أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-18
897
التاريخ: 15-4-2016
2644
التاريخ: 4-1-2017
2073
التاريخ: 18-8-2018
3032
|
قد يكون المذهب في خدمة الإنسان أي ليس له هدف غير الإنسان وإسعاده وإيصاله إلى الكمال، فليس له مقصود آخر يريدُ صياغة الإنسان لأجله، ويكون المذهب تربوياً وإنسانياً إذا لم يكن هدفه خارجاً عن نفس الإنسان. أي يقوم على أساس إيصال الإنسان إلى الكمال. فيجب أن يقوم المذهب على أساس تربية الاستعداد والقوى الإنسانية وتنظيمها؛ يمكن لهذا المذهب أن يقوم بعملين لا أكثر: أحدهما أن يسعى لمعرفة الاستعداد الإنساني في الإنسان وتربيته لا تضعيفه؛ والثاني أن يسعى لإيجاد نظام يلائم بين الاستعدادات الإنسانية؛ لأن الإنسان يتمتع بنوع خاص من الحرية الطبيعية فبسبب هذا النظام والتنظيم لا يحدث إفراط ولا تفريط ، أي أن كل قوة وكل استعداد ينال حظه ولا يتجاوز على بقية الاستعدادات.
استعدادات الإنسان نوعان: أحدهما هو الاستعدادات التي يشترك فيها مع الموجودات الحية الأخرى؛ والثاني هو الاستعدادات المختصة به. والاستعدادات المشتركة هي الأمور الجسمية أو الجسمانية.
المسألة الأولى: هل أن الإسلام يهدف لتربية الجسم أو لتضعيفه؟ وهل هو من المؤيدين للإسراف والتمتع أو من المخالفين له؟ (تربية الجسم، التعبير الآخر لها التمتع وتربية البدن بعدم العمل).
هنا مفهومان، وهذه التعابير توقِعُ في الخطأ والاشتباه أحياناً. الإسلام يؤيد تربية الجسم مع أنه مخالف للإسراف بمفهومه الأدبي والاصطلاحي. برأي الإسلام يجب أن يكون اسلوب الإنسان بنحوٍ يجعل جسمه سليماً، يملك أعلى حد للنمو، ولا تصيبه الأمراض والآفات والأضرار. إن مثل الجسم كبناية، فتارة ترعونها وتحفظونها من الهواء والأمطار والثلوج وتبذلون أقصى جهودكم لحفظها، وأخرى تتركونها لحالها، يصيبها من الحوادث ما يؤدي إلى خرابها وانهدامها.
لا شك أن التعاليم الإسلامية قائمة على أساس حفظ الجسم ونموه وسلامته، وان سبب تحريم كثير من الأمور هو ضررها على البدن. واحدى المسلمات وبديهيات الفقه: إن كثيراً من الأمور حرمت لأنها مضرة لجسم الإنسان. وهناك أصل عام لدى الفقهاء وهو لو أحرز ضرر شيء على جسم الإنسان ـ وإن لم يوجد دليل من القرآن والسنة عليه ـ فإنه حرام قطعاً. ويقولون: إن الأضرار بعضها معتد به وبعضها غير معتد به، أي أن الضرر قليل جداً بحيث لا يعتنى به. ليس هناك حرج في الشريعة، فلا يحرم هذا المقدار القليل من الضرر، بل يكون مكروهاً أو يستحب تركه. ولكن لو كان هناك قطعي ومسلم به فإنه حرام في نظر الإسلام؛ وان لم توجد للفقهاء فتوى في بعض المسائل، فذلك بلحاظ أنهم لم يقفوا على الموضوع. أي أنه لم يتضح لهم أنه مضر حقاً أم لا، كالفتوى بعدم استعمال الترياك أو الأفيون، كما يذكر المرحوم السيد أبو الحسن في رسالة (وسيلة النجاة): فتارة تسأل ما حكم استنشاق الأفيون مرة واحدة (لا بنحو الاعتياد عليه)؟ والجواب: بما أن المقياس هو الضرر، وهذا المقدار غير معتد به إذا فليس حراماً؛ ولكن التعود عليه والادمان على استعمال الترياك بشكل يكون عادة له محرم، فكل مقدمة توجب وتسبب هذه العادة فهي حرام. في حين ليس لنا دليل على حرمة الترياك في الكتاب والسنة. الاعتياد على الأفيون يعتبر حراماً بدليل انه مضر. أو مثلاً الهيرويين الذي هو مادة جديدة لم تكن سابقاً، بما أن ضرره محرز قطعاً فلا شك في حرمته. وبشكل عام: كل شيء مضر فهو حرام. فيحتمل أن يدخن الفقيه السيجارة والنرجيلة لكنه لا يعتقد بأنها شيء مضر جداً؛ ولكن فقيهاً آخر عالم باضرار هذين أو أنه أحرز أن استعمالها يضر بالبدن ويقصر العمر ويسبب خطراً على سلاُمة الإنسان فيفتي بأنها حرام. وان نفس المعتادين على التدخين حينما يمرضون ويراجعون الطبيب ويقول لهم: إن السجائر مضرة لكم فيقولون بما أن الطبيب قال ذلك فإنها تحرم علينا ولن ندخن بعد.
إنه أصل عام. ولا شأن لنا بالجزئيات. ففي الإسلام أصل عام يقول: كل ما فيه ضرر على جسم الإنسان فهو حرام، وبالعكس نرى في السّنة أن تناول فاكهة معينة وان بعض الخضار مستحب، لأنها تقوي الأسنان وتقي البدن بعض الأمراض. وإن ملاك الحرام أو المستحب أو المكروه هو الضرر أو الفائدة وعدم الفائدة.
ولهذا فإن تربية الجسم في حدود التربية العلمية، والصحة، وسلامة وتقوية الجسم تعتبر كمالاً. إننا نعلم أن قوة جميع الأقوياء تعد كمالاً لهم. وكان علي (عليه السلام) قوياً وهذه احدى كمالاته.
ـ تربية الجسم وتربية البدن (بمعنى الاسراف) :
قد يقال: لو كان الإسلام موافقاً لتنمية البدن، إذاً لماذا يقال (الاسراف) قبيح؟ والجواب: إن الاسراف القبيح والسيئ هو غير تربية البدن التي هي بمعنى الصحة. ذلك لأن الاسراف في الحقيقة هو تمنع النفس وبطرها المنافي غالباً صحة الجسم وتربيته ـ بالمعنى المتقدم ـ ذلك الاسراف السيئ معناه أن يكون الإنسان محباً وعابداً لنفسه وشهواته، يسعى دائماً لتحقيق ميوله النفسية، ولا علاقة له بموضوع نمو الجسم؛ بل إنه على العكس تماماً، فإن الإنسان المسرف سوف يضرُّ جسمه حتماً. الإنسان المحب لنفسه والشهواني لا يفكر إلا ببطنه لكي يشبع لذاتها؛ لا شك أن الذي يريد أن يحفظ سلامة جسمه لا يمكن أن يكون هكذا، بل يجب أن يحارب عبودية البطن، الإنسان الكسول والمسرف يبحث عن لذات أخرى، يقضي ليله دون نوم في مجالس اللهو، ويجهد جسمه واعصابه، هذا الاسراف في متعة البدن مخالف لتربية الجسم بمعنى الصحة الجسمية. نعم إن هذا الاهتمام بالجسم يختلف عن موضوع تنمية وتربية القوى الجسمية، بل إن الاثنين متضادان إلى حد ما، يعني إذا أراد الإنسان تربية جسمه بمعنى حفظ سلامته بنحو يقيه الأمراض والأضرار ويطيل من عمره، فيجب عليه محاربة ذلك النوع من الاهتمام بالبدن، الذي هو حب النفس والشهوة. ولا أتصور أن هناك حاجة للبحث في أن تربية الجسم أصل من اُصول التربية الإسلامية، المهم هو أن نبحث حول الاستعدادات المختصة بالإنسان.
إن الاستعداد العقلي أعلى مراتب استعدادات الإنسان. ولكن اتباع الأديان المحرفة كانوا يعرّفون الدين بأنه حقيقة مخالفة للعقل، وان العقل يشكل سداً في طريق الدين، فيجب على المتدين أن يبتعد عنه ويتركه وإلا فليس بمتدين. ترى هذا الأمر بشكل واضح في المسيحية، وغيرها. ولكن كيف واجه الإسلام هذا الاستعداد الإنساني ؟
هنا أحد المجالات التي تتبين بها قيمة الإسلام الحقيقية. الإسلام دين مدافع عن العقل. وقد أكد
كثيراً على هذا الاستعداد؛ واستعان بتأييد نفسه، بالعقل دائماً. كثرة آيات القرآن في هذا الشأن، الآيات التي تدعو إلى التفكير والتعقل، أو الآيات التي ذكرت أموراً تحفز الإنسان على التفكير. نذكر هذا الموضوع باختصار كي لا يطول بحثنا، لأنه أمر واضح ولا يحتاج إلى توضيح.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|