ـ الحركـة التعاونية

ظهرت الحركة التعاونية بمفهومها المتعارف عليه في القرن التاسع عشر وكان لظهورها جملة من الظروف الموضوعية التي تتماشى مع المجتمع الاوربي كالثورة الصناعية وما تمخض عنها من اكتشافات و اختراعات علمية تركت أثرها العميق على التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها اوربا ، حيث ادى استعمال الآلات الميكانيكية ووسائل الانتاج ذات الكفاءة الانتاجية الى زيادة الانتاج بكمية كبيرة وانخفاض اسعار المنتجات ، وهذا ادى الى القضاء على الانتاج الحرفي واتجاه الحرفيين للعمل في المصانع ، وكانت زيادة كبيرة في العمل والتوسع في استخدام الآلات والوسائل الميكانيكية التي من شأنها تقليص عدد الايدي العاملة اللازمة لتشغيلها ، وحدوث الازمات وما ينبغي من غلق المصانع وتسريح العاملين عن العمل ، هذا الامر ادى الى استغلال المال من قبل الرأسماليين استغلالاً بشعاً وذلك بتشغيلهم ساعات عمل طويلة مقابل اقل أجر معطى للعامل واستخدام النساء والاطفال بدلاً من العاملين البالغين لكي يعطوهم اقل اجر ممكن ، تمخض عن ظهور الاشتراكية الطوباوية ومؤسسها روبرت اوين ووضع لها برنامج ولكنه فشل في مسعاه لعدم رغبة الرأسماليين اصحاب المصانع ان ينتشر هذا النوع من الجمعيات ، ومن رواد الفكر التعاوني شارل فوريير الذي نادى بان يكون المجتمع الزراعي مرتكز على العمل الجماعي والاشتراك الاختياري والحق في العمل والانتقال من وحدة انتاجية الى اخرى ويجري تمويلها بالاسهام الطوعي من الملوك والامراء واصحاب رؤوس الاموال ، وسان سيمون وجد ان يكون عمل مجتمعات صناعية يدير شؤونها الصناعيون ويخضع لها التجار والعمال والحرفيون. 

ونادى لوي بلاك بإنشاء ورش عمل يعمل فيها الصناع على اساس تعاوني ، وفي المانيا تم إنشاء جمعية تعاونية تسليفية تقوم بإقراض الفلاحين وتزويدهم برؤوس الاموال اللازمة لنشاطهم لقاء فائدة محدودة لتخليصهم من جشع المرابين .

وعلى الصعيد العملي تعد الجمعية التعاونية الاستهلاكية التي اسسها مجموعة من عمال النسيج في بلدة روتشديل الانكليزية عام 1884 كرد فعل مباشر لأوضاعهم المعاشية المتردية حيث قام التجار ببيع البضائع المغشوشة باسعار مرتفعة وبذات الوقت لم يعاملونهم بلطف ، واسست اول جمعية في العالم وتغلبت على المصاعب التي واجهتها واستطاعت تحقيق اهدافها واعتمدت عدة مبادئ في عملها وشكلت على اساسها المبادئ التي صيغت قسمت المبادئ التعاونية الى قسمين وكالآتي : 

المبادئ الأساسية : والتي تشمل الباب المفتوح للعضوية ، ديموقراطية الادارة ، العائد على المعاملات ، الفائدة المحدودة على رأس المال .

المبادئ الثانوية :  وهي التعامل بالنقد ، الحياد السياسي والديني ، نشر التعليم والثقافة التعاونية . 

ـ نقابات العمال 

النقابة هي ارتباط دائم او مؤقت لمجموعة من الافراد يمارسون مهنة معينة ويسعى هذا الارتباط لتحقيق مصالح أعضاءه عن طريق تنظيم العلاقات فيما بينهم من جهة وبين الطرف الثاني من جهة اخرى ، سواء أكان هذا الطرف اصحاب عمل او اداريين ، لذلك من الممكن القول عليها بأنها منظمة اجتماعية ذات شخصية معنوية تتألف من مجموعة من العمال المنتمين الى صناعات او مهن مستقلة او متشابهة او متصلة من حيث الانتاج ، على ان يتسم ذلك بإتفاق العمال فيما بينهم لبذل الجهود وتخصيص جزء من مواردهم على وجه دائم للدفاع عن مهنتهم وحماية مصالحهم وحقوقهم وتحسين ظروف وشروط عملهم . 

لقد كان لتطور الصناعة وانتشار استخدام المكائن والآلات والمعدات والانتاج الكبير الأثر المباشر في ظهور النقابات التي تتمثل بتكتل العمال في المصانع الكبيرة لشعورهم بضرورة الاتحاد والتعاون في سبيل الدفاع عن مصالحهم تجاه رب العمل .  

لقد اقرت منظمة العمل الدولية منذ تأسيسها حق التنظيم النقابي للعمال فاعترفت في مقدمة دستورها بمبدأ حركة الحرية النقابية ووافق المؤتمر العام لمنظمة العمل على ذلك في عام 1948 على الاتفاقية الخاصة بالحرية النقابية واعلان حقوق الانسان أقر هذا الحق .