المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

احواض التغذية للمياه الجوفية
22-12-2015
α - Chaconine
25-3-2017
الأحماض الأمينية Amino acids
تفسير القمي
23-02-2015
الحشرات التي تصيب البيكان (حاملا الشرنقات Pecan Nut Casbearer)
24-8-2020
الشعراء الموالي
24-03-2015


قصَّة جهاد مُوسَى (عليه السلام)  
  
3088   03:13 مساءً   التاريخ: 29-11-2020
المؤلف : الدكتور محمد البستاني .
الكتاب أو المصدر : قصص القرآن الكريم دلالياً وجمالياً
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 192 - 217 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / قصص الأنبياء / قصة النبي موسى وهارون وقومهم /

يلاحظ أنّ قصص موسى (عليه السلام) تتميّز عن سواها بكونها أكثر القصص تكراراً في القرآن الكريم : بعضها يرد مرة واحدة وبعضها يتكرر ، وأنّ المتكرر قسمان :

أحدهما يتكرر مرّة أو مرّتين أو أكثر . والآخر يتكرر كثيراً كقصص آدم (عليه السلام) . . . إلى آخره .

حينئذ فإنّ أمثلة هذا التكرار لقصص موسى لا بدّ وأن يحمل مسوّغاته .

ونحتمل وجود سببين يكمنان وراء ذلك ، أحدهما : أنّ أطغى شخصية فرديه وهي فرعون كانت المواجِهة لموسى (عليه السلام) حيث نصرَهُ اللّه تعالى عليها ، والآخر : هو قومه ـ اليهود بصفتهم أيضاً أطغى طائفة بشرية عرفتها الحياة منذ أن وجد البشر وحتى الآن .

هذان السببان لعلّهما يفسّران لنا تعدّد قصص موسى (عليه السلام) دون سواه .

على أيّة حال نتّجه الآن إلى إحدى قصصه الواردة في سورة «الأعراف» ويعنينا ـ عمّا تقدّم ـ أن نشير إلى أنّ قصص موسى (عليه السلام) تتضمّن ثلاث فترات من حياته : قبل النُبوّة ، وخلالها مع فرعون ، ثمّ مع قومه .

وفي سورة «البقرة» جاء التذكير بنعم اللّه على بني إسرائيل مصحوباً بسرد بعض الأحداث والمواقف التي واكبها موسى (عليه السلام) في هذا الصدد مع قومه ، وكان

بضمنها التذكير بإغراق فرعون وانقاذ قوم موسى منه . وهذا يعني أنّ الفترة الثالثة من حياة موسى (عليه السلام) كانت مادة السورة قصصياً .

هنا في سورة «الأعراف» يتناول النصُ الفترة الثانية من حياة موسى (عليه السلام) ، أي تعامله مع فرعون بشيء من التفصيل ، لكنه ليس بالتفصيل الذي سنجده في السور اللاحقة ، كما أ نّه تناول الفترة الثالثة بتفصيلات سبق ذكرها في سورة «البقرة» والبعض منها جديدٌ في سورة «الأعراف» . إلاّ أنّ ذلك جميعاً يجيء في سياق جديد كما سنرى في معالجتنا الآن لقصص موسى (عليه السلام) .

* * *

لقد جاء سرد قصص موسى (عليه السلام) بشكل حكايات قصيرة متتابعة ، على نحو قصص الأنبياء في هذه السورة ، حيث كان الهدف منصبّاً على إبراز مفهومات معيّنة تتساوق وطبيعة الأفكار المطروحة في السورة .

من هنا جاء السرد لقصص موسى (عليه السلام) في هذه السورة يقطعه حيناً نثرٌ غير قصصي ، يجيء بمثابة تعقيب على الأحداث والمواقف ، فيما يشكّل هذا التعقيب عنصر تذكير بالعظة التي ينبغي استخلاصها بنحو يتناسق مع أفكار السورة وموضوعاتها .

على أيّة حال ، نقف الآن مع الفترة الثانية من حياة موسى (عليه السلام) أولا ، أي تعامله مع فرعون على النحو الذي بدأه النص .

وهذه الفترة تتناول أربع شرائح من الأحداث والمواقف ، تتداخل فيما بينها حيناً ، وتنفصل حيناً آخر :

1 ـ موسى (عليه السلام) مع فرعون .

2 ـ موسى (عليه السلام) مع السَحَرة .

3 ـ فرعون مع السحرة .

4 ـ موسى (عليه السلام) مع آل فرعون .

 

موسى (عليه السلام) مع فرعون

بدأ نص حكاية موسى مع فرعون على النحو الآتي :

﴿ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ ومَلاَئِهِ فَظَلَمُوا بِها

﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ

﴿وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ

﴿حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ

﴿قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَة مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ

﴿قالَ : إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بآيَة فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ

﴿فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ

﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنّاظِرِينَ

إلى هنا فإن الحكاية تبدأ من حيث البناء القصصي ، ـ من نهاية الحدث الذي أشار إليه النص ضمناً لا تصريحاً بقوله :

﴿فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ

فالنهاية تتمثل ـ كما سيفصّلها النص لاحقاً ـ في إغراق فرعون وفي صبّ مختلف العقاب على قومه .

ثمّ يبدأ النص بالارتداد إلى بداية الحدث ، متمثّلا في خطاب موسى لفرعون بأنـّه رسول من ربّ العالمين ، مطالباً إيّاه بفكّ الإسرائيليين وتخليصهم من الاستعباد الفرعوني لهم ، مشيراً إليه بأنّ لديه آيات تدعم صحّة اضطلاعة برسالة اللّه .

هذه البداية ينبغي أن نضعها في الاعتبار ، لأنـّها من وجهة النظر الفنّية ستُلقي بأضوائها على طبيعة المواقف والأحداث الآتية في السورة .

لقد لوحظ في هذه البداية ـ خلافاً لكثير من قصص موسى مع فرعون ـ أنـّها طالبت بتخليص الإسرائيليين من استعباد فرعون ، حيث قرنت الإعلان عن الرسالة بأوّل مطالبة هي قوله (عليه السلام) :

﴿فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ

هذا هو أول طلب موسى (عليه السلام) في هذه الحكاية ، مع أنّ غالبية القصص لم تبدأ بهذا الطلب . وهذا يعني أنّ المطالبة بتخليص الإسرائيليين من استعباد فرعون ، إنّما ينطوي على مهمة فنّية ونفسيّه ، تتمثل ـ كما سنرى ـ في مدى خيانة الإسرائيليين ونسيانهم لنعم السماء عليهم وإسرافهم في المنكرات ، ومن ثمّ فإنّ الجزاء الدنيوي الذي رسمته السماء لهم ، يظل متوافقاً وطبيعة السلوك السلبي الذي صدروا عنه طيلة حياتهم مع موسى (عليه السلام)و مع من جاء من بعده .

وكما سنرى فإنّ بعض أشكال المصير الذي انتهى الإسرائيليّون إليه ، هو :

مسخهم إلى حيوانات ، إلى قردة خاسئين .

وإلى بقائهم أذلاّء إلى يوم القيامة ، يُسامون بألوان العذاب .

ومثل هذا المصير يتوافق ـ كما قلنا ـ مع سلوكهم المنكر الذي سبقته نِعَمٌ عظيمة اغدقتها السماءُ عليهم ، وفي مقدمتها انقاذهم من ظلم فرعون واستعباده لرجالهم ونسائهم ، وسبيه لهم ، وقتله إيّاهم .

إذن ، البدء بسرد القصة بمطالبة إنقاذ الإسرائيليين من فرعون ، يعني أنّ النص يعتزم إلقاء الضوء على حقيقة تتصل بهؤلاء القوم الذين سلكوا شتّى المفارقات ، مع أنّ السماء انقذتهم من أشدّ ألوان الاستعباد والقتل .

بكلمة اُخرى : إنّ المتلقّي بمقدوره أن يستخلص بوضوح ما يلي :

إنّ الإسرائيليين يظلّون أشدّ الأنماط البشرية مفارقةً في السلوك ، وأنـّهم سيلاقون تبعاً لذلك أشدّ ألوان العقاب الدنيوي فضلا عن العقاب الاُخروي .

وإنّ ذلك ناجمٌ عن نسيانهم لأكبر ألوان النعم التي أغدقتها السماء عليهم ، فيما لم تغدقه على غيرهم من الأقوام .

كلّ اُولئك سنلحظه بوضوح في سياق قصص موسى (عليه السلام) مع قومه ، أي في الفترة الثالثة من حياة موسى (عليه السلام) في هذه السورة التي تناولت هذا الجانب .

وللمرّة الجديدة ، نذكّر المتلقّي بالأهمّية الفنّية لهذه البداية في السرد القصصي ، من حيث تشدّدها على ذكر إنقاذ الإسرائيليين من فرعون وما تُلقيه من ضوء على أحداث القصة ومواقفها اللاحقة .

بدأت قصة موسى مع فرعون بإعلانه عن رسالته ، ومطالبته بإنقاذ الإسرائيليين كما لحظنا .

وجاء القسم الثاني من هذه الحكاية متمثلا في جواب فرعون وقومه على الاعلان المذكور .

يقول النص :

﴿قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بآيَة فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ

﴿فَأَلـْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ

﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنّاظِرِينَ

وواضح أنّ النص ـ فنّياً ـ قد اكتفى بهاتين الآيتين ، ملمحاً بهما عابراً دون أن يذكر تفصيلات العصا واليد وما واكبهما من الحوار والمواقف ، لأنـّه في صدد التشدّد على إبراز ألوان الاستجابة المنكرة لفرعون وقومه . وهذا ما بدأه مع القسم الثالث من القصة ، على النحو الآتي :

﴿قالَ الْمَلاَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ

﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ

﴿قالُوا أَرْجِهْ وأَخاهُ وأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ

﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِر عَلِيم

الاستجابة هنا واضحة ، لقد قرّروا سريعاً أنّ القضية هي ساحر يريد أن يخرجهم من أرضهم .

ثمّ تشاوروا فيما بينهم وقرّروا أن يُؤجّلوا الموضوع إلى أجل يجمعون من خلاله كبار السَحَرة ليردّوا على موسى وينتهي الأمر .

هنا ينبغي الانتباه أيضاً إلى أنّ النصّ لم يحصر الموضوع في شخص فرعون ـ كما هي غالبية القصص التي تحدّثت عن موسى ومقابلته مع فرعون ـ بل بدأه بقوم فرعون .

لنقرأ النص ثانيةً :

﴿قالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ . . .﴾

إنّ هذه البداية ذات مهمّة فنّية تشبه تماماً المهمّة الفنّية التي لحظناها عند بداية القصص بمطالبة موسى فرعون إنقاذ الإسرائيليين . فقد كانت المطالبة بإنقاذ الإسرائيليين تمهيداً لإلقاء الضوء على سلوكهم المنكر ، وصياغة المصير الأسود لشخوصهم .

هنا أيضاً تجيء البداية القصصية عن الملأ من قوم فرعون تمهيداً ، أو إرهاصاً بما سيُلقي النص من أضواء على هؤلاء القوم الذين سوّفوا في إصلاح أنفسهم ، وأسرفوا في عنادهم واستكبارهم بالرغم ممّا شاهدوه من الآيات ، وبالرغم من أنّهم كلّ نوبة يطالبون بآية ، وبكشف العذاب ، وإعطاء المواثيق بالتوبة من جديد .

ثمّ يعودون إلى الموقف المنكر نفسه .

والمهم ، أنّ نمط العقاب جاء متوافقاً مع نمط السلوك تماماً ، كما كان ذلك مع قوم موسى .

فقد عوقبوا ـ كما سنرى ـ بالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، فضلا عن النقص بالسنين والثمرات ، حتى انتهى الأمر إلى إغراقهم في اليم في نهاية المطاف .

إذن هذه البداية الفنية التي استهل بها النص سرده لقصة موسى مع فرعون . هذه البداية التي أوكلت مهمة الرد على موسى ، أوكلته إلى الملأ من قوم فرعون ، لا إلى فرعون وحده ، إنما تنطوي على أسرار فنية بالغة المدى ، إنها تريد أن تلقي الضوء على قوم فرعون لا على شخصه فحسب ـ كما هو شأن سائر القصص عن موسى وفرعون ـ بحيث تحدثنا عن تفاصيل مواقفهم ، وتفاصيل العقاب الذي نزل عليهم .

وبهذه البداية مع آل فرعون يتم منحى فني آخر من التناسق الهندسي في هذه القصة ، حيث يتوازن قوم موسى من الإسرائيليين ، مع قوم فرعون من الأقباط ، من حيث تماثل المواقف في سلوكهم ، ومن تماثل العقاب النازل عليهم . ومن ثم من حيث تماثل البداية القصصية التي استهل النص الحديث عنهما ، خلافا للاستهلال في غالبية القصص الاخرى التي كانت تتحدث مباشرة عن مطالبة موسى بمحاورة فرعون ودعوته إلى الإيمان ، لا المطالبة بإنقاذ الإسرائيليين ، أو تتحدث مباشرة عن فرعون وإجابته ، لا إجابة الملأ من قومه .

إذا ، نحن حيال بعدين من أبعاد البناء الفني لهذه القصة :

أولهما : هو طبيعة البداية في القصص ، وصلتهما بالظواهر التي سيشدد النص عليها في القصة .

ثانيهما : هو طبيعة التوازن الهندسي بين البدايتين : بداية القسم الأول من القصة وبداية القسم الثاني منها .

 

موسى (عليه السلام) مع السحرة :

ونتجه الآن إلى القسم الثالث من القصة ، متمثلا في حادثة السحرة وموقفهم من موسى وفرعون . ودون أن نذكر النصوص ، نسارع إلى القول بأن السحرة طالبوا فرعون بإعطائهم أجرا في حالة غلبتهم على موسى وموافقة فرعون على ذلك ، مضافا إلى إكسابهم منزلة اجتماعية تليق بهم .

وفعلا تمت المقابلة مع موسى (عليه السلام) ، وبعد أن سألوه عن البادئ بالآية ، أجابهم :

ألقوا ما لديكم أولا .

وعندها ألقوا ما يرهب الجمهور بسحرهم العظيم .

بيد أن عصا موسى ، بعد ذلك قد ابتلعت حبالهم وعصيهم .

هنا تمت استجابة جديدة مفاجئة وهي ، أن السحرة واجهوا حقيقة لا يمكن أن يتجاهلها إلا المكابر . فأعلنوا إيمانهم مباشرة .

 

فرعون مع السحرة :

بيد أن فرعون وهو المكابر لم يلق من إيمان السحرة قبولا في نفسه دون أدنى شك ، فبدأ بتهديدهم والتوعد بقطع أيديهم وأرجلهم وشنقهم جميعا .

غير أنـهم ، أي السحرة الذين آمنوا ، لم يعبأوا بتهديده وأجابوه بأنـهم عائدون إلى الله ، ولا قيمة لانتقام فرعون حيال الإيمان بآيات الله لما رأوها بأم أعينهم .

وهتفوا في نهاية المطاف ، بأن يتوفاهم الله مسلمين .

* * *

هنا يجدر بنا أن ننتبه إلى أن النص القرآني الكريم في هذا القسم من القصة ، قد سرد أحداثها ومواقفها بنحو عابر ، خال من التفاصيل التي يسردها في قصص اخرى .

والسر ـ فنيا ـ يمكننا أن نستخلصه بوضوح من أن النص في صدد الحديث عن قوم موسى وقوم فرعون ، عن الإسرائيليين والأقباط ، وليس في صدد التشدد على فرعون أو السحرة إلا بما يلقي الضوء على قوم فرعون وموسى . وهذا ما يتسق تماما مع ما سبق أن قلناه من أن بداية القصة أوحت لنا بأن النص سيركز على الإسرائيليين مادام الحديث قد بدأ بمطالبة موسى بهم ، ومادام الحديث قد بدأ بالملأ من قوم فرعون في الحوار الذي جرى فيما بينهم .

إذن استخلصنا بأن الحديث أو الاستهلال بإنقاذ الإسرائيليين من الأقباط لا يعني إكساب الأهمية لهم ، بقدر ما يعني الإرهاص بنحو غير مباشر بالمصير السلبي الذي ينتظرهم ، حيث أن إنقاذهم من الأقباط يظل نوعا من الاستدراج في النعم ، حتى إذا كفروا بها ، انتقمت السماء منهم .

وإذا أدركنا هذا الاستخلاص ، يجدر بنا أن نتابع الحدث والموقف بحسب سياق القصص . . فنقف عند :

 

موسى (عليه السلام) مع آل فرعون

لحظنا أن قصة جهاد موسى قد بدأت بالحديث عن قومه ، وعن قوم فرعون .

وكان أول صراع يقوم بين موسى وآل فرعون ، هو : اتهامهم إياه بالسحر ، ثم محاولاتهم في جمع السحرة ، على النحو الذي تحدثنا عنه .

هنا ، يظل الصراع مستمرا بين موسى وآل فرعون أو الأقباط بعد فشل عملية السحر التي جندوا لها كل قواهم ، فيما انتهت إلى إيمان السحرة .

ولقد هالهم أن ينتهي الصراع إلى انتصار موسى وقومه . فبدأوا بمحاولات جديدة تتمثل في استعدائهم فرعون على موسى وقومه ، محرضين إياه على قتلهم ، والتخلص منهم .

والحوار الآتي يكشف عن الحقيقة المذكورة :

﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ

﴿أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ

﴿قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ

من هذا الحوار الذي لخص المرحلة الجديدة من الصراع بين موسى والأقباط ، نستخلص أن فرعون وقومه بدأوا بالتفكير في عملية الانتقام من المستضعفين ، وأنـهم مصرون على الاستكبار بالرغم من وضوح الدليل الذي جاء به موسى .

ويبدو أن فرعون قد نفذ تهديده فعلا وألحق الأذى بقوم موسى .

يكشف عن ذلك ، هذا الحوار بين موسى وقومه .

﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ

﴿يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا

﴿قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ

﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ

إن هذا الحوار ينطوي على حقائق فنية وفكرية بالغة المدى .

فهو أولا يكشف لنا عن تطور الحدث . وثانيا يمهد لنا بمراحل لاحقة من تطوراته ، بحيث يمكننا أن نتنبأ بمصائر كل من قوم فرعون ، بل وحتى قوم موسى أنفسهم .

أما تطور الحدث ، فيتمثل في تنفيذ فرعون وقومه لتهديداتهم ، حيث ألحقوا الأذى فعلا بقوم موسى :

﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا

فإن فقرة (من بعد ما جئتنا) تكشف بوضوح عن أن الأذى قد لحق قوم موسى نتيجة لإيمانهم به .

وأما التمهيد بالمراحل اللاحقة من تطورات الحدث ، فتكشفه لنا هذه الآية المكتنزة بأسرار فنية في غاية الخطورة من حيث البناء الهندسي للقصة .

الآية والمتمثلة في قول موسى (عليه السلام) :

﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ

هذه الآية القائمة على الحوار تنطوي على التنبؤ بواقعتين خطيرتين كل الخطورة :

1 ـ الواقعة الاولى هي : أن فرعون وقومه سوف يهلكون ، ويلقون جزاءهم الحاسم في هذا الصدد . وإلى أن قوم موسى سيستخلفونهم .

2 ـ الواقعة الثانية هي : أن قوم موسى عندما يستخلفون الأرض ، سيواجهون اختبارا جديدا . ويبدو أن هذا الاختبار سينتهي في غير صالحهم ، أي أنـهم سوف لن يثبتوا على إيمانهم ، وإلى أنهم سيفسدون في الأرض بدورهم ، تماما كما كان فرعون وقومه مفسدين في الأرض .

إن الحوار المتقدم لا يحدثنا بهذه الحقائق صراحة ، بل يرهص أو يوحي لنا ـ على الأقل ـ بها . ذلك أن جواب موسى لقومه : ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ لا يكشف عن أن الأقباط سيهلكون على نحو الجزم ، وإلى أن قوم موسى سيستخلفونهم ، بل ساق موسى ذلك على نحو الترجي والتعلل بالآمال . ولكن الذي حدث فعلا ـ كما ستكشف عن ذلك فصول القصة لاحقا ـ هو أن فرعون وقومه قد هلكوا كما تمنى موسى وإلى أن قوم موسى قد استخلفوا في الأرض فعلا ، كما تمنى ذلك موسى أيضا .

وطبيعيا ، فإن المبنى الفني لهذا الحوار يكشف لنا عن أن التمني ، أي قول موسى : ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ ، لم يكن مجرد امنية يتطلع إليها موسى ، قد تتحقق مثلا أو لا تتحقق ، بل كان إشارة فنية ، أي كان إنماء عضويا لحدث سوف يتحقق لاحقا عندما يواصل النص القرآنى سرده لأحداث القصة في فصولها اللاحقة . وهذا ما يلحظه القارئ فعلا عندما يواصل قراءته لهذه القصة ويرى أن فرعون وقومه قد لحقهم المصير الذي تمناه موسى (عليه السلام) .

والأمر نفسه في الواقعة الثانية التي أرهص بها موسى عندما قال : إن الله سينظر ـ يا قوم موسى ـ إلى ما ستفعلونه بعد استخلافكم في الأرض .

فمن الوجهة الفنية ، كان من الممكن ألا يقول النص عقب التبشر بهلاك فرعون مخاطبا بني إسرائيل : «فينظر ـ أي الله ـ كيف تعملون» .

إلا أن النص أثبت هذه العبارة ليوحي للمتلقي بأن قوم موسى بعد ما يستخلفون في الأرض سيواجهون مصيرا غامضا ، لا يزال المتلقي جاهلا بتفصيلاته . فكأن النص يريد أن يقول لنا : إن السماء سوف تهلك عدو الإسرائيليين ، وستستخلفهم في الأرض ، ولكن ما عسى أن يفعله الإسرائيليون حيال هذه النعمة التي أنعمها الله عليهم . هل أنهم سيقدرونها ؟ أم أنهم سيتمردون على السماء ؟

إن قوله : ﴿فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ توحي لنا فنيا بأن الإسرائيليين سوف لن يقدروا هذه النعمة ، بل إنهم سيفسدون في الأرض ، ذلك أن مجرد التشكيك بما سوف يعملونه ، يعني أنـهم سيمارسون سلوكا سلبيا .

وفعلا فإن الفصول اللاحقة من القصة ـ كما سنرى ـ تكشف لنا عن أن الإسرائيليين أمعنوا في المنكرات ، تماما كما تكشف لنا عن أن قوم فرعون سيلحقهم الهلاك .

إذن الحوار المذكور قد انطوى ـ فنيا ـ على وظائف في غاية الخطورة ، عندما أوحى لنا وأرهص بمستقبل الأحداث التي سنواجهها لاحقا في قصة موسى ، وصراعه مع الأقباط والإسرائيليين .

* * *

يبدأ الفصل الجديد من قصة جهاد موسى وصراعه مع الأعداء بالحديث عن آل فرعون ومواقفهم ومصائرهم التي أوحى لنا النص فنيا بتفصيلاتها في حوار سابق تحدثنا عنه .

لقد رسم النص جملة من الأحداث والمواقف التي واكبت الأقباط من هذه القصة بادئا بما يلي :

﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ

إن هذين الحدثين : إجداب الأرض ونقص الثمرات يشكلان أول عقاب ألمح إليه موسى في حواره مع قومه من أن الله لعله يهلك عدوهم الذي سامهم العذاب قبل مجيء موسى وبعده .

ولكن كيف استجاب الأقباط لهذا الحدث ؟

هل إنهم ارعووا حقا ، وتذكروا ؟ أم إنهم فسروا الامور تبعا لمشاعرهم المفسدة ؟ إنهم يختارون الموقف الثاني . . .

وها هو النص ينقل لنا طبيعة استجابتهم المفسدة حيال الجدب والخصب اللذين واكبا حياتهم الجديدة :

﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ

﴿قَالُوا لَنَا هَذِهِ

﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ

﴿أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

لقد كان من المفترض أن يتعظ الأقباط بالنقص الذي أصاب الأرض ، إلا أ نهم فسروه بأنـه شؤم ناجم عن مجيء موسى بالرسالة ، وبالمؤمنين بها .

وأما في حالة الخصب فإنهم يفسرون الأمر على أ نه ظاهرة طبيعية أغدقتها الأرض عليهم .

وقد عقبت السماء على موقفهم هذا ، بأنـه ناجم عن الوعد الذي قطعته السماء لموسى من أنـها ستعاقب آل فرعون على سلوكهم المستكبر .

وفعلا يبدأ النص بسرد أكثر من موقف مستكبر يقف القوم حيال رسالة السماء ، بدلا من الإتعاظ بالتجارب .

وهاهم يخاطبون موسى بهذا الاتهام ، وبالإصرار على المكابرة :

﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ

ونتيجة لهذا الإصرار الذي قد سبقته تجارب القحط ، عاقبتهم السماء بشتى ألوان العذاب ، وهو عقاب ينسجم مع طبيعة الاصرار على المكابرة :

﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ

﴿آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ

إن هذه الأنماط من العقاب ، تتساوق ـ كما قلنا ـ من الوجهة الفنية مع طبيعة الموقف الذي صدر آل فرعون عنه . فلقد أبرز النص أولا تشاؤمهم من موسى ، ثم أبرز إصرارهم على اتهامه بالسحر ، وإصرارهم على عدم الإيمان برسالته .

وتقول النصوص المفسرة في توضيحها لألوان العقاب المذكورة : إن الطوفان قد جرف الأرض ومن فيها .

وبعض النصوص المفسرة ، ذهبت إلى أن الطوفان رمز للموت الذريع الذي أصاب آل فرعون ، أو رمز للطاعون أو الجدري الذي أصابهم .

بيد أن النصوص الموثوق بها فسرته بظاهر العبارة ، أي : طوفان المياه ، فيما ذهبت هذه النصوص المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) ، إلى أن الطوفان قد خرب بيوتهم حتى خرجوا إلى الصحاري وضربوا الخيام هناك .

وحيال هذا الأمر توجهوا نحو موسى وطالبوه بأن تكشف السماء عنهم هذا العذاب ، حتى يؤمنوا ويرسلوا معه بني إسرائيل .

وفعلا ـ كما تقول النصوص المفسرة ـ دعا موسى الله ، فكشف العذاب .

إلا أن الأقباط أصروا من جديد على استكبارهم ، وقالوا لفرعون : لئن أرسلت بني إسرائيل مع موسى ، غلبك الرجل وأزال ملكك .

ومن جديد أيضا أرسلت السماء عليهم الجراد الذي ملأ وجوههم وبيوتهم ومتاعهم ، حتى جزعوا وطالبوا من جديد بكشف العذاب حتى يؤمنوا .

إلا أنـهم أيضا ، أصروا على استكبارهم بعد أن ازيح العذاب عنهم .

وهنا عاقبتهم السماء من جديد بإرسال القمل الذي أتى على زروعهم جميعا ، مثلما غمر أجسادهم وطعامهم ، فضجوا من جديد إلى موسى ودعوه إلى أن يطلب من السماء أن تزيح عنهم هذا العذاب حتى يؤمنوا .

وأيضا أصروا على الاستكبار .

وأيضا جاءهم العذاب من جديد ، متمثلا في الضفادع التي ملأت بيوتهم ، وطعامهم وشرابهم وأوانيهم وأفواههم .

ومن جديد أعلنوا التوبة وإلى أنـهم سوف لن يفسخوها من الآن فصاعدا .

لكنهم نقضوا العهد أيضا .

هنا ، أرسلت السماء الدم عليهم ، فسال ماء النيل ـ كما تقول النصوص ـ دما ، مما اضطر فرعون مثلا إلى أن يمتص الأشجار الرطبة التي كانت تتحول بدورها دما في فمه .

على أية حال لا يزال الأقباط حين يرون العذاب يعلنون عن استعدادهم للإيمان ، ثم ينقضون ذلك بمجرد إزاحة العذاب ، حتى أنهاهم النص القرآني في نهاية المطاف من الأرض ، فأغرقهم في حادثة البحر المعروفة .

وهذا ما يكشف عنه السرد الآتي :

﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا : ﴾

﴿يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ

﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ

﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ

﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ

وهكذا ، أنهى النص القرآني الكريم في هذه القصة الأقباط ومسحهم من الأرض بنحو يتوافق وطبيعة السلوك الصادر عنهم . وهو سلوك مستكبر لا يتعظ بواقعة أو اثنين أو ثلاث أو أربع أو خمس أو ست ، بل لا يزال مصرا ، ناكثا للعهد بالرغم من سماحة السماء التي أتاحت لهم شتى فرص الرجوع إلى الإيمان .

* * *

ماذا نستخلص من قصة الأقباط وموقفهم من رسالة موسى ، من حيث قيم الفن والفكر ؟

من حيث الفن ، لحظنا أن قصة موسى مع فرعون ، قد بدأت ـ في أول القصة ـ بالمطالبة بأن يرسل معه بني إسرائيل .

وقد انتهت قصة الأقباط أيضا ، مقرونة بإجابة الدعوة وإرسالهم بني إسرائيل مع موسى ، على نحو ما بدأت به القصة .

لقد بدأت القصة بما يلي حيث خاطب موسى فرعون :

﴿فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ

ثم انتهت قصة الأقباط ـ كما لحظنا ـ بما يلي : حيث خاطبوا موسى بقولهم :

﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ

إذا من حيث البناء الهندسي لهذه القصة ، بدأت القصة مطالبة بالإيمان ، وبإرسال بني إسرائيل .

ثم انتهت بادعاء أنهم ـ أي الأقباط ـ سيؤمنون وسيرسلون بني إسرائيل .

وهذا البناء المعماري بالغ الدقة ، ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا ونحن نتابع فنا قصصيا موشحا بقيم جمالية متنوعة ، من ضمنها : تناسق البداية مع النهاية ، وتلاحم الأجزاء بعضها بالآخر ، وتنامي المواقف والأحداث واحدا بعد آخر ، في تصاعد وتطور ونمو على النحو الذي لحظناه في قصة الأقباط .

من ضمنها أيضا ، ما سبقت الإشارة إليه من أن المطالبة ببني إسرائيل في بداية القصة لم يكن أمرا لمجرد الإنقاذ ، بل ينطوي على قيمة جمالية بالغة الأهمية ، هي :

أن النص يعكف على بني إسرائيل أنفسهم ، وسيفضح لنا مواقفهم المنكرة في الفصول اللاحقة من القصة ، وهي مواقف تشبه تماما المواقف التي لحظناها عند الأقباط .

وهذا هو البعد الفني الثالث من أبعاد التناسق بين أجزاء القصة ، حيث سنرى أن الإسرائيليين يماثلون الأقباط ، بل يتجاوزونهم في السلوك المستكبر ، وفي تماثل الأحداث والمواقف التي واكبت حياتهم . فالسماء تغدق عليهم النعم واحدة بعد الاخرى ، كما أغدقتها على الأقباط حينما كشفت عنهم ألوان العذاب .

والسماء أوضحت لنا أن سلوكهم قائم على نقض العهود على النحو الذي لحظناه من النقض لدى الأقباط الذين كانوا يخاطبون موسى بعد نزول كل عذاب ، بقولهم : ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ﴾ ، ثم يعودون إلى نفس السلوك المستكبر .

إن هذه الأنماط من التماثل والتشابه في السلوك بين الأقباط والإسرائيليين ، يفصح من خلال السرد والحوار القصصي عن قيم فنية تضاف إلى القيم التي لحظناها في دراستنا لهذه القصة في الفصول السابقة ، وفيما سنلاحظها في الفصول اللاحقة أيضا ، وهو أمر نبدأ به الآن :

لكن قبل ذلك يحسن بنا أن نذكر بأن الإشارة إلى أن إنفاذ الإسرائيليين من الأقباط ، إنما هو تمهيد وإرهاص أو هو استدراج لمعاقبة الإسرائيليين عندها يتعين علينا أن نتبين بتفصيل تعامل موسى(عليه السلام) مع الإسرائيليين بعد إنقاذهم من الأقباط ، ومن ثم المصير السلبي الذي ينتهون إليه . . . فلنقرأ :

 

موسى (عليه السلام) مع الإسرائيليين

إن حكاية موسى مع الإسرائيليين ، تشكل فصلا آخر من فصول القصة التي تجسد صراع موسى مع الأعداء عبر اضطلاعه بالرسالة .

ومثلما لحظنا فإن القصة من الوجهة الفنية قد مهدت لنا الحديث عن بني إسرائيل ، حينما طالبت منذ البداية ـ على لسان موسى ـ أن يرسل فرعون بني إسرائيل مع موسى ، بغية تخليصهم من الاستعباد الفرعوني لهم .

وها هي أحداث القصة ومواقفها ـ على النحو الذي فصلنا الحديث عنه في الفصول السابقة ـ قد انتهت إلى إغراق آل فرعون ، وبتخليص الإسرائيليين منه ومن قومه ، وتحقيق امنية موسى من إرسال بني إسرائيل معه .

وها هم بنو إسرائيل مع موسى ، كما طالب موسى فرعون بذلك منذ بداية القصة .

وها هم يستخلفون في الأرض ـ كما وعد السرد القصصي بذلك خلال القصة أيضا ـ على لسان موسى .

وها هم من جديد يقدمهم النص في بداية فصل جديد من القصة الجديدة ، قصة موسى مع قومه :

﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ

﴿مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا

﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا

﴿وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ

سبق أن أوضحنا أن موسى في حواره مع قومه ، عندما شكى الإسرائيليون إليه أنـهم قد عذبوا قبل مجيء موسى وبعده ، قد أوعدهم باستخلافهم في الأرض ، هذا الاستخلاف قد أشار إليه موسى ، كما أشار إلى عاقبة الصبر . وفي حينه قلنا : إن حوار موسى ينطوي على قيم فنية تلقي بإنارتها على مواقف لاحقة من القصة ، وهذا هو بعد آخر يضاف إلى قيم الجمال التي لحظناها في بناء القصة .

لقد قال لهم موسى في حينه :

(عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ)

وها هو النص في بداية القصة الجديدة ، يقول :

﴿وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ

وقال لهم موسى في حينه :

﴿اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا

وها هو النص في بداية القصة الجديدة ، يحقق امنية موسى :

﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا

وقال لهم موسى في حينه :

﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ

وها هو النص ، يحقق عملية الاستخلاف ، ويقول :

﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا

إذن ، هذه القيم الجمالية من التناسق بين القصة السابقة قصة الأقباط ، والقصة الحالية قصة الإسرائيليين ، من حيث إلقاء الوعد هناك وتحقيقه هنا ، من حيث ربط اللاحق بالسابق ، من حيث نمو الحدث وتطوره ، من حيث صلة النهاية بالبداية ، كل هذه لمستويات ينبغي أن يتحسسها المتلقي في تذوقه للفن القصصي العظيم في كتاب الله .

* * *

على أن أبرز قيمة فنية نحرص على توضيحها الآن ، هي التمهيد بما سيحدثنا النص عنه من سلوك الإسرائيليين من حيث كونه سيكون سلوكا مستكبرا ، حيث أوضحنا أن موسى قال هناك لقومه الإسرائيليين حينما شكوا إليه استعباد فرعون وتعذيبه إياهم قبل مجيء موسى وبعده :

﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ

إن هذه الفقرة الأخيرة ﴿فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ هي التي توحي لنا ، كما سبق التوضيح ، بأن الإسرائيليين سوف لن يقدروا نعمة السماء عليهم ، بل سيركبون رؤوسهم بنحو يفوقون من خلاله آل فرعون في الظلم والاستكبار .

إن هذه الإشارة الفنية إلى مستقبل السلوك الإسرائيلي ، سيجيبنا النص على تفصيلاته ، فيما يبدأ بإلقاء الضوء على الإسرائيليين من أول واقعة يسردها لنا كما سنرى .

تبدأ قصة موسى مع الإسرائيليين الذين طالب موسى فرعون بأن يرسلهم معه ، وينقذهم من شروره .

تبدأ هذه القصة بعد أن أنقذت السماء فعلا الإسرائيليين من فرعون وقومه حيث أنهتهم من الحياة بإغراقهم جميعا .

تبدأ هذه القصة التي استخلفت الإسرائيليين في الأرض .

أقول : تبدأ هذه القصة بسرد أول حادثة بعد حادثة إغراق فرعون ، حيث يوضح لنا النص أول سلوك منكر يقترفه الإسرائيليون ، وهم لتوهم قد أنقذوا من آل فرعون حيث بدأ حنينهم إلى عبادة العجل وهم يعبرون البحر .

ولنقرأ بداية هذه القصة :

﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ

﴿قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ

﴿قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ

﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

﴿قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ

إن هذا السلوك الذي استهل به الإسرائيليون حياتهم الجديدة ، يفسر لنا فنيا سر لبداية القصصية التي طالب بها موسى فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل ، ويفسر لنا سر الحوار الذي خاطب به موسى قومه عندما كانوا ضحية الظلم الفرعوني ، ن أن الله سينظر ـ بعد انقاذكم من فرعون ـ إلى ما تفعلونه يا بني إسرائيل .

وهذا هو أول عمل منكر يقومون به بعد أن انقذوا توا من فرعون ، بعد أن أنجاهم الله من الإغراق في البحر .

على أية حال ، يهمنا أن نتابع هذه القصة بعد أن لحظنا البناء الجمالي لها من حيث صلة البداية بأحداث القصة وتطوراتها .

إننا الآن ، نواجه سلسلة من الحوادث والمواقف ، تجسد صراع موسى مع الإسرائيليين بعد أن أنهى صراعه مع الأقباط .

وأول حادثة في هذه السلسلة ، هي حنين الإسرائيليين إلى عبادة غير الله ، كما حدثنا النص القصصي بذلك وتقول النصوص المفسرة : إن الإسرائيليين عندما عبروا البحر في حادثة إغراق فرعون وقومه ، مروا على قوم عاكفين على أصنامهم وكانت هذه الأصنام تماثيل بقر .

ووفقا للنص القرآني الكريم ، فإن الإسرائيليين طالبوا موسى بمثل هذه الأصنام وكان جواب موسى إنكارا لطلبهم المذكور على نحو ما فصلته الآيات المتقدمة .

هنا تدخل النص القرآني الكريم وعقب على هذه الحادثة أو الموقف بما يلي :

﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ

﴿يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ

إن هذا التعقيب من السماء يجسد عملية تذكير للإسرائيليين بنعم السماء عليهم ، حيث أنقذهم من ظلم آل فرعون الذين كانوا يقتلون الإسرائيليين ويستحيون نساءهم .

ولكن هذا التذكير لا ينفع الاسرائيليين البتة ، كما لم ينفع الأقباط الذين أصروا على استكبارهم .

ومع ذلك ، فإن النص عندما يذكر بهذه النعم إنما يتجه بعدها إلى رسم مصير أسود لهم يشبه المصير الذي لحق الأقباط .

وبقدر ما يواصل النص عملية التذكير بالنعم في سلسلة متلاحقة ، نجد أ نه يهيئ لهم مصائر سوداء تتوافق وطبيعة استكبارهم ، وعنادهم ، وتمردهم على النحو الذي يرسمه النص الآن من سلسلة المواقف الإسرائيلية .

* * *

الحدث أو الموقف الثاني من السلسلة التي واكبت صراع موسى مع الإسرائيليين ، هو امتداد للحدث الأول ، أي الحنين إلى عبادة العجل . ثم تجسيده واقعا عمليا لسلوكهم في هذا الحدث الجديد :

تقول القصة :

﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ . . .﴾

وكان هذا الحدث قد وقع خلال ذهاب موسى إلى الميقات ، ونزول الألواح ، ألواح التوراة عليه .

ولا تعقيب لنا على هذا الحدث الذي يشكل مفارقة ضخمة لدى الإسرائيليين الذين أنقذتهم السماء من استعباد فرعون ، ورأوا الآيات كلها مليئة بما هو مدهش ومعجز ، لكنهم مع ذلك أضلهم السامري الذي انقادوا إلى أراجيفه ، لمجرد أنـه أخبرهم بأن موسى قد توفي لما لم يرجع في نهاية الثلاثين يوما .

إن ما يمكن أن نستخلصه من سرد هذا الحدث ، هو : غباء الذهن الإسرائيلي وانصياعه لشكل خارجي ، وتقبله للظواهر بعقلية ساذجة .

يتضح هذا من متابعتنا لأقوال المفسرين الذين أوضحوا أن السامري ـ وكان مهيبا عندهم ـ دعاهم إلى عبادة العجل وتصديقهم ذلك لمجرد إرجافه بموت موسى ، ولمجرد أنـه احتال عليهم بإحداث الصوت لدى العجل ، ولمجرد أ نه اتخذ من حليهم التي استعاروها من القبط شكلا خارجيا للعجل ، مع أن موسى خلف عليهم هارون الذي كشف لهم الحقيقة .

إن الانصياع لحدث مدهش واحد : العجل وخواره ، ونسيان الأحداث المعجزة من العصا واليد والبحر وسواها يكشف عن غباء الذهنية الإسرائيلية ، كما قلنا .

بيد أن هذا الغباء لم ينجم عن تخلف عقلي لا يحاسب المرء عليه ، بل ينجم عن الانصياع لرغبات الذات ومحاولة التمركز حولها وإشباعها بأية طريقة ممكنة فيما تسحب أيضا أثرها على المواقف الفكرية للفرد ، وهذا ما يمكن ملاحظته بوضوح في شتى مواقفهم التي سردها النص القرآني ، مرتبطة بمصالح اقتصادية ، أو سلالية أو دوافع السيطرة ونحوها من أشكال التأكيد على الذات .

وبعامة ، فإن صراع موسى مع الإسرائيليين ، أو لنقل : إن مجموعة المواقف الإسرائيلية بنحو عام قد سردها النص متمثلة في عدم دخولهم الأرض المقدسة ، وفي تجاوزهم الحد في قضية السبت ، مقترنين بتذكير إحدى النعم عليهم ، حادثة نتق الجبل .

اولئك جميعا ، سبق توضيحها في معالجتنا لقصص سابقة لا حاجة لإعادة الكلام فيها ، ما دمنا نحرص على إبراز وجهة النظر المشدد عليها في كل قصة وحدها ، وهو أمر نلقي عليه الإنارة في دراستنا للقصص اللاحقة أيضا .

إن ما يهمنا الآن هو ، توضيح التماثل بين الإسرائيليين والأقباط من حيث نعم السماء عليهما ، وتمردهما عليها ، ثم انتهائهما إلى مصائر سوداء ، كان الغرق من نصيب آل فرعون فيها وكان الإبقاء على حياة الإسرائيليين إلى يوم القيامة بعامة أحد نمطي العقاب ، لكنه عقاب يضاد تماما تطلعاتهم التي من أجلها قد اختاروا التمرد ، ألا وهو :

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ

وأما النمط الآخر ، فكان من نصيبهم في شطر من الزمن ، ألا وهو :

﴿فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ

إذن أمكننا ملاحظة هذه النهاية المنحرفة لبني إسرائيل . . . النهاية المتمثلة في مطالبتهم بعبادة العجل ، ومن ثم اتخاذهم العجل فعلا . . . وتشكل اولئك جميعا :

جوابا فنيا للبداية القصصية التي طالبت إنقاذ المنحرفين من منحرفين آخرين .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .