جمع القرآن في زمن أبي بكر					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						الدكتور عبد الرسول الغفار 					
					
						
						 المصدر:  
						الميسر في علوم القرآن					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						ص135- 138					
					
					
						
						2025-07-01
					
					
						
						481					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				توجد بأيدينا عدة روايات تنص على أن القرآن جمع زمن أبي بكر والذي باشر في جمعه زيد بن ثابت وأغلب الروايات أن زيد كان المباشر الأول وربما استعان ببعض الصحابة أخرج السجستاني في كتاب المصاحف عن علي (عليه السلام) قال رحم الله أبا بكر هو أول من جمع بين اللوحين. وهناك عدة روايات نقلها السجستاني بطرق أخرى غير أن تلك الروايات فيها من الضعف ما لا يخفى سندا ومتنا. السجستاني بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه قال لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر على القرآن أن يضيع فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت اقعدوا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه[1].
 أقول: انفرد أبو بكر السجستاني في كتابه المصاحف برواية أسند فيها الجمع إلى أبي بكر الخليفة فقال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني مالك عن ابن شهاب عن سالم وخارجه أن أبا بكر الصديق كان جمع القرآن في قراطيس وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك فأتى حتى استعان عليه بعمر ففعل أبي بكر حتى توفي ثم عند عمر حتى توفي ثم وكانت تلك الكتب عند كانت عند حفصة زوج النبي (صلى الله عليه واله وسلم)[2] تؤكد الروايات من طرق إخواننا السنة على أن جمع القرآن كانت خطوته الأولى من أبي بكر وفي عهده وبعد مقتل جملة من الصحابة في حروب اليمامة حتى قيل أن (400) قارئا للقرآن قد استشهد في ذلك اليوم بين (1000) شهيد [3] وهو رقم كبير حيث أن العدد (400) يمثل الطبقة الواعية  المثقفة باصطلاح اليوم وقارىء القرآن كانت له منزلة كبيرة ومحترمة بين المسلمين آنذاك وذهابه يعني ذهاب الطبقة العلمية التي أخذت على عاتقها تعليم المسلمين وتفقيههم في الدين. وروايات أخرى تقول كان جمعه بمشورة من عمر. ثم هناك رواية يجمع تقدمت عن أبان عن سليم بن قيس. أن عمر لما استخلف أراد أن. القرآن فطلب من الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يأتي بالمصحف الذي كتبه ... الخ.
 عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت قال أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر (رضي) أن عمر أتاني فقال أن القتل قد استحر [4] يوم القيامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)  قال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)  فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل ما كان أثقل علي مما امرتني به من جمع القرآن قلت كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ؟ قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرحله صدر أبي بكر وعمر فتتبعت القرآن أجمعه من العسب [5] واللخاف [6] وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غير {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] حتى خاتمه براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر [7].
البخاري بسنده عن ابن السباق قال أن زيد بن ثابت قال أرسل إلي أبو بكر قال إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فاتبع القرآن فتتبعت حتى وجدت آخر سورة التوبة آيتين مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] إلى آخرها [8].
 قال ابن شهاب: وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)  يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] فألحقناها في سورتها في المصحف [9]. وأخرج ابن أبي داود من طريق هشام بن عروة عن أبيه: أن أبا بكر قال لعمر ولزيد: اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من کتاب الله فاكتباه قال ابن حجر: وكأن المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب.. وقال السخاوي في كتاب جمال القراء: المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم). أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن. وقال أبو شامة: وكان غرضهم ألا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لا مجرد الحفظ. قال: ولذلك قال في آخر سورة التوبة: لم أجدها مع غيره. أي لم أجدها مكتوبة مع غيره لأنه كان يكتفي بالحفظ دون الكتابة [10].
 أقول لا يخفى من خلال هذه الأقوال أن القرآن كان مجموعا بصورة كاملة في زمن النبي (صلى الله عليه واله وسلم). وقد بينا ذلك فيما سبق ثم تؤكد الأمر ما ذكره الحارث المحاسبي في كتاب فهم السنن قال: كتابة القرآن ليست بمحدثة فإنه  (صلى الله عليه واله وسلم) كان يأمر بكتابته ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب فإنما أمر الصديق بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعا وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيها القرآن منتشرا فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء [11] لا يخفى أن الذي جمعها - كما تقدم - وربطها بخيط هو الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
أما ما ورد من أن القرآن جمعه عمر بن الخطاب فلم توجد فيه رواية صريحة [12] بل نقل ابن أبي داود في المصاحف من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال قدم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)  شيئا من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك في المصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان. أكثر من هذا لا يوجد وأنت خبير أن الرواية لا تدل على أن عمر خط القرآن بيده بل عقب السيوطي على الخبر فقال: وهذا يدل على أن زيدا لا يكتفي لمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا مع كون زيد كان يحفظ فكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط.
فالعبارة صريحة أن زيد هو الذي تولى هذا الجمع نعم نستطيع القول بأن جمع زيد كان بإشارة عمر وقد ذكرنا قبل هذا أن عمر هو الذي أشار إلى أبي بكر في جمع القرآن وربما كان الخبرين متحدان وبالنتيجة يكون الجمع - لو سلمنا بهذا الخبر ـ بأمر أبي بكر. وهذا هو الجمع الثاني الذي تأخر عن جمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) . قال ابن حجر ووقع في رواية عمارة بن غزية: أن زيد بن ثابت قال: فأمرني أبو بكر فكتبته في قطع الأديم والعسب فلما هلك أبو بكر وكان عمر كتبت ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده [13]
 
[3] تاريخ الطبري حوادث سنة 11و 12 للجهرة.
 
[5] العسب جمع حسيب وهو جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض والذي يكتب عليه الخوص وهو السعف
 
[6] اللخاف: جمع لخفة الحجر الأبيض الرقيق.
 
[9] صحيح البخاري 6/ 99 يبدو من هذا الخبر أن زيد بن ثابت كان واحداً من بين عدة من الصحابة الذين كلفوا يجمع القرآن.
 
[12] ذكر العلامة صبحي الصالح اما عمر فقد سجل له التاريخ انه صاحب فكرة انتهى وهذا يعني ان عمر بن الخطاب لم يباشر بجمعه ولا اشترك مع غيره فافهم.
 
[13] المصدر السابق 1/ 186
 
 
				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  جمع وتدوين القرآن					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة