المشرع للقاذف هنا بإثبات صحة ما قذف به ، كشرط ضمن شروط عديدة ، لا يغني أحدهما عن الآخر . وبعبارة أخرى ، فإن الغلط في الإباحة يمكن التمسك به حينما تكون الإباحة استعمالاً لحق أصيل كالدفاع الشرعي مثلاً أو أداء الواجب ولكن لا يصح التمسك به عندما تتوفر الإباحة على سبيل الاستثناء كما هو الحال هنا فلا يجوز التوسع في تفسيرها .
الفرع الثاني
الإبلاغ عن الجرائم
حق الإبلاغ عن الجرائم :
* نصت المادة ٣٠٤ عقوبات على أنه : " لا يحكم بهذا العقاب على من أخبر بالصدفة وعدم سوء القصد ، الحك ام القضائيين أو الإداريين بأمر مستوجب لعقوبة فاعله " .
* وهذا النص يعفي من العقاب كل من يبلغ عن جريمة ، وهو من ثم يتعامل مع نص المادتين ٢٥ و ٢٦ من قانون الإجراءات الجنائية .
* ويتضح من ذلك أن الإبلاغ عن الجرائم الجنائية هي حق لكل فرد من آحاد الناس . لكن الإبلاغ عن الجرائم الجنائية و التأديبية على السواء واجب على الموظف العام ومن في حكمه .
شروط الإباحة في الإبلاغ عن الجرائم :
أن يكون الإبلاغ عن جريمة :
* استوجب القانون أن يكون الإبلاغ عن أمر يستوجب عقوبة فاعله وما يستوجب العقوبة هو الجريمة . لكن عموم لفظ " العقوبة "
هنا قد يوحي بأن المتصور هو العقوبة من أي نوع ، جناية كانت أو تأديبية ، ومن ثم الأمر المبلغ عنه يجوز أن يكون جريمة جنائية أو جريمة تأديبية .
* إلا أننا نرى أن المتصور هنا هو الجريمة الجنائية فقط ، بل وهو الجريمة الجنائية التي لا يحتاج رفع الدعوى فيها إلى شكوى أو طلب . وسندنا الأول في ذلك أن قيد الشكوى أو الطلب هو من القيود الواردة على الدعوى الجنائية ، وسندنا الثاني في ذلك هو الإشارة الصريحة إلى النيابة العامة في كل من المادتين ٢٥ و ٢٦ إجراءات جنائية ، ومعلوم أن النيابة العامة هي المختصة بالدعوى الجنائية ، فلا محل لإقحام الجريمة التأديبية هنا .
* وثمة سند ثالث نكتفي به هو الإعفاء هنا أو الإباحة إنما وردا في مجال الاستثناء على العقاب على جريمة ، ومن ثم فلا يجوز التوسع في تفسيره .
صدق البلاغ :
* يعني الصدق عدم الكذب ، أي أن الواقعة المبلغ عنها قد حدثت فعلاً، فإذا لم تكن الواقعة صحيحة خرج الموضوع عن نطاق الإباحة وعاد إلي دائرة التجريم .
* ولا معنى لشرط الصدق هنا في رأينا الشخصي بمعنى صحة الواقعة ، إلا أن يكون لدى المبلغ حد أدنى من الأدلة على صحة الواقعة المنسوبة لمن نسبها إليه ، وتقدير ذلك يكون للمحكمة ، بحيث إذا لم تقدم ال سلطات المختصة أدلة أخرى تعضد ما قدمه المبلغ ، وقضي بالبراءة لعدم كفاية الأدلة فلا مسئولية على المبلغ … أما إذا قضت المحكمة بالبراءة تأسيساً على عدم صحة الأدلة التي قدمها المبلغ ، فإن هذا الأخير يفقد حقه في الإباحة.
عدم سوء قصد المبلغ :
* الراجح لدينا في تفسير هذا الشرط ، هو أنه يعني انتفاء قصد الإساءة أو الت شهير بالمبلغ ضده ، أو حتى الانتقام منه أو التشفي فيه لضغائن شخصية بينهما . وبعبارة أوضح فإن " عدم سوء القصد" له دلالة أعمق ، وأكثر تحديداً من مجرد حسن النية .
* ولذلك ، لا نرى في اعتقادنا أن هذا الشرط يغني عن شرط الصدق ، وإنما يجب توافر كل من الشرطين معاً ، إلى جانب الشروط الأخرى بطبيعة الحال .
تقديم البلاغ للحكام القضائيين أو الإداريين :
والمقصود بذلك هو الجهات المخولة قانوناً تلقي التبليغات ، وسواء اقتصر دورها على مجرد تلقيها فقط ، أو تلقيها وتحقيقها دون التصرف فيها ، أو تلقيها وتحقيقها والتصرف فيها أيضاً.
الفرع الثالث
ما يرد في دفاع الخصوم أمام المحاكم
* قد يستلزم الدفاع عن الحق مثار النزاع القضائي ، أن ترد في المرافعة الشفوية أو المكتوبة لأحد الخصوم ضد خصمه عبارات تحمل قذفاً بالمعنى السابق بيانه . بل قد يكون ذلك أحياناً مفيداً وناجحاً في إيقاف خصم عنيد عن اللدد في خصومة غير مبررة وغير مجدية . وقد اعتبر المشرع أن ذلك كله من مقتضيات حق الدفاع ، ول ذلك أباحه بضوابط محددة .
* لذلك ، نصت المادة ( ٣٠٩ ) من ق انون العقوبات ، على أن " لا تسري أحكام المواد ( ٣٠٨ ، ٣٠٦ ، ٣٠٥ ، ٣٠٣ ، ٣٠٢ ) على ما يسنده أحد الخصوم في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم فإن ذلك لا يترتب عليه إلا المقاضاة المدنية أو المحاكمة التأديبية .
شروط الإباحة هنا :
يشترط لقيام سبب الإباحة هنا الشروط التالية :
١ ) ثبوت صفة الخصم فيمن وجه القذف : تقوم جريمة القذف في حق من وجه العبارات المحتوية عليه ، وليس فيمن وجهت إليه … ولذلك فالعبرة هنا هي بصفة من وجه القذف لا بصفة من تلقاه .
* والصفة في الخصومة ، هي مركز قانوني تنظمه قواعد القانون المطبق في تلك الخصومة ، فالدعوى الجنائية لها خ صومها وهم النيابة العامة والمتهم ، بينما الدعوى المدنية خصومها هم المدعي المدني والمسئول عن الحقوق المدنية ف ضلاً عن المتهم ، لكن النيابة العامة ليست خصماً … وهكذا بالنسبة لاختلاف الخصومة نوعياً ، كما في القضاء الإداري أو التجاري …الخ .
* وثبوت الصفة على نحو ما تقدم هي مسألة قانون إذن ، وليست مسألة واقع ، فقد يحدث أن يقحم شخص ما نفسه في دعوى بزعم أنه ذو صفة فيها ، وفي مجال محاولة إثبات صفته التي يقضي بانتفائها بعد ذلك يكون قد وجه عبارات انطوت قذف لأحد الخصوم في الدعوى ،
فمثل ذلك من" زاعمي الصفة "لا يستفيدون في تقديرنا من تلك الإباحة .
* ومن المقرر أن محامي الخصم يعد في حكم الخصم ، وعلى ذلك يستفيد من الإباحة هو الآخر .
* وما يرد في أقوال الشهود الخبراء مؤيداً الاتهام أو لأمر يشوب الخصم في الدعوى، لايستفيد من الإباحة المقررة للخصوم ، لكنه يستند إلى إباحة أخرى للشهود أو إلي فكرة أداء الواجب بالنسبة للخبير .
* وتثور مسألة عملية هامة أخرى في هذا ا شأن ، وهي مدى جواز الطعن في أعمال أو أقوال الخبير أو الشاهد في قضية ما ، ومصدر الصعوبة هنا هو أن الخبير والشاهد ليسوا من الخصوم . لكن هذه الصعوبة تزول استناداً إلى المعيار السابق وهو أن العبرة في صفة الخصم إنما هي بالقاذف وليست بمن وجه إليه القذف . فلا مانع على الإطلاق من تجريح الشاهد بأمور صحيحة ثابتة من شأنها صرف المحكمة عن الاعتداد بشهادته ، كما لو أثبت صاحب الصفة من الخصوم أن ذلك الشاهد من أرباب السوابق ، أو أنه سبق إدانته في جريمة شهادة زور أي جريمة أخرى مخلة بالشرف والاعتبار .
* كذلك لا مانع في رأينا من تجريح الخبير تجريحاً موضوعياً ، بتقديم ما يفيد عدم حديته أو ارتباطه بعلاقة عمل مدفوعة الأجر بخصم القاذف ، أو بتقديم ما يفيد عدم تخصصه في مجال الخبرة التي نستمع فيه إلي ذلك الخبير . وهكذا …
٢ ) أن يرد القذف في مرافعة شفوية أو مكتوبة :
* المرافعة هي أهم أدوات الخصم في إثبات صحة حق له أمام المحكمة ، أو في إثبات كذب إدعاء موجه إليه . وقد يكون ذلك بالحديث شفاهة أمام المحكمة ، أو بتقديم مذكرة مكتوبة إليها ، ومن المقرر أن الدفاع المسطور ( أي المذكرة ) تأخذ حكم الدفاع الشفوي ، ولذلك يشترط أن تكون عبارات القذف قد قيلت في مجلس القضاء ، أي أثناء انعقاد الجلسة وفي القاعة المحددة لنظرها .
* وحتى لو وردت في مذكرة مكتوبة صرحت المحكمة بتقديمها في غير انعقاد الجلسة ، فإنها تأخذ هذا الحكم اعتبارياً ، لوحدة العلة في الإباحة ، واستنادها إلي تصريح المحكمة بذلك .
* أما إذا وقع القذف خارج هذا الإطار ، كما لو وقع خارج قاعة المحكمة قبل الجلسة أو بعدها ، أو بعد النطق بالحكم في الدعوى ، أو خارج المحكمة كلية ولكن بين الخصوم ، فإن سبب الإباحة يتخلف ، ويتعين العقاب على القذف .
* ولكن مفهوم الدفاع يتسع ليشمل كل مراحل المنازعة القضائية بما في ذلك مرحلة ما قبل المحاكمة ، أي ما قد يقع أمام سلطات التحقيق أو الاستدلال .
٣ ) أن تكون عبارات القذف بما ي ستلزمه ضرورات الدفاع ،
وأن يقدر بقدر تلك الضرورة :
* وإذا كان من المقرر أن الضرورات تبيح المحظورات ، فمن المؤكد أن الضرورة تقدر بقدرها . وذلك مبدأ عام .
* وعليه فإذا سلمنا بأن القذف قد يكون أحياناً ضرورة يستلزمها حق الدفاع ، فيجب أن يكون ذلك بالقدر اللازم للدفاع فقط دون تجاوز ، وإلا خرج الخصم القاذف عن دائرة الإباحة .
* ومن ضوابط تقدير ذلك ، مدى اتصال عبارات القذف بالنزاع القضائي المطروح .
*وقد استقر قضاء النقض في هذا الصدد على أن مناط تطبيق الإباحة المقررة هنا ، هو أن تكون عبارات القذف التي أسندها الخصم لخصمه في المرافعة ، مما يستلزمه الدفاع عن الحق مثار النزاع ، كما أن هذا المبدأ ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع الذي يستلزمه ، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه.
* وتثبت هذه الوقائع بما ورد في محضر الجلسة بالنسبة للمرافعة القولية، وفي المذكرات بالنسبة للمرافعة المكتوبة ، ويجب أن يكون ذلك تحت نظر الحكم الذي ينتهي إلي الإدانة أو البراءة في هذا الشأن، فإذا خلا حكم الإدانة من بيان ذلك كان مشوباً بالقصور مما يبطله .
* وتقدير ذلك يخضع لقاض الموضوع تحت رقابة محكمة النقض وفقاً للقواعد العامة .
* على أن انتهاء المحكمة إلي إفادة القاذف من سبب الإباحة الذي يعفيه من العقوبة الجنائية ، لا يمنع من إثارة البحث في المسئولية المدنية أو التأديبية للخصم أو محاميه حسب الأحوال ، تأسيساً على الرعونة أو عدم الاحتياط أو الحق في القول . فذلك رغم خروجه عن دائرة العمد اللازم لجريمة القذف، إلا أنه يصح أن يستند إليه البحث في قيام المسئولية الجنائية أو المدنية على نحو ما تقدم .
الفرع الرابع
عدم مؤاخذة أعضاء مجلس الشعب
عما يبدونه من أفكار وآراء داخل المجلس
معنى عدم المؤاخذه :
نصت المادة ( ٩٨ ) من الدستور المصري سنة ١٩٧١ على أنه " لا يؤاخذ أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكار والآراء في أداء أعمالهم في المجلس أو في لجانه " .
ويلاحظ أن المشرع الدستوري استعمل هنا لفظ غير مألوف في الفكر الجنائي ، فلم يقل " إباحة " ولا " عدم مسئولية" ، ولا " عدم عقاب " … وإنما قال " عدم مؤاخذة " . ونرى أن هذا اللفظ اهتم بالنتيجة بصرف النظر عن التأصيل النظري ، ولا بأس في ذلك ، فالنتيجة واحدة هي إعطاء عضو مجلس الشعب نوعاً من " الأمان " ليتمكن من أداء وظيفته الرقابية المنوطة به .
شروط عدم مؤاخذة عضو مجلس الشعب على ما يبديه من أفكار وأراء :
تتحصل هذه الشروط فيما يلي :
1- أن يكون ما أبداه من الأفكار أو الآراء فقط :
* فالرقابة المنوطة بعضو مجلس الشعب تتم بإبداء الرأي في التقرير التي تعرض ، والمسائل التي تناقش في الجلسات واللجان وهكذا ..، وقد يبدي العضو فكرة ما تحمل نوعاً من القذف ، أو رأياً ينطوي على مثل ذلك فلا مؤاخذة عليه هنا .
* لكن عدم المؤاخذة لا تشمل الأفعال كالاعتداء على الغير أو الإشارات باليد أو غيرها ، لأن هذه وتلك ليست من أدوات الرقابة البرلمانية ، فعدم المؤاخذة هنا ترتبط بهدف وظيفي وليس غائي ، أي أن عدم المؤاخذة ليست غاية في حد ذاتها وإنما هي وسيلة لتمكين عضو مجلس الشعب من أداء وظيفته .
2- أن يقع ذلك من عضو مجلس الشعب داخل المجلس أو إحدى لجانه :
أي أن يقع القذف " تحت القبة البرلمانية " كما في القول الدارج، ولا يهم بعد ذلك أن تكون في جلسة علنية أو مداولة داخل إحدى اللجان أو اجتماع مغلق … الخ أياً ما كان وصف ذلك ، ما دام داخل البرلمان .
ف إذا خرج من المجلس انقضت عدم المؤاخذة ، وعادت الأمور إلى القواعد العامة في المساءلة والعقاب.
3- امتداد أثر عدم المؤاخذة عن الآراء والأفكار إلى غير أدوار الانعقاد ، أو إلي ما بعد انتهاء عضوية العضو بالمجلس :
العبرة في قيام عدم المؤاخذة أو عدم قيامها ، هي بوقت حدوث القذف في سياق الآراء أو الأفكار التي أبداها عضو مجلس الشعب .
بمعنى أن عدم المؤاخذة هي أمر نهائي وبات ما دام القذف وقع في أثناء أداء العضو عمله في المجلس على الصورة المتقدمة ، ومن ثم فإذا انفض دور انعقاد المجلس ، أو انتهت كلها وزالت العضوية عن ذلك العضو ، فلا يجوز اتخاذ أي إجراء ضده عن تلك الواقعة التي حصلت منه وهو عضو بالمجلس .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|