المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



خيار التعيين  
  
6154   09:01 صباحاً   التاريخ: 29-8-2020
المؤلف : عبد الرزاق السنهوري
الكتاب أو المصدر : مصادر الحق في الفقه الاسلامي
الجزء والصفحة : ص151-159
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

خيار التعيين متفرع من خيار الشرط:

يتفرع عن خيار الشرط خيار التعيين، ويذكر في كتب الفقه عادة ضمن خيار الشرط أو عقبه . ومن ثم نبحث، كما بحثنا في خيار الشرط قيام خيار التعيين ثم الأحكام التي ترتبت على قيامه .

۱. قيام خيار التعيين

ما هو خيار التعيين وما هو مصدره؟

اخبار التعيين خيار يشترطه المشتري عادة بأن يكون المبيع أحد أشياء معينة يختار المشتري واحدة منها بعد التجربة أو بعد التأمل والتروي. فخبار التعيين يثبت الملك للمشتري في أحد هذه الأشياء غير عين. وهو في الوقت ذاته ينطوي على خيار شرط بموجبه يتمكن المشتري من التروي في الاختبار، ولذلك كان البيع المقترن بخبار التعيين غير لازم من جانب المشتري في جميع الأشياء.

ويشترط ألا تزيد الأشياء التي يختار منها المشتري على ثلاثة، لأن خيار التعيين شرع استحسانا على خلاف القياس للحاجة إلى دفع الغبن بالتحري، والحاجة تندفع بالتحري في ثلاثة لا أكثر لاقتصار الأشياء على الجيد والوسط والرديء، فيبقى الحكم فيما يزيد على الثلاثة مردودة إلى أصل القياس وهو المنع . ويحتاج المشتري إلى خيار التعيين إذا كان لا يمكنه دخول السوق بنفسه أو كان في حاجة إلى استشارة خبير فيما يأخذ وفيما يدع، فيشترط هذا الخيار ليتسنى له اختبار ما يناسبه خارج السوق أو بعد الرجوع إلى رأي الخبير.

ويأخذ زفر والشافعي بالقياس، فعندهما خيار التعيين يفسد البيع.

ومصدر الخبار اشتراطه في العقد ذاته ، فلا بد أن يشترط في عقد البيع أن يكون للمشتري الخيار في أن يأخذ أي الأشياء يختاره بثمن معين، فإذا خلا البيع من هذا الشرط فسد. فإذا قال البائع للمشتري بعتك دارة من هذين بألف ولم يذكر على أنك بالخيار في أيهما شئت، لا يجوز اتفاقا، كقوله: بعنك دارة من دوري. ولا بد أن يعين ثمن كل واحد من الأشياء المعروضة على المشتري، وإلا فسد البيع لجهالة الثمن

جاء في "البدائع " :"إذا قال: بعنك أحد هذه الأثواب الأربعة بكذا، وذكر خيار التعيين أو سكت عنه ، أو قال: بعتك أحد هذين الثوبين أو أحد هذه الأثواب الثلاثة بكذا وسكت عن الخيار ، فالبيع فاسد لأن المبيع مجهول. ولو ذكر الخيار بأن قال : على أنك بالخيار تأخذ أيها شئت بثمن كذا وترد الباقي، فالقياس أن يفسد البيع وفي الاستحسان لا يفسد وجه القياس أن البيع مجهول لأنه

باع أحدهما غير عين وهو غير معلوم، فكان المبيع مجهولا، فيمنع صحة البيع، كما لو باع أحد الأثواب الأربعة وذكر الخيار . وجه الاستحسان الاستدلال بخيار الشرطة والجامع بينهما مساس الحاجة إلى دفع الغبن وكل واحد من الخيارين طريق إلى دفع الغبن، وورود الشرع هناك يكون ورودا هنا. والحاجة تندفع بالتحري في الثلاثة، لاقتصار الأشياء على الجيد والوسط والرديء ، فيبقى الحكم في الزيادة مردودة إلى أصل القياس. ولأن الناس تعاملوا هذا البيع لحاجتهم إلى ذلك، فإن كان أحد لا يمكنه أن يدخل السوق فيشتري ما يحتاج إليه، خصوصا الأكابر والنساء فيحتاج إلى أن يأمر غيره، ولا تندفع حاجته بشراء شيء واحد معين من ذلك الجنس لما عسى لا يوافق الآمر، فيحتاج إلى أن يشتري أحد اثنين من ذلك الجنس فيحملهما جميعا إلى الأمر فيختار أيهما شاء بالثمن المذكور ويرد الباقي. فجوزنا ذلك التعامل الناس، ولا تعامل فيما زاد على الثلاثة ، فبقي الحكم فيه على أصل القياس. وقوله المعقود عليه مجهول، قلنا: هذا ممنوع، فإنه إذا شرط الخيار بأن قال : على أن تأخذ أيهما شئت، فقد انعقد البيع موجبا للملك عند اختياره لا للحال، والمعقود عليه عند اختياره معلوم، مع أن هذه جهالة لا تفضي إلى المنازعة لأنه فوض الأمر إلى اختيار المشتري يأخذ أيهما شاء فلا تفع المنازعة" ، " البدائع" (5/156-157 )

 لمن يكون خيار التعيين :

 أن الأصل في خيار التعيين أن يكون للمشتري ، نهر الذي يحتاج لهذا الخيار حتى يأخذ الأوفق له، أما البائع فالأشياء كلها كانت في بده فهو أدرى بما يرى بيعه منها، ولا يكون في حاجة إلى الخيار . ومن ثم ذهب رأي إلى أن خبار التعيين يختص به المشتري، ولكن هناك رايا آخر يذهب إلى جواز أن يكون للبائع خبار التعيين قياسا على خيار الشرط وقد يكون في حاجة إليه إذا كان رأيه لم يستقر على أي الأشياء يبيع .

جاء في "فتح القدير" : "وإذا ظهر أن جواز هذا البيع للحاجة إلى اختبار ما هو الأوفق والأوفق لمن يقع الشراء له حاضرة أو غائبة، ظهر أنه لا يجوز للبائع. بل يختص خيار التعيين بالمشتري، لأن البائع لا حاجة له إلى اختبار الأوفق والأوفق، لأن المبيع كان معه قبل البيع، وهو أدري بما لاءمه منه، فيرد جانب البائع إلى القياس، فلهذا نص في المجرد عن أنه لا يجوز في جانب البائع وذكر الكرخي: أنه يجوز استحسانا ، لأنه بيع يجوز مع خيار المشتري فيجوز مع خيار البائع، قياسا على الشرط" افتح القدير" (5/131)

 مدة الخيار:

اختلف الفقهاء فيما إذا كان يشترط بيان المدة في خيار التعيين. فقال بعضهم : لا يجوز هذا البيع إلا بذكر مدة الخيار، لأن المبيع لو كان شيئا واحدة معينة وشرط فيه الخيار كان بيان المدة شرط الصحة (في غير مذهب مالك)، وكذلك يكون الحكم لو كان المبيع شيئا واحدا غير معين، إذ أن ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار وهذا مفسد للبيع، وقال آخرون بصح خيار التعيين من غير ذكر المدة لأن خيار التعيين بخلاف خيار الشرط لا يمنع ثبوت الحكم في الحال في أحد الأشياء غير عين، وإنما بمنع تعين المبيع، فلا يشترط له بيان المدة .

والصحيح هو وجوب بيان المدة، ويكون حدها هو حد المدة في خبار الشرط. فعند أبي حنيفة لا يجوز أن تزيد المدة على ثلاثة أيام، وعند أبي يوسف ومحمد يجوز الاتفاق على أية مدة ولو طالت، وعند مالك تتقدر المدة بتقدير الحاجة.

جاء في " البدائع"  : اوهل يشترط بيان المدة في هذا الخيار؟ اختلف المشايخ فيه لاختلاف الفاظ محمد في هذه المسألة في الكتب. فذكر في الجامع الصغيرة على أن يأخذ المشتري أيهما شاء وهو فيه بالخيار ثلاثة أيام، وذكر في الأصل على أن يأخذ أيهما شاء بألف ولم يذكر مدة الخيار . فقال بعضهم: لا يجوز هذا البيع إلا بذكر مدة خيار الشرط، وهو ثلاثة أيام فما دونها عند أبي حنيفة رحمه الله ، وعندهما الثلاث وما زاد عليها بعد أن يكون معلومة، وهو قول الكرخي والطحاوي رحمهما الله . وقال بعضهم: يصح من غير ذكر المدة. وجه قول الأولين أن المبيع لو كان ثوية واحدة معينة وشرط فيه الخبار كان بيان المدة شرط الصحة بالإجماع، فكذا إذا كان واحدة غير معين. والجامع بينهما أن ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار وإنه مفسد للبيع، لأن للمشتري أن يردهما جميعا والثابت بخيار التعيين رد أحدهما، وهذا حكم خبار الشرط، فلا بد من ذكر مدة معلومة. وجه قول الآخرين أن... التعيين لا يمنع ثبوت الحكم... وإنما يمنع تعين المبيع لا غير ، فلا يشترط له بيان المدة... والدليل على التفرقة بينهما أن خيار الشرط لا يورث على أصل أصحابنا، وخبار التعيين يورث بالإجماع. إلا أن للمشتري أن يردهما جميعا، لا حكمة لخيار الشرط المعهود ليشترط له بيان المدة، بل لأن البيع المضاف إلى أحدهما غير لازم فكان محلا للفسخ كالبيع بخيار شرط معهود، البدائع، (5/157)

وجاء في " المبسوط" : اثم نص في هذا الموضع على تقدير الخيار بثلاثة أيام، وهو الصحيح، لأن هذا خيار ثبت بالشرط ، فلا بد فيه من إعلام المدة ، وإن أطلق ذلك في غير هذا الموضع من الكتب، " المبسوط" (13/55)

وجاء في " فتح القدير" : " لا بد من توقيت خيار التعيين بالثلاثة عند أبي حنيفة كما في خيار الشرط لأنه أصله، وعندهما أي مدة تراضيا عليها بعد كونها معلومة " فتح القدير" (5/132)

٢. حكم خيار التعيين

العقد غير لازم إلى وقت أعمال الخيار:

إذا اقترن البيع بخيار التعيين، نفذ، وثبت الملك للمشتري في أحد الأشياء غير عين إذا كان الخيار له، ولم يزل شيء عن ملك البائع إذا كان الخيار للبائع. ولكن البيع، وإن كان نافذة، يكون غير لازم، وينطوي خيار التعيين على خيار شرط هو الذي يجعل البيع غير لازم. فإذا كان الخيار للمشتري كان له أن يرد الأشياء جميعا ولا يلزمه أخذ شيء منها، وإذا كان الخيار للبائع كان له فسخ البيع واسترداد كل الأشياء ولا يلزمه ترك شيء منها للمشتري، وذلك كله طوال مدة الخيار .

ولمن له الخيار أن يختار أحد الأشياء، في خلال مدة الخيار، ليكون هو المبيع، والاختبار قد يكون صراحة أو دلالة ، ويكون دلالة إذا تصرف المشتري في أحد الأشياء تصرف المالك فيكون هذا دليلا على أنه اختاره، او تصرف البائع في أحد الشيئين تصرف المالك فيكون هذا دلية على أنه اختار أن يكون المبيع هو الشيء الآخر. فإذا اختار من له الخبار، لزم البيع، واعتبر المبيع متعبنا منذ البداية واستند تعيينه إلى وقت العقد. وإن انقضت مدة الخيار دون أن يختار من له هذا الحق، نقض البيع في جميع الأشياء عند المالكية انظر " الحطاب"  (4/425) ، وعند الحنفية ينبرم البيع في أحدهما وعلى من له الخيار أن يعين، " فتح القدير"  (5/132)

ولتفصيل ما قدمناه نميز بين ما إذا كان الخيار للمشتري أو كان الخيار للبائع .

 أولا . الخيار للمشتري:

ثبوت الملك:

إذا كان خيار التعيين للمشتري، فحكمه ثبوت الملك له في أحد الأشياء غير عين، وما بقي من الأشياء إذا قبضها المشتري تكون أمانة في يده، لأنه نبضها بإذن المالك لا على وجه التمليك ولا على وجه الثبوت فكان أمانة، فإذا فرضنا أن الخيار في شبثين، وتصرف المشتري في أحدهما، فقد تعين هذا الشيء مبيعا منذ العقد مستندة إلى الماضي، لأن التصرف اختيار عن طريق الدلالة كما قدمنا، وتعين الشيء الآخر أمانة في يد المشتري . وإن تصرف البائع في أحد الشيئين، كان تصرفه موقوفا إلى أن يختار المشتري، فإن اختار الشيء الذي تعرف فيه البائع صار هو المبيع منذ العقد مستندة إلى الماضي، وسقط تصرف البائع فيه فقد تبين أنه تصرف في ملك غيره. أما إذا اختار المشتري الشيء الآخر، فقد تعين هذا الشيء ليكون مبيعه منذ العقد مستندة إلى الماضي، وتعين الشيء الآخر الذي تصرف فيه البائع للأمانة منذ البداية، ونفذ تصرف البائع فيه إذ ظهر أنه تصرف في ملك نفسه.

عدم لزوم العقد:

يكون البيع غير لازم للمشتري، ولازما للبائع، ومعنى ذلك أن المشتري يستطيع أن يفسخ البيع في الأشياء جميعا، وليس للبائع أن يفسخ البيع إذا اختار المشتري شيئا منها ، فإذا كان الخيار للمشتري في أحد شيئين، كان له أن يرد البيع، لا في شيء منهما فحسب، بل في الشيئين جميعا . وكان مقتضي خبار التعيين أن يرد البيع في شيء فيلزمه الآخر إذ يكون قد اختاره دلالة ، ولكن لما كان خبار التعيين ينطوي على خيار شرط كما قدمنا، فإن للمشتري أن يرد البيع حتى في الشيء الآخر بموجب خيار الشرط. ذلك أن خيار التعيين شرع كخيار الشرط للتأمل والتروي، فإذا كانت نتيجة التأمل والتروي أن المشتري لا يلائمه أي من الشيئين، كان له أن يردهما جميعا .

على أنه إذا مات المشتري لزم البيع ورثته، إذ ينقطع خيار الشرط نهر لا يورث كما قدمنا فيلزم البيع، ويبقى خبار التعبين مع لزوم البيع، وعلى ورثة المشتري أن تختار اي الأشياء يكون هو المبيع، فخبار التعيين ، بخلاف خيار الشرط، يورث كما يورث خبار العيب، لنعلن الخبار بالمبيع أكثر من تعلقه بمشيئة العاقد.

كذلك يلزم البيع بتعيب الشيئين معا وتعينهما للمبيع فينقطع خيار الشرط ويبقى خيار التعيين

وعلى المشتري في هذه الحالة أن يختار أحد الشيئين المعيبين ليكون هو المبيع .

الهلاك:

تميز بين ما إذا كان الهلاك قبل القبض أو بعد القبض .

فإذا كان الهلاك قبل قبض المشتري للمبيع، وهلك أحد الشبثين في يد البائع، لم يبطل البيع، ويكون المشتري بالخيار إن شاء أخذ الشيء الآخر بثمنه وإن شاء تركه لأن المبيع قد تغير قبل القبض بانحصاره في شيء واحد وهذا يوجب الخيار. أما إذا هلك الشيئان جميعا، فقد بطل البيع بهلاك المبيع قبل القبض بيقين.

وإن كان الهلاك بعد نبض المشتري للمبيع، وهلك أحد الشبثين في يد المشتري، تعين الهالك للبيع ولزم المشتري ثمنه، وتعين الشيء الأخر للأمانة. ذلك أن الأمانة من الشيئين مستحقة الرد على البائع، وقد خرج الهالك عن احتمال الرد فيه، فتعين الباقي للرد، وتعين الهالك ضرورة للبيع. أما إن ملك الشيئان معا، فإن هلكا على التعاقب، ملك الأول مبيعا والآخر أمانة ، وإن ملكا في وقت واحد، لزم المشتري ثمن نصف كل واحد منهما لأنه ليس أحدهما بالتعيين أولي من الآخر، فشاع المبيع فيهما جميعا.

 ثانيا :  الخيار للبائع:

 ثبوت الملك : إذا كان خيار التعيين للبائع، لم يزل أي الشيئين عن ملكه، وله أن يلزم المشتري أي شيء منهما شاء ليكون هو المبيع منذ البيع مستندة إلى الماضي، وليس له أن يلزمهما المشتري لأن المبيع أحدهما، ولا يجوز للمشتري أن يتصرف فيهما أو في أحدهما إلى أن يختار البائع، لأن أحدهما ليس مبيعا بيقين والآخر مبيع لكن لبائعه فيه خيار وخيار البائع يمنع زوال المبيع عن ملكه . ولو تصرف البائع في أحدهما جاز تصرفه فيه، ويتعين الشيء الآخر للبيع مستندة إلى الماضي، وللبائع فيه خيار الإلزام أو الفسخ. ولو تصرف فيهما جميعا، جاز تصرفه ويكون فسخا للبيع، لأن تصرفه فيهما جميعا دليل إقرار الملك له فيهما معا فيتضمن فسخ البيع.

 عدم لزوم العقد:

يكون البيع هنا غير لازم للبائع، ولازمة للمشتري، ومعنى ذلك أن البائع يستطيع أن يفسخ البيع في الأشياء جميعا، وليس للمشتري خبار الترك لو ألزمه البائع بشيء منها. فإذا كان الخيار للبائع في أحد شيئين، كان له أن يرد البيع في الشيئين جميعا. في أحدهما بخيار التعيين وفي الآخر بما ينطوي عليه خيار التعيين من خيار الشرط. وإذا مات البائع لزم البيع ورثنه، إذ ينقطع خيار الشرط فهو لا يورث ويلزم البيع. ويبقى خبار التعيين لأنه يورث على ما قدمنا، على ورثة البائع أن تختار أي الشيئين يكون هو المبيع، وكذلك يلزم البيع بتعيب الشيئين معا، إذ ينقطع خيار الشرط ويبقى خبار التعيين، وعلى البائع أن يعين الشيء المبيع. وهذه الأحكام كلها تقدمت نظائرها في حالة ما إذا كان الخيار للمشتري.

الهلاك:

تميز هنا أيضا بين ما إذا كان الهلاك قبل القبض أو بعد القبض .

فإن كان الهلاك قبل القبض، وهلك أحد الشبثين في بد البائع، هلك عليه، ثم إن البائع يبقى على خياره، إن شاء ألزم المشتري الشيء الباقي لأنه تعين للبيع بهلاك الشيء الأول، وإن شاء فسخ البيع فيه لأن البيع غير لازم له كما قدمنا. وليس للبائع أن يلزم المشتري الشيء الهالك، لأنه هلك عليه كما سبق الفول. أما إن ملك الشيئان جميعا، فقد بطل البيع بهلاك المبيع قبل القبض بيقين

وإن كان الهلاك بعد القبض، وهلك أحد الشيئين في يد المشتري، ملك أمانة على البائع كما لو كان قد ملك قبل القبض، وللبائع أن يلزم المشتري الشيء الباقي لأنه تعيين للبيع، وله أن يفسخ البيع فيه لأنه غير لازم له. ذلك أن خيار البائع يمنع زوال السلعة عن ملكه ، فيهلك الشيء على مالك البائع، وله الخيار في الشيء الباني. وليس له أن يلزم المشتري الشيء الهالك، إذ ملك في يد المشتري أمانة كما تقدم القول. أما إن ملك الشيئان معا، فإن ملكا على التعاقب، ملك الأول أمانة وهلك الثاني بقيمته لأنه تعين للبيع وفيه خيار البائع. وإن هلكا في وقت واحد، فعلي المشتري نصف قيمة كل منهما، فليس أحدهما أولى بالتعبين من الآخر، فشاع الضمان فيهما بالقيمة إذ للبائع فيهما الخيار .

 النصوص :

جاء في "  المبسوط ": " فإن هلك احدهما أو دخله عيب لزمه ثمنه، ويرد الباني، وهو فيه أمين، لأنه عجز عن رد الهالك منهما بحكم الخيار فينعين البيع فيه وهذا لأنه حين أشرف على الهلاك، فقد ثبت في يده وعجز عن رده كما قبضه ، فيلزم البيع فيه، ثم يكون مالكا على ملكه . فإذا تعين البيع في الهالك كان هو أمينة في الآخر، لأنه قبضهما بإذن البائع على أن يكون البيع أحدهما دون الآخر، فكان أحدهما بغير عينه مبيعا والآخر أمانة لأنه ما نبض الآخر للشراء، فإذا تعين البيع في أحدهما تعين البيع في الهالك، وكان أمينة في الآخر، لأنه قبضهما بإذن البائع على أن يكون تعين الآخر للأمانة ... وإن هلكا معا، فعليه نصف ثمن كل واحد منهما إن كان الثمن متفقة مختلفة، لأن أحدهما بغير عينه مبيع ولزمه ثمنه بالهلاك في يده والآخر أمانة ، وليس أحدهما لتعينه مبيعا بأولى من الآخر، لأن حالهما قبل الهلاك سواء، فبعد الهلاك لا يتحقق تعيين البيع في أحدهما، فللمعاوضة قلنا فينبع حكم الأمانة وحكم المبيع فيهما، فيكون هو أمينة في نصف كل واحد منهما مشتريا نصف كل واحد منهما، ولأن كل واحد من الثمنين يلزمه من وجه دون وجه فلهذا يلزمه نصف ثمن كل واحد منهما. قال: وإن كانا قائمين بأعيانهما وأراد ردهما فله ذلك، لأنه أمين في أحدهما فرده بحكم الأمانة، وفي الآخر مشتر قد شرط الخيار لنفسه فيتمكن من رده فإن اختار إحداهما لزمه ثمنه ، لأنه عين البيع فيه والتزمه باختياره فيلزمه ثمنه ، وكان الأخر أمينا فإن ضاع عنده بعد ذلك لم يكن عليه فيه ضمان لما ذكرنا. قال : وإذا اشترى جاريتين إحداهما بألف والأخرى بخمسمائة على أن يأخذ أيهما شاء ويرد الأخرى ... وحدث العب بهما معا، رد أيتهما

شاء وأمسك الأخرى، بخلاف ما إذا هلكتا، لأن الهالك ليس بمحل لابتداء البيع فيه فلا يكون محلا لتعيين مبيع فيه، والمعيب محل لابتداء البيع فيه فيكون محلا لنعبين المبيع فيه أيضا. فلهذا يبقى خياره بعد ما تعيبتا معا، إذ ليست إحداهما بتعيين البيع فيها بأولى من الأخرى، ولكن ليس له أن يردهما بخلاف ما قبل التعييب، لأن العقد قد لزمه في المبيعة منهما بالتعيب وسقط خيار الشرط فيها، فلهذا لا يتمكن من ردهما "المبسوط للسرخسي " (13/55-57 )

وجاء في " البدائع" : احكمه ثبوت الملك للمشتري في أحد المذكورين غير عين، وخيار التعيين إليه ... والأخر يكون ملك البائع أمانة في يده إذا قبضه لأن قبضه بإذن المالك لا على وجه التمليك ولا على وجه الثبوت فكان أمانة . وليس للمشتري أن يأخذهما جميعا، لأن المبيع أحدهما. ولو هلك أحدهما قبل القبض لا يبطل البيع. لأنه يحتمل أن يكون الهالك هو المبيع فيبطل البيع بهلاكه ويحتمل أن يكون غيره فلا يبطل، والبيع قد صح بيقين ووقع الشك في بطلانه

تغير قبل القبض بالتعيين فيوجب الخيار . وكذلك لو اشترى أحد الأثواب الثلاثة، فهلك واحد منها وبقي اثنان لا يبطل البيع لما قلنا، وللمشتري أن يأخذ أيهما شاء، لأن الهالك إذا لم يعين للبيع كان المبيع أحد الباقيين فكان له أن يأخذ أيهما شاء، وله أن يتركهما كما لو اشترى أحدهما من الابتداء. ولو هلك الكل قبل القبض بطل البيع، لأن المبيع قد هلك بيقين فيبطل البيع، والله عز رجل أعلم. وأما صفة هذا الحكم فهو أن الملك الثابت بهذا البيع قبل الاختيار ملك غير لازم، وللمشتري أن يردهما جميعا، لأن خيار التعيين بمنع لزوم العقد كخيار العيب وخبار الرؤية فيمنع لزوم الملك، فكان محتملا للفسخ... وأما بيان ما يبطل به الخيار ويلزم البيع، فنقول وبالله التوفيق : ما يبطل به الخيار ويلزم البيع في الأصل نوعان: اختياري وضروري. والاختياري نوعان ، أحدهما صريح الاختيار وما يجري مجرى الصريح، والثاني الاختبار من طريق الدلالة. أما الصريح فهو أن يقول : أخذت هذا الثوب أو شئته أو رضيت به وما يجري هذا المجرى ، لأنه لما اختار أحدهما فقد عين ملكه فيه، فيسقط خيار التعيين ويلزم البيع. وأما الاختيار من طريق الدلالة فهو أن يوجد منه فعل في أحدهما يدل على تعيين الملك فيه ... ولو تصرف البائع في أحدهما فتصرفه موقوف، إن تعين ما تصرف فيه للبيع لم ينفذ تصرفه لأنه تبين أنه تصرف في ملك غيره، وإن تعين ما تصرف فيه للأمانة نفذ تصرفه لأنه ظهر أنه تصرف في ملك نفسه فينفذ. وأما الضروري فنحو أن يهلك أحدهما بعد القبض فيبطل الخيار لأن الهالك منهما تعين للبيع ولزمه ثمنه ونعين الآخر للأمانة ... ولو ملكا جميعا بعد القبض، فلا يخلو إما أن ملكا على التعاقب وإما أن هلكا معا . فإن ملكا على التعاقب، فالأول يهلك مبيعا والآخر أمانة. وإن هلكا معا، لزمه ثمن نصف كل واحد منهما لأنه ليس أحدهما بالتعيين أولى من الأخر فشاع المبيع فيهما جميعا .. ولو تعيب أحدهما، فإن كان قبل القبض لا يتعين المعيب البيع، لأن التعيين لم يوجد لا نضا ولا دلالة ولا ضرورة إلى التعيين أيضا لإمكان الرد. والمشتري على خباره، إن شاء أخذ المعيب منهما، ثمنه ، لأنه تبين أنه هو المبيع من الأصل. وكذلك لو تعيبا جميعا، فالمشتري على خياره لما قلنا .

وإن كان بعد القبض، تعين المعيب للبيع ولزمه ثمنه ونعين الأخر للأمانة ، كما إذا ملك أحدهما بعد القبض، لأن تعيب المبيع ملاك بعضه، فلهذا منع الرد ولزم البيع في المبيع المعين، فكذلك في غير المعين يمنع الرد وتعين المبيع. ولو تعيبا جميعا، فإن كان على التعاقب، تعين الأول للبيع ولزمه ثمنه، ويرد الآخر لما قلنا ولا يغرم بحدوث العبب شيئا لما قلنا إنه أمانة. وإن تعيبا معا لا يتعين أحدهما للبيع لأنه ليس أحدهما بالتعيين أولى من الآخر، وللمشتري أن يأخذ ايهما شاء بثمنه ، لأنه إذا لم يتعين أحدهما للبيع بقي المشتري على خياره،. إلا أنه ليس له أن يردهما جميعا لأن البيع قد لزم في احدهما بتعييبهما في يد المشتري وبطل خيار الشرط. وهذا يؤيد قول من يقول من المشايخ إن هذا البيع فيه خياران، خيار التعيين وخيار الشرط. ولا بد له من رتبة معلومة إذ لو لم يكن، لملك ردهما جميعا كما لو لم يتعيب أحدهما أصلا. لكنه لم يملك، لأن ردهما جميعا قبل النعيب ثبت حكما لخبار الشرط، وقد بطل خبار الشرط بعد تعيبهما معا فلم يملك ردهما، وبقي خيار التعيين فيملك رد أحدهما" "البدائع"(5/261-262 )

وجاء في " فتح القدير" : اثم اختلف المشايخ في أنه مل شرط جواز هذا البيع، أعني البيع الذي فيه خيار التعبين، أن يكون فيه خيار الشرط كما قدمناه في الصورة؟ قيل: نعم كما هو المذكور في "الجامع الصغير"، تصويرة على ما ذكرناه ... وقيل : لا يشترط في " الجامع الكبير" وغيره ... وصححه نخر الإسلام فقال : الصحيح عندنا أنه ليس بشرط، وهو قول أبي شجاع . وجه الاشتراط ، وهو قول الكرخي، أن القياس بأبي جواز هذا العقد لجهالة المبيع وقت لزوم العقد، وإنما جاز استحسانا بموضع السنة وهو شرط الخيار، فلا يصح بدونه، ولا يخفى ضعف هذا الكلام، فإنه يقتضي أن شرط الإلحاق بالدلالة أن يكون في محل الصورة الملحقة الصورة الثابتة بالعبارة، وكان يلزم ألا يصع البيع بخيار النقد إلا في بيع خيار الشرط، لأن صحة البيع على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع، مما أثبت بدلالة نص خبار الشرط، ولا يعلم ذلك . غير أنهما إن تراضيا على خيار الشرط مع خيار التعيين ثبت حكمه، وهو جواز أن يرد كلا من الثوبين إلى ثلاثة أيام ولو بعد تعيين الثوب الذي فيه البيع. لأن حاصل التعيين في هذا البيع الذي فيه شرط الخيار أنه عين المبيع الذي فيه الخيار، لا أنه يسقط خياره، ولو رد أحدهما كان بخيار التعيين ويثبت البيع في الأخر بشرط الخيار. ولو مضت الثلاثة قبل رد شيء وتعيينه، بطل خيار الشرط، وانبرم البيع في أحدهما وعليه أن يعين. ولو مات المشتري قبل الثلاثة، تم بيع أحدهما وعلى الوارث التعيين، لأن خيار الشرط لا يورث والتعيين ينتقل إلى الوارث ليميز ملكه من ملك غيره ... وإن لم يتراضيا على خيار الشرط معه، لا بد من توفيت خبار التعيين بالثلاثة عند ابي حنيفة كما في خيار الشرط لأنه أصله، وعندهما أي مدة تراضيا عليها بعد كونها معلومة"  "فتح القدير" (5/131-132)

وجاء في "الحطاب " : وإن اشترى أحد ثوبين وقبضهما ليختار فادعى ضياعهما ضمن واحدا بالثمن ولو سأل في إقباضهما، أو ضياع واحد ضمن نصفه وله اختبار الباني .. قوله ونبضهما ليختار ، أي وقبضهما معا ليختار واحدة منهما، إن شاء أخذه ، وإن شاء رده، وإن شاء ردهما معا . قال في "  التوضيح"  وليس له أن يتمسك إلا بواحد منهما، فإن ضاعا في هذه الصورة، فإنه يضمن

واحدة بالثمن ولا ضمان عليه في الآخر، قاله المصنف وغيره. قال في الجواهر، وسواء كان الخيار له أو للبائع، لأنه قادر إذا كان الخيار له على أن يقبل أو برد، وله القبول في مقامه وتلفه ، كانت قيمته أقل من الثمن أو أكثر، وكذلك إن كان الخيار للبائع، فإن المشتري بضمنه بالثمن الكون البائع سلمه له على أن عوضه الثمن الذي اتفقا عليه ، فإن كانت القيمة أكثر من الثمن حلف المشتري على الضياع ودفع الثمن اه.. وقوله : ولو سأل في إقباضهما مبالغة، وأشار بلو إلى قول ابن القاسم الذي يفرق فيه بين أن يتطوع البائع بالدفع فيضمن واحدة وبين أن يسأل المشتري تسليمها له فيضمنهما، نقله في " التوضيح"  وأما قوله أو ضياع واحد ضمن نصفه وله اختبار الباني، فيعني به أن ما تقدم ذكره هو حكم ما إذا ضاع الثوبان معا، وأما إذا ضاع أحدهما فالحكم في ذلك أنه يضمن نصف ثمن التالف وهو في الثوب الباقي مخير إن شاء أخذه بالثمن أو رده. قال الرجراجي: وإما إن ادعى ضباع أحدهما، فلا يخلو ضياعه من ثلاثة أوجه، إما أن يختار الذي ضاع أو الذي بقي أو أبهم الأمر. فإن كان الذي ضاع هو الذي اختاره المشتري ، فإنه برد الباقي وقيمة التالف، وإن كان الباقي هو الذي اختاره، فإنه يغرم ثمنه، ولا ضمان عليه للتالف لأنه فيه أمين.. إذا مضت أيام الخيار ولم يختر، ثم أراد بعد ذلك الاختيار، فإن كان بعيدا من أيام الخبار فليس له ذلك، وإن قرب ذلك فذلك له ... قال أبو الحسن يعني بالقرب اليوم واليومين والبعد ثلاثة أيام من أمد الخيار" " الحطاب" (4/423-425)  وأما في مذهب الشافعي، فخبار التعيين غير جائز للغرر. جاء في " المهذب" (1/263) " يجوز بيع عين مجهولة كبيع عبد من عبيد وثوب من أثواب، لأن ذلك غرر من غير حاجة . ويجوز أن يبيع قفيزاً من صبرة، لأن إذا عرف الصبرة عرف القفيز منها، فزال الغرر " (1)

_______________

(1) ويستخلص مما تقدم من النصوص أن البيع يلزم إذا مات من له الخيار فيلزم الورثة أن يعينوا البيع، وإذا تعبب الشيئان معا في يد المشتري فيلزم البيع وعليه أن يعين المبيع من الشيئين، وإذا انقضت مدة الخيار دون أن يختار في المذهب الحنفي فينبرم البيع وعليه أن يعين المبيع. ولم يرد في النصوص حكم ما إذا امتنع عن تعيين المبيع في هذه الأحوال الثلاثة، وهي مسألة عولجت في الفقه الغربي في خصوص الالتزام التخييري وهو ما يقابل خيار التعيين في الفقه الإسلامي.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .