المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17599 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



حكاية رجال الأعرَاف  
  
2470   03:14 مساءً   التاريخ: 29-11-2020
المؤلف : الدكتور محمود البستاني .
الكتاب أو المصدر : قصص القرآن الكريم دلالياً وجمالياً
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 183 - 191 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / مواضيع عامة في القصص القرآنية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014 3314
التاريخ: 2023-03-23 1242
التاريخ: 9-1-2023 1224
التاريخ: 2023-03-08 877

جاءت هذه الاُقصوصة أو الحكاية في سياق المقارنة بين المؤمنين والمكذّبين ، حيث نلحظ بأنّ الآيات السابقة على القصة تتحدّث عمّن آمن ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ وأمّا ﴿من كَذَّبُوا بِآياتِنا واسْتَكْبَرُوا عَنْها . . .﴾ إلى آخره .

حيث عرضت بعد ذلك المصائر الاُخروية لهذين الطرفين ، وجاء العنصر الخطابي ساحباً أثره على المصائر المذكورة من خلال المحاورات التي تمّت بين ثلاثة أطراف .

إذن ، هذه القصة لا تتناولها بيئةُ الحياة الدنيا ، بل إنّ البيئة التي تدبّ عليها مواقف الحكاية وأحداثها ، هي بيئةُ يوم القيامة .

كما ينبغي أن نلفت النظر إلى أنَّ بيئة اليوم الآخر متنوعة : بعضها يختصّ بالموت ولواحقه ، وبعضها يختصّ بعمليات الحساب ، وبعضها يختص بالمكان الخالد ، الجنّة أو النار .

والبيئةُ التي تتحرّك حكايةُ الأعراف من خلالها ، هي البيئة الأخيرة الجنّة والنار .

ويجدر بنا أن نقرأ أولا نصوص الحكاية :

﴿وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ

﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا

﴿فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟ ﴾

﴿قالُوا : نَعَمْ

﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ

﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ ويَبْغُونَها عِوَجاً وهُمْ بِالاْخِرَةِ كافِرُونَ

﴿وَبَيْنَهُما حِجابٌ وعَلَى الاَْعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ

﴿وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وهُمْ يَطْمَعُونَ

﴿وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النّارِ قالُوا : ﴾

﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ

﴿وَنادى أَصْحابُ الاَْعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا : ﴾

﴿ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ

﴿أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَة

﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ ولا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ

﴿وَنادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ

﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ

﴿قالُوا : إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ

﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً ولَعِباً وغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا

﴿فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ

 

تلخيص الحكاية :

قلنا : ثمّةَ بيئة هي الجنّة وتُقابلها النار ، والشخوص فريقٌ منهم من أصحاب الجنّة ، وفريق من أصحاب النار .

وهناك سُورٌ يفصل بين كلٍّ من الجنّة والنار ، ويقف على هذا السور شفعاء الاُمّة (عليهم السلام) ، وهم يعرفون كلاّ بسيماهم ، يعرفون المؤمن من غير المؤمن ، فيوجّهون خطاباً إلى غير المؤمنين ، يقولون فيه :

يا أصحاب النار ، ماذا أفادكم جمعُكم لمتاع الحياة ؟ وماذا أفادكم استكبارُكم ؟ ثمّ ماذا أفادكم حكمُكم على المؤمنين ـ حينما كنتم تحيون في الدنيا ـ أنـّهم لا تصيبهم رحمةٌ من اللّه ولا خير ، ألا فتنعّموا ـ أيـّها المؤمنون ـ بدخول الجنّة ، لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون .

ثمّ يقوم حوارٌ بين أهل الجنّة والنار .

فيخاطب أصحابُ الجنّة أصحاب النار : هل وجدتم كما وجدنا صدق الوعد الذي قطعته السماءُ على العباد من عطاء ، هو هذه الجنّة التي ننعم بها الآن ، وصدق العقاب الذي أنتم عليه ؟

هنا يجيبهم أصحابُ النار : نعم ، وجدنا ما وعدنا اللّه حقاً .

وحيال مثل هذا الاعتراف منهم ، يهتف مناد بين الفريقين :

﴿أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ

﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ ويَبْغُونَها عِوَجاً وهُمْ بِالآخِرَةِ

ثمّ ينبثق حوار بطلب من أصحاب النار يوجّهونه إلى أصحاب الجنّة ، قائلين :

أفيضوا علينا من الماء حتى ندفع به حرّ النار ، واطعمونا شيئاً من الطعام الذي لديكم .

بيد أنّ أصحاب الجنّة ، يجيبونهم قائلين :

إنّ اللّه قد حرّم عليكم الماء والطعام ، لأنّكم كفرتم بوعده ، حينما اتّخذتم الدنيا لعباً ولهواً وغرّتكم الحياة بمتاعها العابر .

نعم ، لقد نَسيهمُ اللّه في اليوم الآخر ، كما نسوا هم وعد اللّه ولقاءه في مثل هذا اليوم ، وجحدهم لآياته .

* * *

في ضوء هذا التلخيص لاُقصوصة أو حكاية الأعراف ، يمكننا أن نستخلص جملةً من الحقائق الفكرية والفنّية ، منها :

1 ـ البيئة التي تتحرك فيها الحكاية هي : الجنّة والنار . وربما يُضاف إلى ذلك البيئة السابقة عليهما ، أي قبل الدخول إلى الجنّة والنار ، وبخاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ شفعاء الاُمّة (عليهم السلام) هم الذين يتشفّعون ـ بعد أن يعرفوا الناس بسيماهم ـ بدخولهم الجنّة . وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أيضاً هتافهم للمؤمنين :

﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ ولا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ

وأيّاً كان الأمر ، فإنّ البيئة تظلّ ـ إذا استثنينا قضية الشفاعة بدلالتيها المتقدمتين ـ حائمة على الجنّة والنار ، وعلى السُّور الفاصل بينهما فيما يقف عليه رجال الأعراف . ثمّ ما واكبها من الحوار بين الفريقين ، والفريق الثالث صاحب الشفاعة أصحاب الأعراف .

2 ـ الأبطال الذين تضمّنتهم هذه الحكاية يشكّلون طوائف ثلاثاً هم :

أصحاب الأعراف ، أصحاب الجنّة ، أصحاب النار .

وهذه الشخصيات جماعية كما هو واضح .

وهناك شخصية رابعة ، وهي فردية وليست جماعية ، قد أبهمها النص ولم يحدّد هويتها ، وهذه الشخصية هي شخصية المنادي الذي قال النص عنها بما يلي :

﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ

3 ـ مواقف الحكاية وأفكارها ، تتمثل في جملة من الظواهر ، منها :

أ ـ الشفاعة ، وكونها ذات أثر مهم في تزكية الشخصية .

ب ـ قضية الانحراف بعامّة ، وما تستتبعه من العقاب .

ج ـ قضية السخرية من المستضعفين وما تستتبعه من العقاب المماثل .

ويهمنا الآن متابعة هذه المواقف وسواها من خلال اللغة الفنّية التي استخدمها النص في هذه الاُقصوصة .

لقد صيغت حكايةُ الأعراف وفق حوار ثلاثي على النحو الآتي :

1 ـ نادى أصحابُ الجنّة ، أصحاب النار .

2 ـ نادى أصحابُ الأعراف ، رجالا يعرفونهم بسيماهم ، ونادوا أصحاب الجنّة .

3 ـ نادى أصحابُ النار ، أصحاب الجنّة .

إنّ هذه الأطراف الثلاثة من الحوار ، هي التي اضطلعت بالكشف عن المواقف والأفكار التي تضمّنتها حكاية الأعراف .

وقد وجّه كلّ طرف من هذه الأطراف الثلاثة خطاباً أو أكثر للبعض منهم .

فأصحاب الجنّة وجّهوا خطاباً واحداً إلى أصحاب النار ، متمثلا في التساؤل الآتي :

هل وجدتم يا أصحاب النار ما وجدناه نحن أصحابَ الجنّة من صدق الوعد باليوم الآخر ؟

وكانت الإجابة بـ : نعم .

أمّا أصحاب النار فقد وجّهوا بدورهم خطاباً واحداً إلى أصحاب الجنّة ، متمثلا في الطلب الآتي :

﴿أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ والطعام

وكانت الإجابة بـ : لا .

أمّا أصحاب الأعراف ، فقد وجّهوا خطابين ، أحدهما لأصحاب الجنّة ، والآخر

لأصحاب النار .

فالخطاب الموجّه لأصحاب الجنّة هو :

﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ

والخطاب الموجّه لأصحاب النار ، هو :

﴿ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ

وهناك حوارٌ ثالث ، وجّه أصحابُ الأعراف من خلاله إلى السماء خطاباً هو :

﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ

وكان توجيه هذا الدعاء قد ورد من أصحاب الأعراف عندما شاهدوا أصحاب النار وما هم عليه من المصير .

* * *

إنّ ما يهمّنا من مستويات الحوار الذي تحدّثنا عنه ، هو البناء الهندسي الذي انطوى عليه عنصر الحوار من حيث عمليات التوازي والتقابل والتناسق بين أطراف الحوار .

فقد خصّص النصُّ القرآني الكريم لكلّ واحد من الأطراف الثلاثة : أصحاب النار ، أصحاب الجنّة ، أصحاب الأعراف . . . خصّصَ لكلٍّ منهم دوراً من الحوار .

ثمّ جعل لأصحاب الجنّة دوراً واحداً ، وجعل لأصحاب النار دوراً واحداً أيضاً ، لكنه جعل لأصحاب الأعراف دورين من الحوار : أحدهما يتّجه نحو أصحاب الجنّة ، والآخر يتّجه نحو أصحاب النار .

إنّنا ينبغي أن نتأمّل الأسرار الفنّية وراء هذا التوازن والتناسق في الأدوار .

فهناك التوازي الذي يتمثل في إعطاء كلٍّ من أصحاب الجنّة وأصحاب النار دوراً واحداً فقط ، هو توجيه سؤال إلى الطرف الآخر .

ويتمثّل هذا التوازي ثانياً في تقديم كلّ طرف ، جواباً على السؤال الموجّه إليه .

ويتمثّل التوازي ثالثاً في إعطاء أصحاب الأعراف ، دورين لا دوراً واحداً .

والسرّ الفنّي وراء اعطائهم هذين الدورين ، هو : أنّ أصحاب الأعراف بطبيعة تركيبتهم العبادية ـ بصفتهم شفعاء وبصفتهم قسيمي الجنّة والنار ـ لابدّ أن يتحدثوا مع الطرفين : طرف أهل الجنّة وطرف أهل النار .

وفعلا بارك أصحابُ الأعراف أصحاب الجنّة وهنّؤوهم بهذا المصير الرائع لهم ، حيث هتفوا بوجوههم : سلامٌ عليكم .

كما أنـّهم بالمقابل وجّهوا عتاباً إلى أصحاب النار ، وقالوا لهم :

ماذا أفادتكم الحياة الدنيا ، وماذا أفادكم الاستكبار .

إلاّ أنـّه مضافاً إلى ذلك ، أضاف النص دوراً ثالثاً لأصحاب الأعراف ، ألا وهو توجيه الدعاء نحو اللّه عندما شاهدوا مصير أهل النار ، حيث هتفوا :

﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ

أي ، أنّ الدور الثالث من الحوار كان حواراً مع السماء ، وليس حواراً مع أصحاب الجنّة والنار .

والسرّ الفنّي الذي يمكن أن نستخلصه من هذا الحوار الثالث ، يظلّ من الوضوح بمكان ، إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ مثل هذا الدعاء ينطوي على مهمّة نفسية تتمثّل في التعوّذ من المصير الأسود لأصحاب النار ، نظراً لهول هذا المصير ورعبه الذي لا يُطاق احتماله ، وبخاصة أنّ النصّ القرآني جعل هذا الحوار مع السماء غبّ انصراف أوجُهِ أصحابِ الأعراف تلقاء أصحاب النار ، ممّا يصاحب مثلَ هذا الانصراف الذي لم يكن على وجه التشوّق ، تخوفٌ واشفاقٌ من النار .

وهذا على العكس من الحوار الانفرادي الذي وجّهه أصحاب الأعراف إلى أصحاب النار ، عندما رسمهم النص اُناساً يعرفون الآخرين كلاّ بسيماهم ، وهم ـ أي أصحاب الأعراف ـ يضطلعون بمهمّة الشفاعة وفرز الخيّرين من الشرّيرين .

ففي زحمة هذه المهمّة يصبح العقاب ، أو توجيه السؤال ، له مسوّغاته الفنّية والنفسيّة مادام الشفعاء في لحظة فرز بين الجماعات من خلال سيمائهم التي تعرّفوا عليها .

وهذا الحوار الثالث قد أدّى ذات المهمّة النفسية ، حينما ألفت الانتباه إلى تفاهة المتاع الدنيوي والسلوك المستكبر بغية حمل المتلقّي على التفكير بسلوكه اللاهث وراء متع الحياة العابرة .

إذن نحن حيال معمارية بالغة الجمال ، حينما ندقّق في مختلف خطوطها القائمة على عنصر الحوار ، من حيث تناسق أشكاله بعضها مع الآخر ، ومن حيث توزيع أدواره بنحو يتلاءم مع طبيعة الموقف والشخصية .

والمهم ، أنّ ما ينبغي أن نستخلصه في هذا الصدد ، أنّ النتائج التي انتهت الحكاية أو الاُقصوصةُ إليها تظلّ متّسقةً أيضاً مع وظيفة الحوار التي تقدّم الحديثُ عنها .

فقد ختم النصُّ الحكاية ، بقوله :

﴿فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا

ونحن قد لحظنا ، أنّ جزء من الحوار قد ذكّر أصحاب النار بأنـّهم جمعوا متاع الحياة ونسوا متاع الآخرة ، وبأنـّهم سخروا من المستضعفين حينما أقسموا بأنّ المستضعفين لا تنالهم رحمة الآخرة ، أي أنـّهم أنكروا أو نسوا حقيقة اليوم الآخر حينما مارسوا مثل هذا السلوك . وأخيراً فإنّهم ـ وهم في زحمة النار ـ طلبوا من أصحاب الجنّة أن يفيضوا عليهم من الماء ومن الطعام ، وكانت الإجابة بالنفي .

وهذا يعني أنـّهم ـ أي أصحاب النار ـ عوقبوا بنسيان مطالبهم ، كما قد نسوا هذا اليوم عندما كانوا مُتشبّثين بمتاع الحياة . . . وبنتيجة ذلك كلّه ، أنّ اللّه ينساهم ـ كما جاءت بذلك خاتمةُ القصة ـ ما داموا قد نسوا هذا اليوم .

ونتّجه الآن إلى إحدى قصص موسى الجديدة ، بعد أن لحظنا استهلال سورة  الأعراف بقصة الأعراف التي تتناول البيئة الاُخروية في أحد نماذجها وإلاّ فإنّ قصص البيئة الاُخروية ـ كما سنرى ذلك لاحقاً إن شاء الله تعالى ـ تظل متنوعة الزوايا والمستويات ، بصفة أنّ بعضها حكاية عابرة ، والبعض الثاني حكاية متوسطة الحجم ، والبعض الثالث كما هو طابع سور الرحمن والواقعة والدهر . . .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .