المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



إعفاء المرأة عن القتال  
  
3271   04:16 مساءً   التاريخ: 19-4-2021
المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
الكتاب أو المصدر : شمس المرأة لا تغيب
الجزء والصفحة : ص102-107
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /

من الطبيعي ان يرتبط القتال بأمرين ، الاول : القدرات الجسدية ، والثاني : الاستعداد النفسي ، ومما لا خلاف فيه ان القدرات الجسدية للأنثى تختلف عن الذكر بشكل طبيعي وفي الاعم الاغلب ، ولا يناط بالنادر والشاذ كما لا يناط باللاتي يتدربن تدريبا قاسيا لإنماء قدراتهن القتالية ، اذ المناط هي القدرات الخلقية ، فالمرأة التي يعبر عنها بالجنس الناعم لا يمكن التفريط بها لتدخل معمعة الحرب وساحة القتال المعروفة نتائجها سلفا حيث لا تعود اليها ولا للامة بالصالح

كما ان قدراتها النفسية ميالة الى الرقة والعطف والحنان مما لا تساعدها على خوض المعارك والمناوشات ، ومن هنا نجد ان العالم الغربي الذي رفع راية التساوي بين المرأة  والرجل بشكل مطلق لم يتمكن خلال قرن او اكثر من ان يطبق هذا المفهوم لا اقل في مشاركتها القتال جنبا الى جنب مع الرجل رغم ان القتال في هذه الايام لا يحتاج الى الكثير من الجهد ، ولا الشجاعة وقوة العضلات ، حيث اصبحت الالة هي التي تسيطر على الموقف ، والانسان اصبح يتحكم بعدد من الازرار والمقاود ويدير مجموعة من الادوات التي لا تحتاج الى قدرات جسدية ولا الى قناعات نفسية والتي هي مفصولة تماما عن النهاية السلبية المترتبة على تلك الحرب .

ومع هذا فان الاسلام لم يمنع المرأة من الجهاد حيث لم تذكر في المستثنيات في قوله تعالى : {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ } [التوبة: 91] ، وربما اراد بعض الفقهاء درجها ضمن الضعفاء ولكنه لم يثبت ، وغاية ما استدل به الفقهاء هو بعض الروايات التي لم تتجاوز الثلاثة ، ومنها ما ورد ان الامام الحسين (عليه السلام) حين خرجت ام وهب الى المعركة يوم عاشوراء قال لها : اجلسي فلقد وضع الله القتال عن النساء (1) وهذه الروايات في الواقع ليست بالمستوى المطلوب في الفقه ولا تصلح اكثر من ان تكون مؤيدات لا يستند اليها بالاستقلال ، وما الاجماع المدعى الا مستندة عدم خروج النساء في المعارك على عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن حكم بعده(2) وهو مخدوش رغم انهم ذكروا بان خروجها على ايام الرسول كان نادرا ، ومن هنا نجد ان بعض الاعلام ذكر بان الزوج اذا اذن لزوجته الخروج الى القتال صح منها الجهاد ، ولا يخفى ان هذا يدلنا على جواز جهادها ، ولكن ليس فرضا واجبا في حالة الهجوم ، اما في حالة الدفاع فلا خلاف بان الجهاد فرض عليها كما على الرجل ، وعليه فقهاء الفريقين.

ومما تجدر الاشارة اليه ان المرأة كانت تشارك في المعارك على عهد الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) ومن حكم بعده في جوانب قتاله ، حيث إن الحرب ليس مجرد قتال ومنازلة ، فان المشاركين لهم ادوارا مختلفة فمنهم من يحفظ الثغور ، ومنهم من يقاتل ، ومنهم من يراقب ، ومنهم من يقوم بمهمات استطلاعية ، ومنهم من يقوم بالخدمات العامة والتطبيب ، وتصليح ما اعطب في الحرب وهكذا ، وقد اخذت المرأة دورها كاملا في هذا المجال على عهد الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) ومن حكم بعده (3). وربما يكون دور المناضل في الصف الثاني او الثالث اكبر ممن هو في الصف الاول وفي ساحة الحرب ، ومن هنا نجد ان المسلمين كانوا يصطحبون نساءهم الى الحرب ، وتناط لهن ادوار مختلفة ، منها : رعاية الجرحى وتطبيبهم ، ومنها القيام بأعمال استطلاعية لصالح المسلمين ، ومنها اعداد الطعام وجمع الحطب للمقاتلين ، ومنها تشجيع المقاتلين بالتهليل والتكبير ، واعداد المحاربين ، وهذه ادوار شريفة لا يمكن التنقيص من قيمتها ، وربما شاركن القتال ان استوجب الامر ذلك ، والتاريخ يشهد لهن بذلك ومن تلكم النساء :

ام عطية (4) حيث تقول : « غزوت مع رسول الله (صلى الله عليه آله وسلم) سبع غزوات وكنت اخلفهم في رحالهم ، واصنع الطعام ، واداوي الجرحى ، واقوم على المرضى » (5) .

ومنهن ام عمارة (6) ، نسيبة بنت كعب المازنية التي شهدت غزوة احد وبيعة الرضوان ويوم اليمامة وغيرها ، وقاتلت مسيلمة الكذاب (7) مع ابيها ، وقد قطعت يدها في هذه المعركة وجرحت اثنا عشر جرحا ، وكانت في معركة احد تسقي الظماء ، وتأسوا الجرحى ، وقامت تدافع عن رسول الله (صلى الله عليه آله وسلم) حين هرب الرجال ، فذهبت تصول وتجول بين يدي رسول الله (صلى الله عليه آله وسلم) تنزع على القوس ، وتضرب بالسيف دونه (صلى الله عليه آله وسلم) حتى قال عنها الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) : « ما التفت يمينا وشمالا الا وانا اراها تقاتل دوني » ، ومن مواقفها انها ضمدت ابنها عمارة ثم قالت له : قم يا بني فضارب القوم وجاهد في سبيل الله ، وقد قال عنها رسول الله (صلى الله عليه آله وسلم) ايضا : « ومن يطيق ما تطيقين يا ام عمارة » (8) .

ومنهن الخنساء (9) الشاعرة التي قدمت اربعة من بنيها في حرب القادسية ، وقد خاطبت ابناءها بقولها : يا بني انكم اسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ووالله الذي لا اله الا هو انكم بنو امرأة واحدة ، ما خنت اباكم ، ولا فضحت خالكم ، ولا هجنت حسبكم ، ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما عد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين ، واعلموا ان الدار الباقية خير من الدار الفانية . يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم وخطابه العزيز : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200] فاذا اصبحتم غدا ان شاء الله سالمين فاغدوا الى قتال عدوكم مستبصرين ، وبالله على اعدائه مستنصرين ، فاذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها ، واضطرمت لظا سياقها وحللت نارا على اوراقها ، فتيمموا وطيسها وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة (10) ، ولما استشهدوا قالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وارجو من الله ان يجمعني بهم في مستقر الرحمة (11) .

ولا ننسى مواقف فاطمة الزهراء (عليها السلام) في بعض غزوات الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) ومواقف ابنتها زينب الكبرى مع اخيها الحسين (عليه السلام) في معركة الكرامة بالطف ، ومواقف عدد من النساء اللاتي شاركن في واقعة كربلاء الأليمة .         

___________________  

(1) بحار الانوار : 44/123 عن امالي الصدوق .

(2) الفقه : 47/64 .

(3) وقد استمعت الى تقرير من فضائية « الجزيرة » عبر برنامجها « للنساء فقط » ليلة الثلاثاء 25/3/2003م الساعة : 15:7 مساء بتوقيت لندن ، ان المرأة  في الولايات المتحدة تشارك الرجل في الجيش ولكن يحضر عليها القتال وانما تقوم بأعمال اخرى في الجيش كالتمريض والسياقة وامثال ذلك ، واما القتال فلا يحق لها ، وذكر بان المرأة  تشكل سدس الجيش الذي عبّئ للضرب المحتمل على العراق في شهر اذار سنة 2003م ، والذي بلغ تعداده في 25 شباط 2003م مائتي الف جندي .

(4) ام عطية : نسيبة ــ بالتصغير ــ ابنة الحارث الانصارية ، صحابية جليلة ، روت عن الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) ، وعن عمر بن الخطاب ، وروى عنها انس بن مالك ، واخرون ، شاركت في غسل ام كلثوم ابنة الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) .

(5) المرأة في حضارة العرب : 27 .

(6) ام عمارة : هي نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف الانصارية من بني النجار ، صحابية روت عن الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) شهدت احدا هي وابنها عبد الله وزوجها زيد بن عاصم ، روى عنها حفيدها عباد بن تميم واخرون .

(7) مسيلمة الكذاب : هو ابن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي ، ولد في الجاهلية وتوفي سنة 15 هـ ، ولد ونشا باليمامة « الجبيلة» في نجد ، قيل اسلم ، الا انه بعد ذلك ادعى النبوة ، فعرف بكذبه لهذا الادعاء ، حتى جاء في المثل « اكذب من مسيلمة » .

(8) مسؤولية المرأة  : 74 .

(9) الخنساء : هي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السليمية « ... ــ 24 هـ » ، شاعرة مخضرمة ، قيل انها اشعر الناس في الرثاء ، اسلمت مع قومها حين قدمت على الرسول الاعظم (صلى الله عليه آله وسلم) الى المدينة ، ويقال ان الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) ذكر بانها اشعر الناس .

(10) اعلام النساء : 1/368 .

(11) مسؤولية المرأة  : 78 . 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.