المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

مرحلة الصبا والفتوة
2024-09-15
ثواب قراءة القرآن
2024-01-01
Dead-End Inhibition
31-12-2015
تشتت الأشعة السينية بواسطة صف من الذرات
2023-09-21
الخشوع
2024-08-13
التواصل بين الأجيال
18/9/2022


المذهب التربوي الإنساني  
  
2350   01:21 صباحاً   التاريخ: 27-11-2020
المؤلف : مرتضى مطهري
الكتاب أو المصدر : التربية والتعليم في الاسلام
الجزء والصفحة : ص170ـ173
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-18 897
التاريخ: 15-4-2016 2644
التاريخ: 4-1-2017 2073
التاريخ: 18-8-2018 3032

قد يكون المذهب في خدمة الإنسان أي ليس له هدف غير الإنسان وإسعاده وإيصاله إلى الكمال، فليس له مقصود آخر يريدُ صياغة الإنسان لأجله، ويكون المذهب تربوياً وإنسانياً إذا لم يكن هدفه خارجاً عن نفس الإنسان. أي يقوم على أساس إيصال الإنسان إلى الكمال. فيجب أن يقوم المذهب على أساس تربية الاستعداد والقوى الإنسانية وتنظيمها؛ يمكن لهذا المذهب أن يقوم بعملين لا أكثر: أحدهما أن يسعى لمعرفة الاستعداد الإنساني في الإنسان وتربيته لا تضعيفه؛ والثاني أن يسعى لإيجاد نظام يلائم بين الاستعدادات الإنسانية؛ لأن الإنسان يتمتع بنوع خاص من الحرية الطبيعية فبسبب هذا النظام والتنظيم لا يحدث إفراط ولا تفريط ، أي أن كل قوة وكل استعداد ينال حظه ولا يتجاوز على بقية الاستعدادات.

استعدادات الإنسان نوعان: أحدهما هو الاستعدادات التي يشترك فيها مع الموجودات الحية الأخرى؛ والثاني هو الاستعدادات المختصة به. والاستعدادات المشتركة هي الأمور الجسمية أو الجسمانية.

ـ تربية الجسم في الإسلام :

المسألة الأولى: هل أن الإسلام يهدف لتربية الجسم أو لتضعيفه؟ وهل هو من المؤيدين للإسراف والتمتع أو من المخالفين له؟ (تربية الجسم، التعبير الآخر لها التمتع وتربية البدن بعدم العمل).

هنا مفهومان، وهذه التعابير توقِعُ في الخطأ والاشتباه أحياناً. الإسلام يؤيد تربية الجسم مع أنه مخالف للإسراف بمفهومه الأدبي والاصطلاحي. برأي الإسلام يجب أن يكون اسلوب الإنسان بنحوٍ يجعل جسمه سليماً، يملك أعلى حد للنمو، ولا تصيبه الأمراض والآفات والأضرار. إن مثل الجسم كبناية، فتارة ترعونها وتحفظونها من الهواء والأمطار والثلوج وتبذلون أقصى جهودكم لحفظها، وأخرى تتركونها لحالها، يصيبها من الحوادث ما يؤدي إلى خرابها وانهدامها.

لا شك أن التعاليم الإسلامية قائمة على أساس حفظ الجسم ونموه وسلامته، وان سبب تحريم كثير من الأمور هو ضررها على البدن. واحدى المسلمات وبديهيات الفقه: إن كثيراً من الأمور حرمت لأنها مضرة لجسم الإنسان. وهناك أصل عام لدى الفقهاء وهو لو أحرز ضرر شيء على جسم الإنسان ـ وإن لم يوجد دليل من القرآن والسنة عليه ـ فإنه حرام قطعاً. ويقولون: إن الأضرار بعضها معتد به وبعضها غير معتد به، أي أن الضرر قليل جداً بحيث لا يعتنى به. ليس هناك حرج في الشريعة، فلا يحرم هذا المقدار القليل من الضرر، بل يكون مكروهاً أو يستحب تركه. ولكن لو كان هناك قطعي ومسلم به فإنه حرام في نظر الإسلام؛ وان لم توجد للفقهاء فتوى في بعض المسائل، فذلك بلحاظ أنهم لم يقفوا على الموضوع. أي أنه لم يتضح لهم أنه مضر حقاً أم لا، كالفتوى بعدم استعمال الترياك أو الأفيون، كما يذكر المرحوم السيد أبو الحسن في رسالة (وسيلة النجاة): فتارة تسأل ما حكم استنشاق الأفيون مرة واحدة (لا بنحو الاعتياد عليه)؟ والجواب: بما أن المقياس هو الضرر، وهذا المقدار غير معتد به إذا فليس حراماً؛ ولكن التعود عليه والادمان على استعمال الترياك بشكل يكون عادة له محرم، فكل مقدمة توجب وتسبب هذه العادة فهي حرام. في حين ليس لنا دليل على حرمة الترياك في الكتاب والسنة. الاعتياد على الأفيون يعتبر حراماً بدليل انه مضر. أو مثلاً الهيرويين الذي هو مادة جديدة لم تكن سابقاً، بما أن ضرره محرز قطعاً فلا شك في حرمته. وبشكل عام: كل شيء مضر فهو حرام. فيحتمل أن يدخن الفقيه السيجارة والنرجيلة لكنه لا يعتقد بأنها شيء مضر جداً؛ ولكن فقيهاً آخر عالم باضرار هذين أو أنه أحرز أن استعمالها يضر بالبدن ويقصر العمر ويسبب خطراً على سلاُمة الإنسان فيفتي بأنها حرام. وان نفس المعتادين على التدخين حينما يمرضون ويراجعون الطبيب ويقول لهم: إن السجائر مضرة لكم فيقولون بما أن الطبيب قال ذلك فإنها تحرم علينا ولن ندخن بعد.

إنه أصل عام. ولا شأن لنا بالجزئيات. ففي الإسلام أصل عام يقول: كل ما فيه ضرر على جسم الإنسان فهو حرام، وبالعكس نرى في السّنة أن تناول فاكهة معينة وان بعض الخضار مستحب، لأنها تقوي الأسنان وتقي البدن بعض الأمراض. وإن ملاك الحرام أو المستحب أو المكروه هو الضرر أو الفائدة وعدم الفائدة.

ولهذا فإن تربية الجسم في حدود التربية العلمية، والصحة، وسلامة وتقوية الجسم تعتبر كمالاً. إننا نعلم أن قوة جميع الأقوياء تعد كمالاً لهم. وكان علي (عليه السلام) قوياً وهذه احدى كمالاته.

ـ تربية الجسم وتربية البدن (بمعنى الاسراف) :

قد يقال: لو كان الإسلام موافقاً لتنمية البدن، إذاً لماذا يقال (الاسراف) قبيح؟ والجواب: إن الاسراف القبيح والسيئ هو غير تربية البدن التي هي بمعنى الصحة. ذلك لأن الاسراف في الحقيقة هو تمنع النفس وبطرها المنافي غالباً صحة الجسم وتربيته ـ بالمعنى المتقدم ـ ذلك الاسراف السيئ معناه أن يكون الإنسان محباً وعابداً لنفسه وشهواته، يسعى دائماً لتحقيق ميوله النفسية، ولا علاقة له بموضوع نمو الجسم؛ بل إنه على العكس تماماً، فإن الإنسان المسرف سوف يضرُّ جسمه حتماً. الإنسان المحب لنفسه والشهواني لا يفكر إلا ببطنه لكي يشبع لذاتها؛ لا شك أن الذي يريد أن يحفظ سلامة جسمه لا يمكن أن يكون هكذا، بل يجب أن يحارب عبودية البطن، الإنسان الكسول والمسرف يبحث عن لذات أخرى، يقضي ليله دون نوم في مجالس اللهو، ويجهد جسمه واعصابه، هذا الاسراف في متعة البدن مخالف لتربية الجسم بمعنى الصحة الجسمية. نعم إن هذا الاهتمام بالجسم يختلف عن موضوع تنمية وتربية القوى الجسمية، بل إن الاثنين متضادان إلى حد ما، يعني إذا أراد الإنسان تربية جسمه بمعنى حفظ سلامته بنحو يقيه الأمراض والأضرار ويطيل من عمره، فيجب عليه محاربة ذلك النوع من الاهتمام بالبدن، الذي هو حب النفس والشهوة. ولا أتصور أن هناك حاجة للبحث في أن تربية الجسم أصل من اُصول التربية الإسلامية، المهم هو أن نبحث حول الاستعدادات المختصة بالإنسان.

ـ تربية الاستعداد العقلي :

إن الاستعداد العقلي أعلى مراتب استعدادات الإنسان. ولكن اتباع الأديان المحرفة كانوا يعرّفون الدين بأنه حقيقة مخالفة للعقل، وان العقل يشكل سداً في طريق الدين، فيجب على المتدين أن يبتعد عنه ويتركه وإلا فليس بمتدين. ترى هذا الأمر بشكل واضح في المسيحية، وغيرها. ولكن كيف واجه الإسلام هذا الاستعداد الإنساني ؟

هنا أحد المجالات التي تتبين بها قيمة الإسلام الحقيقية. الإسلام دين مدافع عن العقل. وقد أكد

كثيراً على هذا الاستعداد؛ واستعان بتأييد نفسه، بالعقل دائماً. كثرة آيات القرآن في هذا الشأن، الآيات التي تدعو إلى التفكير والتعقل، أو الآيات التي ذكرت أموراً تحفز الإنسان على التفكير. نذكر هذا الموضوع باختصار كي لا يطول بحثنا، لأنه أمر واضح ولا يحتاج إلى توضيح.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.