لا نستطيع أن نتعرف على شي‏ء ما من خلال شي‏ء آخر خارجي وإنما بذات الشي‏ء تتم المعرفة ، وكذلك القرآن لا يمكننا التعرف عليه إلا من خلال القرآن نفسه، ففيه توجد آيات عدة تعرف القرآن ، وما علينا إلا أن نفتحه ونقرأ هذه الآيات.

يقول ربّنا عز وجل : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم : 1]. من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن الخرافة والأسطورة إلى الحقيقة والإدراك.

«الظلمات هي الحالة الأولى التي كان البشر فيها على حالة من العجز والنقص، وغلظة الروح ، وانغلاق النفس والجهل، وبتعبير آخر : إنها حالة العدمية المحيطة بالخلق من قبل أن يرش عليها ربنا من نوره خلقا وإنشاء وقوة وعلما». (1).

وقد قصد ربنا بالظلمات كل جهل يحيط بالإنسان، فالجهل الاجتماعي‏ والأخلاقي والسياسي والاقتصادي كل ذلك ظلمات، فالقرآن جاء ليخرج الإنسان من كل هذه الظلمات المختلفة الأبعاد إلى واقع الحياة السليمة بعيدا عن الأمراض والعقد والسلبيات المضلة عن جادة الصواب.

ويمكن أن يعرّف القرآن بالميثاق بين اللّه والعبد بدون واسطة، فيقول سبحانه وتعالى : {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران : 187]

ويقول ابن حزم : «القرآن هو عهد اللّه إلينا الذي الزمنا الإقرار به» (2).

لكن لهذا الميثاق أو العهد مواصفات ، فما هي هذه المواصفات ؟ وكيف يصف القرآن نفسه ؟

هناك أكثر من مائة آية تبين خصائص القرآن غير الآيات التي تتحدث عن الشئون المختلفة في القرآن.

تعالوا نقرأ هذه الآيات في وصف القرآن لنفسه.

يقول ربّنا : {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [المائدة : 15، 16] .

{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران : 138] .

{وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنبياء : 50] .

{تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق : 8]  .

القرآن نور وكتاب مبين، سلام وصراط مستقيم وهدى وبصيرة وتذكرة وضياء. هكذا نعت القرآن نفسه، وبيّن انه الطريق الوحيد لنجاة وصلاح الناس.

________________________

1. من هدى القرآن ( ج 5) ص 373 .
2.  القرآن- أنور الجندي- ص 11 .