أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2016
5851
التاريخ: 2024-08-30
282
التاريخ: 2024-08-23
289
التاريخ: 16-10-2014
1705
|
إذا تأكد لنا أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان قد دوّن القرآن على جريد النخل واللخاف والعسب ... الخ.
وأن القرآن كان مجموعا في صدور الحفاظ فما معنى جمع القرآن الذي تحدثت به الروايات التأريخية بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وبشكل متعارض ، فكان بعضها يقول ان أبا بكر قد جمع القرآن ، وبعضها يقول إن عمر بن الخطاب كان قد جمع القرآن ، وبعضها يقول إنّ عثمان هو الذي جمع القرآن ، واخرى تقول أنّ الذي جمعه هو الامام علي عليه السّلام.
فيما يلي نستعرض بعضا من تلك الروايات : روى زيد بن ثابت ، قال : (أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده. قال أبو بكر : إن عمر أتاني ، فقال : إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء بالمواطن ، فيذهب كثير من القرآن ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن.
قلت لعمر : كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ؟ قال عمر : هذا واللّه خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح اللّه صدري لذلك ، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر ، قال زيد : قال أبو بكر : إنّك رجل شاب عاقل لا نتّهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فتتّبع القرآن بأجمعه ، فو اللّه لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ ممّا أمرني به من جمع القرآن. قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟ قال : هو واللّه خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح اللّه صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب ، واللّخاف ، وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري ، لم أجدها مع أحد غيره.
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } [التوبة : 128 ، 129] حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه اللّه ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر) (1).
وهناك روايات تقول ان عمر بن الخطاب هو الذي جمع القرآن :
فقد روى يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : (أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس ، فقال : من كان تلقى من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم شيئا من القرآن فليأتنا به ، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف ، والألواح ، والعسب ، وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان ، فقتل وهو يجمع ذلك إليه ، فقام عثمان ، فقال : من كان عنده من كتاب اللّه شيء فليأتنا به ، وكان لا يقبل من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شهيدان ، فجاء خزيمة بن ثابت ، فقال : إني قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما ، قالوا : ما هما ! قال : تلقيت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ...). الى آخر السورة فقال عثمان : وأنا أشهد أنهما من عند اللّه ، فأين ترى أن نجعلهما؟ قال أختم بهما آخر ما نزل من القرآن فختمت بهما براءة) (2).
و هناك روايات تقول أن عثمان بن عفان هو الذي جمع القرآن : فقد روى ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه : (أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان ، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق. فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان :
يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان الى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردها إليك ، فأرسلت بها حفصة الى عثمان فأمر زيد بن ثابت ، وعبد اللّه بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام ، فنسخوها في المصاحف ، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف الى حفصة ، وأرسل إلى كل افق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق) (3).
قال ابن شهاب : وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال : فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ، قد كنت أسمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقرأ بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري.
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب : 23] فألحقناها في سورتها في المصحف (4).
وعن محمد بن اسحاق : روى الثقة أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان ، وكان بالعراق ، وقال لعثمان : أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان الى حفصة أن أرسلي الينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردّها إليك ، فأرسلت بها حفصة الى عثمان ، فأمر عثمان زيد بن ثابت ، وعبد اللّه بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فنسخوها في المصاحف) (5).
وهناك روايات تقول إنّ الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام هو الذي جمع القرآن.
قال اليعقوبي : (روى بعضهم أن علي بن أبي طالب كان جمعه لما قبض رسول اللّه ، وأتى به يحمله على جمل ، فقال : هذا القرآن قد جمعته ، وكان قد جزّأه سبعة أجزاء ...) (6).
ونقل ابن النديم في كتابه الفهرست : (... عن علي عليه السّلام أنه رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فأقسم أنه لا يضع عن ظهره رداءه حتى يجمع القرآن ، فجلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن ، فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه ، وكان المصحف عند أهل جعفر ، ورأيت أنا في زماننا عند أبي يعلى حمزة الحسني رحمه اللّه مصحفا قد سقط منه أوراق بخط علي بن أبي طالب يتوارثه بنو حسن على مرّ الزمان ، وهذا ترتيب السور من ذلك المصحف ...) (7).
ونجد في رواية إسلام عمر وثيقة تأريخه تؤيد عناية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بتدوين القرآن في مكة المكرّمة ، ومن بدء نزوله ، والمواظبة على حفظه ، وأنه كان يتداول بينهم مكتوبا على صحف تحوي النازل منه كله أو بعضه آنذاك ، كما كان يتداول حفظا.
فقد جاء في تلك الرواية : (... فرجع عمر عامدا الى أخته وختنه ، وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة ، فيها (طه) يقرؤهما إياها ، فلما سمعوا حسّ عمر ، تغيّب خباب في مخدع لهم ، أو في بعض البيت ، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت
فخذها ...) (8).
وجاء أيضا أن عمر هاجم بيت أخته فاطمة وزوجها ، وهما يقرءان القرآن ، فضربهما ، فقالت له اخته : (و إن كان الحق في غير دينك اني أشهد أن لا اله إلّا اللّه وأن محمدا عبده ورسوله ، فقال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه ، وكان عمر يقرأ الكتاب ، فقالت أخته :
إنّك رجس ، وإنه لا يمسه إلّا المطهرون فقم واغتسل أو توضأ ، فقام فتوضأ ، ثم أخذ الكتاب ، فقرأ (طه) حتى انتهى الى : {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه : 14] (8).
ودراسة هذه الوثيقة تؤكد أن الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان يدوّن القرآن من بدء الدعوة في مكة المكرمة. وذلك واضح في عبارتي (معه صحيفة فيها طه). (و أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه) فحوادث هذه الوثيقة ، كما يذكر المؤرخون ، كانت في المرحلة السرية ، وكما تشير الحادثة ذاتها الى ذلك ، مما يكشف المشروع النبوي لتدوين القرآن وجمعه مدوّنا ، إضافة الى جمعه في صدور الحفاظ ، كما ذكر.
وقد قام المرجع الديني الراحل السيد ابو القاسم الخوئي رحمه اللّه بدراسة وتحليل هذه الروايات ونقدها ، واستخلاص النتائج بشكل علمي متين منها في كتابه البيان في تفسير القرآن.
_______________________
(1) صحيح البخاري ، باب جمع القرآن : 3/ 225 دار المعرفة- بيروت.
(2) البيان في تفسير القرآن للخوئي : ص 260.
(3) راجع صحيح البخاري بحاشية السندي ، باب جمع القرآن : 3/ 255 ، دار المعرفة- بيروت.
(4) راجع صحيح البخاري بحاشية السندي ، باب جمع القرآن : 3/ 226. دار المعرفة- بيروت.
(5) ابن النديم ، الفهرست : ص 37 دار المعرفة- بيروت.
(6) تاريخ اليعقوبي : 2/ 135.
(7) الفهرست ، ابن النديم : ص 41- 42.
(8) ابن هشام ، السيرة النبوية : ج 1 ، ص 295- 296 ط سنة 1975 م ، دار الجيل- بيروت.
(9) السيوطي ، تأريخ الخلفاء : ص 103- 104 ، دار الفكر- بيروت.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|