أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-5-2021
5301
التاريخ: 7-2-2021
5778
التاريخ: 9-2-2021
5394
التاريخ: 2-9-2021
6851
|
قال تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال : 1 - 4] .
قال تعالى : {يَسْأَلُونَكَ} أي : يسألك يا محمد جماعة من أصحابك {عَنِ الْأَنْفَالِ} : اختلف المفسرون في الأنفال ههنا ، فقيل : هي الغنائم التي غنمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، يوم بدر ، وهو المروي عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد ، وقيل : هي أنفال السرايا ، عن الحسن بن صالح بن حي . وقيل : هي ما شذ عن المشركين إلى المسلمين من عبد أو جارية من غير قتال ، أو ما أشبه ذلك ، عن عطا ، وقيل : هو للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، خاصة ، يعمل به ما شاء . وقيل : هو ما سقط من المتاع بعد قسمته الغنائم ، من الغرس ، والزرع (2) ، والرمح ، عن ابن عباس في رواية أخرى ، وروي عنه أيضا أنه سلب الرجل وفرسه ، ينفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم به من شاء . وقيل : هي الخمس الذي جعله الله لأهل الخمس ، عن مجاهد في رواية أخرى .
وصحت الرواية عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهما السلام ، أنهما قالا : إن الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال ، وكل أرض إنجلى أهلها عنها بغير قتال ، ويسميها الفقهاء فيئا ، وميراث من لا وارث له ، وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم من غير غصب ، والآجام ، وبطون الأودية ، والأرضون الموات ، وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه . وقالا : هي لله وللرسول ، وبعده لمن قام مقامه ، فيصرفه حيث شاء من مصالح نفسه ، ليس لأحد فيه شئ . وقالا : إن غنائم بدر كانت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، خاصة ، فسألوه أن يعطيهم .
وقد صح أن قراءة أهل البيت عليهم السلام : {يسألونك الأنفال} فقال الله تعالى {قل} يا محمد {الأنفال لله والرسول} وكذلك ابن مسعود ، وغيره ، إنما قرأوا كذلك على هذا التأويل . فعلى هذا ، فقد اختلفوا في كيفية سؤالهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال هؤلاء :
إن أصحابه سألوه أن يقسم غنيمة بدر بينهم ، فأعلمهم الله سبحانه أن ذلك لله ولرسوله دونهم ، وليس لهم في ذلك شئ . وروي ذلك أيضا عن ابن عباس ، وابن جريج ، والضحاك ، وعكرمة ، والحسن ، واختاره الطبري ، وقالوا : إن عن صلة ، ومعناه يسألونك الأنفال أن تعطيهم ، ويؤيد هذ القول قوله {فاتقوا الله} إلى آخر الآية . ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم هي منسوخة بآية الغنيمة ، وهي قوله : {واعلموا أنما غنمتم من شئ} وقال بعضهم ليست بمنسوخة ، وهو الصحيح ، لأن النسخ يحتاج إلى دليل ، ولا تنافي بين هذه الآية ، وآية الخمس . وقال آخرون : إنهم سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، عن حكم الأنفال ، وعلمها ، فقالوا : لمن الأنفال ؟ وتقديره يسألونك عن الأنفال لمن هي ، ولهذا جاء الجواب بقوله : {قل الأنفال لله والرسول} .
وقال آخرون : إنهم سألوه عن حال الغنائم وقسمتها ، وأنها حلال أم حرام ، كما كانت حراما على من قبلهم ، فبين لهم أنها حلال . واختلفوا أيضا في سبب سؤالهم : فقال ابن عباس : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال يوم بدر : من جاء بكذا ، فله كذا ، ومن جاء بأسير ، فله كذا ، فتسارع الشبان وبقي الشيوخ تحت الرايات ، فلما انقضى الحرب ، طلب الشبان ما كان قد نفلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم به ، فقال الشيوخ :
كنا ردءا لكم ، ولو وقعت عليكم الهزيمة لرجعتم إلينا ، وجرى بين أبي اليسر بن عمرو الأنصاري ، أخي بني سلمة ، وبين سعد بن معاذ ، كلام ، فنزع الله تعالى الغنائم منهم ، وجعلها لرسوله ، يفعل بها ما يشاء ، فقسمها بينهم بالسوية .
وقال عبادة بن الصامت : اختلفنا في النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا ، فجعله إلى رسوله ، فقسمه بيننا على السواء ، وكان ذلك في تقوى الله وطاعته ، وصلاح ذات البين . وقال سعد بن أبي وقاص : قتل أخي عمير يوم بدر ، فقتلت سعيد بن العاص بن أمية ، وأخذت سيفه ، وكان يسمى ذا الكتيفة ، فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، واستوهبته منه ، فقال : {ليس هذا لي ، ولا لك ، إذهب فاطرحه في القبض} فطرحت ورجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي ، وأخذ سلبي ، وقلت : عسى أن يعطي هذا لمن لم يبل بلائي! فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني الرسول ، وقد أنزل الله {يسألونك} الآية ، فخفت أن يكون قد نزل في شئ ، فلما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : يا سعد! إنك سألتني السيف ، وليس لي ، وإنه قد صار لي ، فاذهب فخذه ، فهو لك .
وقال علي بن طلحة ، عن ابن عباس : كانت الغنائم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، خاصة ، ليس لأحد فيها شئ ، وما أصاب سرايا المسلمين من شئ أتوه به ، فمن حبس منه إبرة أو سلكا ، فهو غلول ، فسألوا رسول الله أن يعطيهم منها ، فنزلت الآية .
وقال ابن جريج : اختلف من شهد بدرا من المهاجرين والأنصار في الغنيمة ، فكانوا ثلاثا ، فنزلت الآية ، وملكها الله رسوله ، يقسمها كما أراه الله .
وقال مجاهد : هي الخمس ، وذلك أن المهاجرين قالوا : لم يرفع منا هذا الخمس ، ولم يخرج منا ؟ فقال الله تعالى : {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} يقسمانها كما شاءا ، أو ينفلان منها ما شاءا ، أو يرضخان منها ما شاءا ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ} باتقاء معاصيه ، واتباع ما يأمركم به ، وما يأمركم به رسوله ، واحذروا مخالفة أمرهما .
{وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} أي : وأصلحوا ما بينكم من الخصومة والمنازعة ، وقوله : {ذَاتَ بَيْنِكُمْ} كناية عن المنازعة والخصومة ، والذات : هي الخلقة والبنية ، يقال : فلان في ذاته صالح أي : في خلقته وبنيته ، يعني أصلحوا نفس كل شئ بينكم ، أو أصلحوا حال كل نفس بينكم . وقيل معناه : وأصلحوا حقيقة وصلكم ، كقوله {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} أي : وصلكم ، والمراد كونوا مجتمعين على ما أمر الله ورسوله ، وكذلك معنى : اللهم أصلح ذات البين أي : أصلح الحال التي بها يجتمع المسلمون ، عن الزجاج . وهذا نهي من الله تعالى عن الاختلاف فيما اختلفوا فيه من أمر الغنيمة يوم بدر ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، والسدي .
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أي : إقبلوا ما أمرتم به في الغنائم وغيرها ، عن الزجاج . ومعناه : وأطيعوهما فيما يأمرانكم به وينهيانكم عنه {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} مصدقين للرسول فيما يأتيكم به من قبل الله ، كما تدعون . وفي تفسير الكلبي : إن الخمس لم يكن مشروعا يومئذ ، وإنما شرع يوم أحد ، وفيه : إنه لما نزلت هذه الآية ، عرف المسلمون أنه لا حق لهم في الغنيمة ، وأنها لرسول الله ، فقالوا : يا رسول الله سمعا وطاعة فاصنع ما شئت . فنزل قوله {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} أي : ما غنمتم بعد بدر . وروي أن رسول الله قسم غنائم بدر عن بواء أي : على سواء ، ولم يخمس .
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } .
لما قال سبحانه : {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} بين صفة المؤمنين بقوله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي : خافت تعظيما له ، وذلك إذا ذكر عندهم عقوبته ، وعدله ، ووعيده على المعاصي بالعقاب ، واقتداره عليه ، فأما إذا ذكرت نعمة الله علي عباده وإحسانه إليهم ، وفضله ورحمته عليهم ، وثوابه على الطاعات ، اطمأنت قلوبهم ، وسكنت نفوسهم إلى عفو الله تعالى ، كما قال سبحانه : {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد : 28] فلا تنافي بين الاثنين إذ وردتا في حالتين ووجه آخر ، وهو أن المؤمن ينبغي أن يكون من صفته ، أنه إذا نظر في نعم الله عليه ، ومننه لديه ، وعظيم مغفرته ورحمته ، اطمأن قلبه ، وحسن بالله ظنه ، وإذا ذكر عظيم معاصيه بترك أوامره وارتكاب نواهيه ، وجل قلبه ، واضطربت نفسه . والوجل الخوف مع شدة الحزن ، وإنما يستعمل على الغالب في القلب {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} معناه : وإذا قرئ عليهم القرآن ، زادتهم آياته تبصرة ويقينا على يقين ، عن الضحاك . وقيل : زادتهم تصديقا مع تصديقهم بما أنزل الله إليهم قبل ذلك ، عن ابن عباس . والمعنى أنهم يصدقون بالأولى والثانية والثالثة ، وكل ما يأتي من عند الله ، فيزداد تصديقهم .
{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي : يفوضون أمورهم إلى الله فيما يخافونه من السوء في الدنيا . وقيل : فيما يرجونه من قبول أعمالهم في الآخرة {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} قد مر تفسيره في سورة البقرة ، وإنما خص الصلاة والزكاة بالذكر ، لعظم شأنهما ، وتأكيد أمرهما ، وليكون داعيا إلى المواظبة على فعلهما {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} أي : هؤلاء المستجمعون لهذه الخصال ، والحائزون لهذه الصفات ، هم الذين استحقوا هذا الاسم على الحقيقة {لهم درجات عند ربهم} يعني درجات الجنة ، يرتقونها بأعمالهم ، عن عطاء . وقيل : لهم أعمال رفيعة ، وفضائل استحقوها في أيام حياتهم ، عن مجاهد {وَمَغْفِرَةٌ} لذنوبهم {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي : خطير كبير في الجنة . وقيل : كريم دائم كثير ، لا يشوبه ضرر ، ولا يعتريه كدر ، ولا يخاف عليه فناء ، ولا نقصان ، ولا حساب ، من قولهم : فلان كريم ، إذا كانت أخلاقه محمودة .
واستدل من قال إن الإيمان يزيد وينقص ، وإن أفعال الجوارح من الإيمان بهذه الآيات ، فقال : إن الله تعالى نفى أن يكون المؤمن غير متصف بهذه الصفات بلفظة {إنما} فكأنه قال : لا يكون أحد مؤمنا إلا أن يكون بهذه الصفات . والجواب عنه :
إن هذه الصفات خيار المؤمنين وأفاضلهم ، فكأنه قال : إنما خيار المؤمنين من له هذه الأوصاف ، وليس يمتنع أن يتفاضل المؤمنون في الطاعات ، وإن لم يتفاضلوا في الإيمان ، يدل على ذلك أن الاجماع حاصل على أن وجل القلب ليس بواجب ، وإنما هو من المندوبات ، وإن الصلاة قد تدخل فيها الفرائض والنوافل ، والإنفاق كذلك ، فعلمنا أن الإشارة بالآية إلى خيار المؤمنين وأماثلهم ، لا تدل إذا على أن من كان دونهم في المنزلة خارج عن الإيمان ، وقد قال ابن عباس : إنه سبحانه أراد بذلك أن المنافق لا يدخل قلبه خشية الله عند ذكره ، وإن هذه الأوصاف المذكورة منتفية عنه .
__________________
1- تفسير مجمع البيان ، الطبرسي ، ج4 ، ص 423 - 426 .
2- وفي بعض النسخ كنسخة التبيان {الفرس والدرع} مكان {الغرس والزرع} .
قوله تعالى : { يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفالِ } . ذكر سبحانه في هذه الآية ان قوما سألوا النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) عن الأنفال ، ولم يبين المراد منها ، واتفق أهل العلم بالدين على أن أية كلمة ترد في كتاب اللَّه وسنة نبيه من غير تحديد لمعناها فإنها تحمل على المعنى الذي يفهمه الناس من الكلمة ، فإن لم يعرف الناس لها معنى تعين الرجوع إلى قواميس اللغة . وتقول هذه القواميس : النفل الغنيمة والزيادة بوجه عام من غير تحديد لنوعها ، ومن هنا اختلف المفسرون في المراد بالأنفال : هل هي جميع الغنائم ، أو هي غنائم بدر ، أو غيرها ؟ .
أما الشيعة الإمامية فقالوا : لا مبرر لهذا الاختلاف لأنه ثبت في السنة النبوية برواية أهل بيت الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) ان المراد بالأنفال الأرض التي تؤخذ من غير المسلمين بلا قتال ، والأرض الموات ، سواء أكانت مملوكة ثم باد المالك ، أم لم تكن ، ورؤوس الجبال وبطون الأودية ، والأحراج ، وكل ما اختص به سلطان الحرب ، على شريطة أن لا يكون مغتصبا من مسلم أو معاهد ، وميراث من لا ميراث له .
ويتفق هذا مع مذهب المالكية لأنهم فسروا الأنفال بما أخذ بغير قتال احكام القرآن لأبي بكر المالكي المعروف بابن العربي المعافري . وقال أبو إسحاق الفيروزآبادي الشافعي في كتاب المهذب : الأنفال أن ينفل أمير الجيش لمن فعل فعلا يفضي إلى الظفر بالعدو ، كالتجسس والدلالة على طريق أو قلعة ونحو ذلك . وقال الجصاص الحنفي في كتاب أحكام القرآن : قال أصحابنا : أن يقول الأمير : من قتل قتيلا فله سلبه ، ومن أصاب شيئا فهو له .
{ قُلِ الأَنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ } . هذا بيان لمحل الأنفال ، وانها للَّه ورسوله ، وما كان للَّه فهو لرسوله ، وما كان لرسوله ينفق لإعلاء كلمة الإسلام ، وصالح المسلمين ، يأخذ منه كل ذي حاجة منهم على قدر حاجته . والتفصيل في كتب الفقه ، ومنها الجزء الثاني من كتابنا فقه الإمام جعفر الصادق .
{ فَاتَّقُوا اللَّهً وأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وأَطِيعُوا اللَّهً ورَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } .
هذا يشعر بأن الصحابة قد تنازعوا على الأنفال ، ولما سألوا النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال لهم بأمر من اللَّه : انها للَّه والرسول ، وان عليهم أن يستسلموا للَّه ورسوله ، ولا يتنازعوا على الأنفال ولا على غيرها ، وان يتآلفوا ويتحابوا في اللَّه ، كما هو شأن المؤمنين حقا .
ثم أوضح لهم جل ثناؤه بأن المؤمنين حقا من اتصفوا بالأوصاف التالية :
1 - {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} . فالخوف لا ينفك أبدا عن اسم اللَّه عند المؤمنين بلقائه وحسابه وجزائه ، ولكنهم في الوقت نفسه يرجون رحمة اللَّه ، لأنهم يؤمنون أيضا بقوله : {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} . وقوله : {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} .
ومما قاله الإمام علي (عليه السلام) في وصف المؤمنين : فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون ، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون . وقال الشاعر في وصفهم :
تعادل الخوف فيهم والرجاء فلم * يفرط بهم طمع يوما ولا وجل
2 - { وإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً } بأنهم على بصيرة من دينهم ، تماما كما لو رأوا الغيب رأي العين ، بل قد يشكون فيما تراه العين لأن الحواس تخدع صاحبها بعض الأحيان ، فيظن السراب ماء ، والورم شحما ، أما قوله تعالى فلا يتطرق إليه الشك واحتمال الخلاف .
الدين لا ينبت قمحا :
3 - { وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } . وليس معنى التوكل عليه تعالى أن نقول بألسنتنا توكلنا على اللَّه ، ولا أن نترك الأسباب والعمل اتكالا على أن يسخر لنا الأشياء ، ونحن قاعدون ، وانما التوكل ان نسعى كما أمرنا اللَّه راجين التوفيق منه في سعينا مؤمنين بأن العمل شرط أساسي للتوكل ، وانه عبادة وطاعة لقوله تعالى : {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك : 15] . . ان الإيمان والتوكل على اللَّه من غير عمل لا ينبت قمحا ولا يشفي مريضا ، وإلا لم يخلق اللَّه للإنسان يدين ورجلين من أجل العمل . . نعم ، ان الدين الحق ينبت الحب والإخلاص والاستقامة ، وليس الخبز والدواء . . حتى العلم لا يعطينا القمح ، ولا يشفينا من المرض ، وانما يعلمنا كيف نزرع القمح ونصنع الدواء ، ولا يعنيه بعد هذا متنا من الجوع والمرض أو لم نمت ، أما الدين فهو الحريص على حياتنا ومن أجلها يحثنا على العلم والسير على منهجه ، ويعتبر إهماله جريمة إذا أدى إلى الفساد والضرر . . ان العلم يرسم الخطوط لحياة راضية مرضية ، وهذا ما يهدف إليه الإسلام ، ومن أجله أمر بالعلم وحث عليه تماما كما أمر بالصيام والصلاة ، ويعاقب من يستغل العلم للنهب والعدوان كما يعاقب من يحرف الدين لمنافعه الشخصية .
والخلاصة إذا صح ان الإنسان لا يحيا بالخبز وحده فصحيح أيضا ان الإنسان لا يحيا بالصلاة وحدها .
4 و 5 - { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ } . الأوصاف السابقة من أحوال القلب ، والصلاة والزكاة من أفعال الجسم ، وهما نتيجة حتمية للإيمان باللَّه ، والخوف منه ، والتوكل عليه . . فتارك الصلاة والزكاة لا يعد من المؤمنين حقا ، والدليل قوله تعالى :
{ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ومَغْفِرَةٌ ورِزْقٌ كَرِيمٌ } .
أولئك إشارة إلى الذين جمعوا بين الصفات الخمس ، والمؤمنون حقا هم الذين ينعكس الإيمان في أفعالهم ، لا في أقوالهم فحسب ، والدرجات عند اللَّه تتفاوت تبعا للجهاد والتضحية ، وأعلاها لمن ينتفع الناس بهم ، ويتحملون الكثير ليعيش عيال اللَّه جميعا في ظل الأمن والعدل والخصب ، والمغفرة التجاوز عن الهفوات والرزق الكريم الجنة .
____________________
1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنيه ، ج3 ، ص 448 - 450 .
سياق الآيات في السورة يعطي أنها مدنية نزلت بعد وقعة بدر ، وهي تقص بعض أخبار بدر ، وتذكر مسائل متفرقة تتعلق بالجهاد والغنائم والانفال ونحوها ، وأمورا أخرى تتعلق بالهجرة ، وبها تختتم السورة .
قوله تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} إلى آخر الآية .
الأنفال جمع نفل بالفتح وهو الزيادة على الشئ ، ولذا يطلق النفل والنافلة على التطوع لزيادته على الفريضة ، وتطلق الأنفال على ما يسمى فيئا أيضا وهي الأشياء من الأموال التي لا مالك لها من الناس كرؤوس الجبال ، وبطون الأودية ، والديار الخربة ، والقرى التي باد أهلها ، وتركة من لا وارث له ، وغير ذلك كأنها زيادة على ما ملكه الناس فلم يملكها أحد وهي لله ولرسوله ، وتطلق على غنائم الحرب كأنها زيادة على ما قصد منها فإن المقصود بالحرب والغزوة الظفر على الأعداء واستئصالهم فإذا غلبوا وظفر بهم فقد حصل المقصود ، والأموال التي غنمه المقاتلون والقوم الذين أسروهم زيادة على أصل الغرض .
و (ذات) في الأصل مؤنث (ذا) بمعنى الصاحب من الألفاظ اللازمة الإضافة غير أنه كثر استعماله في نفس الشئ بمعنى ما به الشئ هو هو فيقال : ذات الانسان اي ما به الانسان إنسان وذات زيد أي النفس الانسانية الخاصة التي سميت بزيد ، وكان الأصل فيها النفس ذات أعمال كذا ثم أفردت بالذكر فقيل ذات الأعمال أو ما يؤدي مؤداه ثم قيل ذات ، وكذلك الامر في ذات البين فلكون الخصومة لا تتحقق إلا بين طرفين نسب إليها البين فقيل ذات البين اي الحالة والرابطة السيئة التي هي صاحبة البين فالمراد بقوله : أصلحوا ذات بينكم أي أصلحوا الحالة الفاسدة والرابطة السيئة التي بينكم .
وقال الراغب في المفردات : (ذو) على وجهين : أحدهما يتوصل به إلى الوصف بأسماء الأجناس والأنواع ، ويضاف إلى الظاهر دون المضمر ، ويثنى ويجمع ، ويقال في التثنية : ذواتا وفي الجمع ذوات ولا يستعمل شئ منها إلا مضافا .
قال : وقد استعار أصحاب المعاني الذات فجعلوه عبارة عن عين الشئ جوهرا كان أو عرضا واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر وبالألف واللام ، وأجروها مجرى النفس والخاصة فقالوا : ذاته ونفسه وخاصته وليس ذلك من كلام العرب ، والثاني في لفظ ذو لغة لطيئ يستعملونه استعمال (الذي) ويجعل في الرفع والنصب والجر والجمع والتأنيث على لفظ واحد نحو :
وبئري ذو حفرت وذو طويت أي التي حفرت والتي طويت انتهى .
والذي ذكره من عدم إضافته إلى الضمير منقول عن الفراء ولازمه كون استعماله مضافا إلى الضمير من كلام المولدين والحق أنه قليل لا متروك وقد وقع في كلام علي عليه السلام في بعض خطبه كما في نهج البلاغة .
وقد اختلف المفسرون في معنى الآية وموقعها اختلافا شديدا من جهات : من جهة معنى قوله : {يسألونك عن الأنفال} وقد نسب إلى أهل البيت (عليهم السلام) وبعض آخر كعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن مصرف أنهم قرأوا:
(يسألونك الأنفال) فقيل عن زائدة في القراءة المشهورة ، وقيل : بل مقدرة في القراءة الشاذة وقيل : إن المراد بالانفال غنائم الحرب وقيل : غنائم غزوة بدر خاصة بجعل اللام في الأنفال للعهد وقيل : الفئ الذي لله والرسول والامام ، وقيل :
إن الآية منسوخة بآية الخمس وقيل : بل محكمة وقد طالت المشاجرة بينهم كما يعلم بالرجوع إلى مطولات التفاسير كتفسيري الرازي والآلوسي وغيرهما .
والذي ينبغي أن يقال بالاستمداد من السياق : أن الآية بسياقها تدل على أنه كان بين هؤلاء المشار إليهم بقوله : (يسألونك) تخاصم خاصم به بعضهم بعضا بأخذ كل جانبا من القول لا يرضى به خصمه ، والتفريع الذي في قوله : {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} يدل على أن الخصومة كانت في أمر الأنفال ، ولازم ذلك أن يكون السؤال الواقع منهم المحكي في صدر الآية إنما وقع لقطع الخصومة ، كأنهم تخاصموا في أمر الأنفال ثم راجعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسألونه عن حكمها لتنقطع بما يجيبه الخصومة وترتفع عما بينهم .
وهذا - كما ترى - يؤيد أولا القراءة المشهورة : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} فإن السؤال إذا تعدى بمن كان بمعنى استعلام الحكم والخبر ، وأما إذا استعمل متعديا بنفسه كان بمعنى الاستعطاف ولا يناسب المقام إلا المعنى الأول .
وثانيا : أن الأنفال بحسب المفهوم وإن كان يعم الغنيمة والفئ جميعا إلا ان مورد الآية هي الأنفال بمعنى غنائم الحرب لا غنائم غزوة بدر خاصة إذ لا وجه للتخصيص فإنهم إذ تخاصموا في غنائم بدر لم يتخاصموا فيها لأنها غنائم بدر خاصة بل لأنها غنائم مأخوذة من أعداء الدين في جهاد ديني ، وهو ظاهر .
واختصاص الآية بحسب موردها بغنيمة الحرب لا يوجب تخصيص الحكم الوارد فيها بالمورد ، فان المورد لا يخصص ، فإطلاق حكم الآية بالنسبة إلى كل ما يسمى بالنفل في محله ، وهي تدل على أن الأنفال جميعا لله ولرسوله لا يشارك الله ورسوله فيها أحد من المؤمنين سواء في ذلك الغنيمة والفئ .
ثم الظاهر من قوله : {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} وما يعظهم الله به بعد هذه الجملة ويحرضهم على الايمان هو ان الله سبحانه فصل الخصومة بتشريع ملكها لنفسه ولرسوله ، ونزعها من أيديهم وهو يستدعي ان يكون تخاصمهم من جهة دعوى طائفة الأخرى ذلك ، ففصل الله سبحانه خصومتهم فيها بسلب ملكهم منها وإثبات ملك نفسه ورسوله ، وموعظتهم ان يكفوا عن المخاصمة والمشاجرة ، وأما قول من يقول : ان الغزاة يملكون ما اخذوه من الغنيمة بالاجماع فأحرى به ان يورد في الفقه دون التفسير .
وبالجملة فنزاعهم في الأنفال يكشف عن سابق عهد لهم بأن الغنيمة لهم أو ما في معناه غير أنه كان حكما مجملا اختلف فيه المتخاصمان وكل يجر النار إلى قرصته ، والآيات الكريمة تؤيد ذلك .
توضيحه : ان ارتباط الآيات في السورة والتصريح بقصة وقعة بدر فيها يكشف ان السورة بأجمعها نزلت حول وقعة بدر وبعيدها حتى أن ابن عباس - على ما نقل عنه - كان يسميها سورة بدر ، والتي تتعرض لأمر الغنيمة من آياتها خمس آيات في مواضع ثلاثة من السورة هي بحسب ترتيب السورة ، قوله تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية ، وقوله تعالى : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنفال : 41] ، وقوله تعالى : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال : 67 - 69] .
وسياق الآية الثانية يفيد انها نزلت بعد الآية الأولى والآيات الأخيرة جميعا لمكان قوله فيها : {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} فهي نازلة بعد الوقعة بزمان .
ثم الآيات الأخيرة تدل على أنهم كلموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمر الاسرى وسألوه ان لا يقتلهم ويأخذ الفدية وفيها عتابهم على ذلك ثم تجويز ان يأكلوا مما غنموا وكأنهم فهموا من ذلك انهم يملكون الغنائم والانفال على إبهام في امره : هل يملكه جميع من حضر الوقعة أو بعضهم كالمقاتلين دون القاعدين مثلا؟ وهل يملكون ذلك بالسوية فيقسم بينهم كذلك أو يختلفون فيه بالزيادة والنقيصة كأن يكون سهم الفرسان منها أزيد من المشاة أو نحو ذلك .
وكان ذلك سبب التخاصم بينهم فتشاجروا في الامر ، ورفعوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت الآية الأولى : {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} الآية فخطأتهم الآية فيما زعموا انهم مالكو الأنفال بما استفادوا من قوله :
{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ} الآية وأقرت ملك الأنفال لله والرسول ونهتهم عن التخاصم والتشاجر ، فلما انقطع بذلك تخاصمهم ارجعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليهم وقسمتها بينهم بالسوية وعزل السهم لعدة من أصحابه لم يحضروا الوقعة ولم يقدم مقاتلا على قاعد ، ولا فارسا على ماش ثم نزلت الآية الثانية : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية بعد حين فأخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما رد إليهم من السهام الخمس وبقي لهم الباقي . هذا ما يتحصل من انضمام الآيات المربوطة بالانفال بعضها ببعض .
فقوله تعالى {يسألونك عن الأنفال} يفيد بما ينضم إليه من قرائن السياق انهم سألوا النبي صلى الله عليه وآله عن حكم غنائم الحرب بعد ما زعموا انهم يملكون الغنيمة ، واختلفوا فيمن يملكها ، أو في كيفية ملكها وانقسامها بينهم ، أو فيهما معا ، وتخاصموا في ذلك .
وقوله : {قل الأنفال لله والرسول} جواب عن مسألتهم وفيه بيان انهم لا يملكونها وإنما هي أنفال يملكها الله ورسوله فيوضع حيثما أراد الله ورسوله وقد قطع ذلك أصل ما نشب بينهم من الاختلاف والتخاصم .
ويظهر من هذا البيان ان الآية غير ناسخة لقوله تعالى : {فكلوا مما غنمتم} إلى آخر الآية ، وإنما تبين معناها بالتفسير وان قوله {كلوا} ليس بكناية عن ملكهم للغنيمة بحسب الأصل وإنما المراد هو التصرف فيها والتمتع منها إلا ان يمتلكوا بقسمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياها بينهم .
ويظهر أيضا ان قوله تعالى : {واعلموا ان ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى} الآية ليس بناسخ لقوله : {قل الأنفال لله والرسول} الآية فإن قوله : {واعلموا انما غنمتم} الآية إنما يؤثر بالنسبة إلى المجاهدين منعهم عن اكل تمام الغنيمة والتصرف فيه إذ لم يكن لهم بعد نزول قوله : {الأنفال لله والرسول} إلا ذلك وأما قوله : {الأنفال لله والرسول} فلا يفيد إلا كون أصل ملكها لله والرسول من دون ان يتعرض لكيفية التصرف وجواز الاكل والتمتع فلا يناقضه في ذلك قوله : {واعلموا انما غنمتم} الآية حتى يكون بالنسبة إليه ناسخا فيتحصل من مجموع الآيات الثلاث : ان أصل الملك في الغنيمة لله والرسول ثم يرجع أربعة أخماسها إلى المجاهدين يأكلونها ويمتلكونها ويرجع خمس منها إلى الله والرسول وذي القربى وغيرهم لهم التصرف فيها والاختصاص بها .
ويظهر بالتأمل في البيان السابق أيضا : ان في التعبير عن الغنائم بالانفال وهو جمع نفل بمعنى الزيادة إشارة إلى تعليل الحكم بموضوعه الأعم كأنه قيل : يسألونك عن الغنائم وهي زيادات لا مالك لها من بين الناس وإذا كان كذلك فأجبهم بحكم الزيادات والانفال وقل : الأنفال لله والرسول ولازم ذلك كون الغنيمة لله والرسول .
وبذلك ربما تأيد كون اللام في لفظ الأنفال الأول للعهد وفي الثاني للجنس أو الاستغراق وتبين وجه الاظهار في قوله : {قل الأنفال} الآية حيث لم يقل قل هي لله والرسول .
ويظهر بذلك أيضا : ان قوله : {قل الأنفال لله والرسول} حكم عام يشمل بعمومه الغنيمة وسائر الأموال الزائدة في المجتمع نظير الديار الخالية والقرى البائدة ورؤوس الجبال وبطون الأودية وقطائع الملوك وتركة من لا وارث له أما الأنفال بمعنى الغنائم فهي متعلقة بالمقاتلين من المسلمين بعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبقي الباقي تحت ملك الله ورسوله .
هذا ما يفيده التأمل في كرائم الآيات وللمفسرين فيها أقاويل مختلفة تعلم بالرجوع إلى مطولات التفاسير لا جدوى في نقلها والتعرض المنقض والابرام فيها .
قوله تعالى : {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} إلى آخر الآيتين الآيتان والتي بعدهما بيان ما يتميز به المؤمنون بحقيقة الايمان ويختصون به من الأوصاف الكريمة والثواب الجزيل بينت ليتأكد به ما يشتمل عليه قوله تعالى:
{فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم} إلى آخر الآية .
وقد ذكر الله تعالى لهم خمس صفات اختارها من بين جميع صفاتهم التي ذكرها في كلامه لكونها مستلزمة لكرائم صفاتهم على كثرتها وملازمة لحق الايمان ، وهي بحيث إذا تنبهوا لها وتأملوها كان ذلك مما يسهل لهم توطين النفس على التقوى وإصلاح ذات بينهم ، وإطاعة الله ورسوله .
وهاتيك الصفات الخمس هي : وجل القلب عند ذكر الله ، وزيادة الايمان عند استماع آيات الله ، والتوكل ، وإقامة الصلاة والانفاق مما رزقهم الله ومعلوم ان الصفات الثلاث الأول من اعمال القلوب والأخيرتان من اعمال الجوارح وقد روعي في ذكرها الترتيب الذي بينها بحسب الطبع فإن نور الايمان إنما يشرق على القلب تدريجا فلا يزال يشتد ويضاعف حتى يتم ويكمل بحقيقته فأول ما يشرق يتأثر القلب بالوجل والخشية إذا تذكر بالله عند ذكره وهو قوله تعالى:
{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} .
ثم لا يزال ينبسط الايمان ويتعرق وينمو ويتفرع بالسير في الآيات الدالة عليه تعالى والهادية إلى المعارف الحقة فكلما تأمل المؤمن في شئ منها زادته ايمانا فيقوى الايمان ويشتد حتى يستقر في مرحلة اليقين وهو قوله تعالى : {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا } . وإذا زاد الايمان وكمل كمالا عرف عندئذ مقام ربه وموقع نفسه معرفة تطابق واقع الامر وهو أن الامر كله إلى الله سبحانه فإنه تعالى وحده هو الرب الذي إليه يرجع كل شئ فالواجب الحق على الانسان ان يتوكل عليه ويتبع ما يريده منه بأخذه وكيلا في جميع ما يهمه في حياته فيرضى بما يقدر له في مسير الحياة ويجري على ما يحكم عليه من الاحكام ويشرعه من الشرائع فيأتمر بأوامره وينتهي عن نواهيه وهو قوله تعالى : {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} .
ثم إذا استقر الايمان على كماله في القلب استوجب ذلك أن ينعطف العبد بالعبودية إلى ربه وينصب نفسه في مقام العبودية وإخلاص الخضوع وهو الصلاة وهي أمر بينه وبين ربه وأن يقوم بحاجة المجتمع في نواقص مساعيهم بالانفاق على الفقراء مما رزقه الله من مال أو علم أو غير ذلك وهو أمر بينه وبين سائر أفراد مجتمعه وهو قوله تعالى : {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} . وقد ظهر مما تقدم أن قوله تعالى : {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} إشارة إلى الزيادة من حيث الكيفية وهو الاشتداد والكمال دون الكمية وهي الزيادة من حيث عدد المؤمنين كما احتمله بعض المفسرين .
قوله تعالى : {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} قضاء منه تعالى بثبوت الايمان حقا فيمن اتصف بما عده تعالى من الصفات الخمس ولذلك أطلق ما ذكره لهم من كريم الاجر في قوله : {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} الآية فلهؤلاء من صفات الكمال وكريم الثواب وعظيم الاجر ما لكل مؤمن حقيقي .
وأما قوله : {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} فالمغفرة هي الصفح الإلهي عند ذنوبهم والرزق الكريم ما يرتزقون به من نعم الجنة وقد أراد الله سبحانه بالرزق الكريم الجنة ونعمها في مواضع من كلامه كقوله تعالى : {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [الحج : 50 ، 51] وغير ذلك .
وبذلك يظهر أن المراد بقوله : {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} مراتب القرب والزلفى ودرجات الكرامة المعنوية وهو كذلك فإن المغفرة والجنة من آثار مراتب القرب من الله سبحانه وفروعه البتة .
والذي يشتمل عليه الآية من إثبات الدرجات لهؤلاء المؤمنين هو ثبوت جميع الدرجات لجميعهم لا ثبوت جميعها لكل واحد منهم فإنها من لوازم الايمان والايمان مختلف ذو مراتب فالدرجات الموهوبة بإزائه كذلك لا محالة فمن المؤمنين من له درجة واحدة ومنهم ذو الدرجتين ومنهم ذو الدرجات على اختلاف مراتبهم في الايمان .
ويؤيده قوله تعالى : {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة : 11] المجادلة 11 وقوله تعالى : {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [آل عمران : 162 ، 163] .
وبما تقدم يظهر أن تفسير بعضهم ما في الآية من الدرجات بدرجات الجنة ليس على ما ينبغي وان المتعين كون المراد بها درجات القرب كما تقدم وإن كان كل منهما يلازم الاخر .
__________________
1- تفسير الميزان الطباطبائي ، ج9 ، ص 5-11 .
ورد عن ابن عباس أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عيّن في يوم معركة بدر جوائز للمقاتلين المسلمين ترغيباً ، كأنّ يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) مثلا : من جاءني بفلان من الأعداء أسيراً فله عندي كذا «جائزة» .
وكان هذا الترغيب ـ إضافة إلى اِيقاده روح الإِيمان والجهاد في وجودهم ـ مدعاة أن يثب المقاتلون الفتية في تسابق «افتخاري» نحو الهدف .
إلاّ أنّ الكهول والشيوخ ظلّوا ثابتين تحت ظلال الرايات ، فلمّا إنتهت معركة بدر أسرع المقاتلون الفتيان لأخذ الجوائز من النّبي ، إلاّ أنّ الشيوخ وكبار السنّ قالوا : إنّ لنا نصيباً أيضاً ، لأنّنا كنّا سنداً وظهيراً لكم ، ولو اشتدّ بكم الأمر لرجعتم إلينا حتماً . واحتدم النقاش حينئذ بين رجلين من الأنصار في شأن غنائم المعركة .
فنزلت الآية ـ محل البحث ـ وقالت بصراحة : إنّ الغنائم هي للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ، فله أن يتصرّف فيها ما يشاء . فقسّمها النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بين المسلمين بالتساوي ، وأمر أن يصطلح الإخوة المسلمون فيما بينهم .
إنّ الآية ـ محل البحث ـ كما قرأنا في سبب النّزول ، نزلت بعد معركة بدر وتتكلم على غنائم الحرب وتبيّن حكماً إسلامياً واسعاً بشكل عام ، فتخاطب النّبي بالقول : {يسألونك عن الأنفال قلِّ الأنفال للّه والرّسول!} .
فبناءً على ذلك {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .
أي أنّ الإِيمان ليس بالكلام فحسب ، بل هو الطاعة لله والرّسول دون قيد أو شرط وفي جميع مسائل الحياة لا في غنائم الحرب وحدها .
ماهي الأنفال ؟
الأنفال في الأصل مأخوذة من مادة «نفل» على زنة «نفع» ومعناها الزيادة ، وإنما سمّيت الصلوات المستحبة نافلة لأنّها زيادة على الصلوات الواجبة ، وكذلك يُطلَق على الحفيد نافلة لأنّه زيادة في الأبناء .
ويطلق لفظ «نوفل» على من يهب المزيد من العطاء .
وإنّما سمّيت غنائم الحرب أنفالا أيضاً لأنّها كمية من الأموال الإِضافية التي تبقى دون صاحب ، وتقع في أيدي المقاتلين دون أن يكون لها مالك خاص . أو لأنّ المقاتلين إنّما يحاربون للإِنتصار على العدو لا للغنائم ، فالغنيمة أو الغنائم موضوع إضافي يقع في أيديهم .
خمس صفات خاصّة بالمؤمنين :
كان الكلام في الآية السابقة عن تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله بعد المشاجرة اللفظية بين بعض المسلمين في شأن الغنائم .
وإكمالا لهذا الموضوع فالآيات ـ محل البحث ـ تذكر صفات المؤمنين بحق في عبارات موجزة غزيرة المعنى .
فيشير الذكر الحكيم في هذه الآيات إلى خمس صفات بارزة في المؤمنين : ثلاث منها ذات جانب معنوي وروحاني وباطني ، واثنتين منها لها جانب عملي وخارجي . . .
فالثلاث الأُولى عبارة عن «الإحساس بالمسؤولية» و «الإِيمان» و«التوكل» .
والإثنتان الأُخريان هما الإِرتباط بالله ، والإِرتباط بخلق الله سبحانه .
فتقول الآيات أوّلا : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} .
و«الوجل» حالة الخوف التي تنتاب الإِنسان ، وهو ناشيءٌ عن أحد أمرين : فقد ينشأ عند إدراك المسؤولية وإحتمال عدم القيام بالوظائف اللازمة التي ينبغي على الإِنسان أداؤها بأكمل وجه امتثالا لأمر الله تعالى .
وقد ينشأ عند إدراك عظمة مقام الله ، والتوجه إلى وجوده المطلق الذي لا نهاية له ، ومهابته التي لا حدّ لها .
وتوضيح ذلك : قد يتفق للإِنسان أن يمضي لرؤية شخص عظيم هو ـ بحق ـ جدير بالعظمة من جميع الجوانب ، فالإِنسان الذي يمضي لرؤيته قد يقع تحت تأثير ذلك المقام وتلك العظمة ، بحيث يحس بنوع من الرهبة في داخله ويضطرب قلبه حتى أنّه لو أراد الكلام لتعلثم ، وقد ينسى ما أراد أن يقوله ، حتى لو كان ذلك الشخص يحب هذا الإِنسان ويحب الآخرين جميعاً ولم يصدر عنه ما يدعو إلى القلق .
فهذا الخوف والإِضطراب أو المهابة مصدرها عظمة ذلك الشخص ، يقول القرآن الكريم في هذا الصدد : {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر : 21] .
كما نقرأ في آية أُخرى من قوله تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر : 28] .
وهكذا فإن العلاقة قائمة بين العلم والخوف أيضاً ، وبناءً على ذلك فمن الخطأ أن نعدّ أساس الخوف والخشية عدم أداء الوظائف المطلوبة فحسب .
ثمّ تبيّن الآية الصفة الثّانية للمؤمنين فتقول : {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} .
إنّ النمو والتكامل من خصائص جميع الموجودات الحية ، فالموجودات الفاقد للنمو والتكامل إمّا أن يكون ميتاً أو في طريقه إلى الموت . والمؤمنون حقّاً لهم إيمان حيّ ينمو غرسه يوماً بعد يوم بسقيه من آيات الله ، وتفتح أزهاره وبراعمه ، ويؤتي ثماره أكثر فأكثر ، فهم ليسوا كالموتى من الجمود وعدم التحرك ، ففي كل يوم جديد يكون لهم فكر جديد وتكون صفاتهم مشرقة جديدة . . .
وهذه الدّرجات مبهمة لم يعين مقدارها وميزانها ، وهذا الإِبهام يشير إلى أنّها درجات كريمة عالية .
وللمؤمنين إضافة لدرجاتهم رحمة من الله ومغفرة ورزق كريم .
والحق أنّنا ـ نحن المسلمين ـ الذين ندّعي الإسلام وقد نرى أنفسنا أُولي فضل على الإسلام والقرآن ، نتهم القرآن والإِسلام جهلا بأنّهما سبب التأخر والإنحطاط ، وتُرى لو أنّنا طبقنا فقط مضامين هذه الآيات محل البحث على أنفسنا والتي تمثل صفات المؤمنين بحق ، ولم نتكل على هذا وذاك ، وأن نطوي كل يوم مرحلة جديدة من الإِيمان والمعرفة ، وأن نحس دائماً بالمسؤولية لتقوية علاقتنا بالله وبعباده فننفق ما رزقنا الله في سبيل تقدم المجتمع ، أنكون بمثل ما نحن عليه اليوم ؟!
وينبغي ذكر هذا الموضوع أيضاً ، وهو أنّ الإِيمان ذو مراحل ودرجات ، فقد يكون ضعيفاً في بعض مراحله حتى أنّه لا يبدو منه أي شيء عملي مؤثر ، أو يكون ملوّثاً بكثير من السيّئات . إلاّ أنّ الإِيمان المتين الراسخ من المحال أن يكون غير بناءً أو غير مؤثر وما يراه البعض من أن العمل ليس جزءاً من الإِيمان ، فلإقتصارهم على أدنى مراحل الإِيمان .
________________
1- تفسير الامثل ، مكارم الشيرازي ، ج5 ، ص 9-16 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|